صلاح الحريري - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2248
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في الواقع، لا يوجد فريقين: فريق يتبنى نسبية الحقيقة، وفريق يتبنى مطلقية الحقيقة. بل هما ثلاث فرق في الواقع:
- الحقيقة نسبية، فما هو حقيقة بالنسبة لك قد لا يكون حقيقة لآخر. وكلاهما على صواب.
- الحقيقة مطلقة، لأن الحقيقة بما هي حقيقة لا بد أن تكون مطلقة.
- لا حقيقة على الإطلاق، والوجود عبث ومُتَع، ولا شئ أكثر من ذلك وهؤلاء هم العدميون.
أحيانًا يدّعي بعض العدميين الذين لا يؤمنون بأي حقيقة على الإطلاق، يدعون بأنهم يؤمنون بنسبية الحقيقة. وفي الواقع هم لا يؤمنون بأيّ حقيقة أو بأيّ مفهوم للحقيقة على الإطلاق.
هؤلاء العبثيون، العدميون، المُتَعيون، أحياناً، إمعانًا في التدليس، يدّعون بأنهم وجوديون. الوجودية الملحدة.
فينبغي قبل السؤال: الحقيقة نسبية أم مطلقة؟ أن يتم السؤال: هل تُقر بأن هناك حقيقة في الأساس؟. ثم بعد ذلك نبدأ التحاور.
للبت في هذه القضية: قضية هل الحقيقة نسبية أم مطلقة؟ نفضل أن نثير عدة تساؤلات، ومن خلال مناقشة هذه التساؤلات، ومحاولة الإجابة عليها سيستبين الأمر، وسيتضح هل الحقيقة نسبية أم مطلقة. فنقول:
هل معنى [الحقيقة نسبية] لمن يتبنى هذا المبدأ، هو تنوع الحقيقة لاختلاف وجهات النظر؟. أم أن هناك أنماط حقائقية متنوعة يختار منها كل شخص حسب وجهة نظره؟!.
وبالتالي الجنس في إطار الزواج حقيقة، والجنس في إطار الزنا حقيقة، ومن ثم يختار كل شخص ما يوافق وجهة نظره؟!.
هل المجتمع التسارقي حقيقة ونمط، والمجتمع اللاتسارقي حقيقة ونمط، ومن ثم يختار كل شخص ما يوافق وجهة نظره؟ لأن الحقيقة لها أنماط مختلفة ونسبية؟!.
هل ممارسة الجنس مع الأم أو الإبنة حقيقة ونمط، ومفهوم [المحارم] هو أيضًا حقيقة ونمط، ومن ثم يختار كل شخص ما يوافق وجهة نظره. لأن الحقيقة نسبية، ما هو حقيقة عندك قد يكون حقيقة عندي وقد لا يكون. وكلا النمطين له وجود في الواقع الخارجي؟!.
هل من حق الشخص الذي يُقر بأن الحقيقة نسبية أن يمارس الجنس مع أمه أو إبنته، وله سند يؤيده وهو عالم الحيوان، حيث الأسد يمارس الجنس مع اللبؤات التي كانت بناته، كما يمكنه أن يمارس الجنس مع اللبؤة التي كانت أمه؟، فهو يتشبه بالأسد: الحيوان القوي، ملك الغابة!!!.
هل سيقول الشخص الذي يقول بأن الحقيقة نسبية، هل سيقول: لو وجِد شخص يعتقد بجواز زنا المحارم، فهذا الأمر حقيقة بالنسبة له؟
هل لو وجِد شخص مؤمن بالثنوية [إلهيْن، واحد للخير والآخرللشر]، وهو يقدس إله الشر، ويتقرب إليه بفعل الشرور: سرقة، زنا، اغتصاب، شرب خمر، شرب مخدرات، التضييق على الناس إلخ إلخ إلخ، فهل هذا حقيقة بالنسبة له؟.
وبناءً عليه لا يصح سن قوانين عقوبات؟.
هل معنى أن الحقيقة نسبية، أن من اعتقد بوجود قوة تمثل الشر كونيًا، فأنه في العالم الخارجي [خارج حدود ذاته] يوجد فعلاً قوة كونية تمثل الشر؟، ومن اعتقد بأنه لا توجد قوة كونية تمثل الشر، وبأن الوجود خير محض، هو أيضًا، في نفس اللحظة، هذا المبدأ الذي يتبناه هو حقيقة بالنسبة له، وله وجود في العالم الخارجي [خارج حدود ذاته]...كلا المبدأين صحيح، وله وجود في العالم الخارجي، في نفس اللحظة...أي أنّ قوة الشر موجودة وغير موجودة في نفس اللحظة؟!!.
أم أن أحدهما على صواب والآخر على خطأ؟.
هل ما رأيتَه حقيقة فهو حقيقة؟ أم يوجد أنماط مختلفة للحقيقة تعادل الأنماط البشرية؟ أي ليست حقيقة واحدة بل آلاف الحقائق؟.
من وجهة نظري أن الحقيقة مطلقة، لأن الحقيقة بما هي حقيقة لا بد أن تكون مطلقة.
لكن طبيعة الحقيقة المطلقة تشتمل على قِسمَيْن:
1- الحقائق الأمهات: وهي التي يندرج تحتها كل الجنس البشري.
2- الحقائق الفرعية [الأنماط]: وهي التي تتعدد حولها وجهات النظر. وهي التي أوقعت في وهم نسبية الحقيقة.
وعلى هذا، وبهذا يكون للحقائق الفرعية [الأنماط] وجود في العالم الخارجي [خارج حدود الذات].
الحقائق الفرعية [الأنماط] هي التي أوقعت في وهم نسبية الحقيقة.
أقول:
هل مفهوم الفطرة صحيح؟.
هل مفهوم [على الفطرة] صحيح؟.
هل هناك ضعف أخلاقي ونفسي وسَفَه؟؟. أم الضعف الأخلاقي والنفسي والسفه هي أنماط حقائقية وليست أمراض نفسية؟؟!.
بمعنى آخر:
ما هو المعيار الذي على أساسه صاحب نسبية الحقائق يقول: هذا مرض نفسي، بينما هذا حقيقة نسبية؟
نيتشه يقول: الأخلاق المسيحية شر، والأخلاق الإسلامية خير. فهل هو فيلسوف أم سفيه أم مريض نفسي؟.
هل إذا اعتقد شخص أن القتل وذبح البشر واغتيال البشر جائز، لأنه يؤمن بأن الوجود خير وشر، وهو اختار حسب حرية الإختيار، اختار أن يخدم قوى الشر، كما أنه يؤمن بإعادة التجسد، وبناءً عليه إزهاق الأرواح يساعدها على الولادة الجديدة. هل هذا الإعتقاد حقيقة بالنسبة لذلك الشخص؟. وإذا اعتقد شخص بعكس ذلك، فهل لنا أن نفصل بينهما فننشئ دُوَل تقر إزهاق الأرواح ودول لا تقر ذلك، فيذهب كل شخص ويعيش في الدولة المناسبة له؟!.
بما أن الحقيقة نسبية، فيختار كل شخص الباقة التي تناسبه. ويذهب إلى باقة البلاد التي تناسبه. لماذا؟!. لأن الحقيقة نسبية!!.
طريفة:
هل جملة أوعبارة [الحقيقة نسبية] لو أقرها شخص فهي حقيقة له، ولو أقر بضدها [ضدها= جملة أو عبارة (الحقيقة مطلقة)] شخص آخر فهي حقيقة بالنسبة له، هذا عند من يقول بنسبية الحقيقة؟!.
أيْ أن الحقيقة نسبية ومطلقة، في ذات اللحظة، عند من يقول بنسبية الحقيقة!!!.
الخلاصة:
الحقائق الفرعية= الأنماط
الحقائق الفرعية هي التي أوجدت وهم نسبية الحقيقة عند كثير ممن يقولون بنسبية الحقيقة.
الحقائق الفرعية=الصراطات المستقيمة
يقول الحق: [ويهديك صراطًا مستقيمًا] الفتح-2، لم يقل: [ويهديك الصراط المستقيم].
يقول الحق: [ولهديناهم صراطًا مستقيمًا] النساء-68، لم يقل: [ولهديناهم الصراط المستقيم].
ويقول الحق: [لكلٍّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا] المائدة-48.
أرجو أن يعود المقال بالنفع على الإخوة القراء.
أرجو ألا أكون قد أطلتُ...وشكرًا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: