د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 16
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قرار محكمة الجنايات الدولية، الوحيدة التي بإمكانها القضاء بحكم الإبادة الجماعية على المتهمين، قرارها اليوم بإصدار مذكرة اعتقال بحق ناتنياهو المجرم الأول في إسرائيل جاء كالبلسم على الجراح. والمتوقع أن تتلو هذه المذكرة الأولى مذكرات اعتقال كثيرة لمجرمين آخرين من قادة إسرائيل، من ضباط وعساكر ووزراء وسياسيين مورطين بتهمة الإبادة الجماعية للفلسطينيين في حربهم العادلة يوم ٧ أكتوبر العام الماضي من أجل فك رقبتهم من الاحتلال الصهيوني.
ولا عبرة بمن يعارض هذا القرار من شخصيات رسمية بصفتها تلك أو حكومات متواطئة مع إسرائيل لأن هذه المحكمة هي غير محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة التي وقفت عند حد إقامة الدلائل الدامغة على شروع قادة الكيان الغاصب في الإبادة العرقية وجرائم الحرب وضد الإنسانية.
فالجنائية الدولية بخلافها، تجد نفسها فوق كل سلطة أممية أو وطنية بحكم استقلاليتها في نشأتها وقراراتها. وكل الدول المنضوية تحتها ملزمة بتنفيذ قراراتها، فلا مفر لأي متهم مطلوب لديها من الالتجاء إلى أي سلطة تحميه في تنقلاته عبر أراضيها أو في سماواتها من القبض عليه وتسليمه لعدالة المحكمة الجنائية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي ليست عضوا في هذه المحكمة تحفظا على نفسها وإن أيدت الكثير من قراراتها، وقبل يومين أصبحت في أكبر الحرج حين أسقطت مشروع قرار بوقف إطلاق النار في غزة الذي رفعه الأعضاء العشرة غير الدائمين بمجلس الأمن.
فتوشك أمريكا بايدن أن تصبح في عزلة عن عالم، ثلاثة أرباع دوله ينتقدها في تحيزها لإسرائيل وانتهاك القوانين الدولية ويراها متهمة بالنهاية بالتحالف مع دولة محكوم عليها بالإبادة الجماعية فهي وإياها في اختبار إبادة لا سابق لها.
وتهدد اليوم دون مواربة بتسليط عقوبات على المحكمة لقرارها الأخير باعتقال حليفها ناتنياهو.
فهل ستذهب إلى حد التضحية بنفسها من أجل إسرائيل أم تسلمها لمصيرها لتحقق نبوة ترامب بأمريكا قوية من جديد؟
والقول قديما كما تدين تدان أو والقصاص حياة هي حكمة عقلية وهي سنة كونية جعلها الله سبحانه وتعالى عظة وعبرة للناس. ومحكمة الجنايات الدولية لم تخرج عن سنن الكون بمحاكمة أدعياء إسرائيل اليوم بما اقترفوا من ذنوب يندى لها جبين البشرية.
وإسرائيل في اختبار عسير وكل من وقف وراءها أمام قضاة هذه المحكمة الموقرة فسجلها من جرائم الإبادة الجماعية أقدم من هذا العام الذي شهد موجة من العدوان الغشوم يصنفها في مقدمة أعدى أعداء الإنسانية.
فهل تنصف المحكمة الجنائية الدولية بسجن ناتنياهو وأمثاله من المورطين عقابا له لا بإبادته كجسد كفعله بالآلاف المؤلفة من الفلسطينيين قتلا وتجويعا وإبادة عرقية مسطرة؟
وتكون هذه المحاكمة الجنائية في لاهاي محاكمة العصر وفرصة لوضع حد للعقيدة الصهيونية والحرب الممنهجة للإبادة العنصرية والإجاعة والتصفية الجسدية التي تولاها هذا الكيان الغاصب منذ نشأته بطاقمه العسكري والسياسي وإسقاط عضويته كدولة احتلال مارقة في الأمم المتحدة.
***
فإسرائيل الدولة الوحيدة في الأمم المتحدة الأمم المتحدة التي تحظى بقبعة الفيتو رغم أنها غير عضو دائم بمجلس الأمن وتتحدى القوانين الدولية والمحاكم الجنائية لحماية جنودها وضباطها من تهم جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في ظل استغلالها للوبي الصهيوني في الولايات الامريكية المتحدة وفي العالم الغربي عموما. حتى أنها أعادت للاذهان وللسلوك الاجتماعي في أوطان كثيرة كابوس اللاسامية وطرد اليهود تذكيرا بالنازية.
وأمريكا لا محالة تظل تخسر هيبتها ونفوذها بسببها. ومع الانتشار النووي في العالم لم تعد تردع إلا ظلها لأن مصالحها في أركان العالم الأربعة عرضة لأية انتفاضة جماهير غاضبة أو مقاومة صادقة العزم والإيمان لتقلل راحتها وتبطل مفعول تهديدها وسلاحها كما فعلت حماس بإسرائيل غداة طوفان الأقصى.
وسيكون تهوّرها وراء الصهيونية من علامات ساعتها بالنسبة لانحلالها كالإمبراطوريات التي انفلت زمام قيادتها من يدي غير الموفقين على رأسها.
------
تونس في ٢٠ جمادى الأولى ١٤٤٦ ه / ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤م
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: