د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من قديم والاعتقاد السائد لدى الناس هو أن المحن ابتلاء من الله لعباده حتى يريهم من آياته في الآفاق ليعبدوه حق عبادته وحده لا شريك له ويؤمنوا برسالاته المنزلة على رسله لتكون هديا لهم في حياتهم وتكليفا لهم بوجوب العدل والرحمة في خلائقه على وجه الأرض واجتناب نوازِغ الشيطان والشِّرك.
فجعل كل ما يصيبهم لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى. وطالبهم بالصبر على المصيبة إن لم يكن بوسعهم الهروب منها أو صدّها. وربما علّقها بأفعالهم ابتلاء لشكرهم وحمدهم أو عذابا لكفرهم وطغيانهم. فجعل حبْس المطر عنهم مثلا أو سوْق الطوفان على أنعامهم وضعافهم أو حرق مزارعهم وغاباتهم وبيوتهم لغير سبب يعلمونه من أسباب أعمالهم الشريرة ولكن غضبا منه ليروه حائقا بهم عقابا على إيذائهم وتكذيبهم لرسله، كما فعل بالأقوام الذين سبقوا العرب بتكذيب أنبيائهم، فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فيهم أخذوا العبرة ممن مضى وناصروه فظهر على يدهم دينه وعمّمه على العالمين، فخرجوا به فاتحين بلادَ أقوام كالروم والفرس والبربر وغيرهم كانوا يعانون من ظلم حكامهم ورهابنتهم وعيْث ملوكهم في الأرض وأصبحوا يتطلّعون لاعتناق الدين الجديد لسماحته وعدله وتسويته بين الجميع لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.
ونحن نرى اليوم الرئيس ترامب ليس فقط لا يقبل بتكهنات أسباب الحرائق في فلوريدا من أفواه الرسميين في الولاية والمسؤولين في الإدارة الفيدرالية بل يحمّلهم جميعهم التقصير في الأخذ بالاحتياطات والعجز عن توفير وسائل الوقاية والتعجيل بمتطلبات الإنقاذ، أي لم يقتصر على الاعتقاد بابتلاء الله لخلقه في بلاده أمريكا على النّعمة التي ينعمون بها دون الخلق في أطراف الأرض البعيدة فسلّط عليهم ما جعلهم يندمون على تقديمه من عون وسلاح لإسرائيل لإفناء إخوانهم من بني البشر في فلسطين. فطوفان هنا بحريق هناك ليتعظ الخلق ويعدِلون فيما بينهم، وبذلك تكرّم أعمالهم وجهودهم لرفع غضب الله عنهم وبسط النّعمة على جميعهم.
ومنه فكرة المهدي المنتظر. وقياسا عليه دون وجه تشبيه حقيقي "ترامب المنتظر" والذي لولاه لما كابرَت إسرائيل ولم تلوِ المَقاد لوقف إطلاق النار في غزة.
أفليس القادر على وقف إطلاق النار في أقصى الأرض بقادر على إطفاء حريق النار فيما حوله؟
فما دام ترامب كفر بناتنياهو بهذا الإجراء فقد أصبح رئيس الولايات المتحدة الجديد أقرب إلى الإسلام بإبراهيميته منه إلى هذا الدين الآخر أو ذاك.
أليس يعاقَب القوم على خطإ صغيرهم في بعض التشاريع الحديثة حتى ينهضوا بتربيته على الطاعة وفعل الخير ويتواصوا بذلك؟
وهذا تعليم من الله لعباده، أن جعل المصائب التي تحلّ بهم نتيجة أعمالهم أو إهمالهم ولو بعضهم دون بعض.
تونس، في ١٦ رجب ١٤٤٦ هـ / ١٦ جانفي ٢٠٢٥م
)اليوم ٤٦٧ لطوفان الأقصى)
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: