البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الجديد في المشهد العربي

كاتب المقال المولدي اليوسفي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4199


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


اضطراب المشهد:


مع بداية سنة 2011 سجل المشهد السياسي تعابير تغيير تختلف من قطر لآخر اصطلح عليها بـ" الربيع العربي" الذي دفعت إليه قوى لم تتمكن من تصريفه لفائدة انجاز تغيير جذري و ذلك لعدة أسباب يطول شرحها. جسرت نقطة الضعف هذه لالتفاف اعوان المنظومة القديمة على المشروع و قتلت النطفة في البيضة. فالذين تصدوا للتعبير عن صوت قوى الاحتجاج لم تخول لذلك و لم تكن في مستوى المهمة.

نصنف هذه القوى إلى ثلاثة اطياف:
1/ اليسار بمختلف تعبيراته و هو الاضعف نظرا لعجزه عن اختراق صد الوعي الجماعي له لما وسم به من الحاد، وبقطع النظر عن صدق او بطلان هذه السمة فقد ترسخت لدى الرأي العام أو على الاقل عند أغلبه و ذلك بفعل ما روجه عنه النظام و خصومه السياسيين و اخطاء بعض رموزه المعادين للروح الجماعي المتسم بالدين. و زاد ضعف اليسار تشرذم مكوناته فقد كان يفرق تعابيره أكثر مما يجمعها، خاصة في تونس حيث عرف عن بعضه انه تعامل مع نظام بن علي في ضربه للإسلاميين.

2/ القوميون يعاني هذا الطيف من متاعب احتكاكه بالطيف الاسلامي فهو يغبط الاسلاميين على احتضان الشارع العربي لهم و يرى نفسه اولى بذلك و بقي مرتبكا بين الاقتراب و الابتعاد من الطيف الاسلامي. و هذه مسألة معقدة جدا ليس هذا مجال تحليلها. لكن هذه الحالة جعلته يتعثر و يتلعثم ففاتته الفرصة دون ان يستفيد منها أو يؤثر فيها.

3/ الاسلاميون، هذا التيار و خاصة طيف الاخوان المسلمين كان الاكثر بروزا و الاكثر اندفاعا للتصدي للتعبير عن صوت قوى الاحتجاج و تم ذلك في لحظة اضطراب كلي و رؤية ضبابية. فلا الشارع خولهم لذلك و لا الاطياف السياسية اتفقت على تقديمهم لكن رصيدهم النضالي متعهم بأكبر رأسمال سياسي و هو ما جعلهم لا ينتبهون لقصورهم. لقد جعلهم احتضان الشارع لهم يتوهمون احتضان البلاد لهم و هذا ضعف في الرؤيا و قراءة الواقع و تفكيكه. و كان ان سكت الخصوم السياسيون على بروزهم و ذلك، لدى البعض، اعترافا بأحقيتهم في تسيير الشأن العام لما دفعوا و تحملوا اثناء فترة الاستبداد، و توريطا لهم عند خصومهم ذوي الدراية بتصريف الشأن السياسي. كما ان هذا الطيف لم يتبع نفس المنهج في كل الاقطار ففي مصر و تونس يتفقان في الفوز في الانتخابات، و هو فوز ورطهم اكثر من كونه خدمهم، و لكنهم لم يتبعوا نفس المسار رغم وحدة الهدف. ففي مصر تمسكوا بالشرعية الانتخابية و تصدروا المشهد السياسي و هو ما يرفضه نسبيا الواقع السياسي الاقليمي و كليا الواقع السياسي الدولي. ربما لم يكن الموقف على نفس الدرجة في كل العواصم الغربية و لكن عموما كان الموقف سلبيا من تسلم الاخوان المسلمين السلطة و لعدة اسباب أهمها ان الغرب لا يزال يرفض عودة الحياة في الحضارة الاسلامية لنظرته لهذه المسألة من منطلق "صراع الحضارات" و هذه قضية فكرية ثقافية حضارية الا ان الجناح المتطرف في الغرب سرعان ما يتجه لحسمها بالمدفع. و هذا ما وقع في مصر مع تمسك الاخوان بالشرعية الشعبية و حسمها الغرب بلغة الاستعمار. أما في تونس فقد حسمت قيادة النهضة أمرها منذ البداية فلم تتصدر للسلطة منفردة و انما تزعمت إئتلافا شركت بموجبه معها حزبين في السلطة و اتبعت تمشيا يعتمد مغازلة الناخبين و اسماعهم ما يتمنون و ممارسة السياسية بالتنسيق مع العواصم الغربية ممثلة في سفرائها و كانت النتيجة الرضوخ لضغوطات الاقليمي، الجزائر خاصة، الذي بين لقيادة الحركة انه لا يرغب فيها في السلطة و هو أمر تعيه قيادة الحركة جيدا و خيرت الرضوخ على المواجهة وذلك، في ما رأت، انقاذا لوجودها و تجنبا لمتاعب قواعدها ( و لأسباب اخرى داخلية بحتة)

الجرح النازف أم الضميدة المسمومة:


في الحالتين، المصرية و التونسية، خرج الاخوان من السلطة مع الفارق: ففي مصر اخرجوا من السلطة بانقلاب عسكري فتحالفوا مع الشعب و دفعوا الضريبة مالا و دما باختيارهم العض على الجرح النازف لكنهم، و بكل وعي، ضربوا موعدا مع التاريخ اذ يجمع جل المحللين ان الانقلاب في مصر إلى فشل. خيرت قيادة النهضة، في تونس، منهجا آخر تقربوا بموجبه من المنظومة القديمة إلى ما يقارب التماهي و للقيادة عذرها اذ راهنت على تجنب مواجهة تسبب آلاما لقواعدها التي لم يلتئم جرحها بعد. لكنها بذلك، دون قصد منها ضربت تحالفا مع المنظومة القديمة. هذا الوجه الثاني من الواقع يظهر النهضة بلا دور للتغيير اذ بمهادنة المنظومة القديمة التي تحركت القوى ضدها و هو ما أدى إلى هروب رأس السلطة. هذا الوضع جعل الكثير يتساءل عن حقيقة الدور الذي تلعبه النهضة. و خلاصته انها فقدت مصداقيتها و شرعيتها الشعبية.

ثم كانت حرب غزة، أكبر حماقة ارتكبها الكيان الصهيوني منذ وجوده، فولدت انجازات المقاومة، لدى الرأي العام العربي، روحا معنوية جديدة تبشر بعودة العرب لدورهم الحضاري في التاريخ البشري. قسم انجاز المقاومة الساسة عربيا و اقليميا إلى مؤمن بإنجاز المقاومة و مستعدا لما يترتب عليه من عودة العرب لدورهم التاريخي و أكثرية معتبرة ان ما نراه لا يتعدى ان يكون زوبعة سرعان ما تهدأ و تعود الاوضاع لما كانت عليه و هذه الاغلبية تربت منذ 1948 على انتصارات الصهيونية و حلفائها الذين لم يدخروا جهدا في اقناع الحكام العرب ان ليس لهم الا ان "التعايش" مع الكيان الصهيوني ثم تدريجيا ينحدرون تحته. و تأكد لدى قادة الكيان الصهيوني ان لا تواجد لهم دون هيمنة على المنطقة و اذلال حكامها حتى يصبحوا بمثابة الغفير لديهم. طبعا يسوق هذا باسم التحالف ضد الارهاب و التعاون من اجل " التنمية" في المنطقة.

هذا الوضع الجديد لا يصب في مصلحة جهة سوى المقاومة و من اعصوصب معها فالحكام العرب و بحكم ما ثقفوه و صار ثقافة لهم لا يستطيعون ان يستسيغوا "وضعية علو" على الكيان الصهيوني و ينطبق هذا على منظمة التحرير التي تربت على الاستجداء منذ خطاب ياسر عرفات في الامم المتحدة يوم 13/10/1974 و طلب من المنتظم الدولي ان لا يسقط من يده غصن الزيتون فكان له ذلك.

و أكبر متضرر هو طبعا الكيان الصهيوني الذي يجد نفسه في مربع الانطلاق خاصة امام عجز من عول عليهم من الحكام العرب و من قادة منظمة التحرير من الوقوف علنا إلى جانبه و هو ايضا ضحية ثقافته اذ تعود ان يقتل و يدمر دون ان يعاقب و دون ان ترد عليه ضحيته، اذا استثنينا حرب لبنان سنة 2006، خاصة بعد اطمئنانه لمواقف ثلة من الحكام العرب. و فجأة يجد نفسه امام ضحية تعضه و تؤلمه و تذيقه ما تذوق و هذا هو توازن الرعب الذي حققته المقاومة.

الحال المهدد:


إلا ان هذا الجديد مهدد تماما كالربيع العربي فغياب قوة سياسية تستثمر الفعل الجماهيري في الشارع العربي و انجاز المقاومة يؤدى إلى استئساد قوى المنظومة السابقة فترفض العودة إلى ما كان عليه الوضع السياسي قبل التحرك الجماهيري. فالانتصار العسكري و تحقيق توازن الرعب في حاجة لقيادة سياسية تستثمره. و قيادة المقاومة لا زالت تراعي الاحوال الاقليمية و ميزان القوى الدولية و ما تقبل به فتخلت عن قيادة المفاوضات لفائدة منظمة التحرير و هي جهاز سياسي ملوث بشكل كلي بما تعود من الاكتفاء بالقبول به و الاستجابة للاملاآت و بذلك تعود التحرك في ظل السفارات و ذل الرضوخ فتعود التراجع امام الضغوطات و تبرير الاكراهات التي مورست عليه من طرف قوى الاستكبار حتى حاد عن دوره كقائد لحركة تحرر إلى مبرر للرضوخ و القبول بالاسوء. بل يصبح بوابة اذلال للمناضلين ( لا ننسى موقف محمود عباس اثناء حرب غزة 2009).

هكذا يكون الجديد بين منهجي الشارع المصري، بمختلف اطيافه، الضارب موعدا مع التاريخ و محققا على قدر ما يقدر و منهج النهضة في تونس. الاول يعول على مقدورات الشعب و يتمترس معه و الثاني يعول على التفاهم مع القوى الدولية.

-------------
المولدي اليوسفي
استاذ علم اجتماع، الجامعة التونسية


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الوضع العربي، السياسة العربية، دراسات سياسية، الفكر السياسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-08-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سلام الشماع، د. خالد الطراولي ، مصطفي زهران، عبد الله الفقير، منجي باكير، رمضان حينوني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد النعيمي، فهمي شراب، د- جابر قميحة، محمد العيادي، عبد الرزاق قيراط ، صفاء العربي، كريم السليتي، صالح النعامي ، يحيي البوليني، الهادي المثلوثي، طلال قسومي، عراق المطيري، علي عبد العال، محمد أحمد عزوز، محمد يحي، سليمان أحمد أبو ستة، الهيثم زعفان، سلوى المغربي، د - محمد بن موسى الشريف ، حاتم الصولي، د. أحمد محمد سليمان، د- هاني ابوالفتوح، رافد العزاوي، أحمد ملحم، رضا الدبّابي، خبَّاب بن مروان الحمد، جاسم الرصيف، صلاح الحريري، إيمى الأشقر، رافع القارصي، العادل السمعلي، أحمد بوادي، إياد محمود حسين ، محمد اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أنس الشابي، صباح الموسوي ، محمد عمر غرس الله، د - المنجي الكعبي، إسراء أبو رمان، خالد الجاف ، مراد قميزة، علي الكاش، أبو سمية، د - الضاوي خوالدية، محرر "بوابتي"، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود طرشوبي، عبد الله زيدان، أحمد الحباسي، عبد الغني مزوز، رحاب اسعد بيوض التميمي، المولدي الفرجاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد الياسين، صفاء العراقي، سفيان عبد الكافي، يزيد بن الحسين، عمر غازي، ماهر عدنان قنديل، د - محمد بنيعيش، فتحـي قاره بيبـان، محمود سلطان، حسن الطرابلسي، تونسي، د. طارق عبد الحليم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فوزي مسعود ، د - عادل رضا، عمار غيلوفي، عزيز العرباوي، نادية سعد، أشرف إبراهيم حجاج، حسن عثمان، حميدة الطيلوش، سعود السبعاني، سيد السباعي، أ.د. مصطفى رجب، فتحي العابد، عواطف منصور، د - صالح المازقي، د - مصطفى فهمي، سامح لطف الله، مجدى داود، د. صلاح عودة الله ، د. عبد الآله المالكي، د- محمد رحال، مصطفى منيغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد شمام ، فتحي الزغل، الناصر الرقيق، محمود فاروق سيد شعبان، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ضحى عبد الرحمن، د.محمد فتحي عبد العال، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، صلاح المختار، د. أحمد بشير، وائل بنجدو، سامر أبو رمان ، رشيد السيد أحمد، محمد الطرابلسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة