د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 27
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إن الإنسان ليأسى أن يرى أرواحا تزهق باطلا في أي مدينة من العالم وفي أي سوق ينتصب بمناسبة دينية أوطنية وليس في ماغدبورغ بسيارة مرتدّ سعودي رباعية الدفع أو سداسية فحسب.. بل وفي غزة بالمسيّرات والقنابل والصواريخ الموجهة. وليس وراءها غير عقل محشو بالثأر والانتقام لضحايا مصلين في مساجدهم أو أطفال زغاليل في مدارسهم أو مصابين يستشفون أو عجّز هاربين من الموت في ملاجئهم.
عقل..؟ من ملأه بهذا الكم الهائل من القسوة إن لم يكن حكام دول ملؤوا الدنيا حروبا ظالمة لا تتساوى الحظوظ والمقدّرات فيها بين المتقابلين، فيلجأ البعض إلى الكفر بالشرائع الدينية لإشفاء غيضه من المقصرّين في حقها ويلجأ الآخرون إلى الكفر باللوائح والقوانين الوضعية لإطفاء غليلهم من أعدائهم الذين لا يرتدعون بها.
إن القوة المادية بيد من يملكها لا تخوّل قوانين الأرض ولا السماء لصاحبها أن يعبث بحقوق الآخرين وينتهزها لنفسه ظلما وعدوانا. وهذه إسرائيل يشهد العالم كله بأنها تجاوزت حدود العقل السليم احتمالا من عدوانها الوحشي على الأبرياء والعزل والضعفاء.
فلم يبق إلا العقل غير السليم لاستيعاب الكفر بالواقع المجنون بل حتى بالدين القويم ليتخفّى صاحبه عن العيون بسرّه الدفين وينزع للحظة غمامة الخوف عن عينيه وهو يدوس على السرعة لإسماع الصيحة الكبرى لبشرية يدهسها القتل في غزة وهي آمنة في منازلها.
فيا لسخرية حضارة والبشرية يدهسها القتل وهي صاخبة في أعيادها!
فعلى من تقع المسؤولية؟ على ذي العقل السليم أم ذي العقل المختل الداهس على حرمة المقدسات والعافس على منظومة الحقوق والحريات جهارا نهارا؟ فماذا لو قلنا إن إسرائيل هي التي تقف وراء رِجْل الداهس على رقاب المحتفلين بالأعياد في ماغديبورغ أو غيرها من عواصم الدنيا والمدن والقرى والبلدات وإن اختلف شكل المركبة التي يقودها مدنية في ألمانيا أو عسكرية في غزة؟
فهذا الكهل السعودي المسلم في بلاده الكافر بالإسلام في ألمانيا الذي فعل فعلته في ماغديبورغ، ألا من يسأل عن دوافعه التي قد لا تخلف عن دوافع الطالب المصري سليمان الحلبي قاتل الجنرال كليبار قائد الحملة الفرنسية على مصر انتقاما لقتلاه بالعشرات من شيوخ الأزهر. فتخفّى في أسمال متسوّل للوصول إليه.
ألمانيا تحارب الإرهاب وأمريكا كذلك ولكن كيف يصنعون الإرهاب ولا يدرون كيف لا يتورطون فيه؟ هذا هو السؤال.
كم من محاكمات عادلة كشفت عن سوء إدارة كثيرين من الحكام الغربيين وتورطهم في قضايا رشوة وأطماع شخصية، كما حوكم أخيرا ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق في قضيته مع القذافي. ولكنها محاكمات وطنية لتسلم الدولة بعده من وصمتها بأمثاله ولكن دون تعويض للدول المتضررة، كاستعمار الجزائر وغيرها.
تونس في ٢٢ جمادى الثانية ١٤٤٥هـ / ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤م
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: