الحمد لله رب العالمين، {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ }، سبحانه سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأرضين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين معلّم الخلق المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على هديه واقتفى أثره إلى يوم الدين، وبعد..
وبعد :
توقفنا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة مع وقفاتنا حول بعض الآيات من سورة يوسف عند " الحروف المقطعة " التي شكلت مطلع السورة المباركة، وبينا أن القارئ والمتدبر لسورة يوسف يلفت انتباهه أنها بدأت بثلاث حروف مقطعة شأنها شأن العديد من السور القرآنية السابقة لها واللاحقة بها في ترتيب المصحف، ويلفت الانتباه ما في تلك الحروف من الغرابة، المثيرة للدهشة، والداعية للتوقف والتأمل، الذي لا يملك المؤمن حياله إلا أن يهتف من أعماق القلب الموقن بكلام الله تعالى : سبحان من هذا كلامه،
ونستكمل اليوم وقفاتنا المباركة مع تلك السورة، واليوم مع قول الله تعالى : {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}،
- ويستوقفنا هنا : " أن الحديث عن الكتاب وآياته في مطلع السورة الكريمة بهذا التعظيم والاجلال والمديح ليعلم أن القصة - قصة يوسف عليه السلام - التي هي جزء من هذا الكتاب لها نفس الاوصاف والاهمية "، كما ان ايات مطلع السورة تلقي اضواء ساطعة تكشف المزيد من افاق الفهم والتدبر المطلوب وهذا يستدعي التوقف عند التعبير بـــ : تلك آيات، ودلالات كونها في كتاب ( تلك آيات الكتاب )، ومعنى كون الكتاب مبينا، وأهمية ذلك (1)،
وتجدر الإشارة بداية إلى أن هذا المقطع ورد بنصه وحروفه في القرآن الكريم في ثلاث مواضع، أولها هذا الموضع في مطلع سورة يوسف، والثاني في مطلع سورة الشعراء : {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ }( الشعراء2 )، والثالث في مطلع سورة القصص : {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ }( القصص2 )،
والمعنى العام لتلك الآيات يتجلى كما جاء في التفاسير : أن هذه آيات الكتاب ( أي القرآن ) البيِّن الواضح الجلي في معانيه، وحلاله، وحرامه، وهداه، والمبين لأحكام الله تعالى ومنهجه إلى البشر، وقيل : تلك الآيات الواردة في هذه السورة، آيات من الكتاب الواضح في كونه من عند الله، الظاهر في معانيه وأغراضه، الموضح لحقائق الدين الحق، ومصالح الدنيا والآخرة.
معاني الكلمات :
- قيل أن الإشارة في قوله تالى : " تلك " إلى آيات هذه السورة ( سورة يوسف )، والاشارة إلى الآيات باسم الاشارة الدالة على البعد " تلك آيات " إنما هو لاظهار بعد منزلتها ومكانتها وعلو شانها ورفعتها،
- آيات (2) : آيات " جمع اية، والآية : العلامة، وسميت جمل القران ايات للاشارة إلى انها في عظمتها وإعجازها ودلالتها القاطعة على الحق كأنها الآيات المعجزات التي كانت يزود بها الأنبياء" (3)، والآيات مصطلح قرآني يستخدم بعدة معاني : الايات الكونية، الآيات المسطورة في القرآن، المعجزات، ونسيج القصة جاء على شكل آيات متلوة، فضلا عما فيها من الآيات بمعنى العلامات والبراهين، قال تعالى في ذات السورة : {لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ }( يوسف : 7 )، أي : لقد كان في قصة يوسف وإخوته عبر وأدلة تدل على قدرة الله وحكمته لمن يسأل عن أخبارهم, ويرغب في معرفتها.
الكتاب : ان الحديث عن الكتاب هنا يشير الى التوثيق والحفظ في السطور، والمراد بالكتاب القرآن بوجه عام،
- المبين : من " أَبان " اللازم بمعنى بان وظهر، أي الظاهر أَمره في كونه حقا من عند الله، أو البين الواضح في معانيه وأَغراضه ومراميه، الظاهر إعجازه، وأنه من عند الله، أو هو من " أبان " غيره أَي أظهره، فهو يظهر حقائق الدين، ومصالح الدنيا لمن تلاه وتدبر ما فيه، أو : المبين للأحكام الشرعية والحِكَم الربانية، أو : الفاصل بين الحق والباطل،قال تعالى : {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}، قالوا : ولا مانع من أن يكون المعنى عاما يشمل كل ذلك فيكون ظاهرًا في نفسه مظهرًا لغيره من الحقائق، وقيل : أي هذه تلك الآيات التي كنتم توعدون بها في التوراة.
ان كون الكتاب مبينا يفيد انه مبين لما فيه من الآيات ، ومبين لما يتحدث عنه من الاحداث والوقائع والاشخاص والنفسيات والمواقف - ومبين لكل ما يقتضيه دور الانسان ووظيفته على الارض وفي الوجود - وهو مبين وفرقان لكل ما يستلزم التوضيح والتمييز كالحق والباطل - والايمان والكفر والنفاق - والنافع والضار - وبالتالي فهو مهم لإقامة الحجة اذ ليس على الرسول الا البلاغ المبين
* الكتاب في القرآن :
وردت لفظة : " الكتاب " في القرآن الكريم هكذا معرفة بالــ (162) مرة تقريبا،
- قال " الشعراوي " رحمه الله : أن كلمة « الكتاب » عندما تُطلق فمعناها ينصرف إلى القرآن الكريم، ونجد كلمة « المبين »، أي : الذي يُبيِّن كل شيء تحتاجه حركة الإنسانِ الخليفةِ في الأرض، فإن بانَ لك شيء وظننتَ أن القرآن لم يتعرَّض له، فلا بد أن تبحث عن مادة أو آية تلفتك إلى ما يبين لك ما غابَ عنك، ويُروى عن الإمام محمد عبده أنه قابل أحد المستشرقين في باريس؛ ووجَّه المستشرق سؤالاً إلى الإمام فقال : مادامتْ هناك آية في القرآن تقول : { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ . . . } ( الأنعام : 38 ) فَدعْنِي أسألك : كم رغيفاً ينتجه أردبُّ القمح؟، فقال الإمام للمستشرق : انتظر، واستدعى الإمام خبازاً، وسأله : كم رغيفاً يمكن أن نصنعه من أردب القمح؟ فأجاب الخباز على السؤال، هنا قال المستشرق : لقد طلبتُ منك إجابة من القرآن، لا من الخباز . فردَّ الإمامُ : إذا كان القرآن قد قال : { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ . . . } ( الأنعام : 38)،] فالقرآن قال أيضاً : { فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } ( النحل : 43 )، لقد فَطِن الإمام محمد عبده إلى أن العقل البشري أضيق من أن يسع كل المعلومات التي تتطلبها الحياة؛ لذلك شاء الحق سبحانه أن يوزِّع المواهب بين البشر؛ ليصبح كل متفوق في مجال ما، هو من أهل الذكر في مجاله، ونحن على سبيل المثال عندما نتعرض لمسألة ميراث؛ فنحن نلجأ إلى مَنْ تخصص في المواريث، ليدلنا على دقة توزيع أنصبة هذا الميراث، وحين يؤدي المسلم من العامة فريضة الحج، فيكفيه أن يعلم أن الحج فريضة؛ ويبحث عند بَدْء الحج عمَّنْ يُعلِّمه خُطوات الحج كما أدَّاها صلى الله عليه وسلم، وهذا سؤال لأهل الذكر، مثلما نستدعي مهندساً ليصمم لنا بيتاً حين نشرع في بناء بيت، بعد أن نمتلك الإمكانات اللازمة لذلك، وهكذا نرى أن علوم الحياة وحركتها أوسع من أن يتسع لها رأس؛ ولذلك وزَّع الله أسباب فضله على عباده، ليتكاملوا تكاملَ الاحتياج، لا تكامل التفضُّل، ويصير كل منهم مُلْتحماً بالآخرين غَصبْاً عنه .
- أن القرآن كلام الله، وصفاته لا تتناهى في الكمال، فإنِ استطعتَ أن تصف الأشياء، هذا كذا، وهذا كذا فهذه طاقة البشر والعقل البشري، أمّا آيات الله في كتابه المبين فهي الآيات الفاصلة التي لها بَدْء ولها ونهاية، وتتكوّن منها سور القرآن .
- جاءت عبارة " الكتاب المبين " في القران خمس مرات :
فالمبين : اسم فاعل من أبان المتعدي، والمراد : الإبانة التامّة باللفظ والمعنى،
ولتمام الفائدة نقول :
- وورد لفظ " كتاب " في القرآن الكريم في آيات كثيرة حوالي : 232 مرة،
- وورد لفظ " آيات " 280 مرة،
- وجاءت معرفة بــ أل ( الآيات ) 32 مرة
- ورد لفظ " مبين " 125 مرة
- وورد لفظ " المبين " 22 مرة،
وإجمالا نقول أن ثمة مجموعة من الفوائد والدروس والهدايات والنفحات التي يمكن لنا أن نستنبطها من هذه الآية الأولى من سورة يوسف : {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ }( يوسف : 1 )، نذكر منها :
- أن هذا القرآن كتاب مبين واضح لا لبس فيه ولا غموض، ولا يعتريه شك ولا ريب، وهو بين في ذاته، مبين لشرع الله وأحكامه،
- أن الكتاب من أسماء القرآن الكريم،
- الإشارة إلى علو شأن القرآن وسمو منزلته وارتفاع مكانته،
- الإشارة إلى ما في الكتاب من العبر والعظات والمعجزات، والعلامات والعجائب الدالة على شمولية القران الكريم وكماله وإعجازه وبلاغته وبيانه،
- قال محمد رشيد رضا رحمه الله : "ايات هذه السورة هي ايات الكتاب المبين الظاهر بنفسه في حقيقته وإعجازه وكونه ليس من كلام البشر، والمظهر لما شاء الله من حقائق الدين، ومصالح الدنيا (4)،
- بيان القران وسهولته :
قال " العلمي (5) " : "امتاز كتاب الله – تعالى - على سائر الكتب السماوية والوضعية بالبيان والظهور، وسهولة فهمه، وشدة إبانته لمعانيه ومراميه ؟ فكانت العرب لا تتوقف في فهم مفرداته وجمله، أما أهل اليوم ؟ فانهم لبعدهم عن العربية، واهمالهم لها؟ تراهم يعسر عليهم فهم بعض مفردات تعد على الأصابع ليس بينهم وبين الوقوف على معانيها سوى مراجعة قاموس لغة، أو سؤال عالم من العلماء.
وأما الكتب عند أهل الكتاب ؟ فليس كلها مبينة، ولنضرب مثلا لذلك "سفر دانيال " الموجود في أيديهم اليوم ؟ فإنه ليس مبينا، بل هو كالألغاز والرموز لا يفهم إلا بعناء .
وهذا سفر "حزقيال" وسفر "الرؤيا" خصوصا منتصفه ؟ ففي ذلك كله غوامض ومشكلات، وقع الاشتباه فيها، وأوقعت مفسريها في حيرة شديدة،
والذي نراه في شأن ما يسمونه "بالعهد الجديد" أن حواري المسيح أنفسهم ما كانوا يفهمون كل ما يخاطبهم به من المواعظ والأمثال، ولكن لم ينقل إلينا أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عمي عليهم شيء من ايات القران الكريم ؟ فلم يفهموها (إلا أحرف يسيرة ؟ مما يدل أن الاقتصار على اللغة العربية وحدها لا يفي ببيان القرآن الكريم ؟ فلابد من سنة رسول الهف !؟ لأنه المبين لما أنزل إليه من ربه )،
فالقران يمتاز على سائر الكتب بأنه هو الكتاب المبين ولكن المسلمين المتأخرين لم يرضوا بأن يمتاز القران بالبيان الذي ليس بعده بيان ؟ فحاولوا تغميضه، والتسليم بأنه غامض، قالوا : إلا افرادأ من الناس اوتوا علمأ جما، وفاقوا سائر البشر بعقولهم وافهامهم، كما فاقوهم بعلومهم ومعارفهم، ثم زعموا أن هؤلاء الأفراد كانوا في بعض القرون الأولى ؟ كمثل من يسمونهم المجتهدين مثلأ، وأنهم قد انقرضوا، ولم يأت بعدهم، ولن يأتي من يسهل عليه أن يفهم ايات هذا الكتاب المبين، (هذا إشارة منه رحمه الها - إلى دعوى المقلدين المتمذهبين إلى إغلاق باب الاجتهاد، وهي دعوى باطلة، وانظر تفنيدها في كتاب : "هل المسلم ملزم باتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة ؟" للمعصومي، بتحقيق الشيخ سليم بن عيد الهلالي، وكذلك كتابه : "التعظيم والمنة في الانتصار للسنة ".
وتجد هذا القول المناقض للقران الكريم والناقض له مسلمأ بين جماهير المسلمين حتى الذين يدعون بأنهم علماء الدين "(6)
قال ابو السعود : (7) " المبين ! من أبان بمعنى بان؟ اي : الظاهر في كونه من عند اله -تعالى- وفي إعجازه بنوعيه لا سيما الإخبار عن الغيب، أو الواضح معانيه للعرب بحيث لا يشتبه عليهم حقائقه، ولا يلتبس لديهم دقائقه ؟ لنزوله على لغتهم، أو بمعنى بين؟ أي : المبين لما فيه من الأحكام والشرائع وخفايا الملك والملكوت وأسرار النشأتين في الدارين وغير ذلك من الحكم والمعارف والقصص، وعلى تقدير كون الكتاب عبارة عن السورة ؟ فإبانته إنباؤه عن قصة يوسف -عليه السلام -"
- أن وصف القران بالبيان في فاتحة هذه السورة، يناسب موضوع القصة، قال محمد رشيد رضا (8) : "فاتحة هذه السورة هي فاتحة سورة يونس إلا وصف القران بالمبين هنا، وبالحكيم هناك، وهما في أعلى ذروة من البيان، وأقصى مدى من الحكمة والإحكام، اختير في كل من السورتين ما يناسبها: فسورة يونس موضوعها أصل الدين، وهو: توحيد الألوهية والربوبية، وإثبات الوحي، والرسالة بإعجاز القرآن، والبعث والجزاء، وهي من الحكمة، وهذه موضوعها قصة نبي كريم تقلب في أطوار كثيرة كان قدوة خير وأسوة حسنة فيها كلها؟ فالبيان بها أخص"
الغاية من انزال الكتاب العزيز :
قال أحمد نوفل (9) : "ثم الحظ الغاية من إنزال هذا الكتاب وانها تسديد العقل بل وجوده ؟ فمن لم يهتد عقله وقلبه بنور هذا الكتاب كيف يستطيع ان يدرك عالم الغيب أو قيم الأشياء والمعنويات ؟ اللهم الا ان يخبط خبط عشواء، فيأتي بالغث الهزيل من التصورات الباطلة المناقضة للحق.
القران معجزة قاهرة، واية بينة :
قال الفخر الرازي (10) : "وإنما وصف القران بكونه مبينا؟ لوجوه :
الأول : ان القران معجزة قاهرة، واية بينة لمحمد صلى الله عليه وسلم،
والثاني : انه بين فيه الهدى والرشد والحلال والحرام، ولما بينت هذه الأشياء فيه كان الكتاب مبينا لهذه الأشياء.
الثالث : انه بينت فيه قصص الأولين، وشرحت فيه أحوال المتقدمين "
وأخيرا قال بعضهم : " ولما وصف الكتاب بما يدل على الشرف الذاتي من بعد منزلته، ورفعة بيانه، وحسن إبانته عقب ذلك بما يدل على الشرف الإضافى فقال تعالى {إنا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، أي إنا أنزلنا هذا الكتاب على محمد قرآنا عربيا لتستطيعوا قراءته وتعقله وفهمه أيها، وهو ما سنقف عنده في الحلقة القادمة، والحمد لله رب العالمين،
الهوامش والاحالات :
===============
(1) - طارق مصطفى حميدة : " نظرات في سورة يوسف (2) - آيات الكتاب المبين "، مركز نون للدراسات القرآنية، المصدر : www.islamnoon.com/YOUSOF-2.doc
(2) - انطلاقا من القرآن الكريم، فإن للعقيدة مصدرين أساسيين كبيرين، بقدر الاستفادة منهما تترسخ العقيدة في النفس، وينفعل لها السلوك والوجدان، وقد عبر القرآن الكريم عن هذين المصدرين بمصطلح ( الآيات)، وهو مصطلح قرآني يعني : العلامات الواضحات الباهرات ، وقد أشار القرآن الكريم إلى المصدر الأول ( الآيات القرآنية المسطورة المتلوة ) بقوله تعالى : { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُون } ( ا لبقرة:99)، وقال تعالى :{ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } (البقرة:252)، وقال تعالى : { ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِمِ } (آل عمران:58)، وقال تعالى : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } (آل عمران:113 )، وأشار إلى المصدر الثاني ( الآيات الكونية، المنظورة ) بقوله تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }( (البقرة:164)، وقال تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } (آل عمران:190)، ولذلك قال الشعراوي رحمه الله : إن " الآيات " إذا وردت في القرآن إنما تنصرف إلى ثلاثة أشياء :
- آيات كونية تعاصر كل الناس، ويراها كل واحد، مثل : آيات الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم، والأرض الخاشعة إذا ما نزل عليها الماء اهتزت وربت، وكلها آيات كونية تلفت العقل إلى النظر في أن وراء هذا الكون الدقيق تكويناً هندسياً، أقامه إله قادر جل جلاله،
- الآيات بمعنى المعجزات : وهناك آيات تأتي لبيان صدق الرسول في البلاغ عن الله، وهي المعجزات مثل : ناقة ثمود المبصرة، وشفاء عيسى عليه السلام للأكمه والأبرص بإذن الله،
- آيات الأحكام : التي تبيِّن مطلوبات المنهج بـ « افعل » و « لا تفعل » .
أنظر : - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي "، مطابع أخبار اليوم، القاهرة، ج11، ص : 6654-6646،
(3) - احمد نوفل : " سورة يوسف دراسة تحليلية "، دار الفرقن، عمان، الاردن، ط1، 1989م، ص ص : 226 – 227،
(4) - محمد رشيد بن علي رضا ( ت : 1354هـ) : " : تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1990م، ج12، ص : 251،
(5) – أنظر :
- عبد الله العلمي : " مؤتمر سورة يوسف "،دار الفكر العربي، بيروت، لبنان، 1969م،
- محمد بن موسى نصر - سليم بن عيد الهلالي : " إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف عليه السلام "، مكتبة الرشد ناشرون، الرياض، السعودية، 1424 هـ - 2003 م،
(6) – عبد الله العلمي : " مرجع سبق ذكره "، نفس الصفحات،
(7)- أبو السعود، محمد بن محمد العمادي، : تفسير أبي السعود "، ج1، ط2، بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1411هـ - 1990م، ج4، ص: 250.
(8) - محمد رشيد بن علي رضا ( ت : 1354هـ) : " : تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1990م، ج12، ص : 251،
(9) - احمد نوفل : " سورة يوسف دراسة تحليلية "، دار الفرقن، عمان، الاردن، ط1، 1989م، ص ص : 226 – 227،
(10) - فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي : " مفاتيح الغيب "، دار الكتب العلمية - بيروت - 1421هـ - 2000 م، ط1، ج9، ص : 85،
*****************
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: