عبد العزيز كحيل - الجزائر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 571
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
وهو في سجنه ألف القائد يحي السنوار رواية عنواها "الشوك والقرنفل"، عندما يطالعا القارئ يجدها جميلة المبنى والمعنى، مكتوبة بلغة راقية تٌمتعه وتأخذ بلبّه، مضمونها يلخص معاناة شعب مشرد مظلوم متآمر عليه يرفض ترك أرضه ونسيان حقوقه...هي من روائع أدب السجون.
استحضرت هذه المعاني بعد الضجة التي أحدثتها رواية "هوارية" هذه الأيام فعقدت ما يشبه مقارنة بين العمليْن رغم قول الشاعر: ألست ترى أن السيف يُزرى بقدره***إذا قيل هذا السيف أمضى من العصا.
بمجرد مطالعة المقاطع التي تم نشرها يلاحظ القارئ أن "هوارية" مكتوبة بلغة الجرائد أي بلغة ركيكة لا ذوق فيها ولا جمال بل بعربية تلعنها العربية، أما المحتوى فهو غث لا إبداع فيه يتلخص – كعادة "الحداثيين"- في تمجيد الرذيلة وتسويق بضاعة مزجاة كلها خلاعة ومجون وسفه.
أنا لست أديبا ولا ناقدا أدبيا لكني قارئ ومتابع للشأن الثقافي لذلك أريد إبداء ملاحظات بمناسبة الجدل حول هذه الرواية.
أولا: نسمع كلاما من قبيل "اقتلوا الباطل بعدم الحديث عنه": موقف التجاهل في مثل هذه المواطن هو أقرب إلى الحياد في معرك التدافع بين الحق والباطل، وهو موقف مشين لأنه لو سكت أهل الحق لظن أهل الباطل أنهم على حق ولتمادوا في باطلهم، وهذا هو القرآن الكريم يرد على الشبهات ويفحم أصحاب الشهوات ويشن حربا على المنكرات، وهو عين المطلوب ممن يؤمنون بكتاب الله وسنة رسوله، أما التجاهل فيشبه مزاعم ترك الخمارات مفتوحة والناس ليسوا مجبرين على ارتيادها.
ثانيا: في مثل هذه المواطن يجب على العلماء والدعاة أن يتكلموا وبقوة لينهوا عن المنكر ويخرسوا أهله، وينصروا الفضيلة والأخلاق بالدفاع عنها، ونحن نعيش عجبا...ففي العام الماضي منع شيخ كبير من الخطابة لأنه نهى عن المنكر في مدينته، وهذا العام تكرّم إنعام لأنها تنشر المنكر !!!
وسكوت العلماء هنا يذهب بهيبتهم ويصيب مصداقيتهم في الصميم، فواجبهم الأمر والنهي في المنابر والفضائيات التي يظهرون فيها وفي الجرائد والوسائط الاجتماعية، وإلا فقد خانوا الأمانة وأسلموا الساحة إلى السفهاء...أفلا يرون كيف يعطي المعاقر للخمر دروسا في الاخلاق والالتزام والوطنية ويتهم أصحاب الدين بالإرهاب الفكري والتخندق الأيديولوجي، ويروّج "أدبا" مستوحى من الادب الفرنسي المتخصص في العهر مثل روايات مارجريت دوراس، جورج بطاي، ميلان كونديرا...؟
ثالثا: ملذا جائزة باسم آسيا جبار؟ هذه المرأة لا علاقة لها بالجزائر، فهي فرنسية اللسان والروح والرؤية والهوى والإقامة...وعندما ماتت في فرنسا دفنوها في الجزائر !!!وحوّلوها إلى صنم ووثن يستحق التقديس...لماذا كل هذا؟ لأن الساحة الأدبية يتحكم فيها منذ زمن طويل خصوم الثوابت الوطنية، وهم أقرب إلى الميليشيا الفكرية المسلحة التي تمارس الإرهاب الفكري والتصفية المعنوية لكل من يخرج عن النسق الحداثي العلماني التغريبي، فلا يكرّم إلا من يطير في هذه الأجواء كما صرح كبيرهم هذه الأيام بنفسه وعظمة لسانه.
رابعا: الأمر ليس جديدا محدثا، فأدب هؤلاء كله ثورة على الدين والأخلاق والذوق الرفيع، هو عالم وطار وبن هدوقة وبوجدرة والزاوي ولعرج وأمثالهم، الذي يعج بالكفر الصريح والإباحية والفضائح الجنسية.
خامسا: أهم سؤال هو: أين أصحاب الأدب الرفيع؟ تلك هي المسألة...كفاهم التحجج بالتضييف الممارس ضدهم من طرف الأقلية الإيديولوجية المتحكمة، الحل يكمن في اقتحام أبواب القصة والرواية والقصيدة وكل أنواع الإبداع بقوة ونشاط وحيوية لإنتاج الأدب بدل سوء الأدب.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: