عبد العزيز كحيل - الجزائر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 19
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد أنقذ طوفان الأقصى المسلمين من اجتياح حضاري و خسارة مدوية حين فتح أعينهم وأعين البشرية كلها وكشف الوجه الكالح للحضارة الغربية، لم يفعل ذلك عبر الكتب او التصريحات بل عبر حقائق ناطقة من المنظومة السياسية والاعلامية والاجتماعية الغربية التي ظهرت سافرة لا تغطيها حتى شجرة التوت... هل يمكن لنا بعد اليوم أن نبقى ندرّس كتاب رسالة في التسامح وكتاب العقد الاجتماعي وغيرهما من الكتب التي تمجد فلسفة الغرب حول الانسان والكون والحقوق والحريات والمساوة والعدل؟ من سيصدق هذه التنظير بعد حرب الإبادة في غزة التي تباركها المنظومة الغربية؟ هل يبقى بيننا مفتتنٌ بهذه الفلسفة "التنويرية الإنسانية" إلى حد تدريس أدبياتها حتى في المساجد بعد أن رأوا الفجوة السحيقة الهائلة بين الكلام الاستهلاكي وحقيقة الغرب في الواقع؟
نعلم أن أكثر الخسائر فداحة في المعارك الحضارية هي الكفر بالأفكار والقناعات لأنها أسهل وسيلة للغزو الحضاري، و تكلفتها خفيفة للغاية مقارنة بالجيوش والأسلحة، وها قد انكشفت هذه الأفكار "التحررية" وتبين كذب الطلاء الذي لفّها به الرجل الأبيض ليروّج زيفه وعدوانه وتنكره لأبسط معاني الإنسانية خارج حدود بلدانه وخاصة إذا تعلق الأمر بالإسلام والمسلمين...بعد الطوفان انتهى العصر الاستعماري وتوقفت دورة الحضارة الغربية، اندحر ذلك الاستعمار الذي بدأ عسكريا فلما فشل تحول الى الغزو الناعم فلما فشل رجع إلى مربع العدوان العسكري السافر وظهرت أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومعها معظم الدول الأوربية كقوى استعمارية متراصة الصفوف لا تخجل من شن او مباركة حرب إبادة جماعية على غزة بشكل علني لكن بوادر فشلهم تلوج في الأفق واضحة جلية بعدما كسرت المقاومة غرورهم بصمودها الأسطوري، فعليهم انتظار دورة التاريخ لتدفع أجيالهم اللاحقة أثمانا باهظة ... نقول هذا لأنه لم تُبْتَلَ فئةٌ في التاريخ بأن اجتمع عليها العالم يحاربها مثلما ابْتُلي أهل غزة، فلا شك في كون أبنائها الطائفة التي رفعت لواء الحق، وغيرُها بين راتع في الباطل خيانة وتآمرا أو قريب منه خذلانا وعجزا، لذلك يحق لغزة أن تأخذ نفسا عميقا ثم تبصق على الكوكب كله باستثناء تلك الفئات غير المنافقة التي وقفت في وجه الغطرسة الغربية – ومنهم يهود مناهضون للصهيونية – طيلة العدوان على القطاع وكفرت بالمرجعية الغربية بعد أن اكتشفت زيفها.
ويمكننا القول – بعد أن زالت الغشاوة عن أعين كثير من المنخدعين بالحضارة الغالبة - إننا أفضل من الغرب، أجل هو متقدم علينا ماديا وتنظيميا أي في شؤون الحياة لكنه أضاع الدين والأخلاق والقيم الإنسانية، وتمرد على الفطرة، ففقَد معنى الأسرة ومعنى الشرف ومعنى الحياء والحشمة، يرفع شعار الانسانية لكنه عنصري منافق يكيل بمكيالين، يحتقر الأمم الأخرى وثقافاتها وخصوصياتها (هذا ما لا يفعله الإسلام، فما زال المسيحيون متواجدين بين المسلمين في الشرق بدينهم وكنائسهم وثقافتهم)، خرج عن الفطرة وسقط في البهيمية في أبشع صورها فأفسد البيئة وأفسد إنسانية الإنسان حتى إن جميع الأوبئة والأمراض الخبيثة تأتي من هناك، وهو يزيّف الحقائق ويزعم زورا أن السيدا جاء من إفريقيا.، وحتى في المجال الديني لم يبق للكنيسة أي صلة بالمسيحية، فهي تبارك العدوان الغربي على الشعوب، وتعقد الزواج بين المثليين وتفعل في داخلها أشنع وأقبح الأفعال المنافية للأخلاق، ورغم كل هذه المثالب ما زال الغرب ينصّب نفسيا دركيا على العالم وحتى في مجال الأخلاق !!! ولئن تسلط على العالم كله فإن استهدافه للإسلام ودوله وشعوبه أشنع وأبشع، وهذه هي الحالة السورية تفضح ازدواجية معاييره ومنطقه الغريب:
ففي لصين المسلمون أقلية ولم يتم إشراكهم في السلطة، في الهند المسلمون أقلية كبيرة جدا ولم يتم إشراكهم في السلطة، في الفلبين المسلمون أقلية ولم يتم إشراكهم في السلطة، في أوروبا المسلمون أقلية ولم يتم إشراكهم في السلطة، في إيران المسلمون أقلية ولم يتم إشراكهم في السلطة، في روسيا المسلمون أقلية ولم يتم إشراكهم في السلطة، في مقدونيا المسلمون أقلية ولم يتم إشراكهم في السلطة،... لكن في سوريا يشكل المسلمون 90 ٪ من السكان ويطالب هذا الغرب بإلحاح وبطرق غير ديبلوماسية أن تكون السلطة للأقليات بالدرجة الأولى حتى تلك التي اعتمد عليها النظام البائد في حكمه الإجرامي .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: