صلاح الحريري- مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4911
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
منطق أرسطو كعلم آلي يُعتبر جيدًا لفهم دلالات الكلام، إلا أن به أخطاء منطقية، أقول أخطاء منطقية وليس أخطاء في المنهج فقط. أيْ أنه بهذه الأخطاء المنطقية قد يكون عاملًا على ضلال الفكر، لا عصمة الفكر.
بتصويب هذه الأخطاء يكتمل المنطق، ولا يبقى إلا تحويله –بعد تصحيحه- إلى منطق رمزي. ثم بعد ذلك استنباط المنطق الأعلى من منطق أرسطو، والذي يُعد مهمًّا في فهم الكتب المقدسة.
الأجزاء في المنطق الرمزي التي تعتمد على منطق أرسطو بها نفس أخطاء منطق أرسطو.
يقولون بأن منطق أرسطو ومنهجه هو أساس المنهج العلمي الذي نعرفه الآن. أقول: كيف هذا والعالم كان لمدة 1800 سنة بعد أرسطو يغط في نوم عميق. من 300 قبل الميلاد إلى 1500 بعد الميلاد. هل لمدة 1800 سنة لم يكن البشر هم البشر الموجودون الآن، وكان هناك نقص في مُعَدّل الذكاء، ثم فجأة في ال 500 سنة الأخيرة زاد معدل الذكاء فأصبحو يفهمون منطق أرسطو ومنهجه فحدثت النهضة العلمية؟!.
هذا وقد انقسم المناطقة إزاء منطق أرسطو إلى ثلاثة فئات:
- فئة تؤيد منطق أرسطو تأييد تام، وتقول بأن المنطق بعد أرسطو لم يزد زيادات تُذكر. ولا حاجة للزيادة على ما جاء به أرسطو، لأنه لا يوجد ما يزاد. من هذه الفئة الفيلسوف كانط والفيلسوف بروشار.
- فئة ترى أن منطق أرسطو مهلهل، ولا بد من وضع منطق جديد. ومن هؤلاء: بيكون، رسل، تارسكي، كارناب.
- فئة تقبل منطق أرسطو مع الدعوة إلى تطويره كحل وسط. ومن هؤلاء لوكاشيفيتش.
أنا مع الموقف الثالث: تصحيح الأخطاء التي في منطق أرسطو، ثم إضافة بعض المباحث عليه، ثم تحويله إلى منطق رمزي.
كيف يقول أرسطو بأنه لا يأخذ بالإستقراء الناقص وفي نفس الوقت يخطئ أخطاء تدل على أنه يَلُغّ في هذا المنهج المنطقي [الإستقراء].
بعض الأخطاء المنطقية في منطق أرسطو:
1- القضية الجزئية السالبة:
يُقسم أرسطو القضية الحملية كمًّا وكيفًا إلى:
- كلية موجبة...مثل: كل العرب أحرار.
- كلية سالبة...مثل: كل العرب ليسوا أحرار.
- جزئية موجبة...مثل: بعض العرب أحرار.
- جزئية سالبة...مثل: بعض العرب ليسوا أحرار.
أقول: مقابلات الجُمل في التقسيم ببعضها البعض أوقعتنا في وهم أن تقسيمته صحيحة [كلية-كلية، جزئية-جزئية...موجبة-سالبة، موجبة-سالبة]. هذه المقابلات أوقعتنا في وهم أن تقسيمته صحيحة.
بمنتهى البساطة:
الجزئية الموجبة هي هي الجزئية السالبة. ف:
[بعض العرب أحرار] تفيد ضمنًا أن [بعض العرب ليسوا أحرار].
وهكذا فالصواب أن نقول:
القضية الجزئية فقط أو القضية التبعيضية فقط.
الجزئية الموجبة=الجزئية السالبة
هذا باعتبار أنهم ترجموا منطق أرسطو ترجمة صحيحة، إلا أن يكونوا قد أخطأوا في ترجمة كتبه المنطقية.
2- القضية الجزئية السالبة، والقضية سالبة الجزئية:
[بعض...ليس...] مثل: بعض العرب ليسوا أحرار. لا تساوي [ليس بعض...] مثل: ليس بعض العرب أحرار.
ف [بعض العرب ليسوا أحرارًا] هي جزئية سالبة.
بينما [ليس بعض العرب أحرار] هي سالبة الجزئية.
وهناك فرق بين جزئية سالبة وبين سالبة الجزئية.
[ليس بعض العرب أحرار] تعني أنه:
- إما كلهم أحرار
- وإما كلهم ليسوا أحرار
فهي قضية تفتح على أكثر من احتمال.
أما [ بعض العرب ليسوا أحرار] تعني أيضًا أن [بعض العرب أحرار].
أقول:
إذا كان وفق منطق أرسطو أن:
[كل...ليس...] كلية سالبة، لا تساوي [ليس كل...] جزئية سالبة، فلماذا: [بعض...ليس...] تساوي [ليس بعض...].
3- من أخطاء منطق أرسطو أنه لم يضع في حسبانه كل الإحتمالات، ولم يُراعي حالة المتكلم النفسية. فأمثلته ومنطقه كله مبني على أن المتكلم جاد في كلامه وصحيح نفسيا. لم يراعي أن أحيانا يكون هناك هزل. فمثلًا:
لو قال شخص:
سااا زِري خا
هل لهذه الألفاظ مجتمعة معنى، وفق منطق أرسطو؟!، بالطبع لا.
لكن وفق المنطق السليم:
لو كان الموقف موقف هزار، هزل فقد أفادت هذه العلامات الصوتية الثلاث معنى وهو [الهزار]، وهذا المعنى مستفاد من التواطؤ. لكن لو كان الشخص الذي يقول هذه العلامات الصوتية: سااا زِري خا في غيبوبة ويهذي فهي أصوات ليس لها معنى.
4- كذلك من أخطاء منطق أرسطو عدم ولوجه في مبحث التواطؤ والإيحاء. فمثلًا: عبارة [أحمد البيت جود] غير ذات معنى في اللغة العربية، أيْ هي لم تصل لرتبة قضية أو جملة. لأن الجملة –إن تم اعتبارها جملة- بدأت بإسم [أحمد] لكنها لم تشتمل على رابط ثم جاء بعد الإسم الأول اسم آخر معرف بأل [البيت] ثم اسم ثالث غير معرف بأل [جود]، لفظ [جود] في اللغة العربية بمعنى الجود والكرم. هذه العبارة وإلم تحوي معنى في اللغة العربية ظاهر إلا أنها قد توحي بمعنى.
فمثلًا لو كان قائلها من غير الناطقين باللغة العربية فقد يصل إلينا معنى بالإيحاء فنفهم مثلًا أنه ربما يريد أن يقول: [أحمد خيره وكرمه يملأ البيت].
كذلك لفظة جود هي علامة وصفية في اللغة الإنجليزية، جود=جيِّد، صالح، وبالتالي إذا كان السامع يفهم إنجليزي فقد توحي له عبارة [أحمد البيت جود] بمعنى، مثلًا: [أحمد جيد في البيت]، أو [أحمد يرجو صلاح البيت].
فهنا عبارة لا توافق قواعد لغة معينة تحوي لفظ مبهم، ومع ذلك أوحت بمعنى.
فمنطق أرسطو لم يلج في مبحثيْ التواطؤ والإيحاء، على الرغم من أنهما موجودين في الكلام في أيّ لغة.
وهكذا أخطاء أخرى في منطق أرسطو، ومباحث لم يلج فيها أصلًا وهي من أصل بنية الكلام.
ربما نحتاج إلى 3 أو 4 مقالات أخرى نرمم فيها منطق أرسطو.
أرجو ألا أكون قد أطلتُ...وشكرًا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
23-04-2019 / 19:56:07 لغة