عبد العزيز كحيل - الجزائر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 322
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كل من له عقل واعٍ يدق ناقوس الخطر على أوضاع المنظومة التربوية في الجزائر ويصرخ أنها الكارثة المحقَقة، أجمع على هذا الطلبة، الأولياء، الأساتذة، المفتشون، الإداريون، المنظمات الدولية المختصة، إلا الأقلية الفرنكو- تغريبية المبتهجة بما يسمى إصلاحات بن غبريط لأنها تخدمها إلى أبعد حد،، والجميع يرى أن المناهج الذي تصرّ عليها السلطة إصرارا عجيبا لم ترقَ بجودة التعليم ولا تركت مجالا للتربية، لكنها أزاحت المرجعية الإسلامية من المناهج ولغّمت العربية وأربكت التلاميذ والعملية التربوية كلها حتى أصبحت التقارير الدولية المختصة في التعليم ترتب الجزائر في الذيل بعد مالي والنيجر.
ذهبت بن غبريط وبقيت مناهجها، فماذا ينتظر نواب البرلمان والنقابات وجمعيات أولياء التلاميذ للمطالبة بتصحيح المناهج التي أفسدتها "إصلاحاتها"؟ مناهج خالية تماما من التربية من جهة، وعملت على إفساد المستوى التعليمي من جهة أخرى...يجب المسارعة إلى إلغاء ما يرهق الطور الابتدائي ولا يفيد التلاميذ مثل التربية المدنية والاجتماعية والفنية والتاريخ والجغرافيا ...ماذا يفهمون في هذا؟ هذا الطور لا يحتمل إلا لغة واحدة هي العربية، المحافظ أرهقت ظهورهم بلا فائدة، هذه مرحلة القراءة والكتابة والحساب والتربية الدينية والخُلقية والإملاء والتعبير الشفوي، بينما تقوم هذه المناهج بتقليص ساعات العربية والرياضيات لصالح لهجة لا علاقة لأغلبية الجزائريين بها، بالإضافة إلى لغتيْن أجنبيتين...نريد لأبنائنا مزيدا من العربية والتربية الإسلامية إلى جاب المواد العلمية المطلوبة، أما اللغات الأجنبية فتؤخر إلى الطور المتوسط.
إن المناهج التي تحوّل البيوت إلى مدارس و الأولياء إلى مدرّسين فاشلة بكل تأكيد، وانظروا إلى مستوى التلاميذ التربوي والتعليمي لتتأكدوا أنه آن أوان دق ناقوس الخطر بكل قوة، فلْيتكلم المخلصون لبلادهم من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المنظومة التربوية.
من جهة أخرى أعتقد أنه لا مفرّ من العمل الشعبي الموازي المدروس القوي، أي إحياء منهج ابن باديس، الآن قبل الغد، وحشد الطاقات المخلصة وما أكثرها في شعب متمسك بإسلامه وعربيّته، رافض للتغريب القبيح والفرنسة الحثيثة، لأن المنظومة الرسمية أغرقوها في التنظير وتكرار التجارب واختلافها وإقحام غير أهلها كالاستعانة بالخبرات الفرنسية، وقد استخلصنا من كلام المختصين الجزائريين أننا لسنا بحاجة إلى مزيد من التنظير والخبرات الأجنبية بل إلى مقاربة عملية ينجزها أصحاب الميدان، تركز على إعادة الاعتبار لمواد الهوية الوطنية، وتخفيف البرامج إلى أبعد حد، والتركيز على القراءة والكتابة والحساب والتربية – بالنسبة للطور الابتدائي الذي هو ركيزة التعليم الأولى – على أن يكون هذا على خلفية ثلاثة عناصر أساسية ل ينجح التعليم في جميع الأطوار إلا بها هي:
- إعادة الهيبة للمعلم
- إحياء قيمة الانضباط
منع الدروس الخصوصية
فالانضباط هو الحل الأمثل لمحاربة ظاهرة الغش التي يندى لها الجبين، فمن أبرز ما أنتجته "إصلاحات" الثلاثي بن زاغو – بن بوزيد – بن غبريط: جيل بأكمله سمَتُه الأولى الغش !!! إلى درجة أن نشاطات الدولة والمؤسسات والأفراد تتوقف كل سنة أسبوعا كاملا خوفا من الغش...هل سمعتم بهذا في بورندي؟ في الكونغو؟ في كازغستان؟ هذا جيل يتوق إلى العلم ويحصل على شهادات جامعية ويُنتظر منه أن يبني الجزائر؟ حتى الأقلية من التلاميذ المتفوقين والنزهاء تكاد تضيع وسط هذا العفن الممنهج الذي لا ينزعج منه الأولياء و"يتسامح "معه كثير من المربين والإداريين لأنه قدَر!!! وكل الناس يرددون "من غشنا فليس منا"...أقول: "كبُر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"....هكذا ضاعت الأخلاق لأن "الإيمان في القلب" حسب "اٌصلاحات" المقدسة.
إن المدرسة التي نحلم بها إسلامية الروح، عربية اللسان، جزائرية المنهج...لا تكتفي بمحو الأمية بل تملأ العقول بالعلم النافع، وتربي على القيم والأخلاق والأدب الرفيع والسلوك القويم، لا تخرج عاطلين وإنما علماء وباحثين ومستكشفين وعباقرة يخدمون بلدهم وأمتهم والبشرية كلها.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: