أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 707
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لم يعد السؤال عبثيا و لم يعد اتهام السيد حمّة الهمامى ببيع قضية الشهيد شكري بلعيد مجرد اتهام قائم بدون أدلة و لم يعد هناك ما يدفع للاستغراب حين يطرح هذا السؤال فالرجل الذي صبغ على نفسه صفة كبير المناضلين ضد نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن على و الذي زيّن مسيرته النضالية بكثير من التصريحات و المواقف حين كان رفيقا للشهيد شكري بلعيد و رأى نفسه الأنسب بل الأحق بتلاوة خطاب تأبينه الحامل لكثير من التعهدات و العهود يجد نفسه متلبسا بعبارته الشهيرة التي أسالت كثيرا من الحبر و كشفت القناع النضالي المزيف و الانتهازي " موش وقتو " ، تلك العبارة المدوية التي نطقها في لحظة صدق عفوية لتكشف حقيقة كثير من الالتباسات و المواقف الرمادية التي تابعها الكثيرون باستغراب منذ حادثة الغدر القذرة التي تعرض لها لشهيد شكري بلعيد على يد من أجمع عليهم الرأي العام من أنصار حركة النهضة و الذين بات أغلبهم مقيمين بالسجون و زبائن قارين لدى أقلام التحقيق .
في فيفرى من العام الماضي خرج علينا السيد عبد المجيد بلعيد شقيق الشهيد بتصريح لافت يتهم فيه السيد حمّة الهمامى بالاسم بكون قد خذل الشهيد و أن المعركة السياسية التي كان من المفترض أن يقودها الأمين العام لحزب العمال من أجل كشف حقيقة الاغتيال و دوافعه و مخططيه لم تحدث بسبب حسابات ذاتية . هذا الاتهام على صراحته لم يكن الاتهام الموجه الوحيد لامين حزب العمال بل سبقته تصريحات لزوجة الشهيد نفسها الأستاذة بسمة بلعيد و التي اعتبرت أن السيد حمة الهمامى قد كان يقصد بعبارة خطاب التأبين " نم يا صديقي نم يا عزيزي فنحن فداك يا شكري " قبر ملف البحث و التحقيق في حقيقة الاغتيال بعد أن تحقق المطلوب من الاستثمار في تلك العملية من مكاسب سياسية للرجل و بات يتجول ككبار الشخصيات وسط مواكبة أمنية و بهرج إعلامي لم يحلم به طيلة حياته .
" لقد صمتنا سنتين كاملتين لعلّ الرجل الذي صنعه اغتيال الزعيم الرمز شكري بلعيد يثوب إلى رشده فيعي كيف يكرمه بإحاطة بعائلته و لكنه تمادى في المتاجرة بدم شكري في نفس الوقت الذي ضرب فيه عزلة قاتلة على عائلته " . هكذا تفوهت زوجة الشهيد و هي سيدة مناضلة مثقفة و سياسية متنورة تعى ما تقول و تعلم عواقب و ارتدادات كل كلمة تخرج من لسانها و هذا التصريح القنبلة يتشابك و يتقاطع مع بعض الآراء و التعاليق التي تؤكد بأن الجسم اليساري يعيش خلافات حادة و هناك نار تحت الرماد لم تفلح مساعي التهدئة لبعض قياداته عن التخفيض من حجمها أو من وقعها على من تبقى من اليساريين الذين يجدون أنفسهم خاصة بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد مجرد أطلال بشرية و فكرية بل مجرد فتات متناثر يعيشون حالة من الذهول و الصدمة بعد أن جاءت الثورة لتضعهم في لحظات تاريخية في مواقع محترمة خاصة على مستوى كتلتهم النيابية المشكلة من أغلب رموزهم .
ربما يتساءل البعض أين السيدة بسمة بلعيد و هل تعرضت فعلا و كما يشاع إلى عملية تحريض إعلامية مدبرة من السيد حمة الهمامى نفسه أو بعض الموالين المقربين منه و هل كان الرجل أو من كلفوا بهذه المهمة وراء الإشاعات و الحكايات المغرضة التي وصلت حد الطعن في سلوك أرملة الشهيد و التي كان البعض يظن أنها من تدبير " الذباب الزرق " لحركة النهضة و هل وجدت هذه السيدة نفسها مجبرة تحت التهديد على كتم انفعالاتها و تصريحاتها بحيث أصبحت تخشى على حياتها و حياة أبناءها فخيّرت الاستكانة مكرهة خاصة بعد أن تخلى رفاق الأمس حتى عن واجب حضور ذكرى الشهيد أو السؤال عن مصير العائلة و هل كان استشهاد الأستاذ شكري بلعيد عامل تفرقة للجسم اليساري بدل عامل تجميع أو توحيد و هل يمكن أن نتساءل اليوم أين وعد السيد حمة الهمامى الذي تفوه به في لحظة التأبين التي أجمع الكثيرون من المقربين منه أنها خلت من الصدق و التأثير و كان يغلب عليها التكلف و التصنع الزائد معزين الأمر إلى الفارق الكبير بين القدرة الخطابية الهائلة للشهيد و طريقته التي يتجلى فيها الصدق و التلقائية و النزاهة و فقدان " الرفيق حمة " لتلك الميزات ؟ و هل يجوز السؤال : هل تخلى السيد حمة الهمامى عن قضية الشهيد و نكث الوعد و هل أن البحث عن حقيقة الاغتيال "موش وقتها " ؟ .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: