المولدي اليوسفي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 32
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يعود مفهوم القانون الدولي إلى مؤسسي علمه ألبيريكو جنتيلي (1552 – 1608) وفرانسيسكو دي فيتوريا (1483- 1546) الاول كان إيطاليا انجليزيا ومدرس الملكة إليزابيث الأولى كما كان محاميًا دائمًا للسفارة الإسبانية في لندن، وعمل أستاذ قانون مدني في جامعة أكسفورد لمدة 21 عاماً. والثاني أستاذًا للاهوت في جامعتي سان جريجوريو وسلامنكا.
يجمع بينهما انتماؤهما إلى قوتين عظيمتين (إنجلترا واسبانيا) في القرن الخامس عشر ميلادي تلك الفترة التي عرفت أوج النهضة الأوروبية التي دفنت "أوروبا القرون الوسطى".
هذه الحالة العمرانية التي عاشتها أوروبا جعلتها تتطلع إلى الهيمنة على المشهد السياسي الدولي ومهدت إلى ذلك بتأسيس قانون دولي تمكنها حالتها العمرانية المتسمة بالقوة من فرضه. لذلك تقدم موسوعة "ويكيبيديا" القانون الدولي على أنه "مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول التي تدعي لنفسها السيادة ولا تعترف بأي سلطة أعلى منها." وعند مروق أحد القوى الدولية عن هذا القانون تُدمرُ المؤسسة القائمة عليه ويقع تعويضه بقانون آخر يؤمن توازنا جديدا بين هذه القوى العظمى. من ذلك لما مرقت ألمانيا سنة 1939 وكانت عندها من الدول القوية انهارت عصبة الأمم ومعها القوانين التي وضعتها القوى المنتصرة سنة 1918. فاندلعت حرب (1939- 1945) وعند نهاية الحرب وضع المنتصرون قوانين أخرى وأسسوا هيئة الأمم المتحدة إطارا لتلك القوانين. ولمزيد تدعيم هيمنة الدول العظمى وضعوا حق النقد وتقاسمه خمس دول مثلت نادي الكبار. اليوم تمرق الولايات المتحدة الامريكية بإصرارها على جعل ذراعها الأهم "الكيان الصهيوني" فوق القانون الدولي وتفرض احترام جرائمها. تقتل الولايات الأمريكية الفلسطينيين وتدمر البنى التحية الضرورية للحياة البشرية فتحطم محطات الماء والكهرباء وتأتي في الفتك بالإنسان ما لم تعرفه البشرية فهي تفرم الجرحى مع التراب بالجرافات وتمنع اسعافهم ودفن الموتى وتترك جثثهم تنهشها الكلاب على الهواء ....
تمارس الولايات المتحدة الإبادة الجماعية بجعل آلة القتل تشتغل على مدار الساعة وتفجر المساكن وتدمر المستشفيات دون مبرر سوى حق المستعمِر في الدفاع عن نفسه وتجريم فعل مقاوم الاستعمار....
قد تنجح الولايات المتحدة وأتباعها في تقليص اتحاد ساحات المقاومة لتنتهي بالاستفراد بغزة وتواصل الإبادة حتى آخر مقاوم فيها وتملأها بـ"المغتصبات" وتُسكن فيها أعتى الصهاينة اجراما ..... لكنها لن تقتل روح المقاومة ويوما ما تولد الفكرة من جديد وينبعث من الرماد سنوارا يُحيِ فعل المقاومة. حتما لن تحقق أمريكا اليوم ما حققته بإبادة الهنود الحمر سابقا فالأحوال غير الأحوال وامتداد الحضور الفلسطيني والتعاطف مع قضيته يجعل من الحمق تصور انهاءها... لم تترك أمريكا مخرجا لحالة الشرق الأوسط سوى نشوب حرب كبرى أخرى. فمع مرور الوقت ستتحرك قوى دولية أخرى ضد هذا المروق على القوانين الدولية. هذا قانون فزيائي اشتداد الضغط يولد الانفجار. وبعد نهاية الحرب يضع المنتصرون قوانين دولية جديدة ويأسسون لها هيكلا جديدا.
-------------
المولدي اليوسفي
أستاذ محاضر
علم اجتماع سياسي
تونس
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: