د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 42
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مايوت باللسان الفرنسي موطا بلسان سكانها العرب القمريين (تبركا بموطا الإمام مالك كما بيناه في مقال سابق)، زارها أمس الرئيس ماكرون بعد أسبوع من وقوع كارثة الإعصار شيدو الأشد في تاريخها من حيث الضحايا البشرية والخسائر المادية إلى الحد الذي يفوق كل تصور وتقدير نظرا لافتقار بنية هذه الجزيرة التحتية والفوقية إلى كل مقومات الحياة الكريمة رغم وفرة خيراتها البحرية والبرية التي تحتكرها سلطات الاحتلال وتضيّق على عامة سكانها المعيشة لإبقائهم تحت رحمة المستعمر الفرنسي وخدمة أغراضه الخاصة وقطع كل سبيل أمام تحرر أبنائه من ربقة الاحتلال وامتلاك مصيرهم بأيديهم.
ولذلك لم تر السلطات الفرنسية بمناسبة هذه الكارثة التي حلت بالجزيرة إلا التعلّل بالهجرة المتزايدة فيها وكثرة النسل لتبرير عجزها عن عدم تلبية كافة الاحتياجات المتزايدة بتزايد المهاجرين والسكان، وهما العنصران المتصلان بهوية المسلمين والعرب اللذين أصبحت فرنسا تتأفف منهما في المسدس وفي سائر مستعمراتها وتعالجهما للأسف من منطلقات عنصرية ولائكية منحازة.
ولم يتردد ماكرون بعدما اطلع على الوضع المأساوي في الجزيرة في نقض الرأي السائد في الأوساط الفرنسية المعارضة وحتى المعتدلة والقائل بإلقاء المسؤولية على حكومته في إدارة شؤون الجزيرة للإهمال المتسببة فيه من حيث البنية التحتية وسياسة القمع المتبعة لمنع السكان من التعبير ورفع مطالباتهم بالاستقلال والتحرر من الاحتلال.
ومتشجعا بحملته لإعادة إصلاح كنيسة نوتردام بعد الحريق الهائل الذي أتى عليها عن طريق جمع الهبات والتبرعات أوحى له ما جرى في مايوت الإسلامية الفرنسية أن يعاملها معاملة الكنيسة لكن لا بإقرار المهاجرين المسلمين ومن الإكثار من نسلهم في ربوعها توطئة لإعمار على أسس عمرانية سليمة قادرة على الصمود بمواجهة الزعازع والأعاصير.حتى لا يعود يتأفف لا هو ولا روطايو وزيره للداخلية (المتصلب ضد الإسلام والمهاجرين والذي سبقه بالزيارة إليها لتجسس الوضع)، من عادات المسلمين بالتعجيل في دفن موتاهم في الكوارث والحروب دون تأخير إكراما لهم. لأن هذه العقيدة منعت السلطات الفرنسية من عد القتلى والمفقودين لضبط المقيمين الشرعيين من غيرهم في حساباتهم للتعويض والشؤون القانونية للتمتع بالمنح والامتيازات. فالإعصار الرباني قضاء لا يرد ولكن القضاء الاستعماري حتما يرد لأنه ظالم غشوم وإن تلحف بزي القسيسين وجلباب الأباطرة.وبات التطهير العرقي والديني وجدل التخلص من المهاجرين قبل الإعمار أم بشرطه هو موضوع الإعلام الدائر، وهو من مقدمات السقوط الفرنسي في فخ الصهيونية.
ولا يستغرب أن يميّز ماكرون بين هبات إسلامية تأتيه لهذا الغرض من مسلمي فرنسا ومسلمين في كل مكان وهبات مشروطة بأن تصرف في غير وجهها لتأبيد الاحتلال الأجنبي في الجزيرة المكرمة باسمها الموطأ لا جزيرة الموت كما يشاء التلفظ الفرنسي الاستعماري.
تونس في ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦ ه / ٢١ ديسمبر ٢٠٢٤م
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: