أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4323
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ما الذي تغير بين الأمس و اليوم، ما الذي تغير في حركة النهضة و في المشهد السياسي عموما، هل تم إبراء ذمة حركة النهضة من دم الشهداء بما فيهم شهداء المؤسسة الأمنية و العسكرية على اعتبار أن التهم لم تطل الحركة في خصوص الشهيدين شكري بلعيد و الحاج محمد البراهمى فقط بل طالتها بتهمة التواطىء مع تمرير السلاح و المجموعات الإرهابية إلى داخل الوطن، هل تم القضاء على الأمن الموازى و القضاء الموازى الذي زرعته الحركة صلب وزارتي الداخلية و العدل، هل تم إبراء ذمة الحركة من تهم الاختلاس و نهب المال العام و الإثراء بدون سبب و بناء القصور الفخمة و الاستيلاء على أراضى الدولة المصادرة، هل كشفت النهضة أو دوائر المحاسبة التابعة للدولة عن مصادر التمويل الخيالية التي تدخل إلى خزينة الدولة، هل أنهت لجنة البحث في قضية ‘ أوراق بنما’ تقصيها للحقيقة، هل تمت محاسبة الحركة حول الجرائم الدموية التي ارتكبتها طيلة مسيرتها المشبوهة، هل تم التحري الجدي حول علاقات النهضة الخارجية و مدى تبعيتها لأجندات خارجية و بالذات علاقتها بأصدقاء سوريا و ما هو المقابل الذي قبضته مقابل هذه المساندة لإسقاط النظام السوري .
طبعا الشبهات و الأسئلة التي تطال الحركة كثيرة و متشعبة و تحتاج إلى كثير من الوقت لتمريرها و فحصها لكن من الواضح أن رئيس الدولة قد طوى الملف بكل خطاياه و شبهته و أسئلته في نطاق سياسة عفا الله عما سلف التي تم الاتفاق عليها في لقاء باريس الشهير بينه و بين مرشد الإخوان في تونس السيد راشد الغنوشى، أيضا جاءت حكومة السيد الشاهد لتؤكد المؤكد و تجيب عن كثير من هذه الأسئلة المطروحة خاصة بعد أن تخلى الجمهوري و المسار عن ما سمي بمبادئ و مطالب اعتصام باردو و ما شنف به البعض أسماعنا من ‘يا غنوشى يا سفاح يا قاتل الأرواح ‘، فدخول المعارض المعروف السيد سمير الطيب على سبيل المثال هذه الحكومة الفاشلة من البداية و الجلوس بنفس المكان مع ‘أعداء الأمس ‘ لا يمكن أن يحمل شعار ‘صلح الشجعان’ بل هو مزيد من الإذلال و الاحتقار لمفهوم السياسة حين تتحول إلى انتهازية و بيع للضمائر و استغلال للمواقف، فالجلوس مع النهضة هكذا دون مقدمات و دون شرح لعموم الشعب هو عملية بائسة قذرة لا يأتيها إلا صغار السياسيين الانتهازيين و من هؤلاء السيد عبيد البريكى و سمير الطيب .
هؤلاء هم من اتهموا النهضة من بين آخرين زمن حكم الحركة و ما عدا ما ورد بالمؤتمر العاشر للنهضة على لسان الشيخ الغنوشى من ‘ مراجعات ‘ لم يصدقها حتى المغفلون فالحركة لم يثبت لحد الآن عدم تورطها في جرائم الدم و الاغتيالات و بيع الوطن لأصدقاء سوريا و العلاقة مع إسرائيل و الخضوع لتنفيذ أجندات أجنبية و شبهة المال الفاسد و السعي لإسقاط مؤسسات الدولة و رعاية الإرهاب و التحالف مع مجموعات ليبية متهمة بالإرهاب فضلا لتهم تتعلق بنهب المال العام و إساءة السلطة، لذلك لا نفهم سر هذه الهرولة المفاجئة للدخول في حكومة بائسة مع طرف مشبوه طالما كان محل انتقادات من هؤلاء الأشخاص بالذات، ثم هل أن السعي إلى توليف حكومة من كل الأحزاب يبرر القبول بالجلوس مع طرف متهم بالإرهاب و الاغتيال و نهب المال العام و الخضوع إلى أملاءات أجنبية، و هل فكرت الأحزاب الفرنسية يوما للتحالف مع اليسار المتطرف الذي تمثله الجبهة الوطنية بقيادة جون مارى لوبان، ثم ما هي القواسم المشتركة التي تجمع حزبا تكفيريا متطرفا لا يؤمن بخيارات الدولة المدنية مع أحزاب تدعى تمثيلها للمشروع الوسطى الذي اختاره الشعب التونسي كمنوال حياة منذ الاستقلال .
هناك اسئلة حائرة كثيرة، و هناك من يقول كيف يمكن أن أؤمن مثل هؤلاء الذين حكموا البلد بعد الثورة على مسؤولية و أسرار بلد و هم لا يريدون أن يضحوا بورقة لا راحت و لا جاءت يسميها البعض جواز سفر أجنبى ، كيف نقبل بوضع شخص منهم فى موقع المسؤولية الحكومية و هو يرجع الانتماء لبلد جواز السفر الاجنبى على تراب الوطن و شعبه و تاريخه و مجده، فجماعة النهضة الذين تولوا مسؤولية الحكم بعد الثورة تحصلوا على جوازات سفرهم الاجنبية بعد أن اقسموا بالطاعة و الولاء لحكومات هذه البلدان بل أقسموا بحمل السلاح نيابة عن فرنسا و أمريكا و بريطانيا و غيرها لرد كل اعتداء خارجى، فى القسم الامريكى على سبيل المثال يقسمون ان ينبذوا و ان يتخلوا عن أى ولاء لرئيس دولتهم او ملكهم مقابل الولاء التام لدولة الجنسية، لذلك نجدهم فى ولائم بيع الوطن و فى سهرات التجرد من عاطفة الولاء لهذه الامة العربية، لذلك أيضا نجد جماعة الاخوان التونسيين تمد يدها يوميا لطلب المال الفاسد من دول الافساد الخليجية و نجد أن هذا المال الفاسد هو من يصنع ‘ ربيع ‘ الارهاب المنتشر فى الوطن العربى، ليبقى السؤال متى نتخلص من هذه الكارثة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: