د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 66
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا خيار أمام ترامب غير خيار حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولا يمكن لحق النقض في مجلس الأمن أن يناقاض حق تقرير المصير على الأرض التي يقاوم شعبها ببسالة الشجعان من أجل استعادتها من الاحتلال الغاشم الظالم غير القانوني كما تبين في الأخير بعد أن كشفت عنه محكمة العدل الدولية ودانت بموجبه إسرائيل المتهمة الرئيسية بممارسة الإبادة الجماعية فيه أقوى إدانة عرفتها منذ غرزت كيانها البغيض فيه قبل ثلاثة أرباع القرن بزعامة حلفائها الغربيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية بإداراتها السابقة.
والرئيس الجديد دونالد ترامب ليس أمامه غير خيارين إما حسم القضية الفلسطينية على الحق الشرعي والمشروع الذي يرضي الفلسطينيين وإما إلقاء الحبل على الغارب لإسرائيل لقطع دابر العرب والمسلمين من أرض فلسطين وربما مما حولها من أرضين تطمح لضمها تحت عباءتها الصهيونية. فإنه في هذه الحالة سيفتح لكامل سكان الأرض المسلمين وغير المسلمين الباب لطرد اليهود الصهاينة من أوطانهم في أوروبا الغربية وفي شرق أوروبا وفي الأمريكيتين وفي بقاع كثيرة أخرى من الأرض، حيث أصبح كره اليهود فيها كعقيدة النازية التي تتجدد لكل مكان وزمان بما يناسب الصلف الإسرائيلي الصهيوني والحكام المتلبسين بعقيدتهم الفاسدة الصهيونية اليمينية المتطرفة والعنصرية التي أصبحت مرفوضة من جميع العالم، من الصين الى الهند الى البرازيل الى فنزويلا وأخيرا في دول شمالي أوروبا..
ويكون وعد ترامب كوعد بلفور منطلق نكبة لا تعقبها إلا قومة كقومة حماس يوم ٧ أكتوبر لاكتساح الاحتلال من جذوره ولا يهم أن تمر عشرات السنين الأخرى قبل فتح فلسطين بالكامل من جديد وعاصمتها القدس الشريف، لأن المستقبل للإسلام في العالم الجديد كما كان قبل أربعة عشر قرنا فتحا للعالم القديم.
والبشائر عليه قائمة قيام الشمس لا يغطي عينها غربال التضليل الدعائي والتكتيم الإعلامي. وحلّ الدولتين الذي لم ترض به إسرائيل بالإمكان أن ينقلب حلّ الدولة الفلسطينية الواحدة التي تتساوى في ظلها الديانات والأعراق المختلفة كما كانت في السابق وهو العقاب لها وأفضل ما تخرج به قيادتها الحالية، وبالا على سياساتها المجرّمة بالكامل في هذه الحرب، وقطعا لطوفان الكره الذي يوشك إذا لم يوقف أو يتوقف أن يجرف حلفاءها إلى هاوية حرب نووية لا يسلم منها اليهود كما سلموا بعد الحرب العالمية الثانية.
لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق به تصبح أمريكا كبيرة كما كانت رآها مصلحنا الكبير الشيخ أحمد بن أبي الضياف، الذي هلل لنظامها الجمهوري والذي رآه أصلح بأقوامها بمختلف أديانهم وأعراقهم، كأول من نوه بدستورهم باعتباره يرقى إلى مستوى عدم مخالفة الشرائع التوحيدية الثلاثة هو الكاتب العربي التونسي المسلم الذي لم يتحرج من نظام بلاده الملكي ليمدح النظام الجمهوري الأمريكي (بعكس ما فهمه بعض المحققين لتاريخه كما بيناه في محاضرة منشورة) لاعتقاده أن بلاده موحدة الدين والنسب، وما يناسب من النظم طبيعة كل دولة هو الأصلح والأمثل. والتقليد الأعمى تأباه النفوس المنطبعة على الفطرة والمهتداة بهدى الدين القويم. فشريعة الدستور التونسي هي شريعة الإسلام وما يناسب أمريكا إلا شريعة الجمهورية التي انبنى عليها دستورها دون أن يناقض شرائع معتنقي الديانات الأخرىولم يبعد الرئيس ترامب في تصريحاته الأخيرة بعد فوزه الكاسح في الانتخابات الرئاسية حين قال إن أمريكا تشمل أوسع تشكيل بشري منوع من اللاتين الأمريكيين والآسيويين والأفارقة والعرب والمسلمين الأمريكيين. لم يبعد عما قصده ابن أبي الضياف حين نوه بالنظام الجمهوري لأول قيامه في الولايات المتحدة الأمريكية.
تونس في ٦ جمادى الاولى ١٤٤٦ ه / ٨ نوفمبر ٢٠٢٤م
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: