عبد العزيز كحيل - الجزائر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 40
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
السؤال عن المآلات السياسية للاتفاق سابق لأوانه بل لا يكتسي أهمية كبيرة الآن، فقد أدى أهل الرباط ما عليهم وصبروا وصابروا وجاهدوا وأبلَوا البلاء الحسن وسجلوا للتاريخ أن في الأمة قلة من المؤبنين من بقية السلف الصالح كثّر الله عددهم وسدد رميتهم ونكأ بهم عين عدوهم وبارك تلك الأرض بدماء شهدائهم، رجال من طراز نادر خاضوا معركة الأمة نيابة عنها بكل اقتدار، لم يضرهم خاذل أو مخذّل ولم يلتفتوا لناعق أو مثبط ، فمـنْ في الدنيـا كجندنـا الميامين؟ هم جند الله على خيرة أرضه، بعد عام وثلثه كأنهم للتو انطلقوا، جندوا من الجند ما يفوق عدد من قضى، ألحقوا بالعدو هزيمة لا غبش فيها وتركوه امام فشل لا ريب فيه، كان هدفة الأكبر القضاء على حماس فإذا به يتفاوض معها ويرضخ لشروطها بعد أن تيقن أن هزيمة المقاومة أمر مستحيل، وها هم الأبطال على أرضهم وبين حاضنتهم أصلب عزيمة وأقوى شكيمة...انتصرت غزة رغم الداء والأعداء ورغم الدماء و الأشلاء ورغم الخيانة والعملاء ورغم الحرب العالمية ضدها...فيا سبحان الله، رغم كل تلك الترسانة العسكرية والإعلامية والمالية ورغم كل خيانات الجوار و ضغوط الخارج إلا أن تحرير الأسرى لم ولن يتم إلا عبر المفاوضات، وقد كان رجال حماس في عملية التفاوض رجالا بحق، أقوياء، يتحلون بالذكاء والحنكة والفطنة إلى جانب القوة والشهامة، يكفيهم أنهم نجحوا في حفظ ماء وجه أمة مغلوبة على أمرها، وقد كانت براعتهم في التفاوض مثل براعتهم في القتال... فطوبى لأهل غزة، جمعوا شرف الأرض وعز السماء، وستبقى هذه الأسماء (جباليا، بيت حانون، رفح، خان يونس) شاهدة على تضحيات جسيمة وثبات عجيب واستمساك لا نظير له بالأرض والدين، وتبقى هاجسا يلاحق جنود العدو وساسته الذين كانوا يراهنون على تركيع غزة في ظرف أسابيع قليلة من القصف فخابوا وخسروا وعوضوا عن ذلك بتدمير القطاع تدميرا همجيا انتقاما من الفئة التي واجهتهم مواجهة الند للند ومن الشعب الذي تحمل ما يصعب تصوره من المصائب ولم يستجب لرغبة العدو في تهجيره من أرضه.
تابعت الأمة الحرب من بعيد لأن الأنظمة حالت بينها وبين الاقتراب من فلسطين، لكن غزة لم تترك مكانا داخلنا إلا مزَّقَته، قلوبنا صارت كخرَق ممزقة من شدة الألم، فيا ليتها تسامح ضعفنا وتتجاوز عن هواننا وتشهد لنا يوم القيامة أمام الله بأننا كنا معها بقلوبنا وألسنتنا وأقلامنا وبجهد المقل وإن عجزت الايدي والأجساد، وحسبنا أننا وإن لم نكن من المجاهدين فإننا لم نكن في طابور المنافقين والمعوقين والمخذلين والمصطفين مع العدوان، مع هذا يطارد فرحَتنا بانتهاء الحرب أن غزة جاءها الفرج أما الأمة فإن العار سيلاحقها طول الدهر بسبب المطبعين والمتواطئين، هؤلاء الذين سيخرج فيلقهم من سباته هذه الأيام ليحاول جلد الرجال والتذاكي عليهم متناسيا أنه كان من الخوالف بل من أنصار العدو، أما أولئك المتدينون المنضوون تحت لواء الوهابية فلا يحق لأحد منهم بعد هذه اليوم أن يتكلموا عن التوحيد أو العمل بالقرآن و الثبات و الجهاد و الرجولة أو الشجاعة والسلف الصلح وقد خانوا كل هذه المعاني وخذلوها منذ انطلاق طوفان الأقصى، فالوهابية لم يزدها طوفان الأقصى إلا تصهْينا.
وفي معركة الطوفان سقطت كل المؤسسات السياسية والعسكرية والدينية والحقوقية الإقليمية والدولية، ولم تنجح سوى تلك الثلة المباركة من المجاهدين الذين صدقوا الله فصدقهم الله وجعلهم حجة على المسلمين وأهل الأرض جميعا، وهذا من عاجل بشرى المسلم.
مضى من القادة إسماعيل هنية ويحي السنوار وصالح العاروري إلى ربهم شهداء لكنهم خلفوا جيلا من القادة و مشروعات القادة رأيناهم في أطفال وشباب عجنتهم الحرب وأخرجت المحنة أحسن ما فيهم وصقلتهم فكانوا كالذهب الإبريز لا يبدلون ولا يغيرون، لا شك أنهم سيواصلون المقاومة والنضال ويستحدثون من أساليب البقاء ودحض العدوان ما عودتنا عليه حماس، فأهل غزة وحدهم من صدقوا – في هذا الزمان التعس - في انتمائهم لأمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أراد العزة والرجولة والشهامة فهي في غزة، غزة هزمت الجميع واسقطت الأقنعة، إنها صاحبة 466 يوما من الثبات والبطولات، نقول لأصحابها "سَلامٌ عَلَيكم بِما صَبَرتُم"، فطوبى لغزة وأهلها... وإذا كان هناك أمر يسعد أهل غزة فهو يسعدنا مهما كان، فهم الرجال ونحن المخلفون مع الأسف، وعسى ميل قلوبنا وكلماتنا حيث مالوا تشفع لنا عند ربنا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: