البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من قواعد النصر في القران الكريم – 23 - أن الأرض يرثها عبادي الصالحون

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6650


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


" المؤمن الحق هو أكثر الناس التزاماً بأوامر الله، وتعاليم رسوله صلى الله عليه وسلم، لأنه يدرك ويعي الحكمة من خلقه، ويعلم أنه يعبد رباً عليماً حكيماً قادراً، الأرض أرضه، والسماء سماءه، والأمر أمره، والحكم حكمه، والقضاء قضاؤه، ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، فلا مناص من التسليم والمسارعة والتنفيذ لأمره بحب ورغبة وطاعة وانقياد، ويدرك المؤمن أنه يتبع رسولٌ أرسله ربه فلا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فوجب اتباعه والإقتداء به في قوله وفعله، ويعتقد أن من وراء ذلك موت ويوم آخر، يجتمع فيه العباد إما إلى جنةٍ وإما إلى نار، فلا يسعه بعد ذلك إلا المسارعة إلى الالتزام والتنفيذ، وتلك والله ثمرة من ثمار الإيمان في حياة الفرد والمجتمع المسلم، ولذلك وصف الله المؤمنين بقوله : {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ( النور: 51 ) - ( حسان أحمد العماري )

****************
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين
أمـا بعد :

مع القاعدة الثالثة والعشرين من قواعد النصر في القرآن الكريم : ميراث الأرض إنما هو لعباد الله الصالحين :
قال تعالى في محكم التنزيل : {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)} ( الأنبياء )،
آيتان كريمتان من كتاب الله تعالى، يخبر فيهما الحق جل جلاله عما قدره وقضاه لعباده الصالحين من السعادة في الدارين، ووراثة الأرض فيهما معا في الدنيا والآخرة، في الدنيا نصر وعلو وظفر وسيادة، وفي الآخرة جنة ونعيما مقيما، تماما كما قال ربنا جل وعلا في موضع آخر عن تمكين المؤمنين في الدنيا : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ } ( النور :55 )، فهو وعد من الله تعالى للمؤمنين العاملين بالاستخلاف في الأرض والتمكين للدين الذي يحملونه وينتمون إليه،
ولقد أخبر الله تعالى أن هذا الأمر وهذا القضاء السابق مذكور في الكتب الشرعية والقدرية، وهو كائن لا محالة، ولهذا قال عز وجل : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} ( الأنبياء :105 )، والزبور : - كما جاء في التفسير - هو الكتب التي أنزلت على الأنبياء، فهو اسم جنس لكل ما زبر – أي : كتب - من الكتب التي أنزلت على الأنبياء، وهو – أيضاً - اسم الكتاب الذي أنزل على داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ}، فإن المراد من الذكر هاهنا : أم الكتاب ( اللوح المحفوظ ) الذي كتب الله فيه ما هو كائن إلى يوم القيامة، وفي هذا المعنى يقول " الشنقيطي " (1) رحمه الله أن المعنى : " ولقد كتبنا في الكتب المنزلة على الأنبياء أن الأرض يرثها عبادي الصالحون بعد أن كتبنا ذلك في أم الكتاب، وهذا المعنى واضح لا إشكال فيه...... والمراد بالأرض في قوله هنا : { أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } ( الأنبياء :105) للعلماء فيه وجهان : الأول : أن هذه الأرض التي يرثها عباد الله الصالحون هي أرض الجنة، يورثها الله يوم القيامة عباده الصالحين، وهذا القول يدل له قوله تبارك وتعالى : { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }( الزمر :74 )، ومعنى إيراث الجنة ورد – أيضاً - في سورة مريم في قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } ( مريم :40 )، وفي قوله عز وجل : {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ }( الرحمن :26-27 )، ويقول عز وجل : { وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ }( الحجر :23 )، الوجه الثاني في تفسير الأرض : أن المراد بالأرض أرض العدو، يورثها الله المؤمنين في الدنيا ؛ لا أنها أرض الجنة يورثها الله يوم القيامة لعباده الصالحين، ونضيف إلى المعنى قوله تبارك وتعالى في سورة المؤمنون : { أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }( المؤمنون :10-11 )، فقد جاء حديث في تفسير هذه الآية، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل عبد له مقعد في الجنة ومقعد في النار، فحينما يدخل المؤمنون الجنة يرثون مقاعد الكافرين في الجنة ؛ لأن الكافرين يذهب بهم إلى النار، ويرث الكافر مقعد المؤمن في النار "،
وخلاصة المعنى للآية موضوع الحديث هنا أن الله تعالى كتب في التوراة والإنجيل والقرآن، وفي الصحف التي أنزلت على الأنبياء جميعاً، من بعد ما سبقت كتابة ذلك في أم الكتاب في اللوح المحفوظ {أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}، من كل الأمم المؤمنة بالله تعالى، فإنه تعالى يكفل لهم السعادة والمجد والحكم والفتح، ويوليهم على أمم الأرض بالحق والعدل، وذلك في الدنيا، كما قال تعالى : { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } ( الأعراف :128 )، وقال عز وجل : { وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } ( طه :132 )، أما في الآخرة فلهم الجنة،
نحن إذا أمام سنة ربانية ماضية، لا تتغير ولا تتخلف، {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }( الأحزاب : 62 )،
ومن هنا كان اعتبارنا لهذه الآية قاعدة من قواعد النصر والتمكين لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، والعلو والظهور لدين الاسلام، وذلك من واقع ما قضاه الله وقدره من أن الأرض في الحياة الدنيا إنما يرثها عباد الله الصالحون، المؤمنون بالله ورسوله، والقائمون على منهج الله، تطبيقا وتجسيدا في واقع الحياة، إيمانا منهم بتبعة المسئولية الملقاة على عاتقهم في هذا الصدد، ويقينا بأن الله تعالى معهم وهو ناصرهم ومؤيدهم بتوفيقه وحفظه وحمايتهى ورعايته،
إنها سنة الله في وراثة الأرض، وصيرورتها للصالحين من عبادة في الحياة .
فما هي هذه الوراثة؟ ومن هم عباد الله الصالحون؟
إعمار الارض والغاية من خلق الانسان :
قال " صاحب الظلال " (2) : " لقد استخلف الله آدم في الأرض لعمارتها وإصلاحها، وتنميتها وتحويرها، واستخدام الكنوز والطاقات المرصودة فيها، واستغلال الثروات الظاهرة والمخبوءة، والبلوغ بها إلى الكمال المقدر لها في علم الله، ولقد وضع الله للبشر منهجاً كاملاً متكاملاً للعمل على وفقه في هذه الأرض، منهجاً يقوم على الإيمان والعمل الصالح ، وفي الرسالة الأخيرة للبشر ( الإسلام خاتم الرسالات ) فصل هذا المنهج، وشرع له القوانين التي تقيمه وتحرسه ؛ وتكفل التناسق والتوازن بين خطواته .
في هذا المنهج ليست عمارة الأرض واستغلال ثرواتها والانتفاع بطاقاتها هو وحده المقصود، ولكن المقصود هو هذا مع العناية بضمير الإنسان، ليبلغ الإنسان كماله المقدر له في هذه الحياة، فلا ينتكس حيواناً في وسط الحضارة المادية الزاهرة ؛ ولا يهبط إلى الدرك بإنسانيته وهو يرتفع إلى الأوج في استغلال موارد الثروة الظاهرة والمخبوءة ، وفي الطريق لبلوغ ذلك التوازن والتناسق تطيش كفة وترجح كفة، وقد يغلب على الأرض جبارون وظلمة وطغاة، وقد يغلب عليها همج ومتبربرون وغزاة، وقد يغلب عليها كفار فجار يحسنون استغلال قوى الأرض وطاقاتها استغلالاً مادياً . . ولكن هذه ليست سوى تجارب الطريق، والوراثة الأخيرة هي للعباد الصالحين، الذين يجمعون بين الإيمان والعمل الصالح، فلا يفترق في كيانهم هذان العنصران ولا في حياتهم، وحيثما اجتمع إيمان القلب ونشاط العمل في أمة فهي الوارثة للأرض في أية فترة من فترات التاريخ ، ولكن حين يفترق هذان العنصران فالميزان يتأرجح، وقد تقع الغلبة للآخذين بالوسائل المادية حين يهمل الأخذ بها من يتظاهرون بالإيمان ( وهذا هو الواقع اليوم للأسف )، وحين تفرغ قلوب المؤمنين من الإيمان الصحيح الدافع إلى العمل الصالح، وإلى عمارة الأرض، والقيام بتكاليف الخلافة التي وكلها الله إلى هذا الإنسان، وما على أصحاب الإيمان إلا أن يحققوا مدلول إيمانهم، وهو العمل الصالح، والنهوض بتبعات الخلافة ليتحقق وعد الله، وتجري سنته : { أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } . . فالمؤمنون العاملون هم العباد الصالحون " .

* واقعنا المعاصر والوقوع في ظن السوء بالله تعالى :
إن يقيننا نحن المسلمين بهذا الوعد الإلهي الذي تضمنته القاعدة التي نحن بصددها، وكافة القواعد التي أسلفناها في الحلقات السابقة، وإيماننا بأن هذا الوعد متحقق لا محالة، لأنه وعد الله، من شأنه أن يقينا الوقوع في شرك القنوط واليأس من رحمة الله، وسوء الظن بالله تعالى،
- إننا ونحن نعيش في أجواء هذه القاعدة الإلهية للنصر والتمكين، والمعبرة عن إحدى سنن الله في الكون، فإننا نشير إلى أن نفرا من الناس يظنون أن أمر الدين أو أمر الإسلام يكون دائماً في انحسار، وأن هذا الدين يمكن أن يأتي يوم يستأصل ولا يبقى منه باقية، وهذا ولا شك هو أقبح الظن بالله تبارك وتعالى، وهذا هو عين ما سماه الله عز وجل في ( سورة الفتح ) : { وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا }( الفتح :12 )، ظننتم أنه من الممكن أن يستأصل هذا الدين، ولا يبقى منه شيء، فهذا أسوأ الظن بالله الذي يتنزه الله عز وجل عنه، وإنما الأيام دول، وإنما الله عز وجل يبتلي عباده بعضهم ببعض، كما قال عز وجل : { وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ } ( محمد :4 )،
وهذا الظن هو عينه الذي وقع فيه المنافقون والمشركون حين ظنوا أن الله تعالى لا ينصر محمدا صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، قال تعالى : {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }( الفتح : 6 )، أي : ويعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الذين يظنون ظنًا سيئًا بالله أنه لن ينصر نبيه والمؤمنين معه على أعدائهم, ولن يُظهر دينه, فعلى هؤلاء تدور دائرة العذاب وكل ما يسوءهم, وغضب الله عليهم, وطردهم من رحمته, وأعدَّ لهم نار جهنم, وساءت منزلا يصيرون إليه.( التفسير الميسر )، وقال تعالى : {بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً }( الفتح : 12 )، أي : و ليس الأمر كما زعمتم من انشغالكم بالأموال والأهل, بل إنكم ظننتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه سيَهْلكون, ولا يَرْجعون إليكم أبدًا, وحسَّن الشيطان ذلك في قلوبكم, وظننتم ظنًا سيئًا أن الله لن ينصر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه على أعدائهم, وكنتم قومًا هَلْكى لا خير فيكم.( التفسير الميسر )،
ونسى هؤلاء – أصحاب الظن السئ في الله تعالى – أن الله عز وجل قادر بكلمة ( كن ) أن يدمر ما على الأرض من الكفر، لكنه يشاء سبحانه وتعالى أن يبتلي العباد ؛ لأن هذه دار الامتحان ودار البلاء، فكم من أمم أقوى من هذه الأمم التي تسيطر على العالم اليوم ضاعت وصارت في خبر ( كان ) ، { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا }( مريم :98 )، كم توالت أمم وقوى على ظهر هذه الأرض ثم اندثروا وكانوا في خبر ( كان )، فهذه سنة الله عز وجل، فلابد من أن يمكن الله لدينه، هذا وعد الله الحق، ولابد من أن تكون العاقبة في النهاية للتقوى، كما قال الله : { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } ( الأعراف :128 )، ويقول عز وجل : { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } ( القصص :5 )، وإذا تدبرنا آيات الله تبارك وتعالى في السابقين من المجرمين الهالكين لأيقنا بهذه الحقيقة الكونية التي هي كائنة قبل أن تخلق هذه الدنيا، وهي أن العاقبة تكون للتقوى، يقول الله عز وجل : { أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }( الأنبياء :105 ) هذا في الدنيا، أما في الآخرة فيورثهم أرض الجنة وما فيها مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر من النعيم المقيم.(3)
* كلام نفيس لابن القيم في هذا المعنى :
هذا وللعلامة " ابن القيم "(4) رحمه الله كلام نفيس في معنى " ظن السوء " حيث يقول في ( زاد المعاد ) : " وقد فسر هذا الظن الذي لا يليق بالله بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وأنه يسلمه للقتل، وقد فسر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقضائه وقدره، ولا حكمة له فيه، ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله ويظهره على الدين كله، وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون به سبحانه وتعالى في ( سورة الفتح ) حيث يقول : { ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا } ( الفتح : 6 )، وإنما كان هذا ظن السوء وظن الجاهلية المنسوب إلى أهل الجهل، وظن غير الحق لأنه ظن غير ما يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وذاته المبرأة من كل عيب وسوء، بخلاف ما يليق بحكمته وحمده وتفرده بالربوبية والإلهية، وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه، وبكلمته التي سبقت لرسله أنه ينصرهم ولا يخذلهم، ولجنده بأنهم هم الغالبون، فمن ظن بأنه لا ينصر رسوله، ولا يتم أمره، ولا يؤيده ويؤيد حزبه ويعليهم ويظفرهم بأعدائه ويظهرهم عليهم، وأنه لا ينصر دينه وكتابه، وأنه يديل الشرك على التوحيد، والباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالا لا يقوم بعده أبدا، فقد ظن بالله ظن السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته، فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النصرة المستقرة، والظفر الدائم لأعدائه المشركين به العادلين به، فمن ظن به ذلك فما عرفه، ولا عرف أسماءه، ولا عرف صفاته وكماله، وكذلك من أنكر أن يكون ذلك بقضائه وقدره، فما عرفه ولا عرف ربوبيته وملكه وعظمته، وكذلك من أنكر أن يكون قدر ما قدره من ذلك وغيره لحكمة بالغة، وغاية محمودة، يستحق الحمد عليها، وأن ذلك إنما صدر عن مشيئة مجردة عن حكمة، وغاية مطلوبة هي أحب إليه من فوتها، وأن تلك الأسباب المكروهة المفضية إليها لا يخرج تقديرها عن الحكمة، لإفضائها إلى ما يحب وإن كانت مكروهة له فما قدرها سدى، ولا أنشأها عبثا ولا خلقها باطلا { ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار } ( ص : 27 )، وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء، فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم عن ذلك إلا من عرف الله، وعرف أسمائه وصفاته وعرف موجب حمده وحكمته، فمن قنط من رحمته وأيس من روحه فقد ظن به ظن السوء ...."،
يقول ( الحميد ) عن ظن السوء بالله تعالى (5) : " واعلم أن هذا ظن أكثر الخلق اليوم، وهو ظن المنافقين لأن طغيان الباطل وطوفانه الذي تفجّر في وقتنا قد طغى على العقول وزيّفها، ولما جاء الابتلاء بتكالب الكفار على المسلمين وحصول نوع هزيمة هي على الحقيقة ابتلاء للمنافقين ولطفاً بالمؤمنين، ظهرت الكمائن الخبيثة ممن لم يقْدر الله قدره، ولا يعرف حكمته، فتكلم من تكلم، وعمل من عمل، وظنوا أن الدين لن تقوم له قائمة، وكانت قد امتلات أذهانهم الخاوية المظلمة أن الدين لا يصلح لهذا الزمان، اللهم إلا دين مُلَقّح بمادة كفرية ونحْلة طاغوتية، فيبقى اسم ورسم في غاية الذلة والهوان، قطع الله دابر كل من ظن هذا الظن، وأراد هذه الإرادة من نوّاب إبليس ووكلائه من الكفرة والمنافقين الذين {نسوا الله فنسيهم} والذين " هانوا على الله فعصوْه ولوْ عَزّوا عليه لعصمهم "، ثم يقول : " أيظن المنافق أن الله تخلى عن ملكه وَوَكل دينه وعباده إلى غيره، وأنه يخذل من نصر دينه ؟ لا، وعزته، فتعْساً للظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء، {والله غالب على أمره}
* العبودية الحقة لله تستجلب النصر :
وفي هذه الآية التي تؤكد القاعدة التي نحن بصددها نجد أن قوله تعالى : { عبادي الصالحون }(الأنبياء : 105 )، أن النصر الإلهي الموعود، متوقف على من تعبَّد له حق التعبُّد، تماما كما قال تعالى في موضع آخر : { و لقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون } ( الصافات : 171 – 172 )، والعبادة والعبودية والتعبد لله كما هو معلوم إنما هو تمام ذل المخلوق لله، و كمال حُبِّهِ له، و منتهى الطاعة و الانقياد لشرعه، و لنقف بتمعُّنٍ و تدبر أمام لفظي : { لعبادنا } في آية سورة الصافات، و { عبادي } في آية سورة الأنبياء،، لنجد في ثناياها إشارة واضحة إلى خالص التجرد بالعبودية لله تعالى ، فلما جردوا التعبد لله وأخلصوه له ؛ فلم يجعلوا في قلوبهم ميلاً ولو قليلاً لغيره أثابهم منه فتحاً و نصراً و تمكيناً، و لذا نرى – في واقع الحياة - أن الأمة قد يَتَخَلَّفُ عنها النصر بسبب تعلُّقها بغير الله تعالى من القوى التي تتوهم أن النصر سيأتي من تعلقها بها والسير في ركابها، وعقد الاتفاقات معها، بل بتعلُّق الأمة بقوتها، واعتدادها بعتادها وعُدَّتها، واغترارها بشجاعة فرسانها، ولاشك أن هذا قد يكون من صُوَر صرف التعبُّد لغير الله تعالى، وغيرها في صفوفنا كثير، فلا عجبَ أن تخلَّف النصر عنا وحلَّت الهزيمة بنا، وكما هو معلوم أيضا أنه ما ذل عبد لله تعالى إلا ازداد بتمام الذلة رفعة وعلواً، و ما استنكف أحد عن التذلل لله تعالى واتبع نفسَه ذليلة غير الله إلا زاده الله وهناً و خسارة .
ثم أيضاً هل يُظَنُّ بالكريم أن يخذل عبده الذي ما فتيء يسعى في طلب مرضاته، ونيل محبته في ساعة الشدائد و الضيق، و ساعة العسرة التي يكاد أن يطير فيها قلبه لولا ربط الله تعالى عليه، و للعبودية في ساعات الشدة أثر بالغ و كبير في قرب الفرج، و بُدُوِّ أمارات النصر، فهذا رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) كان إذا حَزَبَه أمرٌ فزَعَ إلى الصلاة، وجعل خير العبادة ما كان في زمن الهرج و المرج، وحاله يوم بدر أكبر شاهد على ذلك ؛ فقد جأر بالدعاء و اشتدَّ ابتهاله و تضرُّعُه لربه و تذلله بين يديه، سائله أن يُعَجِّلَ بنصره الذي وَعَدَه إياه، وهذه هي التي يُسْتَجْلَبُ بها نصر الله تعالى، و بدونها ؛ و حين تخلُّفها و عدم الإتيان بما أراده الله و طلبه فهيهات أن ينصر من أعرض عن دينه و لم يتبع هداه الذي جاء بـه رسوله ( صلى الله عليه وسلم )، و اتبع ما أجلب به الكفار من حياة قِوَامُها على الرذيلة، و المعصية، بل ترك الشريعة كلها، ومتى قامت الأمة بالتعبُّد لله تعالى والتذلل بين يديه أضاء لها بفضل الله ومَنِّه نور النصر واضحاً جلياً، تبصره قلوب الصالحين من أولياء الله العابدين، وتعمى عنه بل تُحرَمُه قلوب وأبصار من تعبَّد لغير الله تعالى ، و كلما كان تعبُّد الأمة لله أتم كان نصر الله لها أكمل و أقرب (6)،
رأي الشعراوي حول هذه القاعدة :
وفي خواطره عن هذه الآية عرض الشعراوي لأقوال المفسرين وأهل العلم حول معنى الأرض في الآية، وهل هي أرض الدنيا، أم أرض الآخرة في الجنة، ولا مانع عنده أن يتسع معنى الأرض هنا ليشمل الإثنين معا، وحول أرض الدنيا يقول (7) : " .....أو نقول: الأرض يُراد بها أرض الدنيا، ويكون المعنى أن الله يُمكِّن الصالح من الأرض، الصالح الذي يَعْمُرها ولو كان كافراً ؛ لأن الله تعالى لا يحرم الإنسان ثمار عمله، حتى وإنْ كان كافراً، يقول تعالى :{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } ( الشورى : 20)، لكن عمارة الكفار للأرض، وتمكينهم للحضارة سَرْعان ما تنزل بهم النكبات، وتنقلب عليهم حضارتهم، وها نحن نرى نكبات الأمم المرتقية والمتقدمة، وما تعانيه من أمراض ( ومشكلات وظواهر ) اجتماعية مستعصية، فليست عمارة الأرض اقتصاداً وطعاماً وشراباً وترفاً، ففي السويد - مثلاً - وهي من أعلى دول العالم دَخْلاً ومع ذلك بها أعلى نسبة انتحار، وأعلى نسبة شذوذ، وهذه هي المعيشة الضَّنْك التي تحدَّث عنها القرآن الكريم في قوله تعالى :{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَىا } ( طه : 124 ) ، فالضَّنْك لا يعني فقط الفقر والحاجة، إنما له صور أخرى كثيرة.
إذن : لا تَقِسْ مستوى التحضُّر بالماديات فحسب، إنما خُذْ في حُسبانك كُلَّ النواحي الأخرى، فمَنْ أتقن النواحي المادية الدنيوية أخذها وترف بها في الدينا، أمّا الصلاح الديني والخُلقي والقِيَمي فهو سبيل لترف الدنيا ونعيم الآخرة، وهكذا تشمل الآية : { يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } الصلاح المادي الدنيوي، والصلاح المعنوي الأخروي، فإنْ أخذتَ الصلاح مُطلقاً بلا إيمان، فإنك ستجد ثمرته إلى حين، ثم ينقلب عليك، فأين أصحاب الحضارات القديمة من عاد وثمود والفراعنة؟
إن كُلَّ هذه الحضارات مع ما وصلتْ إليه ما أمكنها أن تحتفظ لنفسها بالدوام، فزالتْ وبادتْ، يقول تعالى :{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِى الأَوْتَادِ } ( الفجر : 6 – 10 )، إنها حضارات راقية دُفِنَتْ تحت أطباق التراب، لا نعرف حتى أماكنها، أمّا إنْ أخذت الصلاح المعنوي، الصلاح المنهجي من الله عز وجل فسوف تحوز به الدنيا والآخرة؛ ذلك لأن حركة الحياة تحتاج إلى منهج يُنظِّمها: افعل كذا ولا تفعل كذا. وهذا لا يقوم به البشر أمّا ربُّ البشر فهو الذي يعلم ما يُصلحهم ويُشرِّع لهم ما يُسعدهم.
ثم يقول : إن منهج الله وحده هو الذي يأمرنا وينهانا، ويخبرنا بالحلال والحرام، وعلينا نحن التنفيذ، فعناصر الصلاح في المجتمع: علماء يُخططون، وحكام يُنفّذون، ويديرون الأمور، وعلى الحاكم ووليّ الأمر أنْ يحافظ على منهج الله، ويتابع تطبيق الناس له، فيقف أمام أي فساد، ويأخذ على يد صاحبه، ويثيب المجتهد العامل، كما جاءَ في قوله تعالى في قصة القرنين : { قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىا رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الْحُسْنَىا وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } ( الكهف : 87 – 88 )، ذلك، لأن الله تعالى يزَعُ بالسلطان مَا لا يزع بالقرآن، ولو تركنا أهل الفساد والمنحرفين لجزاء القيامة لفسد المجتمع، لا بُدَّ من قوة تصون صلاح المجتمع، وتضرب على أيدي المفسدين، لا بُدَّ من قوة تمنع مَنْ يتجرؤون علينا ويطالبون بتغيير نظامنا الإسلامي، والمسئولية هنا لا تقتصر على الحكام وولاة الأمر، إنما هي مسئولية كل فرد فيمن ولي أمراً من أمور المسلمين، كما جاء في الحديث: " كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بَعْلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته ".
الى هنا 000000000000000000
وختاما علينا أن نتذكر ما يلي :
- قال بعض أهل العلم أن كلمة " الأرض " تطلق على مجموع الكرة الأرضية، وتشمل كافّة أنحاء العالم، إلاّ أن تكون هناك قرينة خاصّة في الأمر تصرف اللفظ عن هذا المعنى الأصلي، ومع أنّ البعض إحتمل أن يكون المراد في الآية { الأرض يرثها ) وراثة كلّ الأرض في القيامة، إلاّ أنّ ظاهر كلمة الأرض عندما تذكر بشكل مطلق تعني أرض هذا العالم (8)
- أن لفظ " الإرث " يعني إنتقال الشيء إلى شخص بدون معاملة وأخذ وعطاء، وقد إستعملت هذه الكلمة في القرآن أحياناً بمعنى تسلّط وإنتصار قوم صالحين على قوم طالحين، والسيطرة على مواهبهم وإمكانياتهم، كما نقرأ في قوله تعالى في شأن بني إسرائيل : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها } ( الأعراف : 37 )،
- أن الله تعالى قضى وقدر في سابق علمه وكتب في اللوح المحفوظ، وفي الكتب المنزلة أن رسوله صلى الله عليه وسلم منصور، وأن دينه يظهر على الدين كله، وأن يؤيد حزبه المؤمنين ويعليهم ويظفرهم بأعدائه وأعدائهم ويظهرهم عليهم، ويجعل لهم وراثة الأرض في الدنيا، والجنة في الآخرة، فالآية تجلي لنا إحدى أوضح المكافآت الدنيويّة لهؤلاء المؤمنين الصالحين،
- أن الله تعالى لا يخلف الميعاد على وجه العموم ؛ فكيف إذا كان الميعاد نَصْرُ دينه و إعلاء كلمته التي رضيها هي الدين لا سواه { إن الدين عند الله الإسلام }، فمهما طال مُقامُ الكافر، و مهما استطال شرُّه و ضرُّه، و مهما كِيْدَ بالمسلمين، و مهما نُّكِّلَ بهم فإن الغلبة لدين الله تعالى وَعْدَاً من الله حقاً و صدقاً، و هذا سيحدث لا محالة، فلا نستعجلَّنَّ الأمور، و لا نسابق الأحداث،
- أن ما نراه اليوم ونعيشه على مستوى العالم كله يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن البشرية تتخبط في سيرها بغير هدى ولا كتاب منير، وليس أدل على ذلك مما نراه من الصراعات والنزاعات والحروب التي تأتي على الأخضر واليابس، ولا شك أن هذا يؤكد حاجة البشرية لهذا الدين ليصوب مسيرتها، ويسدد خطاها، وهو ما يقرره حديث القرآن الكريم عن مستقبل الإنسانية، فثمة مجموعة كبيرة من آيات القرآن الحكيم تؤكد هذه الحقيقة، وتبشر بعهد سعيد، لابد وأن يسود العالم وتنعم البشرية بالأمن والرخاء والعدالة والحرية وجميع مستلزمات الحياة الكريمة، وما القاعدة التي نحن بصددها والتي تقرر : { أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } سوى نموذجا لهذه النصوص، فالإسلام ما هو إلا امتداد للرسالات السماوية السابقة والتي تبشر كلها بمستقبل سعيد للإنسانية، فلابد وأن يكون حكم الأرض وسيادة العالم للطليعة المؤمنة الصالحة.. وحينما يكون الحكم بيد طليعة مؤمنة صالحة فتلك هي فرصة السعادة وعهد الرخاء المنشود، نعم إن البشرية اليوم تكتوي بنيران المادية المتوحشة التي سيطرت على إنسان العصر، وأضحى أصحابها يعيثون في الأرض فساداً، ويتخبطون في دياجير عمى القلب وضلاله وليله البهيم، { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } ( الأنبياء : 111 )، ولا منقذ لها من هذا الضلال والتيه إلا في نور الاسلام الحنيف،
- أن من سنن الله في الكون أن يسلب الملك والسيادة على الأرض من الظالمين، ويمنحها للمؤمنين الصالحين، ولقد قص علينا القرآن الكريم أن أمة بني إسرائيل سلبت ملكها وسيادتها في الأرض لما ظلمت وطغت، وخالفت منهج الله تعالى، على الرغم من أن بني إسرائيل لا شك أنهم كانوا أفضل العالمين حينما كانوا عباد الله الصالحين ؛ أما حين ضربت عليهم الذلة، واللعنة، والصَّغار فإنهم ليسوا أفضل العالمين ؛ بل جعل منهم القردة، والخنازير؛ وهم أذل عباد الله تعالى لقوله عز وجل : {ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباؤوا بغضب من الله} ( آل عمران : 112 )، وقوله تعالى في حق بني إسرائيل : {لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون} ( الحشر: 14 )،
ولقد حول الله عز وجل الملك والسيادة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الشريف : " إني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض " (9)، ولما شكوا إليه الفاقة ( أي الفقر ) قال لعدي بن حاتم رضي الله عنه : " ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى " (10) ( رواه البخاري )، فوقع ما أخبر به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، إذ سادت أمة الإسلام أمم الأرض جميعا قرونا طوالا، حتى ضعف الدين فيها فتضعضع سلطانها، وسلط عليها أعداؤها، فأذلوها وقهروها واستباحوها، والحرب بينها وبينهم سجال، والعاقبة للمتقين الصالحين من أبنائها، قال تعالى : {إِنَّ الْأَرْضَ لله يُوْرِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ} ( الأعراف : 128 ) (11)
إن الواقع المرير الذي نعيشه اليوم في أرجاء المعمورة من أقصاها إلى أقصاها ليؤكد أن البشرية في طريقها إلى الهاوية إن لم تتداركها رحمة الله تعالى، وكما يقول " بدر الدين " (12) : " فلقد مر بالعالم زمن طويل، والماديون ينحتون صنمهم ويلمِّعونه ويمجدون بحمده، وينعتونه بالأسماء القدسية العديدة : ( القانون الدولي )، (الشرعية الدولية)، (النظام العالمي ) ..يقيمون له الهيئات الكبيرة، ويرفعون له الأعلام البراقة، ويعقدون له ( مجلسَ أمن ) و( هيئةَ أمم متحدة ) .. يصفون المُعرض عنه بالأوصاف الشنيعة، لأنه ( الخارجُ عن القانون )، و(المتمردُ على الإرادة الدولية )...فأين نحن من وعد الله وموعوده فالوعد : كلمات الكبير المتعال التي قال فيها سبحانه : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا } ( النور : 55)، والموعود : نصر من الله وفتح قريب .
ويبقى على الأمة الاسلامية أن تتدارك ما فاتها، وأن تضطلع بدورها، وأن تتحمل مسئوليتها نحو هذا العالم الذي بلغ من الإضطراب حدا ينذر بقرب الكارثة، وعلينا أن نعلم نحن المسلمين أننا قصرنا طويلا، والمسئولية تطوق أعناقنا، وميراث الأرض لنا إن حقننا الإيمان والعمل، والسبيل إلى ذلك يتطلب جهدا جهيدا يقوم على :
- استواء الصف، فإن الله لا ينظر إلي الصف الأعوج، هذا ما تعلمناه من الإسلام : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ } ( الصف : 4 )،
- تحقيق التقوى والاحسان، واخلاص النية لله، وابتغاء وجه الله ؛: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } ( النحل : 128 )،
- اليقين الجازم بأن النصر من عند الله : وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } ( آل عمران126 )،
- لنتعاون علي إقامة الأصول، ثم لنختلف أو لنجتمع بعد ذلك حول الفروع . لنتعاون حتى ندحر الكفر والكافرين، والظالمين، ومرة أخرى لنعلم يقينا : إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } ( الأعراف : 128 )،
- حسن الإعداد، حسن التخطيط، وحسن التنفيذ، فالتخطيط رأس الإعداد، ولابد أن نبلغ فيه غايته : {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } ( الأنفال : 60 )، أي : أقصي استطاعة لكم، ومعها : { وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ( البقرة : 195 )،
وأخيرا وليس آخرا، علينا أن لا ننسى ما بدأنا به :
{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ{105} إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ{106} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ{107} ( الأنبياء )

*****************

الهوامش والاحالات :
============

(1) - محمد الأمين الشنقيطي : " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن "، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض، 1983م، ج22، ص : 230 – 233،
(2) - سيد قطب : " في ظلال القران "، دار الشروق، القاهرة، ط 38، 2005م، ج5، ص : 143،
(3) - محمد إسماعيل المقدم : " رحمة النبي للعالمين "، المصدر : http://audio.islamweb.net
(4) - محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) : " زاد المعاد في هدي خير العباد "، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان - مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط27، 1415هـ /1994م، ج3، ص : 196
(5) - عبد الكريم بن صالح الحميد : " تأخير نصر الدين لُطف بالمؤمنين ومُكر بالكافرين والمنافقين "، أواخر ربيع الأول 1423هـ، موقع صيد الفوائد، المصدر : https://saaid.net/arabic/ar46.htm
(6) - عبد الله بن سليمان العبد الله : " بوابة النصر "، موقع مفكرة الاسلام، المصدر : www.islamdoor.com/k9/bawaba.htm
(7) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي "، مطابع أخبار اليوم، القاهرة ، تفسير الآية، ص : 2750،


(8) – ورد لفظ (الأرض) في القرآن الكريم في ( 458 ) ثمانية وخمسين وأربع مائة موضع، جاء في جميع تلك المواضع بصيغة الاسم، نحو قوله تعالى : {إني جاعل في الأرض خليفة} (البقرة:30)، وجاء في كثير من مواضعه مقروناً مع لفظ ( السماوات)، نحو قوله تعالى : {إني أعلم غيب السماوات والأرض} (البقرة:33).
(9) - عن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا : " إني بين أيديكم فرط لكم وأنا شهيد عليكم وإن موعدكم الحوض وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخاف عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها " ( صححه الألباني، أنظر : صحيح الجامع الصغير وزياداته )
(10) – الحديث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، - وكان عدي قد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل في الاسلام، وخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن يفت في عضده، ويثبطه عندما يرى من ضعف أهله وفقرهم، وعدم انتشار الأمن في أرضهم حينذاك، فألقى بالبشارات المذكورة في الحديث ترغيبا وتثبيتا، فقال : يا عدي هل رأيت الحيرة، قال : لم أرها وقد أنبئت عنها، قال : إن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله، وفي رواية : إنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير، قال عدي : قلت فيما بيني وبين نفسي فأين دعار طيء الذين سعروا البلاد، وأكمل النبي صلى الله عليه وسلم حديثه إليه فقال : ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى قال : كسرى بن هرمز قال : كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه ( قال الألباني : صحيح أخرجه البخاري، وأحمد، أنظر :
- محمد ناصر الدين الألباني : " تخريج أحاديث مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام "، المكتب الإسلامي، بيروت، ط1، 1405 هـ - 1984 م،
(11) - إبراهيم بن محمد الحقيل : " تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء "، المصدر : https://saaid.net/alminbar/244.doc
(12) - محمد ابو الهدى بدر الدين : " هل تركت المادية المتوحشة مكاناً للصلح مع الشعوب ؟ "، المصدر : http://abolhoda.me/www/hosainy2.php?id=562



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

بحوث إسلامية، النصر الإلاهي، الفاعلية، العمل الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 21-02-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  23-09-2020 / 11:35:55   خالد
جزاكم الله خيرا

بارك الله فيكم
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د.محمد فتحي عبد العال، د. مصطفى يوسف اللداوي، عواطف منصور، محمد عمر غرس الله، محمود فاروق سيد شعبان، د. أحمد محمد سليمان، د - عادل رضا، حسن الطرابلسي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. عبد الآله المالكي، محمد يحي، د. صلاح عودة الله ، العادل السمعلي، سليمان أحمد أبو ستة، الناصر الرقيق، مراد قميزة، الهادي المثلوثي، أحمد النعيمي، محمد شمام ، د - شاكر الحوكي ، الهيثم زعفان، صباح الموسوي ، صفاء العربي، د - المنجي الكعبي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، منجي باكير، د- جابر قميحة، مصطفى منيغ، سلام الشماع، عمر غازي، رضا الدبّابي، أشرف إبراهيم حجاج، عبد العزيز كحيل، وائل بنجدو، محمد علي العقربي، المولدي اليوسفي، عبد الرزاق قيراط ، علي عبد العال، محمود طرشوبي، عبد الله الفقير، أنس الشابي، طلال قسومي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ماهر عدنان قنديل، أحمد بن عبد المحسن العساف ، يحيي البوليني، د - الضاوي خوالدية، محمد أحمد عزوز، محمد الياسين، د- محمود علي عريقات، نادية سعد، حسني إبراهيم عبد العظيم، صفاء العراقي، محمود سلطان، رافع القارصي، د - صالح المازقي، سلوى المغربي، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد الحباسي، ياسين أحمد، محمد الطرابلسي، فتحي الزغل، عمار غيلوفي، حاتم الصولي، علي الكاش، سعود السبعاني، رافد العزاوي، د- محمد رحال، أحمد ملحم، فهمي شراب، أ.د. مصطفى رجب، إيمى الأشقر، عزيز العرباوي، رشيد السيد أحمد، أبو سمية، د- هاني ابوالفتوح، حميدة الطيلوش، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بنيعيش، كريم السليتي، خبَّاب بن مروان الحمد، مصطفي زهران، رمضان حينوني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إياد محمود حسين ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. أحمد بشير، سامح لطف الله، عبد الله زيدان، سامر أبو رمان ، محمد العيادي، عراق المطيري، فوزي مسعود ، إسراء أبو رمان، طارق خفاجي، تونسي، صلاح المختار، خالد الجاف ، كريم فارق، سفيان عبد الكافي، بيلسان قيصر، سيد السباعي، فتحي العابد، محرر "بوابتي"، ضحى عبد الرحمن، د. طارق عبد الحليم، حسن عثمان، أحمد بوادي، رحاب اسعد بيوض التميمي، يزيد بن الحسين، د - مصطفى فهمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، جاسم الرصيف، د. خالد الطراولي ، عبد الغني مزوز، صالح النعامي ، المولدي الفرجاني، صلاح الحريري،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة