د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 80
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قدس يسوى أغلى من حسن وهنية، يسوى شباب المسلمين والأحرار في العالم يتطوعون لإنقاذه من مخالب الاستعمار الإسرائيلي.
سواعد وشجعان تمور بهم أرض العرب والمسلمين في شرق الأرض وغربها، سواعد مفتولة يأكلها العطَل و الكسل تغصّ بهم مقاهي البطالة وملاهي الفساد. من يفتح لهم أبواب الهجرة برا وبحرا للانخراط في المقاومة الشريفة العادلة بصفتهم عربا ومسلمين، فهم بالنهاية مدافعون عن حرمات دينهم وكرامتهم.
فهل الأوروبيون والغربيون من أمريكا وأستراليا وكندا أقرب إلى أرض فلسطين منهم؟ أم نبقى ننتظر حتى تستثيرهم النخوة والشهامة والرجولة لاقتحام الأبواب المغلقة حتى لا نقول بوابات الحدود فنقع في المحظور، ليتراصوا صفا واحدا للدفاع عن فلسطين كأمثالهم الأجانب في صفوف جند إسرائيل.
فالشباب من أجدادنا أيام الاستعمار الفرنسي كانوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويربطون الحجر على بطونهم للوصول إلى نجدة إخوانهم العرب في فلسطين التي يحتلها اليهود النازحون من أوروبا ويدنسون أرضها وقدسها الشريف، متطوعون لم ترهبهم حدود الاستعمار بين أقطار العرب التي كان يحرسها بجنوده المدججين وعيونه التي لا تنام للقبض عليهم وتجنيدهم لحروبه. وللأستاذ أبو القاسم محمد كرو رحمه الله رسالة من ليبيا بعثها إلى بعض خلصائه في تونس يصف حال المتطوعين لفلسطين فما أشبه اليوم بالبارحة. ( تجد جملة منها في آخر المقال*)
فالأوروبيون في شمالي المتوسط يعالجون كل بطريقته قضايا الهجرة من أوطاننا نحوهم بكل استغلال وقسوة ونبذ للحقوق والحريات والكرامة البشرية في سبيل أن يستفيدوا منها لهم كسلاح لهم يوم لا سلاح الا السواعد المفتولة والملكات الغضة الطرية لكسب العلوم والمعارف والصناعات والفنون لتجديد الحضارة ودعم الاقتصاد وامتلاك عناصر القوة وإرهاب العدو.
فهل مثل سلاحنا يفتكونه منا ليحاربوننا به أم نحن في غفلة ليسوّلوا لأنفسهم ما لا يسوّلونه لنا؟ تساءلت يوما في مجلس الأمة عن طموح الشباب بعد الاستقلال هل يتوقف النضال وينتهي بانتهاء الاستعمار؟ قلت لا لكل عصر نضاله وشبابه لتحقيق طموحاته فقيل لي في رد وزير الدفاع يومذاك: أنت تغازل الشباب وتتأسف أنك لم تقم بواجبك العسكري بتأجيل حصتك من أجل التعليم العالي، تعال نقبلك في الجيش وسترى الانضباط في القول والعمل!
وتونس التي تنادي بأعلى صوتها بفلسطين الواحدة كما كانت قبل 48 وعاصمتها القدس الشريف، تضع في اعتبارها طبعا أن يكون من شبابها شباب يهب نفسه مددا لهذا النداء، أو يفدي نفسه لمناصرة شبابها في المقاومة.
ولا عجب أن تقوم مقاومات لإسرائيل في كل دولة عربية وإسلامية مستهدفة من إسرائيل بمخابراتها وعملائها لأن هذا الكيان يتمدد بنزعته العنصرية ليس فقط في محيطه الشرق أوسطي ولكن في محيطه الإفريقي والشمال الإفريقي خصوصا. ولنا من الاستعمار الفرنسي الذي تمدّد في أقطارنا المغربية بلدا بلدا حتى احتل الشمال الإفريقي كله.
ولا زلنا حتى بعد رحيله نتحدث عن التحرر الوطني، تحرر بطبيعة الحال من مخلفاته وأذرعه الجديدة للتمدد عبر إسرائيل في مستعمراته القديمة.
وملف الهجرة والتكيف معها لخلق الفرص للتدخل والاندساس في شؤوننا الحميمة، هو ملف شبيه بملف الديون والقروض التي انقضت ظهرنا كمقدمة لبسط الهيمنة على مآلنا ووجودنا بعد تحرر حكامنا في السنوات الأخيرة من ربقة التبعية والارتهان للأجنبي.
تونس في غرة ربيع الثاني ١٤٤٦ ه/ ٥ أكتوبر ٢٠٢٤ م
ـــــــ
* من رسالة كرو المشار إليها في المقال: «... ولما وصلت إلى الجنوب التونسي ثم إلى الحدود ثم إلى زوارة ثم إلى طرابلس الغرب وجدت عشرات بل مئات من أبناء البلاد التونسية سائرين إلى فلسطين قصد التطوع في صفوف المجاهدين عن عروبتها ، وكانت حالتهم المادية في كل من زوارة، وطرابلس على أسوء ما يكون فهم يعدون بالعشرات وسيولهم كل يوم من في ازدياد وحالتهم تفتت الأكباد من الخصاصة والحرمان، ومع كل ذلك فهم متحمسون لقضية فلسطين ويعتقدون اعتقادا خارقا أن الجهاد والحرب في فلسطين هما مرحلة أولى للجهاد والكفاح المسلح لتحرير الشمال الإفريقي، هذا وهم إلى جانب هذا يسيرون عشرات الكيلومترات ليصلوا إلى طرابلس, ويتعرضون إلى شتى الأخطار عند اجتيازهم للحدود التونسية وقد القي القبض فعلا على العشرات منهم وزج بهم في السجون وعذبوا وأهينوا كثيرا وقد تحدثت للكثير منهم الذين قصوا على مسامعي قصصا عديدة عن كل ما تعرضوا له من أخطار وأهوال، ثم إلى جانب هذا يوجد من بينهم أنفار لا يقدرون على حمل السلاح كالشيوخ العجز والصبيان الصغار ومع نصيحتي للكثير منهم بان يرجعوا إلى بلادهم خير لهم فقد رفضوا ذلك بحجة أنهم إذا رجعوا ألقت السلطات القبض عليهم وسجنتهم ربما يقع تعذيبهم كما جرى لكثيرين غيرهم، ومن هنا يتضح لجنابكم انه يجب تلافي الحالة، وإيجاد عمل سريع لإنقاذ الموقف لأنه كما تعلمون أن حاله البلاد طرابلس الاقتصادية لا تسمح بقبول المهاجرين ولو لمدة شهرأو أقل وهذا إذا كانت حالتهم كما هي حالة إخواننا الذاهبين إلى الجهاد وحالة خصاصة وحرمان فان عشرات منهم لا تستطيع ليبيا مد يد المساعدة إليهم إذا هم أقاموا بينهم أسبوعا..»
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: