البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

آسيا جبار... وجه للتغريب

كاتب المقال عبد العزيز كحيل - الجزائر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1360


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كتبتُ عنها منذ عشرين سنة ، وقد عرفُتها من كتاباتها ومواقفها فرنسيةً أكثر من الفرنسيّين وتغريبيةً أكثر من الغربيّين ومتحاملةً على الإسلام وحقائقه وتاريخه أكثر من المستشرقين وداعيةً إلى الفكر الغربي مثل غلاة العلمانيّين ، لم تقدّم للجزائر شيئا خلافا لادّعاءات أصحاب المشروع المناوئ للدين والعربية والأخلاق ، وماذا تقدم لها وهي غريبة عن الشعب ودينه ولغته وبعيدة حتى عن أرضه ، تعشّقت فرنسا والفرنسية فعاشت هناك وماتت هناك ، ولا أدري لماذا أصرّوا على دفنها هنا بين أقوام لا علاقة لها بهم ، وقد أحبّتها الدوائر الاستشراقية واحتفت بها ورشّحتها أكثر من مرّة لنيل جائزة نوبل في الأدب – وترشيح هذه الدوائر لها يدلّ على توجّهها الفكري والحضار ي – فلمّا أعياها ذلك ضمّتها إلى " الأكاديمية الفرنسية " ، وهي أعلى مؤسسة للغة الفرنسية وثقافتها ، لا يحظى بعضويتها إلا من أثبت ولاءه التام لفرنسا لغةً وثقافةً وانتماءً حضاريا ، وتفانى في خدمتها ، وهي صفات توفّرت في آسيا جبار إلى أبعد حدّ.

ولا يخفى على متتبّع للحرب الثقافية الدائرة رحاها على مستوى العالم وعلى الاسلام بوجه خاصّ أنّ الأوساط التي تقود هذه الهجمة الممنهجة قد كوّنت مجموعة من الأكاديميّين والكُتّاب والفنّانين من أصول عربية ومسلمة يتوزّعون في الإقامة بين أوروبا – وفرنسا تحديدا – وبلدانهم الأصلية ، يتبنّون الفكر الغربي تبنّيا يتّسِم بالانبطاحية والغلوّ ، يعملون في إطار مشروع تغريبي شامل متكامل يهدف إلى تغريب المسلمين وغزوهم ثقافيا بواسطة " تجديد " الاسلام ، وهو تجديد يتلخّص في إعادة قراءة منظومته كلّها قراءة علمانية بحتة تُفرغه من محتواه الديني ولا تُبقي له قداسة بأيّ شكل ، وكان من نصيب الأدباء في إطار هذا المشروع توظيف التاريخ الاسلامي في كتاباتهم توظيفا مغرضا مليئا بالتحريف والشبهات وقلب الحقائق، سواء على مستوى الأحداث أو الرموز ، فكتب الطاهر بن جلون في الثمانينيات من القرن الماضي روايته " الليلة المقدّسة " – إشارة إلى ليلة القدر - وهي عبارة عن استهزاء بالقرآن الكريم ومعلّميه وأخلاقه ، في جوّ من المجون والفسق ، أما أسيا جبار فقد ألّفت روايتين في الفترة ذاتها جعلت بطلتَهما السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، ولخّصت دور ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم في امرأة جريئة متحرّرة ترفض الاسلام " الرجالي " وتناضل من أجل حقوق النساء وتحريرهنّ من ربقة دين يضيّق عليهنّ ويستعبدهنّ ، وقد وضعت لكلّ واحدة من الروايتين عنوانا موحيا ، فالأولى سمّتْها : " بعيدًا عن المدينة " والثانية : " التي قالت لا للمدينة " ، أي أن السيدة فاطمة اتخذت منهجا آخر غير ما عليه المدينة المنوّرة ، ثم رفعت صوتها لتقول لا لنموذج الدولة الاسلامية القائم في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ... هكذا صارت أفضلُ نساء العالمين زعيمة لما يُسمّى " الفيمينيست " داعيات تحرير المرأة !!! و الكاتبة المتوفّاة واحدة منهنّ ، يسارية – أو ليبرالية ؟ ما الفرق ؟ - متشبّعةٌ حتى النخاع بالقيم الغربية وتريد إعادة بناء الاسلام كله وفق هذه القيم تماشيا مع خطّة المشروع التغريبي المتكامل الأركان الذي يمكن تسميته بالاستشراق العربي ، والذي جنى على كلّ ما له صلة بالإسلام ، فزملاء آسيا جبار " التقدميّون " شكّلوا من أبي ذرّ رضي الله عنه رجلا اشتراكيا منحازا للفقراء بينما شكّلوا من عثمان رضي الله عنه إقطاعيا ظالما للطبقات المحرومة ، أما عمرو بن العاص رضي الله عنه فسياسي مخادع لا دين له ولا خلق إلى غير ذلك من تحريفهم الذي طال حتى الرسول عليه الصلاة والسلام الذي خلعوا عليه لقب " أوّل اشتراكي " في التاريخ ، وذلك أثناء فترة حكم بومدين ، والحقيقة أنهم بذلك يشوّشون على الاسلام ذاته ويرفضون جميع رموزه بدءا بالذين يتظاهرون بتبجيلهم ، وما يفعلون ذلك إلا مراوغة لأن مثلَهم الأعلى هو الغرب الذي تحلّل من الدين والأخلاق وقطع صلته بالسماء تمامًا .

ولهذه الأديبة – كما لغيرها – أن تختار المنهج الذي تريد ، فذلك شأنها ، لكنّ العجب يكمن في مؤسسات ثقافية وإعلامية وسياسية " وطنية " تحتفي بها وتجعل منها ومن أمثالها أبطالا ووجوها بارزة في البناء الوطني يستحقون التكريم أحياء وأمواتا ، وهذه المرأة اختارت بوضوح فرنسا كوطن ومرجعية ولغة ، فعاشت وماتت هناك ، غير مبالية بالجزائر وشعبها ولغتها وهمومها ، سائرة في ذلك على درب كاتب ياسين ومحمد ذيب ومحمد أركون الذين قطعوا صلتهم ببلدهم ماديا ومعنويا ، وانحازوا إلى فرنسا قلبا وقالبا ، ومع ذلك تريد الأوساط المتحكّمة في ساحتنا أن نتخذهم أبطالا رغم أنوفنا.

ولا عجب في ذلك ، فكلّ من يعادي الاسلام مرحّب به لصدّ لما يسمّونه المشروع الظلامي ، وقد تجرّؤوا فأحيوا تراث عائلة قبائلية تنصّرت منذ نحو قرن من الزمان – هي عائلة عمروش – فجعلوا من المسمّاة الطاوس أديبة وفنانة تمثّل أصالة الجزائر وعمقها ، وجعلوا من أخيها – الذي غيّر اسمه من موهوب إلى جان – شاعرا فحلا يجب أن تفتخر به الأجيال ، وما فعلوا ذلك إلا نكاية في التوجّه العربي الاسلامي الذي لا يبغي الشعب حِوَلا.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الجزائر، آسيا جبار، الأدب، الكتابة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-07-2024  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  رسالة مفتوحة إلى الأموات
  هل يستفيق "السلفيون"؟
  تجديد العهد مع غزة الصامدة
  ألف تحية لطوفان الأقصى في ذكراه الأولى
  "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"
  المدرسة وهمومها
  كيف نخدم قضية فلسطين؟ غزة تنزف...وفلسطين القضية الكبرى.
  غزة بين مناصر ومخذّل
  سورة البقرة والعنوسة والجنّ
  كلمة عن أولمبياد باريس
  الوصايا العشر المستقاة من طوفان الأقصى
  فن الرواية بين السنوار وهوارية
  حتى نرتفع إلى مستوى القرآن
  آسيا جبار... وجه للتغريب
  التربية الراقية

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد أحمد عزوز، محمد يحي، د. خالد الطراولي ، محمد علي العقربي، د. صلاح عودة الله ، فتحي الزغل، رمضان حينوني، عبد العزيز كحيل، محمود فاروق سيد شعبان، سيد السباعي، وائل بنجدو، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سامر أبو رمان ، الهيثم زعفان، طارق خفاجي، فهمي شراب، علي عبد العال، محمد شمام ، الناصر الرقيق، د. أحمد بشير، محرر "بوابتي"، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رافد العزاوي، د.محمد فتحي عبد العال، مصطفي زهران، حسني إبراهيم عبد العظيم، ياسين أحمد، العادل السمعلي، أحمد النعيمي، فوزي مسعود ، صلاح المختار، أحمد بوادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمد رحال، إيمى الأشقر، د - صالح المازقي، د. طارق عبد الحليم، فتحي العابد، أنس الشابي، منجي باكير، عبد الغني مزوز، د - محمد بنيعيش، الهادي المثلوثي، سامح لطف الله، كريم السليتي، صالح النعامي ، سعود السبعاني، جاسم الرصيف، د - المنجي الكعبي، سليمان أحمد أبو ستة، د - مصطفى فهمي، د - عادل رضا، ماهر عدنان قنديل، سفيان عبد الكافي، بيلسان قيصر، رشيد السيد أحمد، ضحى عبد الرحمن، عبد الله زيدان، سلام الشماع، صلاح الحريري، صباح الموسوي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - شاكر الحوكي ، د- جابر قميحة، عواطف منصور، مصطفى منيغ، كريم فارق، رافع القارصي، مجدى داود، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، عمار غيلوفي، إسراء أبو رمان، يزيد بن الحسين، طلال قسومي، خالد الجاف ، رحاب اسعد بيوض التميمي، إياد محمود حسين ، نادية سعد، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، أبو سمية، محمد الطرابلسي، علي الكاش، د - الضاوي خوالدية، عبد الله الفقير، مراد قميزة، محمد الياسين، محمود سلطان، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد الرزاق قيراط ، حسن عثمان، محمود طرشوبي، صفاء العراقي، سلوى المغربي، د- محمود علي عريقات، صفاء العربي، خبَّاب بن مروان الحمد، رضا الدبّابي، أحمد ملحم، د- هاني ابوالفتوح، حميدة الطيلوش، المولدي الفرجاني، عراق المطيري، حسن الطرابلسي، محمد العيادي، د. أحمد محمد سليمان، محمد عمر غرس الله، يحيي البوليني، أ.د. مصطفى رجب، أشرف إبراهيم حجاج، تونسي، د. عبد الآله المالكي، حاتم الصولي، عزيز العرباوي، عمر غازي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة