أنس الشابي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 260
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صدرت مؤخّرا مذكّرات الأستاذ صلاح الدين الجورشي تحت عنوان "أقواس من حياتي" فيما يفوق 500 صفحة، وقد تساءلت منذ البداية لماذا اختار المؤلّف هذا العنوان المخاتل والملتبس؟، وهل أنّ حياة الفرد منّا هي جملة من الأقواس يُغلق أحدها ليُفتح آخر أو أنّها قوس يُفتح بالولادة ويُغلق بالوفاة وبينهما يعيش الإنسان وينتقل من الموقع إلى غيره ويمرّ بمختلف المراحل العمريّة بما تقتضي من إغناء للتجربة صعودا ونزولا؟، لم أقابل الجورشي ولا تحدّثت معه ولكني من المتابعين لِما ينشر منذ أن بدأ الكتابة في مجلة المعرفة وانتقل بعدها إلى جرائد ومجلات مختلفة داخل البلاد وخارجها، ولعلي لا أجانب الصواب إن قلت بأنّه من أغزر منتسبي التيار الإسلامي إنتاجا على مستوى الكتابة في الشأن السياسي، وكذلك فيما هو من متعلّقات الخطاب الذي تروّج له نحلة اليسار الإسلامي التي أسّسها صحبة صديقه وأميره احميدة النيفر الذي أدّى له البيعة لمّا انخرط في الجماعة الإسلاميّة ونصّها: "أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جنديا مخلصا في جماعة الإخوان المسلمين وأن أسمع وأطيع في العسر واليسر والمَنشط والمَكره إلا في معصية الله وعلى أثرة علي وعلى أن لا أنازع الأمر أهله وعلى أن أبذل جهدي ومالي ودمي في سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيلا"(1)، بقي صلاح الدين ملتزما بهذه البيعة إلى يوم الناس هذا ولم ينقضها حتى وهو في محنة السجن بل عضّ عليها بالنواجذ وأصرّ من مختلف المواقع التي احتلّها على الدفاع عن الحركات الإسلاميّة عموما من خلال تبرير الجرائم التي ارتكبتها من ناحية والتشويش على النخبة بإشاعة الافتراضات والأسئلة التي لا هدف منها سوى بثّ الشكوك لتبرئتها وتحويل الأنظار عنها من ناحية ثانية، ضمن هذا الإطار الذي يستهدف تبرئة حركة النهضة من الجرائم التي أتتها طوال تاريخها في حقّ الوطن وأبنائه يندرج هذا الكتاب وما العنوان الذي اختاره إلا الدليل على ذلك لأنّه يُمكّنه من الحديث عن أقواس من حياته ويُهمل أخرى بحيث يُفرط في السرد والثرثرة فيما يعلمه الجميع كأحداث التعاضد وهزيمة 1967 وبلوغ الزعيم بورقيبة الشيخوخة وغير ذلك ممّا تناقلناه في أحاديثنا وأسمارنا ولا يحمل أيّ جديد يبرّر تسويده ونشره بين الناس، ولكنّه لمّا يصل إلى أقواس من حياته تهمّ الحركة الإسلاميّة يصمت أو ينحرف بالمسائل إلى غير وجهتها الحقيقيّة من ذلك إهماله ذكر بيان الثاني من أكتوبر الذي كفّرت فيه حركة النهضة وزير التربية ودعت رئيس الدولة إلى إقالته وجريمة باب سويقة الفظيعة وفترة محمد مزالي التي لعب فيها دور الوسيط بين الحكم والحركة والتحريض على إعادة شبابنا من بؤر التوتر تحت ستار التوبة وغير ذلك، وفي تقديري أنّ اختيار المؤلّف لعنوان الأقواس مقصود حتى يمكّن نفسه من الحديث عمّا يرغب في إشهاره بين الناس والتغاضي عمّا يمكن أن يقدح في بيعته، أمّا العنوان الفرعي "شهادة حول عصر مضطرب من تاريخ تونس المعاصر" فلا أعتقد أنّه من وضع الجورشي بل من وضع الناشر لأنّ رائحة المتاجرة واستغفال القارئ بفجاجة تفوح منه، من جملة 550 صفحة المنشورة لن نلتفت إلا إلى صفحات قليلة هي التي سنأتي عليها بالبحث والدرس لأنّنا سنغفل كلّ ما ورد عن تاريخ تونس المعاصر فهو لا يعدو أن يكون نقلا لروايات شفويّة الكلّ يعرفها ولن نتعرّض للوريقات الكثيرة التي فاق عددها 150 صفحة وخصّصها لذكر شخصيّات قابلها في إطار عمله الصحفي لأنّها لا تقدّم أيّ معرفة لا بالشخصيّة ولا بالمؤلّف فهي انطباعات خطرت له عقب ندوة أو لقاء في نزل أو في حافلة، فالمسكوت عنه في هذه المذكّرات أكثر من المصرّح به وهو ما سنعرض جزءا منه فيما يلي.
سنوات التكوين
يعمد مؤلفو المذكّرات جميعهم إلى التبسّط في الحديث عن فترات التكوين التي مرّوا بها وساهمت في إثراء شخصيّاتهم وتوجيهها إلى الاختصاصات التي برزوا فيها كأن تكون كتابا أو كاتبا أو مدرسة أو جامعة أو تيارا سياسيّا أو نقابيّا أو أشخاصا من ذوي الحيثيّة وهو ما من شأنه أن يساعد على حسن متابعة تطوّر المسار المهني والتعليمي لصاحب الترجمة، إلا أنّ الجورشي أهمل هذه الفترة من حياته وأسرف في سرد أخبار العائلة عن أصولها الأندلسيّة وهو أمر لا تأثير له على مستقبل حياته.
في الحديث عن مراحل تكوينه العلمي يقول بأنّه انتقل: "إلى المرحلة الإعداديّة ليحصل على المرتبة الأولى أو الثانية"(2)، يُقصد بالمرحلة الإعداديّة في الستينات التعليم المهني وليس المعنى الدارج الآن الذي يسبق المرحلة الثانويّة كما أنّه لا يتذكّر إن كانت رتبته الأوّل أو الثاني، في مقال له ذكر الجورشي أنّه لمّا كان سنّه 16 سنة كان تلميذا بالمعهد الفني(3) وفي موقع آخر قال عن نفسه: "كان يستعدّ لاجتياز امتحان الباكالوريا..."(4) أي أن سنّه يومها 18 سنة إن وضعنا في الاعتبار أنّه اجتاز المرحلتين الابتدائيّة والثانويّة دون رسوب فإذا أضفنا هذه السنوات إلى سنة ولادته 1954 حصلنا على سنة 1972 ولا ندري في أيّ معهد كان الجورشي مرسّما في ذلك التاريخ لأنّه ذكر معهدي ابن شرف والمعهد الفني(5) دون أن يحدّد أيّ السنوات قضّى في كليهما، غير أنّه في موقع آخر ذكر أنّه: "تألق في تعليمه الثانوي بالمعهد الفني بتونس ثم بمعهد ابن شرف"(6) ولأن حرف العطف ثمّ يفيد الترتيب مع التراخي في الزمن وهو ما يعني أنّه درس أوّلا في المعهد الفني ثم انتقل في مرحلة ثانية إلى معهد ابن شرف سنوات السبعين ، هذا الانتساب مشكوك فيه ذلك أن إطارات هذا المعهد أساتذة وقيّمين جميعهم من الزيتونيّين القدامى ومن بينهم شيوخنا المبرورون محمد الأخوة رئيس القائمة البنفسجية في انتخابات سنة 1989 والنحوي محمد علي السهيلي ومحمد الشرفي صاحب مجلة العلم والتعليم والمؤرّخ الثبت أحمد قاسم والشاعر الميداني بن صالح وكذلك راشد الغنوشي والشيخ المختار السلامي ناظر المعهد منذ الستينات إلى أن سمّي مفتيا سنة 1984 فضلا عن كوكبة من التلامذة الذين سيساهمون في الحياة العامّة من مواقع متقدّمة فيما بعد ومن بينهم المحامون حسن الغضباني وإبراهيم بودربالة وعبد الوهاب الباهي وأساتذة الجامعة فتحي القاسمي والمنصف وناس ومهذب أولاد الطيب والمفتي الشيخ هشام بن محمود والفنان إبراهيم البهلول والشاعر سوف عبيد والصحفي الحبيب بن سعيد وغيرهم رحم الله الأموات وحفظ الأحياء، كلّ هؤلاء لم يرد ذكر أيّ واحد منهم ولكن الجورشي يترجم لبعض البانديّة كعلي شورّب وخرافة سموّه الأخلاقي والفرزيط والحوّات(7)، والغريب أنّ راشد الغنوشي الذي عاد إلى تونس: "وكانت التجربة الاشتراكية تحتضر"(8) أي سنة 1968 وباشر العمل الإسلامي في معهد ابن شرف حيث مكّنته الإدارة من قاعة صلاة لم يلتق به الجورشي في المعهد حيث كان يدرس وفق ما كتب ولكن التقى به لأوّل مرّة فيما بعد في جامع سيدي يوسف سنة 1970(9)، والذي نخلص إليه أنّ التواريخ التي ذكرت في مرحلة التعليم وصولا إلى الباكالوريا ينقضها بقوله: "ما أن غادر الفتى مقاعد الدراسة حتى انتابته رغبة شديدة في الزواج... والده لم يكن راضيا عن الانقطاع المبكّر لابنه عن الدراسة"(10) ورغم هذا الانقطاع المبكّر فإنّ الجورشي في الصفحة 26 كتب أنّه كان يستعدّ لاجتياز امتحان الباكالوريا، فمتى تمّ هذا الانقطاع قبل أو بعد الباكالوريا؟ وإلى أيّ مرحلة يشير الانقطاع المبكّر عن التعليم؟، كما أغفل ذكر تجربة أخرى له قال: "قبل التفرّغ كليّا للعمل الصحفي... فتحت بمعيّة شريك ورشة نجارة وانتدبت لها محترفا أثق فيه وعددا من مساعديه"(11)، وممّا لا يمكن أن يصدّقه عاقل هذه الرواية التي أوردها الجورشي قال: "يذكر الشاب حادثة حصلت مع مدرّسه في مادة التربية الإسلاميّة بالمعهد الفني بتونس... واقترب التلميذ أكثر فأكثر من أستاذه في يوم من الأيام عرض عليه حضور ندوة من ندوات جمعيّة المحافظة على القرآن الكريم وهيّأ له لقاء بأمير الجماعة راشد الغنوشي، استجاب الأستاذ للدعوة فكانت تلك مقدّمة لكي يتحوّل أستاذه فيما بعد إلى عضو ملتزم في الحركة"(12)، والغريب في الأمر أنّ هذه الرواية إن صدقت يكون قد مرّ عليها ما يفوق النصف قرن ورغم ذلك يمتنع الجورشي عن ذكر اسم الأستاذ الذي ينخرط في الحركة الإسلاميّة استجابة لطفل لم يتجاوز عمره 16 سنة، جاء في المثل العامي التونسي البليغ "إذا كان المتكلّم مهبول يكون السامع عاقل"، إن إغفال ذكر التواريخ والأسماء واللّخبطة في الأحداث لا يمكن إلا أن تثير الشكوك حول كلّ ما سيرد في الكتاب.
حركة النهضة في أقواس الجورشي
عرفتُ الجورشي من خلال كتاباته المدافع والمنافح عن التيارات الإسلاميّة جميعها وبما أنّ حركة النهضة هي الحركة الأكثر انتشارا في البلاد فقد احتلّت في كتابه موقعا متميّزا بالدفاع عنها وتبرير الجرائم التي ارتكبتها يظهر ذلك من خلال:
1) سنة 1989 وبعد تعيينه وزير تربية بادر محمد الشرفي بالنظر في برامج مادة التربية الإسلاميّة لإصلاحها في اتجاه نزع ما بها من تكفير وتطرّف، غير أنّ حركة النهضة باشرته بحملة صحفيّة أشعلها رضا الأجهوري بقيت متواصلة حتى بعد خروجه من الوزارة وانتقاله إلى المعارضة قال الجورشي: "من بين أصدقاء الطفولة رضا الأجهوري ... وكانت له صولات وجولات معروفة مع محمد الشرفي عندما كان هذا الأخير وزيرا للتربية، كان الشابان يلتقيان باستمرار في بيت أسرتي أحدهما يطالعان الكتب ويناقشان محتوياتها"(13)، اختتمت هذه الحملة ببيان شهير أقام الدنيا ولم يقعدها عنوانه "لا للسخرية بالإسلام" مؤرّخ في 2 أكتوبر 1989 كفّرت فيه حركة النهضة الوزير ودعت رئيس الجمهورية إلى إقالته، ويعتبر هذا البيان واحدا من أهمّ الوثائق السياسيّة التي صدرت في الربع الأخير من القرن الماضي لأنّه يكشف حقيقة المشروع التربوي لحركة النهضة من ناحية ويفضح أعوانها المتستّرين بالحداثة والتنوير المندسّين في ثنايا النخبة، غير أنّ الجورشي أهمل ذكر البيان تماما واكتفى بوصف المعركة التي خاضتها النخب أيامها بقوله: "الهجوم على ملف الإصلاح التربوي"(14)، والغريب في الأمر حقّا أنّ الإصلاح التربوي في مادة التربية الإسلاميّة التي ثارت ضدّه حركة النهضة صنعه احميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي ومحمد القوماني وغيرهم من جماعة اليسار الإسلامي، والأغرب أنّ الجماعة لم ينهضوا للدفاع عن مشروعهم إلا بعد 20 يوما كاملة من صدور بيان السخرية حيث نشروا نصّا من بين ما جاء فيه: "نجدّد رفضنا واستنكارنا لكلّ خطاب ديني ينطلق من اعتبار نفسه ناطقا باسم الإسلام أو معبّرا عن ضمير الأمة ومكفّرا لكلّ التوجّهات الاجتهاديّة المتّصلة بالمجالات الثقافيّة أو الاجتماعيّة أو السياسيّة أو التربويّة"(15)، رغم أنّه كان من المفروض على جماعة اليسار الإسلامي أن يدافعوا عن الإصلاح التربوي لأنّه إصلاحهم ويتمّ بأيديهم فإنّهم خيّروا النأي بأنفسهم عن مواجهة حركة النهضة، ومن الجدير بالملاحظة أن هذه الأخيرة استعملت لفظ السخرية بدل التكفير الذي هو أشدّ وقعا من الكفر لأنّه يحمل معنى الانتقاص والهزء بالدين وتحقيره، غير أنّ بيان اليسار الإسلامي تغافل عن مصطلح السخرية وانحرف بمعنى الكفر من معناه الذي يحيل إلى الردّة والخروج من الدين والملّة إلى معان أخرى "متّصلة بالمجالات الثقافيّة أو الاجتماعيّة أو السياسيّة أو التربويّة" وهذه مجالات لا يوصف الاختلاف فيها بالكفر بل بتعدّد الآراء والاجتهادات، كما عمد جماعة اليسار إلى تمييع المسألة برمّتها من قضية سياسيّة تستهدف المدرسة التونسيّة إلى إشكاليّات معرفيّة عامّة حول مصطلحات كالعقلانيّة والحداثة والمجتمع المدني والتعريب والهويّة العربيّة الإسلاميّة وغيرها، بهذا الأسلوب المخاتل يبرّئ الجورشي حركة النهضة من استعمالها سلاح التكفير ضد خصومها بإغفاله ذكر بيانها الشهير.
2) في 18 فيفري 1991 وقعت جريمة باب سويقة التي لم يعرف لها الوطن شبيها طوال تاريخه حيث أحرق بعض شباب حركة النهضة حارسين، هذه الجريمة عمل الجورشي على التهوين من شأنها والتخفيف من شناعتها وذلك من خلال:
* ذكرها في ص282 في سطر واحد قال: "اهتزت البلاد تحت واقعة باب سويقة"، هكذا يبدأ الجورشي بالتهوين من الجريمة بوصفها واقعة أي نازلة وحادثة، بعدها مباشرة يورد صفحات عن استدعاء مورو إلى وزارة الداخلية مشحونة بأكاذيب من نوع تعريته في كولوارات الوزارة ومحاولة صلاح الدين معاوية دفعه إلى تأسيس حزب واتصال صحفي ألماني به وغير ذلك من الأخبار التي قصد بها تشتيت الانتباه وتحويل الأنظار عن هذه الجريمة البشعة.
* بعد 4 صفحات من الثرثرة التي لا علاقة لها بالجريمة يعود في الصفحة 286 إلى الجريمة حيث يكتب: "حادثة باب سويقة خطيئة وليست خطأ، كانت حادثة باب سويقة بمثابة هديّة من السماء قدّمتها حركة النهضة إلى نظام بن علي" هكذا تصبح الجريمة حادثة لا تختلف عن حوادث السير في الطرقات كاصطدام سيارة بأخرى أو درّاجة بمواطن ليسترسل بعدها في التشنيع على النظام الذي قرّر إنهاء الجريمة المنظمة بكلّ الوسائل القانونيّة، بهذا الأسلوب المخاتل في عرض المسائل ينحرف الجورشي بالقارئ من شناعة المجزرة التي ارتكبت في أحد الأحياء الشعبية وطالت مواطنَين ساقهما سوء حظهما للعمل حارسين ليليّين في لجنة التنسيق إلى التفتيش للحركة عن مبرّرات وجدها بالحديث عن عبد الفتاح مورو.
الحزب الدستوري وحركة النهضة
في إطار الخلط بين المفاهيم وتدوير المربّعات كتب الجورشي: "لم يكن الحزب الدستوري مناهضا للإخوان المسلمين إذ كانت تربط الحزبين علاقات تعاون ممتدّة عبر تاريخ الحركة الوطنيّة"(16)، مستندا في ذلك إلى جملة من الأقوال الضعيفة التي لا دلالة علميّة لها كسكن بورقيبة في دار الإخوان في الحلميّة في القاهرة في الأربعينات أو القول بأنّ توفيق الشاوي كان وسيطا بين الزعيم والجامعة العربيّة أو القول بأنّ صداقة بورقيبة وعطفه على بعض الإخوان المسلمين أيام محنتهم له دلالة سياسيّة، فقد عُرف عن بورقيبة أنّه كان يحفظ المعروف لأهله بحيث ما نسي أيّ فرد مدّ له يد العون أيام النضال ولم يكن سلوكه هذا مقتصرا على الإخوان المسلمين كتوفيق الشاوي أو فيصل ندا أو أحمد حسن الباقوري بل كان عامّا شمل مختلف التيارات السياسيّة ورموزها كمحمد على الطاهر الصحفي الفلسطيني الذي فتح جريدته "الشورى" للزعيم وعرّفه بالطبقة السياسية في مصر وتحسين العسكري الوزير العراقي الذي مكّن أبناءه من جوازات سفر تونسيّة لمّا منعتهم السلطات العراقية من ذلك والفاضل الجمالي رئيس الوزراء العراقي الذي استقر في تونس بعد الحكم عليه بالإعدام وهوكر دوليتل القنصل الأمريكي ومحمد صلاح الدين باشا وزير خارجية مصر الوفدي ومحمود أبو الفتح صاحب جريدة "المصري" الذي أقام له الزعيم جنازة عسكرية في تونس لأنّ عبد الناصر رفض دفنه في مصر بعد وفاته في سويسرا وغيرهم كثر هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لم يكن للحزب الدستوري أيّ علاقة بالإخوان المسلمين لا أيام الثعالبي ولا أيام بورقيبة وممّا يؤكّد ذلك ما ورد في مذكّرات القيادي الإخواني الكبير محمود عبد الحليم أحد مؤسّسي الحركة وتنظيمها السري في مصر يقول: "أمّا شمال إفريقيا وهو المغرب العربي وإن كانت الظروف السياسيّة لم تتح لمقابلات بين المجاهدين فيه وبين الإخوان فإنّ الإخوان كانوا حريصين على مراسلة هؤلاء المجاهدين للتعرف على حقائق عندهم فكانت هناك مراسلات بيننا وبين عبد الحميد ابن باديس في الجزائر..... وكانت هناك مراسلات بيننا وبين المجاهدين في مراكش مثل علال الفاسي وحزبه.."(17) وطوال مذكّراته ذات الثلاثة أجزاء و1700 صفحة لم يتعرّض لتونس أو لرموزها الأمر الذي يعني أنّه لو كانت هنالك أدنى صلة بين الزعيم والإخوان لما سكت عنها محمود عبد الحليم وهو الذي نشر كتابه في ثمانينات القرن الماضي أيام كان بورقيبة رئيسا وأيام تفطّنت الدولة لخطورة الفرع التونسي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، أمّا الصورة التي تظهر فيها مجموعة من بينهم الزعيم بورقيبة وحسن البنا فقد أخذت يوم 14 ماي 1947 لمّا زار البنا مكتب المغرب العربي في القاهرة لشكر حزب الشعب الجزائري على دعوته له بمناسبة إحياء ذكرى مجزرة 8 ماي 1945 التي حضرها خلق كثير من مختلف الاتجاهات السياسيّة وتداول على الخطابة فيها ممثلو حركات التحرّر كالشاذلي المكي والحبيب بورقيبة وغيرهم من الوجهاء كأحمد أمين وعبد الوهاب عزام ورفاييل بطي وأحمد نجيب برادة وزين الدين حسن الأندونيسي وسيد قطب بحيث لا يمكن أن تكون هذه المصادفة مخطّطا لها أو دليلا يُحتجُّ به على وجود علاقة بين الزعيم والبنا (18)، وتتواصل رحلتنا مع أكاذيب ما تركت شخصيّة إلا حشرتها للاستدلال بها على وجود علاقة بين الزعيم والإخوان المسلمين، من ذلك القول بأنّ الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور وجه رسالة إلى الرئيس عبد الناصر دفاعا عن سيّد قطب(19) وهو أمر لم يحدث البتّة فالشيخ أكثر حنكة سياسيّة من ناقلي هذه الفرية لأنّه يعلم جيّدا أنّ التوجّه مباشرة إلى الرؤساء الأجانب دون المرور بالمؤسّسات الرسميّة غير مسموح به ومثير للريبة، كلّ ما هنالك أنّ الزعيم استجاب إلى رغبة صديقه توفيق الشاوي وأذن بحملة صحفيّة شارك فيها الشيخ بجواب عن سؤال صحفي نشر في الجزء الثاني من كتابه "ومضات فكر" وهو الذي استشهد به الجورشي رغم علمه بأنّ الظرف السياسي كان وراء حملة صحفيّة على الرئيس جمال عبد الناصر شارك فيها الحبيب بولعراس والبشير العريبي وحتى الفكاهي صلحلح بأغنية "الكلو من أجل البقشيش" يقول توفيق الشاوي: "ولمّا عرضت عليه (يقصد بورقيبة) القضيّة وجد أنّها فرصة للتشهير بعبد الناصر والانتقام منه وأصدر أوامره للصحافة والحزب والبرلمان وكلّ من في تونس للدفاع عن سيّد قطب وكان هذا الدفاع يأخذ في كثير من الأحيان صورة النقد والهجوم على الدكتاتورية والاستبداد الناصري"(20)، هكذا يلوي صلاح الدين الجورشي عنق الحقائق للإيهام بوجود ما لا وجود له إلا في مخيّلته كقوله بأنّ العلاقات بين الإخوان المسلمين والحزب الدستوري: "علاقات تعاون ممتدّة عبر تاريخ الحركة الوطنيّة" وهذه أوّل مرّة نسمع فيها بأنّ الإخوان المسلمين لعبوا دورا في الحركة الوطنيّة، ولا أدري إن كان الجورشي يقصد إخوان مصر أو إخوان تونس وأيّا كان جوابه فهو في كلا الحالين مجانب للصواب.
تصحيحات
فيما يلي أورد تصحيحا للبعض من المغالطات الواردة في متن الأقواس الجورشيّة:
1) في الصفحة 68 ورد قوله: "ورغم أن المقال مرّ على نشره أكثر من أربعين عاما لا يزال البعض يستندون عليه لإثبات أنّ كاتبه موغل في الرجعيّة ولا يمتّ للحداثة بصلة" في إشارة منه إلى الاستشهاد بمقال اقترح فيه: "بأن نجعل جانبا من الحافلات للنساء وأخرى للرجال والعمليّة في غاية السهولة والمطلب في غاية البداهة"، لكن هل تراجع الجورشي عن طلبه هذا أو أنّه واصل تقديمه بصيغ أخرى؟، الثابت من الوثائق المنشورة أنّه أعاد طلبه بعد 12 سنة وبتوسّع ليشمل مجالات أخرى أيام كان عضوا في الهيئة المديرة للرابطة التونسيّة لحقوق الإنسان قال: "ماذا سيحصل لو بقيت بعض المقاهي والمطاعم مفتوحة في رمضان لكن مع وجود ستائر لاحترام الرأي العام الإسلامي، شواطئ خاصة للمتديّنين وأخرى لغير المتديّنين، القيام بحملة وطنيّة مكثّفة ضدّ الخمر مع التنقيص في نقط بيعه دون منعه نهائيّا، تخصيص قاعات مطالعة للمفطرين وأخرى للصائمين"(21)، ترى ما الفارق بين ما قيل سنة 1974 وما قيل سنة 1986؟، والغريب في الأمر أنّ الجورشي في أقواسه يعود إلى ضرورة الفصل بين الذكر والأنثى أثناء دفاعه دفاعا مستميتا عن الحجاب بحجّة حرية اللباس مستشهدا في ذلك بالمناضل المرحوم جورج عدّة وغاب عنه أنّ مسألة الحجاب لدينا لا علاقة لها بحرية اللباس لأنّها تمثل إعلانا عن موقف سياسي يعتبر حاملات الحجاب حاملات للراية الإسلامية كما وصفهنّ راشد الغنوشي هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فرض الحجاب أدّى إلى فرض حجاب آخر عند السباحة ووصل الأمر إلى القول بسياحة ونزل إسلامية وأخرى غير إسلامية لتنفتح أبواب القضاء على دولة المواطنة التي يتساوى فيها المواطنون لصالح دولة المؤمنين.
2) في الصفحة 151 قال الجورشي: "يذكر الشابّ تنظيم تجمّع بجامع صاحب الطابع حضره جمهور واسع، الطريف أنّ موضوعه دار حول عيد العمال الذي يتمّ الاحتفال به في غرّة ماي من كلّ عام وتمّ التعرّض إلى حقوق العمال في الإسلام أو شيئا من هذا القبيل" هذا الكلام منقول عن راشد الغنوشي قال: "وفي سنة 1980 احتفلت الحركة في الأوّل من ماي لأوّل مرّة بعيد العمال في أكبر المساجد في تونس وحضر الاحتفال حوالي 5000 شخص وألقى رئيس الحركة محاضرة كانت ذات شأن حول طبيعة الملكيّة الزراعيّة في الإسلام أصّلت مقدّمات مهمّة حول المسألة الاقتصاديّة ووضعها في الإطار الإسلامي"(22)، والاحتفال المقصود هو الذي ألقى فيه الغنوشي محاضرة له عنوانها "الملكيّة الزراعيّة في الإسلام" في جامع صاحب الطابع يوم السبت 2 ماي سنة 1981 وليس سنة 1980 كما ذكر، هذه المحاضرة لم تُنشر إلا مرّة واحدة نشرة رديئة في الكويت ولم يتمّ نشرها في تونس بعد سنة 2011 كما هو شأن باقي كتابات الغنوشي لأنّها تحمل مفاهيم في منتهى الخطورة والتطرّف حول الوطن والمواطنة والملكيّة الزراعية والربا ودوره في الاقتصاد وغيرها من المسائل المحرجة للحركة إن وقع التصريح بها اليوم لذلك فضّلت الحركة إخفاءها، إلا أنّنا نمتلك نسخة مخطوطة منها ننشرها لاحقا، ومن الجدير بالملاحظة أنّ الاجتماع الذي انعقد في جامع صاحب الطابع لم يكن القصد منه الاحتفال بعيد العمال لأنّه لو كان الأمر كذلك لعُقد الاجتماع يوم الجمعة غرة ماي 1981 بعد الصلاة حيث يُعتبر هذا اليوم هو أفضل الأيام لتحشيد المناصرين لا أن يُؤجّل إلى الغد الموافق ليوم السبت 2 ماي، والثابت لدينا أنّ هذا الاجتماع إنّما عُقد بعد مصادرة 2000 وثيقة من الوثائق السرية للحركة يوم 5 ديسمبر 1980 واكتشاف الأمن لهياكل التنظيم بعد إلقاء القبض على قيادات الحركة التي كانت تنوي عقد اجتماع في مكتب جريدة الحبيب في شارع قرطاج فجرا، ولأن الغنوشي يعلم جيّدا أن الأبحاث ستؤدي إلى محاكمات سارع إلى تقديم طلب ترخيص لتكوين حزب سياسي يوم 8 جوان 1981 تحسّبا للمحاكمات القادمة التي سيشيعون أنّ سببها رفض طلبهم بعلنية العمل الحزبي واتّهام السلطة بالاستبداد، في هذا الإطار عُقد اجتماع صاحب الطابع تمهيدا للآتي وهو ما ينطبق عليه المثل العامي البليغ "عمل طيحة بتكربيصة" وفق وصف الغنوشي نفسه.
3) في الصفحة 294 قال الجورشي: "الغنوشي أذكى بكثير ممّا توقّعه خصومه حيث لم ينتظر طويلا وأصدر بيانا حادّ اللّهجة أدان فيه العمليّة (يقصد الهجوم على برجي التجارة العالمية في نيويورك) وندّد بالعنف بشكل صريح وبيّن أن العلاقة بالغرب لا تكون بهذا الأسلوب مفوّتا الفرصة على خصومه في الداخل وفي عواصم غربيّة كثيرة" وغاب عن الجورشي أنّ التوانسة أذكى منه ومن الغنوشي لأنهم يذكرون جيدا التسجيل الشهير الذي ترحّم فيه على أسامة بن لادن الشهيد وفق وصفه ولكنه في نفس الوقت يرفض الترحّم على الزعيم بورقيبة لأنه كافر.
4) في الصفحة 289 قال الجورشي: "بل ذهب مورو إلى حدّ الإشارة إلى احتمال وجود جهاز سري يقف وراء تلك الأحداث"، ويقصد بالأحداث جريمة باب سويقة والتظاهر في الشوارع وحرق المقرّات الحزبيّة والأمنية، أما عبد الفتاح مورو الحقيقي فيعترف بوجود التنظيم السري وليس باحتمال وجوده كما أشاع الجورشي وفيما يلي استجوابه من طرف صحافي:
" س: أنت عنصر قيادي في الحركة ومن مؤسّسيها فكيف غاب عنك مثل هذا الجهاز السرّي؟.
ج: لم أكن على علم به، والسّلطة لها الوثائق التي تثبت ذلك، وحتى مؤتمر مارس (آذار) 1988 لم أحضره فلقد كنت موجودا في الخارج.
س: والصادق شورو أمير الحركة هل كنت على علم بإمارته؟.
ج: أعرف أنّ رئيس الحركة هو راشد الغنوشي وأنا أتولّى الأمانة العامّة، ولقد اكتشفت في الهياكل التي تمّ كشفها أنّ الأمانة العامّة غير موجودة تماما، وضعوني بصفة علنيّة ولم أشعر بأيّ خلل بتاتا وكنت أجتمع في هياكل علنيّة ظاهرة من خلال موقعي كأمين عام للحركة وإذا بي أفاجأ بأنّه لا وجود لخطّة أمين عام."(23).
لو أردنا تسويد الأوراق وفضح المغالطات الواردة في الكتاب لما انتهى بنا الأمر إلى حدّ ولكن نكتفي بما ذكر وننتقل إلى خاتمة المقال وليس خاتمة الحديث حول الأقواس الجورشيّة.
خاتمة المقال
إن الناظر في المذكّرات التي نُشرت في السنوات القليلة الماضية يجد أنّ أغلبها يتّجه إلى الرفع من شأن أصحابها وإكسابهم بطولات وهميّة وهو ما دأب على إشاعته الجورشي عن نفسه حيث تجده يوزّع النصائح يمنة ويسرة فقد نصح نبيل القروي(24) ومنصر الرويسي(25) وأبو عياض(26) وتوفيق بودربالة(27) وأحمد بنور والطاهر بلخوجة(28) وعبد الباقي الهرماسي(29) وعبد المجيد النجار(30) وقيس سعيد(31) وراشد الغنوشي(32)، كما عرضت عليه كتابة الدولة لحقوق الإنسان ورفض(33) ووزارة الثقافة ورفض مرة أخرى(34)، أمّا الأحزاب الناشئة فقد عرض عليه سليم الرياحي إدارة حزب الاتحاد الوطني الحرّ الذي أسّسه بعد عودته إلى تونس(35) كما عرض عليه بوجمعة الرميلي أن يكون من بين مؤسّسي حزب النداء(36)، هذا الانتفاخ المرضي الذي يعاني منه الجورشي دفعه إلى تشبيه نفسه بالطاهر الحدّاد وعبد العزيز الثعالبي فبعد حملات الثلب والاتهامات التي طالته في الفايسبوك وفي غيره كتب: "في تلك اللحظات تذكّرت عديد المصلحين وما عانوه من تأليب الرأي العام عليهم مثلما حصل للطاهر الحدّاد وعبد العزيز الثعالبي وغيرهما"(37).
قرأت أقواس الجورشي مرّتين ولم أجد فيها سوى فقرة واحدة كان صادقا فيها قال: "يستند أسلوب حركة النهضة في عملها السياسي على رسم سياسات متعدّدة تقوم بتوزيع الوعود على أكثر من جهة وتبحث عن المسار الذي يضمن لها مصلحة أكبر وأفضل وبناء على ذلك تؤسّس الحركة اختيارها دون النظر إلى المسارات الموازية التي فتحتها مع الآخرين ودون تقديم الاعتذار لهم وأحيانا لا تأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلاد"(38)، والمتأمّل في خط سير حركة النهضة منذ تأسيسها إلى اليوم يلحظ أنّها لم تحد عمّا ذكر الجورشي قيد أنملة قبل سنة 2011 وبعدها إلى الآن، فهل يتفطّن بهاليل السياسة من جماعة 18 أكتوبر المندثرة وما بقي منها وجبهة الخلاص وغيرهما إلى خطورة التعامل مع هذه الحركة أم على قلوب أقفالها، باستثناء هذه الفقرة فإن مذكّرات الجورشي لا يحتاج إليها الذكي ولا ينتفع بها البليد.
الهوامش
1) "أقواس من حياتي، شهادة حول عصر مضطرب من تاريخ تونس المعاصر" صلاح الدين الجورشي، الدار المتوسطيّة للنشر، تونس 2025، ص107.
2) أقواس ص61.
3) جريدة المغرب بتاريخ 24 فيفري 2012.
4) أقواس ص26.
5) أقواس ص33 و96 و98.
6) أقواس ص 96.
7) أقواس ص 28 و29.
8) "من تجربة الحركة الإسلاميّة في تونس" راشد الغنوشي، دار المجتهد للنشر والتوزيع، طبعة تونس الأولى 2011، ص 36.
9) جريدة المغرب بتاريخ 24 فيفري 2012.
10) أقواس ص64.
11) مجلة حقائق العدد 389 من 5 إلى 11 مارس 1993.
12) أقواس ص99.
13) أقواس ص53.
14) أقواس ص175.
15) مجلة حقائق العدد 218 بتاريخ 20 و26 أكتوبر 1989.
16) أقواس ص105.
17) "الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ" محمود عبد الحليم، دار الدعوة للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة 1979، ج1 ص144.
18) "ذكريات عن مكتب المغرب العربي في القاهرة" رشيد إدريس، الدار العربيّة للكتاب، تونس 1981، ص 120 و121 و122.
19) أقواس ص106.
20) "مذكّرات نصف قرن من العمل الإسلامي (1995/1945)" توفيق محمد الشاوي، دار الشروق القاهرة 1998، ص403.
21) جريدة الشروق بتاريخ 11 جوان 1986.
22) من تجربة الحركة الإسلاميّة، ص56 و57.
23) مجلة الوطن العربي العدد 222 بتاريخ 21 جوان 1991.
24) أقواس ص 348 .
25) أقواس ص 336.
26) أقواس ص 368.
27) أقواس ص 246.
28) أقواس ص270.
29) أقواس ص274.
30) أقواس ص298.
31) أقواس ص401 .
32) أقواس ص400.
33) أقواس ص335.
34) أقواس ص363.
35) أقواس ص346.
36) أقواس ص 369.
37) أقواس ص 394.
38) أقواس ص 228.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: