البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الشرق الأوسط إلى أين؟ (2)

كاتب المقال المولدي اليوسفي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 248


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


انتهينا في "الشرق الأوسط إلى أين؟" (*) إلى أن الغرب استطاع إبطال الفعل العربي في المنطقة ومكن الكيان من تزعمها. وأن تداخل الفاعلين يجعل المنطقة في غليان مستمر مع انعدام المتنفسات أو المبردات. فالساحة السورية مثلا مرجلا تطبخ فيه مشاريع مختلفة ويتدافع فيها عديد الفاعلين [روسيا، الكيان، أمريكا، إيران، تركيا، مع لاعبين آخرين ربما أقل أهمية ممن ذكروا مثل مصر، السعودية، ....] وهذا ما يجعل سورية مرشحة لكثير من الاحتمالات. وها هي الاحداث تبين بوضوح ما قدمنا غامضا فالهجوم الذي انطلق من شمال سوريا ليصل إلى دمشق ويسقط نظاما سياسيا حكم سوريا ولعب دورا إقليميا رئيسيا لحوالي أربع وخمسين سنة. الكل يعلم أن تركيا هي الفاعل الرئيسي في انطلاق الفعل الذي حسم الأمر إلا أنه من المعلوم أيضا أنها ما كانت لتدفع إلى ما وقع إلا بتنسيق مع فاعلين أساسيين آخرين وهما روسيا وأمريكا. والكل يعلم أن غاية أمريكا لا تتناغم مع غاية روسيا بل إن كلاهما يصطاد الآخر. وهل ستتمكن تركيا أن توفق دائما بينهما؟ وما مدى قدرتها على ذلك وهي في علاقتها بهما مضغوط عليها لا ضاغطة؟
يضاف إلى ما ذكر سؤال آخر وهو ما تأثير سقوط نظام الأسد في الشرق الأوسط؟

وللإجابة على هذا السؤال سنمر على أهم الفاعلين في الإقليم:
قلنا إن نظام الأسد لعب طيلة وجوده دورا رئيسيا في الإقليم على الأقل إلى حدود 2011 ذلك أنه بعد اندلاع الاحتجاجات ضد الأسد وتتدخل إيران ثم مساندة روسيا لها في ذلك تحت مراقبة لصيقة من أمريكا تراجع دور نظام الأسد وبهت وهجه تدريجيا بعد أن سلم للمتدخلين الرئيسيين، إيران وروسيا، مقاليد كل شيء. وقد عملا على ملئ الفراغ الذي تركه الاسد لكن لكل واحد منهما غاية مختلفة عن غاية حليفه فروسيا مهتمة أساسا بالمحافظة على ممر في شرق البحر الأبيض المتوسط تمكنها من التواصل مع تواجدها في شمال افريقيا وغربها وتقاوم سعي القوى الغربية إلى إعادة سجنها في المياه الباردة أما إيران فقد كانت ولا زالت تسعى للتمدد في المنطقة العربية خاصة فهي تحلم، كما عبر عن ذلك على يونس (مستشار الرئيس الإيراني روحاني) بالإمبراطورية الإيرانية وعاصمتها بغداد ( انظر رد الدكتور عثمان سعدي، رأي اليوم، 12 مارس 2015) ولقد حققت شوطا طويلا في مشروعها هذا خاصة بعد أن ربط ” الكوريدور” طهران ببيروت مرورا ببغداد و دمشق خاصة بعد أن طوقت الخليج العربي من الجنوب بتمكنها من اليمن.

تبدو إيران، اليوم، الخاسر الأكبر فإن لم تلغم المشهد السياسي الذي سيتشكل في سوريا لفائدتها خسرت تواجدها في سوريا، وهو الظاهر الآن، وذلك يعني انحسارها فعلها في لبنان وفي العراق خاصة وهو ما لا يرضي أمريكا ولا كيانها فأمريكا تسعى لدعم المد الشيعي في المنطقة وقد قالها صراحة بريمار (حاكم الأمريكي للعراق) في حوار مع الصحفي العربي بالجزيرة محمد العلمي حيث بين أن حكم السنة في المنطقة استمر 14 قرن وأنه حان الأوان لتحكم الشيعة. ولهذا دوافع يضيق بها هذا المجال.

الخاسر الثاني بعد إيران هو الكيان فلقد وجد في نظام الأسد منذ 1970 حام لحدوده فقد كان حافظ الأسد يؤمن بضرورة وقوفه مع الكفاح الفلسطيني دون أن يعني ذلك آليا فتح حدوده للعمل الفدائي ولقد ضمن بهذا انعدام التناوش مع الكيان رغم أن دمشق العاصمة العربية الوحيدة التي آوت كل تشكيلات الكفاح الفلسطيني. يجد اليوم الكيان الأمريكي حاله كحال إيران لذلك سيعمل لا محالة على تلغيم المشهد السياسي الذي سيتشكل في سوريا لفائدته طبعا سيتعاون في ذلك مع أمريكا التي تتماهى معه في الغايات. فالظاهر من الوجوه البارزة اليوم والذين قد يؤثثون المشهد السياسي لا يستلطفون الكيان ولا يستلطفهم ولا يمكن أن يصبر كل منهما عن الآخر.

ثالث موتور في سقوط نظام الأسد النظام العربي عموما وإن بدرجات متفاوتة فالذين أسقطوا نظام الأسد موسومون بـ"الإسلام السياسي" (ولو أني لا أفضل هذا المصطلح) وهو ما يجعل كل الأنظمة العربية بفعل من وراءها لا تستلطف هذا الطيف السياسي لذلك لن تدخر الأنظمة العربية جهدا لتلغيم المشهد السياسي وبث الفوضى فتعود سوريا الى حال لبنان في السبعينات من القرن الماضي وما يعيشه السودان اليوم وهو ما تكاد تخرج منه العراق وقد يعود هذا القطر لما كان عليه في السنين الأخيرة وما اليمن بأبعد عن ذلك إذ قد يدفع ترامب السعودية والإمارات للعودة للفعل فيه.

تبدو تركيا في هذا الحدث الفائخ (جمع الفارح والخائف) الحذر بامتياز فهي لا تخفي وسمها بما لا يستلطفه النظام العربي العام وهو سمة البارزين اليوم في الساحة الاموية بدمشق. لهذا تستلطف تركيا هؤلاء ومما يدعم شدها إليهم تباعدهم مع "قصد" لعلاقتها بحزب العمال الكردي.

يشتد الضغط على تركيا إذ يعتبرها أكثر المتابعين خلف اندلاع تحرك المعارضة السورية المسلحة الذي أسقط نظام الأسد وهذا يحملها مسؤولية سياسية دولية. يمكن أن تكون تركيا أكبر مستفيد فلو قادت الأحداث إلى اجراء انتخابات نزيهة فستصعد سلطة سياسية تتناغم مع النظام التركي ويفتح الشهية التي قد تؤثر في الاجوار مثل الأردن ومصر امتدادا إلى ليبيا وشمال افريقيا. هذا الاحتمال يشغل النظام العام العربي والدول الغربية وأمريكا وكيانها. حاول هاكان فيدان تخفيف الضغط على بلاده عندما ذكر، أثناء الندوة الصحفية التي أجراها في منتدى الدوحة يوم 08/ 12/ 2024، أن إيران وروسيا لعبا دورا رئيسيا فيما حققته المعارضة السورية في حين يعلم الجميع أن إيران رافضة ما تحقق.

ذكرت بعض وسائل الاعلام أن قائد المعارضة السورية المسلحة اكتسب خبرة وصار سياسيا محنكا وذو صواب وهل تترك الدسائس له صوابا. فكما ترفض حليفته الرئيسة (تركيا) الطيف الكردي ترفضه هو كل الأطراف الأخرى.
وكما تسعى تركيا كقوة إقليمية لفرض بعض ما تريد وتسعى إلى إعادة ترتيب بعض الأوراق. ترنو كل القوى الدولية لموضع قدم في هذه منطقة الشرق الأوسط وتسعى أكثر إلى ابعاد الطيف الإسلامي عن دفة القيام على الامر وسياسة المنطقة.
فهل ستتمكن المعارضة السورية من تشكيل مشهد سياسي يرضي ولو نسبيا الأطراف الفاعلة في المنطقة؟

----------------
(*) https://www.myportail.com/actualites-news-web-2-0.php?id=11601


----------------
المولدي اليوسفي
أستاذ محاضر، علم اجتماع سياسي
الجامعة التونسية


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، بشار الأسد، إسقاط النظام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-12-2024  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الناصر الرقيق، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، علي الكاش، فوزي مسعود ، صفاء العراقي، د.محمد فتحي عبد العال، سليمان أحمد أبو ستة، د - محمد بن موسى الشريف ، سلام الشماع، رمضان حينوني، عواطف منصور، محمد العيادي، د - الضاوي خوالدية، أحمد بن عبد المحسن العساف ، بيلسان قيصر، فهمي شراب، محمد علي العقربي، محمد الطرابلسي، تونسي، فتحي الزغل، رحاب اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، الهادي المثلوثي، د - المنجي الكعبي، صفاء العربي، محمد عمر غرس الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله الفقير، أحمد بوادي، أ.د. مصطفى رجب، مصطفي زهران، عمر غازي، د - شاكر الحوكي ، د- محمود علي عريقات، د - محمد بنيعيش، د. عادل محمد عايش الأسطل، طلال قسومي، فتحـي قاره بيبـان، عمار غيلوفي، د. طارق عبد الحليم، د. أحمد محمد سليمان، د- محمد رحال، محرر "بوابتي"، د. خالد الطراولي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، رضا الدبّابي، حسن عثمان، د- جابر قميحة، د. مصطفى يوسف اللداوي، خبَّاب بن مروان الحمد، سفيان عبد الكافي، د- هاني ابوالفتوح، علي عبد العال، مراد قميزة، أنس الشابي، صالح النعامي ، د. أحمد بشير، منجي باكير، المولدي اليوسفي، د - عادل رضا، سيد السباعي، محمود طرشوبي، محمد أحمد عزوز، ضحى عبد الرحمن، أحمد الحباسي، د. عبد الآله المالكي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، يحيي البوليني، عبد الله زيدان، د - مصطفى فهمي، عبد العزيز كحيل، سامح لطف الله، وائل بنجدو، فتحي العابد، أحمد النعيمي، حسن الطرابلسي، محمد الياسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، يزيد بن الحسين، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، أحمد ملحم، رافع القارصي، العادل السمعلي، محمود فاروق سيد شعبان، صلاح الحريري، عبد الغني مزوز، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، سعود السبعاني، خالد الجاف ، إياد محمود حسين ، محمود سلطان، محمد يحي، محمد اسعد بيوض التميمي، مجدى داود، صلاح المختار، صباح الموسوي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافد العزاوي، عبد الرزاق قيراط ، حميدة الطيلوش، د - صالح المازقي، عراق المطيري، سلوى المغربي، ياسين أحمد، مصطفى منيغ، جاسم الرصيف، طارق خفاجي، ماهر عدنان قنديل، نادية سعد، كريم السليتي، أبو سمية، كريم فارق، رشيد السيد أحمد، عزيز العرباوي، سامر أبو رمان ، محمد شمام ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز