د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 20
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من يقول انتصرت على العدو دون أن يتكبد هو نفسه أكبر الخسائر غير منهزم لأن العدو خسائره لا تقايس إلا بالمكاسب فإذا كانت ضعيفة بالنسبة إلى أهدافه فهو الأخسر.
فماذا حققت إسرائيل من حربها على غزة غير وقف القتال بضغط الرئيس المنتخب ترامب قبل حلوله بالبيت الأبيض؟ غير تسجيل النسبة الأعلى من الاغتيالات في صفوف القادة الفلسطينيين والقتلى والمصابين بين الآمنين والتخريب شبه الكامل لأساسيات الحياة كما لم يسبق لها في أي حرب خاضتها ضد الفلسطينيين، وخلفت غير حصيلة ثقيلة من تنديد الرأي العام العالمي و إدانة المحاكم الدولية وآخرها محكمة الجنايات بلاهاي بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الإنسانية.
فإذا لم تكسب حماس من عملية طوفان الأقصى سوى مقتل أبرز قادتها، هم وقوافل الشهداء والمصابين بما يقارب ثلث السكان فليس ذلك بالكثير لتحدى العدو بما ملكت أيمانهم على مدى سني الاحتلال والحرمان من قوى معنوية ومادية لاقتضاء هذا الكسب غير البسيط في سبيل تحرير الأرض المغتصبة. كسب لعمري مشهود بعدما مر بالقضية من تضاؤل فرص التسوية بكل الأساليب السلمية فلم يبق إلا المقاومة لحمل العدو على الإذعان لمنطق المواجهة والجهاد. فبالمحصلة استعاد الشعب الفلسطيني المناضل روح المبادرة وعزيمة التصميم وسجلت عملية طوفان الأقصى انتصارا عز تحقيق أقل نتائجه من تحريك القضية الفلسطينية على كل لسان وفوق كل منبر وتوالت نتائجه ولا زالت تتوالى على امتداد خريطة العالم كاملة للمواقف التي أفرزتها عملية الأقصى وحرب غزة على سياسات الدول تأييدا واستنكارا وشجبا وتضامنا ودعما كما لم يحصل مثله مطلقا في السابق. مما يبشر بآفاق جديدة للمقاومة الفلسطينية وكل مقاومة داعمة لها ومتضامنة معها في دول الجوار وفي ما هو أبعد منها من الدول الشقيقة والصديقة. فلم تعد إسرائيل بعد ٧ أكتوبر ٢٣ إسرائيل ما قبلها لأن وضعيتها الجديدة أصبحت محل نظر جميع الأنظمة حتى الأكثر صداقة لها في السابق بانكشاف عنصريتها وعدوانيتها وكراهيتها للبشرية وكره البشرية لها.
فبين أن يتوقف إطلاق النار في غزة وتتوضح ملامح اليوم التالي وعودة الفلسطينيين لاستئناف حياتهم على أرضهم التي حرروها بدمائهم وسيقبلون على تعميرها بسواعدهم لتقف مؤسسات دولتهم بكل مقاييس الدول القائمة حولها للدفاع عن ذاتيتها وسيادتها وأمنها ورخائها واستقرارها، لن تنام لهم عين حتى يعيدوا الكرة على الغاصب المحتل أو يركن للتفاوض على الحقوق والواجبات في كامل الأرض المحتلة ولسان حالهم قوله تعالى: ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾
تونس، في ١٤ رجب ١٤٤٦ هـ / ١٤ جانفي ٢٠٢٥م
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: