جامعة وكلية وقانون ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 331
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
(١)
جامعة، المقصود بها جامعة تونس التي سمّيت في الأول بالجامعة التونسية ثم استبدلت بجامعة تونس. وأصل هذه التسمية الجامعة الزيتونية ثم رؤي بعد الاستقلال وتعصير التعليم التونسي أن تصبح هذه الجامعة ذات الاسم العريق في عهد الملكية كلية كإحدى كليات جامعة تونس الحديثة، كالآداب والطب والحقوق ويطلق عليها اسم الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين، وانفردت بكونها لا تدرّس اللغة العربية وعلومها وآدابها ولا الحضارة الإسلامية بخلاف كلية الآداب ذات الاختصاص الواسع في اللغات والفلسفة والحضارة وعلم الاجتماع والعلوم الإنسانية عامة وفي مقدمتها قسم اللغة العربية.وكلية، المقصود بها كلية الآداب بجامعة تونس، التي وافق سنة تخرّجي من معهد ابن رشد للتعليم الثانوي العصري الزيتوني سنة ٦٠ ـ ٦١ من قسم الفلسفة التوجّه إليها للترسيم فيها مع عشرة من أوائل زملائي بقسم العربية كدفعة أولى لطلبتها من المعاهد الثانوية الأخرى، لكن للنّعرة الزيتونية والمدرسية المتمكنة من رؤوس بعض مسؤوليها اشترطوا لقبولنا المرور بمناظرة لاختيار عدد محدود منا، وللتحضير لهذه المناظرة تطلّب أن نجلس لعدد من ساعات الدروس الخاصة تعطى لنا على يد نخبة من أساتذة الكلية والذين هم في الوقت نفسه أساتذة بدار المعلمين العليا التي تشرف عليها الكلية آنذاك. وقبلنا على مضض، لأنا لم نكن مخيّرين وهذا من عسف التحكّم.ثم ماذا كانت النتيجة؟ لا أحد منّا مقبول. وأغرب ما استغربه زملائي أنني وكنت الأول في القائمة بين الناجحين بامتياز من معهدي أخذت صفرا في الترجمة وتحت المعدل بكثير في المقالة!ومثّلت لي هذه الحادثة لاحقا ما حكاه لنا الأستاذ بيللا، في بعض دروسه بالسربون أنه كان عندما يأتي إلى تونس للمشاركة في التبريز يفاجأ أحيانا بأحد الممتحنين التونسين وسماه (الطالبي) يتشدد في مادة إصلاحه بالفرنسية أكثر منا نحن أبناء اللغة ولا يتردد أن يعطي أقل من الصفر بثلاث أو أربع درجات للطلاب الذين لا يرغب في نجاحهم في المناظرة..فانطلقنا جريا إلى الوزارة للاحتجاج على المؤامرة التي دبرت لنا لغلق باب الجامعة التونسية في وجهنا. وكأن الله أراد بنا خيرا فوافانا البشير بأن سبيلا أخرى فتحت في وجوهنا وهي الالتحاق بجامعة بغداد بكلية الآداب بها على منحة عراقية تونسية مشتركة بالنسبة لعشرتنا الأولّ من قسم الفلسفة وبالنسبة للعشرين الأوّلين من قسم الرياضيات من معهدنا نفسه الالتحاق بجامعة دمشق للتخصص في العلوم عملا بسياسة التعريب بدفعتهم بعد التخرج.وكانت فرنسا مطمح بعضنا لمتابعة دراسته الجامعية ولكن العلاقات التونسية بعد معركة بنزرت كانت في أوجها قطيعة معها حتى العلاقات الثقافية. فكان الفرج أمامنا سوريا والعراق، أما مصر فكانت العلاقات مقطوعة معها من سنوات مضت بسبب عروبة عبد الناصر ولجوء صالح بن يوسف إليه بالقاهرة.وكانت الداخلية التونسية في حرب مع فئات من المعلمين التونسيين الزيتونيين، يتسللون إلى الشرق، سوريا ولبنان ومصر والعراق لطلب العلم أسوة بأسلافهم في الأزهر وغيره من جامعات الشرق.وكان الطوق مضروبا عليهم عند العودة باعتبارهم عروبيين أو وحدويين أو بعثيين، والتلوث المذهبي سدّ آذانهم وأفكارهم البورقيبية فهم معارضون أو في حكم المعارضين وإن أنكروا. وكانوا ملاحقين في سرهم ونجواهم ومضيّقا عليهم حتى في تنفّس الحرية والكتابة.ولذلك وجدت صعوبة في تحويل منحتي الدراسية إلى جامعة القاهرة عندما تم قبولي بها بكلية الآداب قسم اللغة العربية، بالسنة الدراسية نفسها التي قضيت نصفها في العراق ببغداد. وأذكر إني كتبت رسالة مطولة إلى الوزير محمود المسعدي وكان القائم بالأعمال في سفارتنا (الحبيب نويرة) نصحني بكتابتها لأن جهوده عن طريق الخارجية لم تثمر. فلم يرد على رسالتي ولكن لم نيأس وبعد تأخير سوّيت المنحة واستقر مقامي بالقاهرة كطالب تونسي على منحة من بلاده، لأن مصر كانت تمنح الطلبة المعارضين لبورقيبة من مؤيدي صالح بن يوسف منحة بسيطة كوافدين تشجيعا لهم.وبعد أن استقبلتُ تعليمي الجامعي والحصول على الإجازة من قسم اللغة العربية من كلية آداب جامعة القاهرة عدت إلى تونس وفي أغراضي أربعة كتب من تأليفي وتحقيقي لاثنين من أدباء القيروان في عصرها الذهبي وترجمة لكتاب فرنسي في العروض، تركتُ مخطوطه بالهيئة العامة المصرية للكتاب لنشره.وكنت حريصا على العودة بعد التخرج وفاء بالتزامي مقابل المنحة لكن لم يقبل طلبي بتمكيني باعتبار نجاحي المتميز، من متابعة دراساتي العليا أو ما يسمى بالحلقة الثالثة في مصر، أو فرنسا إن لم يمكن. ورفضت التوظّف كأستاذ بالتعليم الثانوي ببنزرت، وأنه بدل الخارج يُضمن لي بالموازاة الالتحاق بالجامعة في تونس لاستكمال دراساتي العليا للدكتوراه.فذكرني ذلك بحيلة الترشح للمناظرة للالتحاق بالجامعة التونسية. وأستشهدتُ بعدد من زملائي حتى غير المتفوقين الذين رموا ظهر الحائط بالتزامهم مع الإدارة التونسية وفضلوا الالتحاق أحسن بالجامعات في الخارج لاستكمال تعليمهم العالي وتخصصاتهم.سبعة أشهر بقيتُها في محاولات لاسترجاع جواز سفري والسفر إلى القاهرة لإنهاء دبلوم الماجستير الذي انقطعت عنه لظروف العودة المأمولة بمنحة جديدة للغرض من تونس، لأن مصر وضعت حدا لإقامتي بانتهاء منحتي السابقة
(٢)
وبعد أطوار وأطوار حطّ رحلي في أواخر 67 بباريس للالتحاق بجامعة السربون.ولم ينتصف العام القادم حتى أقابل الوزير أحمد بن صالح وزير التربية آنذاك في المؤتمر الدوري لليونيسكو فسلّمته رسالة بطلب منحة دراسية، فلم يبطئ الرد، إذ اتصلتْ بي السفارة لإعلامي بإسنادي منحة وطنية بسيطة للدراسة، والحال أن تكون لمثلي منحة تخصص. ولكن هذه تقترحها الجامعة وأولي الحل والعقد فيها وكلّهم ضدي ولو علموا بوجودي من الأول لكانوا منعوا دخولي فرنسا وسحب جواز سفري للعودة بي مكبلا إليهم لأنه مثابة تحدّ لهم.ولذلك لم يبطئوا في الترصد لي والنّصب لقطع كل صلة بيني وبين جامعة السربون أن تمنحني شهادة الدكتوراه التي أكثرهم لم يحصل عليها وهو المسجل لها من أكثر من عشر سنوات ويدرّس في الجامعة بصفة ملحق أو مساعد في أحسن الأحوال.حتى أن الأستاذ المشرف على أطروحتي عاد من زيارة إلى تونس ببعض كتبي فيما أهدي إليه فسأل من يكون المنجي الكعبي مؤلفها لأن لديه طالبا بهذا الاسم يحضر للدكتوراه تحت إشرافي، فقيل له لا نعلم، وليس هو فيما نعلم. فكان أول ما سألني في لقائي به بعد عودته هل تكون أنت ولكن لبغضهم حسدوك وجحدوك؟ وهل لديك غير هذه الأعمال؟ فقلت له لدي تحقيق كتاب سهل بن هارون (النمر والثعلب). فانتفض كالعصفور تزقه أمه، وقال لي هذا مهم بالنسبة لي لأنني أشرفت على تحقيق هذا الكتاب كشهادة تكميلية لأحد بلدياتكم، هو الآن أستاذ في الجامعة عندكم وسمى لي اسمه (عبد القادر المهيري) فإذا كان عملك لديك هنا معك بباريس فأطلعني عليه. وبعد مدة لقيته فأعاده إلي في غاية الابتهاج به حتى قال لي إنه الأفضل من ناحية التخريج والتصحيح والدقة والشمول ثم أردف بالقول يبقى له فضل ترجمته إلى الفرنسية ولكن بشرط التصحيحات التي قمتَ بها في مواطن عديدة، ولمستُ مستواه بنفسي، شكرا على المجهود فقط أسألك إن كنت تنوي نشره، فقلت له أما وقد علمت الآن أنه سبقني إلى الاشتغال به من هو تلميذك ولم أكن أعلم ذلك، لأنه عرّف به في حوليات الجامعة التونسية من خلال مقتطفات فقط ولم يذكر أنه ينكب على تحقيقه في شهادة أو نحوها، والآن مع ما تعلم سيدي ما أنا منكب عليه من عملي للدكتوراه فإني أفضل أن أرجئ نشره إلى ما بعد طبع كتابه فإن يكن وفّى بتصحيحاتي على النص وتصحيحات من رأيته قبلي نقده كالدكتور شوقي ضيف والدكتور عثمان بوغانمي.. وتابعت سأحرص فقط على الرجوع إلى أصل العمل كما أودع نسخته بمكتبة جامعة السربون. فقال لي: لا حاجة لإذن المشرف ما دام للمطالعة فقط مع الترخيص في تصوير صفحات معدودة منه بالنسخ الضوئي على عين المكان. فخرجت شاكرا وأنا متحفظ أن يخرج الخبر من حوزة البروفسور بيللا ويبلغ الأستاذ المهيري لأن الحيطان لها آذان تصغي وتسمع. وأنا من ورائي التابعة ـ كما يقال ـ فلم ألبث بعد مدة أن دعيت عن طريق السفارة لتبليغي بقرار قطع المنحة عني وطلب السلطات مني العودة إلى البلاد في عطلة الصيف القادمة لتسوية الوضعية.. فتوقعت وضع العراقيل أمامي وربما سحب جواز سفري مرة أخرى لعدم العودة وأنا على بعد أشهر من انتهاء عملي وتقديمه للمناقشة. فأجّلت زيارة أهلي إلى ما بعد العطلة الصيفية في مفتتح السنة القادمة مستغنيا عن المنحة بدخلي من عملي الوقتي كعون استقبال بأحد النزل الصغيرة (في الحي ١٧ باريس قريبا من قوس النصر) حيث منحتني صاحبته تكرما غرفة صغيرة مخصصة في الفندق نفسه تعويضا عن بيوت الطلبة في الحي الجامعي فاستأذنت لغياب، لمدة٢٠ يوما لزيارة الأهل ولكن ما أن وطأت قدمي أرض الوطن حتى بدأت مرارة المتاعب في حلقي بسبب احتجاز جواز سفري بيد البوليس. فلما توجهت من الغد لمقابلة مدير التعليم العالي للاستعلام حتى استقبلني بجفوة عالية وطلب مني التأدب بحقه باعتباره غير مسؤول عن الجوازات بإدارة الأمن الوطني! فطرقت جميع الأبواب لرفع المظلمة وصرفت العشرين يوما كلها تقريبا في محاولات قبل حلول الأجل للرجوع إلى شغلي بالنزل وفوات الفرصة علي للعودة إلى عملي العلمي وهو الأهم لإكمال الترتيبات الأخيرة لإيداع الأطروحة وهو ما يتطلب بضعة شهور أخرى لتقرير موعد المناقشةً فكدت أخرج من عقلي للورطة التي وقعت فيها.وأخيرا ألهمني الله لصاحب نفوذ قوي في وزارة الدفاع فهتف في الحين لمن يسهّل علي الهروب بجلدي من تعقيدات الأوضاع بسبب ما يعرفه من إدارة التعليم العالي بإيعاز من كلية الآداب والإدارة التونسية من عراقيل في وجهي حسدا وبغضا وتكتلا ثقافيا وإيديولوجيا.ولم تقف المطاردة عند ذلك الحد بل أرسلوا أحدهم في مهمة للتأثير على رئاسة جامعة باريس لتأجيل مناقشة أطروحتي حتى يأخذ الطالب المعني الإذن من جامعة تونس باعتبار ما يربط تونس من علاقات ثقافية بفرنسا.ولكن عاد المرسول بخفي حنين ـ كما يقال ـ وقد روى لي قصته أستاذي المشرف نفسه في يوم اتصالي به الأسبوعي فقد بادرني بالسؤال إن كنت أعرف فلانا وسماه لي (رشاد الحمزاوي) فقلت: لا معرفة جيدة ولكن صادفت أن قابلته اليوم وشربنا معا قهوة بجانب مكتبة معهد اللغات الشرقية (بسانسياي)، فقاطعني: وهل قال لك لماذا جاء إلى باريس قلت لا، قال للتدخل لدي لتأجيل مناقشة أطروحتك بدعوى اعتراض الجامعة التونسية عليك. قلت وماذا كان الموقف قال: قلت له ومتى كانت جامعة تونس تشرف على جامعة باريس السربون؟!! فأكبرته وانطلقت وأنا أكثر عزما على تحدي الصعاب وحزم أموري للمناقشة.وتمر الشهور وأعود إلى تونس مظفرا بتاج الدكتوراه على رأسي.. وأحد من ألقاهم في إدارة الخدمات الجامعية لمراجعته في عدم الرد على طلبي بتعويض نفقات رقن الأطروحة واستخراج كمية نسخ للمناقشة فوجدته يهنيني بحرارة ويقول لي سأساررك للتاريخ بمهمة قام بها أحد زملائك إلى باريس وكنت شاهدا عليها من موقعي كمسؤول لإثنائك عن تقديم أطروحتك إن لم يمكن إلغاؤها بالمرة لإخلالات قانونية و ترتيبية.
(٣)
وفي أول عودتي بالشهادة وللكشف عن تآمراتهم الجماعية لحربي قصدت بزيارة أبرز الشلة في الكلية بمن فيهم المهيري العميد يومذاك وصهره حسونة بلقايد رئيس الديوان بالوزارة وعلي الحيلي مدير التعليم العالي ورشاد الحمزاوي مدير معهد بورقيبة للغات الحية صاحب المصلحة في تعطيلي عن سبق مجموعة الكلية تحصيلي قبلهم على الدكتوراه بمن فيهم هو وصالح القرمادي (أستاذي السابق للانقليزية بالثانوي والمساعد بالكلية والذي نقدته في ترجمة كتاب فرنسي في علم الألسنية (علم الأصوات العربية لكانتينو)، كان أول مقال لي في الصحافة بعد تخرجي من القاهرة بالإجازة والشاذلي بويحيى (الذي حقد عليّ نشر كتابي القزاز - حياته وآثاره ـ قبل مناقشته هو أطروحته في السربون في أيام وجودي بها عن أدب القيروان في العصر الزيري) وكنت حاضرا للمناقشة يوم نبزه أحد أعضاء اللجنة لإهماله في مراجعه ذكر كتابي (القزاز) كأهم ما نُشر من شخصيات أطروحته، ومنجي الشملي المساعد في الكلية الذي رفض النشر لي في حوليات الجامعة لما عدت واقترحت عليه نشر تعريف بالأطروحات المناقشة دوريا بالمجلة، فأخذ بالمقترح وتجاهلني)..
زرتهم لاستطلاع مواقفهم المبطنة مني متسلحا بآلة تسجيل في محفظة أوراقي أمامهم لتسجيل حواري معهم دون شاهد على رعونتهم، لمقارعتهم بها عند الحاجة وتجاوزهم لقيمتي العلمية وشهاداتي وكتبي المنشورة قبل الأطروحة والكيل بمكيالين في حقي، وكل معترض منهم في سبيل استحقاقي رتبة أستاذ محاضر ودخولي الجامعة من الباب الواسع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية كما يقضي به قانون التعليم العالي رأسا لكل من تحصل على الدكتوراه. ولكنهم رغم إصرارهم، لعدم وجود خطة وشغور ابتدرهم الوزير آنذاك الشاذلي العياري العميد السابق لكلية الحقوق بعد مقابلة معه تاريخية (لأنهم كانوا يحولون بيني وبين مقابلته بمختلف الأعذار كما قال لي) لأنه نفّس عن كدري وكربتي وأمكنني منهم، بأن عيّيني بقرار وزاري أستاذ مساعد بانتظار تسوية وضعيتي بالرتبة التي استحقها قانونا، ولم يتم ذلك إلا بعد سبع سنوات صبرا ومكافحة لعنادهم ومؤامراتهم لتفويت الفرصة عليّ بسعيهم النقابي وبالتهديد بالمقاطعة والإضرابات من أجل تنقيح القانون حتى لا يعود يشمل إلا من ارتضوا عن طريق لجنة انتداب قبوله ولو متحصلا على شهادة الدكتوراه. ومسحوا أيديهم ليشترطوا أن أتقدم لهم بطلب للغرض.فما كان مني غير صبري وكشفي عن ضحالاتهم العلمية وتحيّزهم الإداري ضد ثقافتي الزيتونية والسربونية والشرقية، فشنّعت بهم في الصحف والمجالات العلمية شرقا وغربا حتى نزعت منهم كل شرعية للاحتكام إليهم وقوانينهم المقاسة على تفصيل لباسهم الأبتر وأقمت الحجة عليهم لدى الوزير اللبيب المنصف بلحاج عمر وزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري وأنا يومها النائب المرموق حكوميا وشعبيا وجامعيا وثقافيا، فأصدر أمرا رئاسيا يحيي به قانون التعليم العالي السابق ليقتصر تطبيقه على من كان له الحق قبل تنقيحه بنيل رتبته كأستاذ محاضر في مثل حالتي وحالتين أخريين ظلما أصحابهما لأن شهادتهما من جامعات أمريكية.وكان عرسا يوم صدور الأمر الرئاسي بتعييني أستاذا محاضرا من دخولي بالدكتوراه من باريس في ٧١ مفتتح أول سنة جامعية بالتدريس في كلية الآداب بمعهد الأساتذة المساعدين التابع لها يومها كمعهد الصحافة ودار المعلمين العليا رغم أنوف أباطرتها المتفرنسين دون فرنسية صميمة أو عربية تونسية قحة. لأني أذقتهم من الويل بمقالاتي العلمية النقدية ما بقي تاريخا لم يتكرر مثله في كلية وأصبحت بعبعا كلما سمعوا باسمي يتردد في قاعات دروسهم أو محاريب الجامعات الأجنبية ومنابر ندواتهم ومجالسهم.وهي أول حالة تعرض في الجامعة لشاب في الثلاثين متحصل على دكتوراه دولة في الآداب ويدخل برتبة أستاذ محاضر رأسا للجامعة، ولم تلن لي قناة رغم النصيحة لي من مسؤولين كبار للالتجاء إلى المحكمة الإدارية لانتصافي من المظلمة الطويلة التي تعرضت لها.لكني بيتّ على التحدي بنفسي وكسر رقبة من اعتدى على استحقاقي العلمي والفكري وسمعتي الاجتماعية، لما خبَرته من تلاعب بالقضايا في أيدي بعض القضاة إلى أن جاءت فرصة لم أشأ أن أفوّتها لأنها تمثّل الإطاحة برمز من رموز العقليات المملوءة بمخلفات الاستعمار والمشبعة بغطرسة الاستقلال ودعاوى الديمقراطية والحقوق والحريات ذات المكيالين، وتقوم مثالا ناطقا على ما يصور أنه القانون وهو في الواقع أشخاص وراءه يتحرّكون بدوافع عصبية ومصلحية لا تخفى عن عين الحق، وهي التالية وثائقها الأصلية لاستطلاع تحيزهم وسرقاتهم العلمية.
(٤)
وهي من مساعيهم الإقصائية في إبعادي من لجنة الدكتوراه والانتدابات المحدثة لمادة اللغة العربية على المستوى الوطني بكلية الآداب بمنوبة بإشراف جامعة تونس التي تولاها المهيري أولا ثم خلفه على رأسها بمثابة تلميذه عبد الرؤف المهبولي رئيس الديوان السابق لمحمد الشرفي أي كلهم من ذرية واحدة في النصب لي ومعاداتي. فلأول التحام بهم بوصفي الأقدم رتبة في سلم التعليم العالي والبحث العلمي اشترطروا للالتحاق باللجنة شروطا ما أنزل الله بها من سلطان مثل تحديد الاختصاص: أدب قديم أو أدب حديث لغة قديمة أو لغة حديثة، وسيط أو معاصر.. وفي ردّي على المهري وقتها أفحمته بنص القانون وأنه تَفتّ منه أو افتئات لقبول من يعجبهم ورفض من ينافسهم ولا يمشي في هواهم. فلما تنصّب بعده المهبولي صحح الوضع وطلب قبول الاعتذار عن سلفه، فألزمته برسالة بتوقيعه تلزمهم بقبولي، بحضور اجتماع اللجنة حتى في صورة عدم استدعائي إليها كالعادة لأنها بمثابة الحق المقرر لأصحاب الاختصاص، ولا يعذرون بالغفلة عن الدعوة توجّه أو لم توجّه لهم. فوضعتُ الرسالة في جيبي للاستظهار عند الحاجة بها لما توقعته من إخفاء علمي بموعد انعقاد اللجنة في جلستها المقبلة. وحدث اللجاج الذي أسفر عن طلب العميد محمد الهادي الطرابلسي تلميذ وبلديات المهيري شرطةَ الكلية أو ما يسمى بالأمن الجامعي للتدخل لإجلاء غريب عن اللجنة غير مدعو لها وتعطيل عملها، فاستظهرت عندها بمراسلة المهبولي رئيس الجامعة واشترطت تدوين ما حدث في محضر الجلسة بعد افتتاحها كشرط لمغادرتي منعا للتشويش الذي استدعى تدخّل الشرطة، فأقنع ذلك الجميع وانسحبت إلى المركز الأمني هناك لتدوين محضر بما وقع لكن الشرطة رفضت فيما بعد ما وعدت به غلقا للباب على مصراعيه، لأني شكوتُها تجاوزَ العميد على شخصي ومركزي العلمي، واتهمني ادّعاء بالإرهاب لاستخدام صلاحياته لمنع الشغب في الجامعة.فاكتفيت بعد خروجي بتوجيه برقيات في الحادثة إلى كل من وزير التعليم العالي الدالي الجازي ورئيس الجامعة نفسه المهبولي وواحدة لرئيس الدولة بأكثر اختصار للفت النظر.وأفضى كل ذلك إلى الإهمال والتعتيم، فقرّ قراري برفع دعوى إدارية الآتية مراحلها في الوثائق التالية لتكون خاتمة نضالي من أجل جامعة وكلية وقانون للجميع ونفوس معدلة وطبع حميد. فكسبتها في الابتدائي بعد ثلاث سنوات من تاريخ رفعها (٢٦/٢/ ٩٨) فما راعني في الاستئناف إلا والقضاء يحكم لهم ضدي، وبتفقد منطوق الحكم تفاجأت بانبنائه على معلومة غالطة فلفتّ نظر محاميّ الأستاذ المختار الطريفي إلى حقي في مراجعة القضاء وقدمت له النص المخوّل لذلك فاستغرب الأمر مني ولكنه لم يتردد في القيام بالدفع فما راعنا إلا ورئاسة الجامعة تتدخل وتستدرك الحكم باعتبارها طرفا في القضية وليس فقط وزارة الإشراف وحدها هي الضد كما انطلقت القضية في الأول. وكانت الصفعة غير المتوقعة منهم حين صدر الحكم أخيرا بسقوط الاستئناف والرجوع للحكم الابتدائي الأول. ففرحت به ولكن كنت وقتها قد استغرقت تسع سنوات في التقاضي من أجل استرجاع حقي في مزاولة حضوري في اللجنة والقيام بالتأطير والانتداب كما هي مهامها بالنسبة لأستاذ في قمة السلم العلمي والإشراف على البحث. وما خسرتْ إلا أجيال كثيرة لم تتتلمذ على يدي أو تدخلها فرحة الانتداب في السلك الجامعي على يدي، وهو عين ما كانت تريد أن تحتكره النفوس المعقدة بالمقبّلات الناشئة عن الاستقلال. لأن الإدارة بالمرصاد، إذ سارعت بإعلامي في أول القضية، بالإحالة على التقاعد وعدم التمديد لي بسنوات ثلاث على الأقل لغلق كامل سنوات الخدمة كما هو مقرر في النصوص القانونية بالنسبة لوضعيتي الخاصة كنائب سابق بالمجلس التشريعي لم أتمتع بأربع سنوات بعد الليسانس (الإجازة) تحتسب في التقاعد، وهو حيف آخر ناتج عن مواقفي النيابية من الجهاز التنفيذي. فخرجت صفر اليدين من امتيازاتي كأستاذ جامعي ونائب بالبرلمان غير محظوظ كذلك بالامتيازات البرلمانية. ودوّنت كل ذلك في مداخلاتي النيابية المنشورة قبل شهر من انتهاء مدة الإلحاق الخاص واستئناف عملي بالجامعة.الوثائق التالية (مصورة ومنقولة) في غنى عن كل تعليق، ويعقبها رسائل وتقارير ومذكرات وقعت الإشارة إليها في الحكم المتصدر.وكلها تدين التلاعب بالقانون للمصالح الفردية والاستلاب بزعم دولة القانون والمؤسسات شعارا، والحرية والديمقراطية رديفا لحقوق الإنسان والمساواة.
الجمهورية تونسية (شعار) الحمد لله،
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية
القضية عدد 62116
تاريخ الحكم 14 أبريل 2007
النسخة عـدد 9294
حكم في مادة إعادة النظر
باسم الشعب التونسي
أصدرت الدائرة الاستئنافية الثالثة بالمحكمة الإدارية الحكم التالي بين:
الطالب: المنجي الكعبي محل مخابرته بمكتب المحامي الأستاذ مختار الطريفي الكائن بنهج إنجلترا عدد ٧ تونس.
من جهة
المطلوبين:
ـ وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا، عنوانه بمكاتبه الكائنة بمقر الوزارة - تونس
ـ رئيس جامعة تونس مقره بشارع 9 أبريل ١٩٣٨ عدد 92 - تونس
من جهة أخرى
بعد الاطلاع على المطلب المقدم من الأستاذ المختار الطريفي نيابة عن الطالب المذكور أعلاه بتاريخ 5 ديسمبر 2005 و المرسم بكتابه المحكمة عدد 62 116 و الرامي إلى إعادة النظر في الحكم الاستئنافي عدد 23362 الصادر عن الدائرة الاستئنافية الثالثة بالمحكمة الإدارية بتاريخ 30 أكتوبر 2004 والقاضي بقبول مطلب الاستئناف شكلا وأصلا ونقض الحكم المستأنف والقضاء من جديد برفض الدعوى أصلا وبحمل المصاريف القانونية على المستأنف ضده.وبعد الاطلاع على الحكم موضوع مطلب إعادة النظر الذي تفيد وقائعه أن الطالب يعمل كأستاذ تعليم عالي في اللغة والآداب العربية. وأنه تم تعيينه بصفته تلك عضوا في لجنة الدكتوراه والتأهيل في كلية الآداب بمنوبة، وأنه على إثر نشره لمقال في مجلة الملاحظ، أصدر رئيس جامعة الآداب والفنون والعلوم الإنسانية تونس في 17 جانفي 1998 قرارا يقضي بمنعه من حضور اجتماعات اللجنة المذكورة، فطعن فيه بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية فتعهدت الدائرة الابتدائية الثانية بها بملف القضية وأصدرت حكمها بتاريخ 12 جانفي 2000 تحت عدد 16940 يقضي بقبول الدعوة شكلا وأصلا وإلغاء القرار المطعون فيه، فاستأنفه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا أمام الدائرة الاستئنافية الثالثة التي أصدرت حكمها المبين منطوقه بالطالع والذي هو محل مطلب إعادة النظر الماثل.
ويستند نائب الطالب إلى أن الحكم المراد إعادة النظر فيه صدر مشوبا بخطإ مادي وبناء على معطيات غير صحيحة أثرت على وجه الفصل، ذلك أن محكمة الحكم المنتقد اعتبرت أن الطالب نشر مقاله بمجلة الملاحظ الصادرة يوم ٧ جانفي ١٩٩٨يحمل عنوان «فن تقليل الاعتبار في كلية الآداب» وهو اليوم الذي حضر فيه هذا الأخير أول اجتماع للجنة الدكتوراه واستنتجت المحكمة من ذلك سوء نيته واعتبرت أنه بادر بنقد أعمال اللجنة قبل أن يشارك فيها والحال أن في ذلك تحريف للوقائع ذلك أن المقال المذكور يتحدث عن اجتماع سابق للجنة عقد بتاريخ 16 ديسمبر 1997 ومنع الطالب من حضوره وأن وقوع المحكمة في هذا الخطأ جعلها تنتهي إلى استنتاجات في غير محلها أدت إلى نقض الحكم الابتدائي الصادر لفائدته والقضاء من جديد برفض الدعوى. وبعد الاطلاع على بقية الأوراق المظروفة بالملف وعلى ما يفيد استيفاء إجراءات التحقيق في القضية.
وبعد الاطلاع على القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في جوان 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية وعلى جميع النصوص التي نقحته أو تمته وآخرها القانون الأساسي عدد 70 لسنة 2003 المؤرخ في 11 نوفمبر 20003.
وبعد الاطلاع على ما يفيد استدعاء الأطراف بالطريقة القانونية لجلسة المرافعة المعينة ليوم 23 سبتمبر 2006 وبها تم الاستماع إلى المستشار المقرر السيد علي العباسي في تلاوة ملخص من تقريره الكتابي ولم يحضر المستأنف كما لم يحضر نائبه وبلغه الاستدعاء وحضر ممثل وزير التعليم العالي وفوض النظر كما حضر رئيس جامعة تونس وفوض بدوره النظر. ثم تلا مندوب الدولة العام السيد محمد عثمان موسى ملحوظاته الكتابية المظروفة نسخة منها بالملف. إثر ذلك حجزت القضية للمفاوضه والتصريح بالحكم لجلسة يوم 21 أكتوبر ٢٠٠٦ .
وبها قررت المحكمة حلّ المفاوضة وإحالة ملف القضية إلى الرئيس الأول لتعيين هيئة حكمية أخرى.
وبعد الاطلاع على ما يفيد تنفيذ الحكم التحضيري المذكور.وبعد الاطلاع على ما يفيد استدعاء الأطراف بالطريقة القانونية لجلسة المرافعة المعينة ليوم 8 ديسمبر 2006 وبها تم الاستماع إلى المستشار المقرر عماد غابري في تلاوته ملخص من تقريره الكتابي ولم يحضر الأستاذ المختار الطريفي نائب المستأنف وبلغه الاستدعاء، وحضر من ينوب عن وزير التعليم العالي وتمسك بما قدمته الإدارة من ردود ثم تلا مندوب الدولة العام السيد محمد عثمان موسى ملحوظاته الكتابية إثر ذلك حجزت القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم لجلسة يوم 29 ديسمبر 2006.وبها قررت المحكمة التمديد في أجل المفاوضة والتصريح بالحكم بجلسة يوم ٢ فيفري 2007.
وبها قررت المحكمة حل المفاوضة والتخلي عن النظر في المطلب وإرجاع الملف إلى الرئيس الأول للمحكمة الإدارية لإحالتها على الدائرة الاستئنافية الثالثة.وبعد الاطلاع على ما يفيد تنفيذ الحكم التحضيري المذكور.
وبعد الاطلاع على ما يفيد استدعاء الأطراف بالطريقة القانونية لجلسة المرافعة المعينة ليوم 17 مارس 2007 وبها تم الاستماع إلى المستشار المقرر عماد غابري في تلاوته ملخص من تقريره الكتابي. ولم يحضر الأستاذ الطريفي وبلغه الاستدعاء، وحضر ممثل وزير التعليم العالي وفوض النظر في ما يتعلق بقبول مطلب إعادة النظر ولم يحضر من يمثل رئيس جامعة تونس وبلغه الاستدعاء، وبعد الاستماع إلى مندوب الدولة العام السيد محمد عثمان موسى في تلاوة ملحوظاته الكتابية المظروفة نسخة منها بالملف.إثر ذلك حجزت القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم لجلسة يوم 14 أبريل ٢٠٠٧.
وبها وبعد المفاوضة القانونية صرّح بما يلي: من جهة الشكل:
حيث قدم مطلب إعادة النظر الماثل ممن له والصفة والمصلحة في آجاله القانونية مستوفيا بذلك جميع مقوماته الشكلية لذلك يتجه قبوله من هذه الناحية.
من جهة الأصل:
حيث يعيب الطالب على الحكم الاستئنافي المنتقد، نقضه الحكم الابتدائي والقضاء من جديد برفض الدعوى التي تستهدف إلغاء القرار المتعلق بمنعه من حضور اجتماعات لجنة الدكتوراه والتأهيل بكلية الآداب بالاستناد إلى معطى واقعي تثبت أوراق الملف عدم صحته وكان حاسما في موقف محكمة الاستئناف ذلك أنها اعتبرت أن الطالب عمد إلى نشر مقال بمجلة الملاحظ الصادرة يوم ٧ جانفي ١٩٩٨ يحمل عنوان «فن تقليل الاعتبار في كلية الآداب» وهو اليوم الذي حضر فيه العارض أول اجتماع للجنة الدكتوراه مما يدل على أن تحريره للمقال المذكور كان سابقا لتاريخ انعقاد اللجنة، الأمر الذي استنتجت من خلاله المحكمة سوء نيته معتبرة أنه بادر بنقد أعمال اللجنة قبل أن يشارك فيها.
وحيث يقتضي الفصل 77 جديد من قانون المحكمة الإدارية أنه: «يمكن القيام بطلب إعادة النظر ضدّ الأحكام النهائية الصادرة حضوريا على معنى عن إحدى هيئات المحكمة وذلك في الحالات التالية:
١) إن كان الحكم موضوع الطعن يعتمد على بكتب مزور.
٢) إن وقع الحكم على طرف لم يتمكن من الاستظهار في الدعوى ببيّنة كانت ممنوعة عنه بفعل خصمه.
٣) إن صدر الحكم دون احترام مقتضيات هذا القانون المتعلقة بتركيبة الهيئة التي أصدرته أو بإجراءات عقد جلستها أو الصيغ الوجوبية في أحكامها.
٤) إن صدر الحكم مشوبا بغلط مادي من شأنه أن يؤثر في وجه الفصل في القضية.وحيث ينصهر المطلب الماثل في الحالة الرابعة المنصوص عليها في الفصل 77 (جديد) من قانون المحكمة الإدارية سالف الذكر.وحيث تضحى هذه المحكمة في ضوء ما تقدم مؤهلة لتفحّص مدى وجاهة ما تمسك به المستأنف من أسانيد في إطار القضية موضوع مطلب إعادة النظر وحيث يتبين أنه بالرجوع إلى أوراق الملف أن رئيس جامعة الآداب والفنون والعلوم الإنسانية أصدار في 27 جوان ١٩٩٧ قرارا يقضي بتعيين الطالب عضوا بلجنة الدكتوراه المذكورة أعلاه غير أن عميد الكلية لم يتول استدعاءه لحضور أعمال الاجتماع ليوم ١٦ ديسمبر ١٩٩٧ فبادر بالحضور من تلقاء نفسه إلا أن هذا الأخير منعه من ذلك باللجوء إلى أعوان الأمن فتولى مراسلته بتاريخ 19 ديسمبر ١٩٩٧ للاستفسار عن الأسباب الداعية إلى منعه من المشاركة في عمل اللجنة فتمت تبعا لذلك دعوته إلى حضور أشغال لجنتي الدكتوراه والدراسات المعمقة المعينة ليوم ٧ جانفي ١٩٩٨ وهو التاريخ الذي صادف نشره لمقال بمجلة الملاحظ تعرض فيه إلى منعه من حضور الاجتماع الأول المشار إليه وهو ما جعل رئيس الجامعة يصدر في 17 جانفي 1998 قرارا جديدا يقضي بمنعه من حضور أعمال لجنة الدكتوراه والتأهيل بكلية الآداب. وحيث يتضح بالرجوع إلى ملف القضية الاستئنافية عدد 23362 المشار إليها أن النقاش إنحصر في نقطة وحيدة تتعلق بثبوت سوء نية الطالب من عدمها وهي مسألة تتوقف على معرفة هل أن تحريره المقال المشتكي منه كان سابقا لحضوره أول اجتماع له في لجنة الدكتورة أم لاحقا.وحيث أن ما انتهى إليه الحكم المطلوب إعادة النظر فيه لإقرار شرعية القرار المنتقد من أن المعني به أصدر مقاله المذكور في أوّل حضور له لأعمال اللجنة وأنه حرره قبل انعقاد أشغالها مما يبرز سوء نيته كان في غير طريقه لأن الاجتماع المنعقد يوم 7 جانفي 1998 لم يكن أول اجتماع للجنة يحضره العارض بما أنه كان حاضرا يوم 16 ديسمبر 1997 ومنعه العميد من المشاركة في الأشغال المقررة في ذلك التاريخ.وحيث يكون هذا الخطأ المادي الذي تضمنه الحكم المطلوب إعادة النظر فيه قد أثّر في موقف المحكمة التي انتهت إلى رفض الدعوى.وحيث طالما قضت محكمة الدرجة الثانية على النحو المبين أعلاه فإنه يتجه التصريح باعتبار الحكم الاستئنافي عدد 23352 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 2004 باطلا ولا أثر له.
ولهــــذه الأسبــــاب
قضت المحكمة:
أولا: بقبول مطلب إعادة النظر شكلا وفي الأصل التصريح باعتبار الحكم الاستئنافي عدد 23362 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر ٢٠٠٤ باطلا ولا أثر له والقضاء من جديد بقبول الاستئناف شكلا ورفضه أصلا وإقرار الحكم الابتدائي المطعون فيه وإجراء العمل به كتحميل المستأنف المصاريف القانونية.
ثانيا: بحمل المصاريف القانونية على المطلوبين.وصدر هذا الحكم عن الدائرة الاستئنافية الثالثة برئاسة السيد حبيب جاء بالله وعضوية المستشارين السيد محمد غبارة ورياض الرقيق.
وتلي علنا بجلسة يوم 14 أبريل 2007 بحضور كاتبة الجلسة السيدة سماح الماجري
الرئيس
الحبيب جاء بالله. المستشار المقرر
(توقيع) عماد الغابري
(توقيع)
قوبلت فصحت
اطلع عليها في التاريخ
نسخة طبق الأصل
كاتب المحكمة
(توقيع)
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: