البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الحل هو نبذ الاستبداد

كاتب المقال عبد العزيز كحيل - الجزائر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 499


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الاستبداد هو الشر الأكبر، فهو الذي يفسد دين الناس وأخلاقهم ودنياهم وأخراهم، يذهب بكرامتهم فيهبط بهم إلى مستوى البهائم، يعيشون في حظيرة محكمة الإغلاق كثيرة الحرس، كل أملهم أن يمنّ عليهم الطاغية بشيء من الفُتات...في نظام الاستبداد الطاغية يكره الأحرار وأصحاب الشخصية القوية والأنفة ويحب الضعاف المهازيل الذين يسبحون بحمده ويلهجون بذكره، يقرّب علماء السوء وأنواع المنافقين الذين يبررون سلوكه المنحرف وظلمه للناس ونشره للفساد...الاستبداد هو الذي يجلب الاحتلال الأجنبي ويخرّب الدول العامرة ويفتت المجتمعات المتماسكة، هو الفتنة حقا وهو أكبر الكبائر بعد الكفر وهو عدوّ المسلم الأول وعدو كل حر مهما كان دينه، بل قل هو الشيطان الأكبر والسكوت عنه والرضوخ له جريمة في حق أنفسنا، وهذا التقرير أوضح من أن يحتاج إلى تأصيل شرعي، يدركه الناس بالفطرة ويفهمونه بالممارسة وهو من مقاييس استقامة الفطرة أو انحرافها، يكفي في هذا السياق إيراد كلمة ربيعي بن عامر لقائد الفرس "ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة"، فهي عبارة تؤصل للحرية و تستهجن الظلم الذي يقوم عليه الاستبداد ويسوّقه بشتى الشعارات الفارغة، فما أظلم من جاء بفكرة طاعة "ولي الأمر" مطلقا، لقد حرّف الكلم عن مواضعة وأتي بإفك مبين يكفي استقراء التاريخ والواقع لدحضه فضلا عن إجالة النظر في الآيات البينات والأحاديث الصريحة التي تنضح بخلاف ادعائه، حتى إن الفقيه الطاهر بن عاشور قاده اجتهاده – وكان أهلا للاجتهاد – فأضاف الحرية إلى الكليات الخمس التي جاءت الشريعة لحفظها، أما نظرية الطاعة المطلقة للحاكم فأصحابها فرضوا على الأمة حكم الطواغيت والمستبدين حتى أذلوها واستباح العدو شوكتها كما رأينا عبر التاريخ ونرى الآن بأعيننا، ولن تغني دندنتهم حول خوف الفتنة لأنهم في الفتنة سقطوا حين ألغوا حقوق الأمة وضخموا حقوق الحاكم بغير وجه حق فأضاع المستبد الرعية وهضم حقوقها وألغى الحريات وحوّل البلاد إلى سجن كبير أو حظيرة حيوانات وجلب الاحتلال الأجنبي المباشر وغير المباشر إضافة إلى محاربة الدين بطريقة منهجية وإحالته إلى رهبانية مبتدعة أو نصرانية باردة، مع محارقة أخلاق المروءة والطهر والعفة والصدق لتحل محلها سلوكيات النفاق والخسة والنذالة والكذب.

وقد طال الأمد بالناس وهم تحت سطوة الاستبداد حتى غدا عند بعضهم هو الأمر الطبيعي وقد رأينا بعد الربيع العربي الذي شرع في تخليص الشعوب المقهورة من أنظمة الاستبداد من يقول هذه فتنة وقد كنا في زمن الطواغيت في أمن واستقرار ورفاهية، أي استسلم نفسيا للعيشة الحيوانية وفقَد آدميته، وهكذا تضيع النفس السوية وتحل محلها نفسية العبيد الذين يناصبون الحرية العداء ويعدون المطالبة بها تهورا بل تعديا على جدود الشرع، لذلك صرح الرجال الأحرار الأباة أنهم لو خيروا بين إزالة الطغاة وإزالة العبيد لاختاروا إزالة العبيد لأنها مهمة بالغة الصعوبة، هي أصعب من الأولى، وصدق الله في قوله عن فرعون "استخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين"، فهو – سبحانه – لم يحمّل المسؤولية للطاغية وحده بل حمّلها أيضا لقومه الذين تخلوا عن حريتهم وقبلوا بالرضوخ لجبروته وظلمه، فمن أعظم النعم نعمة الحرية التي يجب ألا يتنازل عنها العقلاء بأي حال وإلا كانوا في ميزان الشريعة فاسقين.

وقد أثبت الواقع و التاريخ أنه لا يمكن أن تتأسس حياة طبيعية مزدهرة اقتصاديا وعلميا واجتماعيا في ظل الاستبداد كما أثبتا أن الجيوش النظامية في الدول الخاضعة للاستبداد مجرد فزاعات لمواطنيها أو لجيرانها "الأشقاء" فحسب، ذلك أن الاستبداد يلغي محرك هذه الحياة الأول وهو الإنسان الحر الذي يفكر بنفسه، يستطيع أن يقول لا وليست حياته كلها نعم، ينتقد، يصحح، يبين الأخطاء في الخطط والمناهج والأساليب بينما لا يطيق الاستبداد شيئا من هذا، فمنظومة الاستبداد – وفي كثير من الأحيان المستبد وحده – تعرف كل شيء، ملهمة، تصيب ولا تخطئ، لا تحتاج إلى نقد ذاتي فضلا عن نقد الغير لها، تنتظر من العاملين مهما كان مستواهم ومسؤولياتهم شيئا واحدا هو مباركة قرارات الطاغية ونثر البخور حولها وإعلان أنها أفضل ما خطر على بال البشر...هذا ما تعيشه الشعوب المقهورة من طرف استبداد الفرد والأسرة والطغمة والحزب الواجد من تجربة ماو تسي تونغ وستالين إلى حالة الأنظمة العربية الدكتاتورية، هكذا تستميت الدكتاتوريات في صناعة أجيال تافهة غير مكترثة بالأمة ومستقبلها لأنها تُنشئ طبقتها الحاكمة في معاهد ومدارس مغلقة وتنتقي نماذجها بمواصفات خاصة تعدها لحكم الأجيال الضائعة لتخلد السلطة وتنتهي الأمة البائسة... يكمن الحل في التخلص من الاستبداد والبداية بتحصين الأمة من القابلية له وتطعيمها بالمناعة منه ورفض أي تسويغ له تحت أي مسوغ بحيث يكره الناس الاستبداد كرها كبيرا ولا يقبلون به في أي ظرف بل يقاومونه بالجهاد المدني والعمل التربوي المجتمعي العميق الطويل المدى، ومن لا يشعر بآلام الاستبداد فهو مريض نفسي يجب معالجته حتى يستحسن الحسن ويستقبح القبيح ويحس بخز الذل والقهر والهوان.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، اسقاط النظام، بشار الأسد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-12-2024  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  هذا هو معاوية بن أبي سفيان
  عن حالنا مع غزة والأمة
  رمضان وإحياء الربانية
  التديّن العاطفي والتديّن الواعي
  خواطر شامية
  درس غزة الأكبر
  صمدت غزة وانتصرت
  طوفان الأقصى والغرب ودورة التاريخ
  متدينون لكن...
  من بركات طوفان الأقصى
  الحل هو نبذ الاستبداد
  عن أحداث سورية الشقيقة
  صنصال والآخرون
  رسائل الكيان الصهيوني إلى العرب والمسلمين
  عن إضراب طلبة الطب
  أفضلُ تديّن ما كان مقترنا بجهد
  رسالة مفتوحة إلى الأموات
  هل يستفيق "السلفيون"؟
  تجديد العهد مع غزة الصامدة
  ألف تحية لطوفان الأقصى في ذكراه الأولى
  "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"
  المدرسة وهمومها
  كيف نخدم قضية فلسطين؟ غزة تنزف...وفلسطين القضية الكبرى.
  غزة بين مناصر ومخذّل
  سورة البقرة والعنوسة والجنّ
  كلمة عن أولمبياد باريس
  الوصايا العشر المستقاة من طوفان الأقصى
  فن الرواية بين السنوار وهوارية
  حتى نرتفع إلى مستوى القرآن
  آسيا جبار... وجه للتغريب

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود فاروق سيد شعبان، محرر "بوابتي"، سامح لطف الله، محمد يحي، ياسين أحمد، الناصر الرقيق، مجدى داود، خالد الجاف ، د. أحمد بشير، إيمى الأشقر، حميدة الطيلوش، محمد الياسين، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، طلال قسومي، الهيثم زعفان، صباح الموسوي ، ماهر عدنان قنديل، عزيز العرباوي، عبد العزيز كحيل، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الغني مزوز، محمد شمام ، حسن الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، فتحي العابد، محمد اسعد بيوض التميمي، د - مصطفى فهمي، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، بيلسان قيصر، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. عبد الآله المالكي، حاتم الصولي، صفاء العربي، سامر أبو رمان ، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فوزي مسعود ، د - عادل رضا، علي الكاش، محمد الطرابلسي، نادية سعد، الهادي المثلوثي، عمار غيلوفي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سفيان عبد الكافي، د- محمد رحال، حسن عثمان، رضا الدبّابي، فهمي شراب، د - صالح المازقي، سليمان أحمد أبو ستة، تونسي، د - محمد بن موسى الشريف ، د- محمود علي عريقات، منجي باكير، محمود طرشوبي، د. صلاح عودة الله ، أ.د. مصطفى رجب، عبد الله زيدان، العادل السمعلي، صلاح الحريري، جاسم الرصيف، أحمد بوادي، موسى عزوق، صفاء العراقي، د. خالد الطراولي ، عبد الله الفقير، كريم فارق، عراق المطيري، د. عادل محمد عايش الأسطل، صلاح المختار، محمد علي العقربي، محمد عمر غرس الله، علي عبد العال، صالح النعامي ، يحيي البوليني، سيد السباعي، سلام الشماع، د - الضاوي خوالدية، المولدي اليوسفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، عمر غازي، رافد العزاوي، محمد أحمد عزوز، عبد الرزاق قيراط ، سعود السبعاني، رشيد السيد أحمد، كريم السليتي، د- جابر قميحة، محمود سلطان، د. أحمد محمد سليمان، أحمد الحباسي، فتحي الزغل، ضحى عبد الرحمن، محمد العيادي، وائل بنجدو، أحمد ملحم، أبو سمية، عواطف منصور، طارق خفاجي، مصطفي زهران، سلوى المغربي، فتحـي قاره بيبـان، مراد قميزة، د - شاكر الحوكي ، د - محمد بنيعيش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أحمد النعيمي، يزيد بن الحسين، خبَّاب بن مروان الحمد، رمضان حينوني، المولدي الفرجاني، إياد محمود حسين ، د.محمد فتحي عبد العال، مصطفى منيغ، د- هاني ابوالفتوح، إسراء أبو رمان، د. طارق عبد الحليم، أنس الشابي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز