البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"

كاتب المقال عبد العزيز كحيل - الجزائر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 271


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الكلام عن الاستبدال أضحى مطروحا بقوة بين الأمة بعد طوفان الأقصى، حين رأى المسلمون إخوانهم يبادون في غزة على مرأى منهم ومسمع وهم معرضون عنهم، حيث اصطفت الأنظمة العربية الوظيفية مع الكيان الصهيوني أملا في القضاء على حماس وإخماد روح المقاومة ليخلو الجو للتطبيع مع الصهاينة، أما الجماهير فأغلبها تقودها العواطف من غير أن يغيّر ذلك في حياتهم مع اللهو والدنياويات شيئا، فكأن وقت الاستبدال قد حان، وقد يرى بعضهم أنه قد حدث فعلا، متمثلا في المجاهدين والمرابطين في غزة الذين تركوا ما عليه السياسيون من مفاوضات عبثية وتنازلات جوهرية، وما عليه العامة من انشغالات لا تمتّ بصلة إلى معالي الأمور، وسلكوا خطا بطوليا عمليا عاد بالمسلمين إلى سيرة السلف الصالح من قادة وفاتحين، لكن قضية الاستبدال ذهبت بكثير من المسلمين مذاهب بعيدة أولها أن من سينصرون الدين والأمة هم الإيرانيون والشيعة عموما، وذلك استنادا إلى الحديث النبوي: ﴿عن أبي هريرة قال: تلا رسول الله: "وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ''. فقالو يا رسول الله من القوم الذين إن تولينا يستبدل بنا فضرب رسول الله على ركبة سلمان الفارسي رضى الله عنه، وقال: هذا وقومه، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس؟﴾ (رواه الترمذي بهذا اللفظ، ورواه البخاري ومسلم باختلاف يسير).

هذا الحديث يشير إلى المنظومة السننية للتغيير، وهي مجموعة من السنن مثل: سُنَّة التدافع، وسُنَّة التداول، وسُنَّة التجدد، وسُنَّة الهلاك، وسُنَّة موت الأمم، وسُنَّة التمكين، وسُنَّة العلو والانحطاط، وسُنَّة الاستبدال، وقد وَرَدَت لفظة “الاستبدال” في القرآن في موضعين: الأول ﴿إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا﴾(سورة التوبة 39)، والموضع الثاني ﴿ها أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ (سورة محمد 38).

وقد يكون الاستبدال بالهلاك المباشر للأمم التي تولت عن الهدي السماوي وأعرضت عن نصرة الدين، كما حدث لقوم عاد وثمود ولوط وغيرهم، وقد يكون بنقل العزة والغلبة و راية القيادة، من أمة إلى أمة، كما تم نقلها من الأمم الهالكة إلى بني اسرائيل ثم من هؤلاء إلى المسلمين، فمتى يذهب التمكين وتسري سنة الاستبدال؟ يحدث هذا إذا اختلت سنة التدافع وفقدت الأمة كثيرا من شروط التمكين، ومن ثم فقدت الشهود الحضاري، والإمكان الحضاري، والإرادة الحضارية... من أجل ذلك تستحق الأمة الاستبدال، واستبدالها هنا ليس بهلاكها وإنما بنقل راية العزة والرفعة والقيادة منها إلى غيرها من الأمم، وهذا ما يبدو أنه سيحدث لأمتنا مع الأسف، وكما يشير إلى ذلك الحديث النبوي، لكن ما المقصود بالفرس، وكيف تم استبدال العرب بهم؟ في المصطلح السائد زمن النبوة لا تشير فارس إلى إيران الحالية بل إلى جميع المناطق المحيطة بها من الجهة الشرقية، مثل أفغانستان وخراسان وصولا إلى بخارى وسمرقند، وهذه بلاد سنية تماما، بما فيها إيران التي لم تتشيع إلا في وقت متأخر، فالمقصود ليس الإيرانيين ولا الشيعة، بل تم الاستبدال في الزمن الماضي حين تقاعس العرب فتولى رجال من فارس الكبيرة أزمة العلوم وبرزوا في علوم القرآن والسنة، وأحرزوا قصب السبق في علم الحديث، بل في علوم العربية ذاتها، وكلهم دون استثناء من أهل السنة، وهكذا تحققت نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم الواردة في الحديث، والقضية إذًا ليست مرتبطة بالفرس وإنما بمن يرفع الراية إذا تخلى عنها أهلها، ولا بد هنا من دفع لبس أحاط بكثير من المسلمين في زمننا هذا، زمن الضعف والتراجع هو حقيقة المشروع الإيراني، وكل من له دراية بالموضوع يعلم أن المشروع الفارسي الشيعي ليس إسلاميا بل هو طائفي مذهبي يعمل على التمدد في البلاد الإسلامية وفق أجندة مدروسة، أحد روافدها التظاهر بدعم المقاومة الفلسطينية، والحقيقة أن خيانة الأنظمة الحاكمة في البلاد السنية للقضية الفلسطينية وتخليها عن غزة أعطى الفرصة لإيران وأذرعها لتشغل الفراغ جزئيا وبالقدر الذي يخدم مشروعها، فحماس تخلى عنها أهل السنة ومن حقنا الاستعانة بأي احد، وهذا لا علاقة له بالعقيدة، بل بالمصلحة، فلا لوم عليها إن لجأت إلى بيت أبي لؤلؤة المجوسي؛ فهي لم تجد بيت الأرقم بن أبي الأرقم مفتوحا لها.

ما من مسلم محبّ لدينه مهموم بشؤون أمته إلا ويتمنى أن يلتئم شمل المسلمين على اختلاف مكوناتهم المذهبية والفكرية ليكونوا صفا متماسكا قويا أمام التحديات الضخمة التي يتحتم عليهم مواجهتها، من الاحتلال الأجنبي إلى التنمية مرورا بالعولمة وما تقتضيه من غزو ثقافي وارتهان سياسي، والمكوّن الشيعي عنصر مهمّ في الجسم الإسلامي علّقت عليه كثير من الأطراف آمالا كبيرة بعد ثورة إيران ليتحوّل –كما كنا نتمنى- إلى ركن قوي في بناء الأمة، وقد كنتُ في شبابي معجبا بجهود التقريب بين الشيعة والسنة على أمل تغليب القواسم المشتركة على جزئيات الاختلاف، وعذري أني أعيش في بيئة سنية خالصة، كنت أظنّ أن ما نقرِؤه عن مخالفات عقدية فكرية وسلوكية لدى الشيعة هو مجرد أمور تاريخية لم يعد لها وجود وأن الطرف الشيعي جادّ في رغبة التقريب مثل الطرف السني، ثمّ توالت الأحداث وتبيّنت الحقائق بعد انتصارالخميني ثم بروز حزب الله اللبناني واحتلال العراق وصولا إلى الثورة الشعبية في سورية، إذ سقطت جميع الأقنعة بعد أن أصبح للشيعة دول وحكومات ومراكز قوة، فتركوا التقية وأسفروا عن وجوههم وعن توجههم الطائفي المذهبي.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

التغيير، الثورة، السنن، الاستبدال،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-09-2024  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  طوفان الأقصى والغرب ودورة التاريخ
  متدينون لكن...
  من بركات طوفان الأقصى
  الحل هو نبذ الاستبداد
  عن أحداث سورية الشقيقة
  صنصال والآخرون
  رسائل الكيان الصهيوني إلى العرب والمسلمين
  عن إضراب طلبة الطب
  أفضلُ تديّن ما كان مقترنا بجهد
  رسالة مفتوحة إلى الأموات
  هل يستفيق "السلفيون"؟
  تجديد العهد مع غزة الصامدة
  ألف تحية لطوفان الأقصى في ذكراه الأولى
  "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"
  المدرسة وهمومها
  كيف نخدم قضية فلسطين؟ غزة تنزف...وفلسطين القضية الكبرى.
  غزة بين مناصر ومخذّل
  سورة البقرة والعنوسة والجنّ
  كلمة عن أولمبياد باريس
  الوصايا العشر المستقاة من طوفان الأقصى
  فن الرواية بين السنوار وهوارية
  حتى نرتفع إلى مستوى القرآن
  آسيا جبار... وجه للتغريب
  التربية الراقية

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود طرشوبي، د- محمود علي عريقات، رشيد السيد أحمد، د. صلاح عودة الله ، علي الكاش، محمد الياسين، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، مصطفى منيغ، أ.د. مصطفى رجب، مجدى داود، أحمد بوادي، حسن الطرابلسي، محمد يحي، سفيان عبد الكافي، إسراء أبو رمان، د - شاكر الحوكي ، محرر "بوابتي"، فتحي العابد، سامح لطف الله، سيد السباعي، بيلسان قيصر، تونسي، سلام الشماع، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد العزيز كحيل، ضحى عبد الرحمن، د- جابر قميحة، سليمان أحمد أبو ستة، محمد علي العقربي، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد ملحم، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، يزيد بن الحسين، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، عزيز العرباوي، عمار غيلوفي، سامر أبو رمان ، د.محمد فتحي عبد العال، د - المنجي الكعبي، إيمى الأشقر، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حاتم الصولي، فهمي شراب، سلوى المغربي، أشرف إبراهيم حجاج، رضا الدبّابي، د. أحمد بشير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العربي، رافد العزاوي، ياسين أحمد، محمد شمام ، عبد الغني مزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، خالد الجاف ، عراق المطيري، صلاح الحريري، الناصر الرقيق، أبو سمية، عمر غازي، د- هاني ابوالفتوح، مراد قميزة، العادل السمعلي، د - صالح المازقي، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، طلال قسومي، إياد محمود حسين ، صباح الموسوي ، عواطف منصور، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد عمر غرس الله، حسن عثمان، أنس الشابي، عبد الرزاق قيراط ، صالح النعامي ، نادية سعد، كريم السليتي، الهادي المثلوثي، طارق خفاجي، محمد أحمد عزوز، علي عبد العال، د- محمد رحال، د. طارق عبد الحليم، أحمد الحباسي، وائل بنجدو، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العراقي، حميدة الطيلوش، المولدي الفرجاني، المولدي اليوسفي، د - الضاوي خوالدية، رمضان حينوني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله زيدان، فتحي الزغل، د. خالد الطراولي ، سعود السبعاني، محمد العيادي، جاسم الرصيف، ماهر عدنان قنديل، يحيي البوليني، صلاح المختار، الهيثم زعفان، د - مصطفى فهمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. أحمد محمد سليمان، أحمد النعيمي، فوزي مسعود ، مصطفي زهران، محمد الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، رافع القارصي، محمود سلطان، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز