البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات
   رأي القُرعة

تعدّدت الألسنة والخطاب واحد

كاتب المقال أنس الشابي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 639


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يلحظ المتابع لخطاب قادة حركة النهضة بعد سنة 2011 أنه خطاب يتلوّن بحسب الظروف وموازين القوى فهو ليّن تجاه الباجي ومن لفّ لفّه إلى حين وهو كذلك مع حمّة الهمامي ولكنّه في غاية العنف والشدّة مع عبير موسي وفي غاية اللطف والمسايرة مع بعض ما يسمّى قادة التجمع، والسؤال الذي يُطرح بإلحاح هل أن للحركة سياسات مختلفة أو أن لها سياسة واحدة تعبّر عنها بخطابات متعدّدة؟ وهل أن الحركة أصبحت ديمقراطية فعلا كما روّجت لذلك أيام ادّعت أنها فصلت بين الدعوي والسياسي؟ وهل أن تعدّد الألسنة واختلافها يدلّ على أن هنالك تعدّدا في الآراء والمواقف داخلها؟، قبل الإجابة عن هذه الأسئلة وجب أن نلاحظ أن الإسلاميّين ضمن التنوّع الذي افتعلوه عملوا على ترويج مصطلح المسلمون الديمقراطيون والإسلام الديمقراطي فتارة يضيفون الديمقراطية للإسلام الدين وتارة للمسلمين أي للذوات البشرية الحاملة لثقافة ومخزون تاريخي ونفسي، هذا النوع من الإضافة عرفناه سابقا كالقول بوجود إسلاميين تقدميين أو يساريين أو مستقلين أو قرآنيين وقد عمل أصحاب هذه الاتجاهات على التقعيد لرؤاهم والتنظير لها في مجلات وجرائد وكتيبات إلا أن الحصيلة كانت ضعيفة واندثرت تجمّعاتهم، فلماذا تنهار مثل هذه الإضافات لمّا يقع إلصاقها بالإسلام وتتحوّل إلى غير معانيها الأصليّة فتصبح الديمقراطيّة استبدادا لمّا تضاف إلى الدين ويتحول اليسار العلمي إلى شتات من الأفكار والرؤى التي تصبّ جميعها في خانة الإسلاميين ليصبح اقتسام الثورة زكاة والتكافل الاجتماعي جزية شرطها الإيمان؟ ثم لماذا تفشل كل المحاولات التي سعت إلى إدراج مفاهيم ومناهج ورؤى جديدة حتى يتلاءم الإسلام مع قيم العصر؟ ألا يؤكد ذلك أن الإسلام مكتف بذاته وليس في حاجة إلى إضافات من نوع الديمقراطية والاشتراكية واليسارية وغيرها؟.

فمن حيث أراد مبتكرو هذا المصطلح الهجين الإشعار بمدنيّتهم أثبتوا أنهم حزب يتوسّل باستعمال الدين تحقيق أغراض سياسية، فقولهم مسلم ديمقراطي يثير تساؤلات عدّة من بينها هل أن المنخرط في هذا النوع من الأحزاب مطالب بأن يكون مسلما؟ وما الموقف من غير المسلم الذي يرغب في الانخراط فيها؟ وإذا اشترطنا الديانة ألا يعدّ ذلك نفيا لأبسط القواعد التي تقوم عليها الديمقراطية وهي المساواة بين المواطنين؟ وإن ذهبنا مذهبهم في القول بالإسلام الديمقراطي هل يعني ذلك إضافة ركن سادس للإسلام الذي هو الديمقراطية؟، ورغم أن الحركة الإسلامية أثبتت طوال تاريخها أنها لا تؤمن بالديمقراطية إلا مرّة واحدة عندما تصل عبرها إلى الحكم فإنها لا تتوقف عن استعمالها في خطاب بعض قادتها كلما رأت أن في ذلك ما يحقّق لها مصلحة وقد ظهر ذلك في الفترة الأخيرة قبل وبعد وضع البحيري قيد الإقامة الجبرية حيث خرج البعض منهم رافعين شعار القانون وحقوق الإنسان والقضاء العادل لتحقيق مكاسب سياسية لا تخطئها العين، هذا الخطاب مخاتل ومراوغ لأنه يجمع المتناقضات التي تؤدّي في نهاية الأمر إلى بيعة المرشد في المَنْشَطِ والمَكْرَهِ ذلك أن الديمقراطية تقوم على أساسين:

1) أن يكون للمحكوم رأي في اختيار حاكمه وفي حالتنا نجد أن مؤسّس الحركة يحرّم الانتخاب والاختيار الشعبي لِمن يحكمه قال الغنوشي: "واعتبر الترشّح لمنصب من مناصب الدولة الإسلاميّة سببا كافيا للحرمان منه قال عليه السلام (إنّا لا نولي هذا أحدا طلبه) ومن ثمّ لا مجال في المجتمع الإسلامي للحملات الانتخابية يخوضها الزعماء "فلا تزكّوا أنفسكم"(سورة النجم الآية 32) وإنما الأمّة هي التي تزكي وترشّح من تراه كفئا"(1) لهذا السبب بالذات لا تعرف الحركات الإسلامية جميعها تغييرا في قياداتها عبر الانتخاب أو صراعا بين البرامج والأفكار لأن الانتماء إليها يقوم على قاعدة الإيمان وليس الاقتناع.

2) أن يكون للمحكوم القدرة على مراجعة ومساءلة ومحاسبة حكّامه، وتأمّلوا مليّا ما حدث لنا في العشريّة الماضية حيث شَلَّت الحركة الإسلاميّة كل أجهزة الدولة وقوى المجتمع المدني عن أداء أدوارها الطبيعية في محاسبتها على السياسات التي انتهجتها، وإلى حدّ الساعة وبعد سبعة أشهر كاملة تقف الدولة عاجزة عن ردّ المظالم لأصحابها.

ويصل الاستبداد الديني منتهاه لمّا يجعل الغنوشي من حكومته حكومة الله طاعتها واجبة شرعاً قال: "إن طاعة المسلم حكومته في هذه الحالة ليست طاعة لشخص الحاكم بل هي طاعة لصاحب الشريعة يستحقّ عليها ثوابا وإن تمرّده على تلك الأوامر الملتزمة بدستور الدولة (الشريعة) يجعله آثما"(2) وهو ما يعني أن رئيس الدولة آثم أي أنه مرتكب معصية لمّا أصدر قرارات 25 جويلية قال تعالى في شأنه: "وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" (المائدة:2)، تلك هي العقيدة التي يصدرون عنها ويحتكمون إليها وما حديثهم عن القانون وسيادته إلا حلاوة في اللسان لا علاقة لها بما يضمرون، هذا التلبيس الذي افتعله الإسلاميون بخلطهم بين المعتقد والمناهج السياسية أفسد الرؤية ودفع بضعاف العقول إلى إدراجهم ضمن القوى المدنيّة التي تحتكم إلى ما هو وضعي وهو ما مكّنهم من فسحة في الانتقال بين الديني والمدني فتُرضي القطيع بقال الله وقال الرسول من ناحية وترضي كذلك ما سُمِّي بالعائلة الوسطية من ناحية أخرى بإعلائها الكاذب من شأن الإجراءات الشكلية لتنفيذ القانون ورفعها شعار حقوق الإنسان الذي يشمل الإرهابيين ومن شاكلهم، فالحذر كل الحذر لأن خطابهم واحد وإن تعدّدت الألسنة.

---------
الهوامش
1) "مقالات" راشد الغنوشي، الطبعة الثانية تونس 1988، ص141.
2) "الحريات العامة في الدولة الإسلامية" راشد الغنوشي، دار المجتهد، الطبعة التونسية الأولى 2011 ص117.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

حركة النهضة، راشد الغنوشي، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-03-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  القُرعة
  الخلافة مطمح مشترك بين النهضة وقيس سعيد وحزب التحرير...
  في أوجه التشابه بين الرئيسين زين العابدين بن علي وقيس سعيد
  المسكوت عنه في كتاب "دولة الغنيمة" للطيب اليوسفي
  خرق الدستور
  عن أزمة اليسار في تونس
  عن قيس سعيد والزيتونة
  الغنوشي وعائلته من قصور الحكم إلى أروقة المحاكم: الأسباب والمسبّبات
  شيء من تاريخ مصطفى بن جعفر
  الخاسر الأكبر من 25 جويلية هو صانعها
  في دور احميدة النيفر حليف نوفل سعيّد ماضيا وحاضرا ومستقبلا
  ماذا تبقى من قرارات 25 جويلية 2021؟
  أوّل خرق لدستور 2022
  رسالة إلى عناية السيّد رئيس الجمهورية
  حزب النهضة ومجلة الأحوال الشخصية
  قيس سعيد، محمد الشرفي، احميدة النيفر جدلية سياسية تاريخية لفهم الحاضر
  في عدميّة توظيف عبد الباري عطوان
  حصيلة مسيرة الغنوشي
  عن الفصل الخامس مجدّدا
  مصريّون في تونس وتونسيّون في مصر
  عن الدين في دستور قيس سعيد
  خطاب قيس سعيد الإسلامي في ميزان النقد
  تعدّدت الألسنة والخطاب واحد
  حول كتاب الأستاذ نجيب الشابي: "المسيرة والمسار ما جرى وما أرى" مواقف وآراء تحتاج إلى تصويب
  ماذا وراء تهكم واستهزاء الغنوشي بقيس سعيد؟
  الغنوشي يتهم قيس سعيد بالتشيع
  في وجوه الشبه بين قيس سعيد وراشد الغنوشي
  الزعيم بورقيبة وحركة الإخوان المسلمين في مصر وتونس
  الخصومات الثقافية في تونس: معركة زين العابدين السنوسي وسعيد أبو بكر أنموذجا
  إن الله كتب الإحسان على كل شيء

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أ.د. مصطفى رجب، تونسي، د - مصطفى فهمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - شاكر الحوكي ، سفيان عبد الكافي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فهمي شراب، إياد محمود حسين ، أشرف إبراهيم حجاج، سلوى المغربي، صلاح الحريري، المولدي الفرجاني، سامح لطف الله، حميدة الطيلوش، د- محمود علي عريقات، جاسم الرصيف، أحمد الحباسي، منجي باكير، د - صالح المازقي، أحمد ملحم، كريم السليتي، محمد شمام ، الهادي المثلوثي، رشيد السيد أحمد، د. عبد الآله المالكي، الناصر الرقيق، عبد الله الفقير، صلاح المختار، خالد الجاف ، طلال قسومي، رافد العزاوي، علي عبد العال، صفاء العربي، د- جابر قميحة، مراد قميزة، حسن الطرابلسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مصطفى منيغ، نادية سعد، ياسين أحمد، رضا الدبّابي، ضحى عبد الرحمن، رمضان حينوني، صفاء العراقي، وائل بنجدو، د. خالد الطراولي ، د. صلاح عودة الله ، يزيد بن الحسين، محمد اسعد بيوض التميمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، صباح الموسوي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود طرشوبي، د. أحمد محمد سليمان، الهيثم زعفان، عبد الله زيدان، فتحي الزغل، أحمد بوادي، د- هاني ابوالفتوح، فتحـي قاره بيبـان، سليمان أحمد أبو ستة، أنس الشابي، إيمى الأشقر، محمد يحي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، كريم فارق، علي الكاش، د - عادل رضا، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - المنجي الكعبي، عمر غازي، د. طارق عبد الحليم، د - محمد بنيعيش، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد العيادي، محرر "بوابتي"، أبو سمية، العادل السمعلي، د.محمد فتحي عبد العال، عمار غيلوفي، د - الضاوي خوالدية، محمد أحمد عزوز، عبد الغني مزوز، ماهر عدنان قنديل، محمد الياسين، عبد الرزاق قيراط ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عراق المطيري، سيد السباعي، سلام الشماع، محمد عمر غرس الله، مجدى داود، أحمد النعيمي، صالح النعامي ، فتحي العابد، د. أحمد بشير، مصطفي زهران، إسراء أبو رمان، حاتم الصولي، د- محمد رحال، رافع القارصي، محمود سلطان، محمود فاروق سيد شعبان، يحيي البوليني، سامر أبو رمان ، د - محمد بن موسى الشريف ، سعود السبعاني، فوزي مسعود ، عزيز العرباوي، محمد الطرابلسي،
أحدث الردود
مقال ممتاز...>>

لغويا يجب استعمال لفظ اوثان لتوصيف مانحن بصدده لان الوثن ماعبد من غير المادة، لكني استعمل اصنام عوضها لانها اقرب للاذهان، وهذا في كل مقالاتي التي تتنا...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

واضح أن الكاتب يعاني من رؤية ضبابية، وهو بعيدٌ عن الموضوعية التي يزعم أنه يهتدي بها..
نعم، وضعت الأنظمة القومية قضية تحرير فلسطين في قائمة جدول...>>


الأولى أن توجه الشتائم التي قدمتها لما يُسمى بالمعارضة الذين هم في الحقيقة تجار الوطن والشرف.. ارتموا كبائعات الهوى في حضر التركي والأمريكي والقطري وا...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة