رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
أ. د/ احمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5372
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحلقة التاسعة :
تقدير الموقف بين التخصص الضيق والنظرة الكلية :
من المعروف أن الجهاز السياسي يعتمد على مهنيين مختلفي التخصصات في عمليات بلورة المشكلات وتحديدها وإيجاد حلول لها، ولكن المشكلة أن كل متخصص تدرب على رؤية المشكلات من زاوية واحدة هي زاوية تخصصه، فرجل التعليم – مثلا - يدرك المشكلات من زاوية واحدة هي زاوية تخصصه، فهو يدرك المشكلات والحلول عادة من زاوية القصور في التربية وضرورة عمليات إعادة التعليم، كما أن رجل الاقتصاد يحلل المواقف والمشكلات من زاوية اقتصادية خالصة ........وهكذا – وهذا ضروري من جهة، ولكن له عيبا خطيراً هو أن التخصص يعمى صاحبه عادة من رؤية الصورة الكلية للموقف، فالحقيقة أنه لا توجد مشكلة اقتصادية بحتة، أو تعليمية بحتة، إذ أن الواقع المعاش لا يعرف تلك التقسيمات المهنية الجزئية الدقيقة، بل أن لكل موقف أو مشكلة كليته التي تتنافي مع هذه التصورات الضيقة – صحيح أن تشكيلة العوامل المتداخلة في الموقف قد تتضمن تغليبا لعامل أو مجموعة من العوامل على غيرها ولكن هذا لا يستبعد بالكلية بقية العوامل، وفي ذات الوقت يترتب على هذه النظرة التخصصية الضيقة مشكلات خطيرة يمكن أن يلمسها كل من له خبرة بواقع العمل الميداني، إذ عادة ما تأتى رؤية الأسباب وبالتالي حلولها جزئية مفتتة – وأحسب أن هذا هو أحد الأسباب الأساسية في فشل العديد من المشروعات التي يعلق عليها الكثيرون آمالا كبارا، ولعلني أسوق هنا مثلا واحدا يتعلق بأحد المشروعات الكبرى "لإصلاح القرية المصرية" الذي بدأ لمباني القرية، ومن هنا فقد كان أهم مشروعاته هو "تهذيب الكتلة السكنية"، ويقصد به شق شارع رئيسي في وسط القرية وإزالة المباني المعترضة وبالتالي بناء عمارات خارج القرية للسكان الذين تم هدم مساكنهم، مما أدى إلى استنفاذ معظم أموال المشروع في الإنشاءات والمباني، وبقى سكان القرية على نفس الحال من التقدم أو التخلف – إن لم يكن التغيير التعسفي والانتقال للموقف الجديد قد أدى إلى خلق مشكلات جديدة لم تكن موجودة من قبل – وهكذا كان مصير مشروع أنفقت عليه الملايين وظنت الدولة أنه يمكن أن يعود بالنفع العميم على "سكان" القرى المصرية جميعا.
وإذا كانت المشكلة السابقة تشير إلى الحاجة إلى "النظرة الكلية" للمواقف والمشكلات الاجتماعية فإنها أيضا تضع عبئا كبيرا على من يقوم بتحليل المشكلات، فالمشكلات شديدة التعقيد والتداخل وقد يعجز غير المتخصص عن إدراك أبعادها المتعددة المتشابكة فيخلط الأعراض بالأسباب الحقيقية، فالمريض قد يذهب إلى الطبيب شاكيا من إصابة شديدة بالكحة ولكن الطبيب قد لا يهتم أبدا بإيقاف الكحة لأنه يعلم أنها مجرد عرض مفيد لأنه يسمح بالتخلص من الإفرازات المتجمعة في الرئتين والناشئة عن السبب الأصلي الذي يجب استئصاله وهو الإصابة الميكروبية، وبالمثل فإن غير المتخصص قد ينظر إلى مشكلة هروب الأولاد من المدارس مثلا على أنها مشكلة تتصل بالضبط والربط في المدرسة فقط، ويبدأ في اتخاذ إجراءات عقابية رادعة لإيقاف المشكلة، في حين أن الهروب من المدارس قد يرتد إلى أسباب أعمق كثيرا قد تتصل بأوضاع الأسرة أو الأوضاع الاقتصادية، كما قد ترجع الى المدرسة نفسها والعملية التعليمية التي تتم بداخلها ( والتي قد يكون من بينها – وهنا تكون المفارقة الغريبة – شدة الضبط والربط فى المدرسة على أساس تعسفي). وبالطبع فإنه لا يمكن استقصاء الموقف إلا بالدراسة العلمية المتأنية وهذا يستلزم وجود متخصص مهني في دراسة وتحليل المشكلات واستخلاص العوامل المسببة لها وبلورة الحلول اللازمة وهكذا، وهو ما يمكن أن نسميه بأسلوب "التخطيط" العلمي المنظم الذي يتضمن عمليات تقدير الحاجات وتحديد الأولويات ووضع البرامج وتصميم الخدمات وأيضا التنفيذ والمتابعة.
عملية القيادة واتخاذ القرارات : Leadership and Decision-Making Process
أما المشكلتان الأخريان المتصلتان بطبيعة النسق السياسي فتتصل أولاهما بعملية الإنابة أو التمثيل، فمن الطبيعي أن جميع أفراد المجتمع لا يمكن أن يتجمعوا في مكان واحد ووقت واحد لمناقشة كل مشكلة من مشاكل مجتمعهم المحلي صغرت أو كبرت ولابد أن تتم اتخاذ القرارات بواسطة مجموعة محدودة كأعضاء الوحدة التنفيذية المحلية، والمشكلة أن هذه العملية التمثيلية The Process of Representative تؤدى أحيانا إلى درجة من الانفصال بين القيادة وبين جمهور المواطنين، كما أنها تضع كل المسئوليات المجتمعية على عاتق مجموعة محدودة من الناس الذين يتعلمون وينمون من خلال تلك المشاركة المكثفة بينما يترك المواطن العادي دون أن تتاح له فرصة النمو والتعلم من خلال مشاركته في إدارة شئون مجتمعه، بل أحيانا ما يشعر الممثلون بنوع من الغيرة السياسية من ازدياد مشاركة بعض الأفراد في الشئون العامة لمجتمعهم ويرون في هذا تهديدا لنفوذهم السياسي، وهذه بطبيعة الحال أمور تتفانى جميعا مع المبادئ الديمقراطية التي تقوم على "ضرورة" إتاحة الفرصة لكي يساهم كل إنسان في إدارة شئون مجتمعه كلما كان ذلك ممكنا كما يقول جون ستيوارت ميل، وهنا فنحن بحاجة إلى خبير في تشجيع "المشاركة الشعبية" وتعليم الناس من خلالها كيف ينجحون وينمون في قدراتهم على التصدي لمشكلات المعيشة المشتركة في المجتمع المحلي.
ظاهرة القوة الاجتماعية في المجتمعات : The Phenomenon of Social Power in the Communities
وأما المشكلة الثانية والأخيرة فهي أن النسق السياسي Political System يتعامل أساسا مع ظاهرة القوة الاجتماعية في المجتمعات، ولذلك فرجال السياسة شديدو الحساسية للوزن السياسي لكل جماعة أو فئة أو فرد، وعندما يأتي دور تحديد الحاجات الأولى بالإشباع أكثر مما تحظى به حاجات ذوى القوى السياسية الأقل، وإذن فإن بناء القوة في المجتمع يؤثر تأثيرا كبيرا على طريقة حل المشكلات المجتمعية، ولما كانت مهنة الخدمة الاجتماعية في تاريخها الطويل كان التزامها المهني دائما إلى جانب المستضعفين وذوى الحاجة، فإن طريقة تنظيم المجتمع أيضا قد نشأت لكي تساعد وتدعم جهود المحرومين في الحصول على إشباع حاجاتهم.
طريقة تنظيم المجتمع في محيط الخدمة الاجتماعية :
وخلاصة المناقشة السابقة أن المجتمعات المعاصرة Contemporary Societies قد وجدت أنه لابد من وجود تدخل مهني Professional Intervention على أساس علمي ديمقراطي مخطط لمساعدة المجتمعات المحلية على مواجهة مشكلاتها وإشباع حاجاتها بطريقة فعالة، وبشكل يدعم الترابط الاجتماعي في المجتمع، ويزيد من قدرة المجتمع في الخدمة الاجتماعية، ويمكننا أن نلخص أهم مواصفات وسمات هذه الطريقة ( طريقة تنظيم المجتمع ) على الوجه الآتي :-
1- أنها تدخل مهني يقوم به أخصائيون اجتماعيون معدون إعدادا علميا وعمليا مناسبا للقيام بهذه الوظيفة.
2- التخطيط المنظم Systematic planning والمشاركة الشعبية الديمقراطية Popular Participation and Democracy هما دعامتان أساسيتان للطريقة تكمل كل منهما الأخرى، فالتخطيط يقدم الأدوات الفنية التحليلية اللازمة لإيجاد أفضل مواءمة ممكنة بين الموارد والحاجات التي تشبع أو لا تشبع، يجب أن يتم على أساس مشاركة المواطنين أنفسهم، كما أن من الضروري اشتراكهم في عمليات التنفيذ والمتابعة والتقييم، وبهذا يتم نموهم والتزامهم بما يتخذ من قرارات.
3- تسعى طريقة تنظيم المجتمع لتحقيق العدالة الاجتماعية Social Justice وتهتم عادة بأخذ جانب الفئات المستضعفة للعمل على حصولها على حقوقها، بإزاء الفئات ذات القوة والنفوذ.
4- ينتظر أن يؤدى هذا كله في النهاية إلى ازدياد درجة التماسك والترابط الاجتماعي، وإلى نمو قدرة المجتمع المحلي على مواجهة مشكلاته بنفسه في المستقبل.
5- تعمل طريقة تنظيم المجتمع بالتعاون مع القيادات المجتمعية Community leaders في الأجهزة السياسية ومراكز اتخاذ القرارات للتأثير على القرارات المجتمعية لتحقيق الأهداف وترسيخ القيم التي تؤمن بها الخدمة الاجتماعية.
نماذج متعددة لتنظيم المجتمع المعاصر
ترجع البدايات التاريخية الأولى لتنظيم المجتمع في انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية إلى حركة جمعيات تنظيم الإحسان charity organize Movement associations، وحركة المحلات الاجتماعية Social Settlements Movement وهما حركتان ظهرتا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، حيث كانت تلك الحركات تمثل رد الفعل المجتمعي لمواجهة المشكلات الاجتماعية العنيفة Violent Social Problems التي ترتبت على الثورة الصناعية في تلك المجتمعات، وإن اختلفت تلك الحركتان في النظرة إلى تلك المشكلات، وفي تصورها لأسلوب حلها، فعلى حين حاولت جمعيات تنظيم الإحسان زيادة كفاءة الهيئات التطوعية العاملة في مجال الإحسان (والتي كانت وسيلة الأغنياء لمواجهة مشكلة الفقر عن بعد) وهي بهذا تسلم ضمنا بسلامة النظام الاجتماعي، وبأن الفقر مشكلة فردية، وإن الفقراء مسئولين عن فقرهم، فإن المحلات الاجتماعية حاولت التأثير في سلوك جماعات المهاجرين إلى المدن عن طريق الاحتكاك المباشر بين المثقفين وبينهم من خلال مجموعة من الأنشطة المصممة لمواجهة حاجات المجتمع المحلي والتي تضمنت القيام بجهود للعمل الاجتماعي لتغيير السياسات والممارسات والقوانين والتشريعات.
ثم أن حركة تنظيم الإحسان قد أدت في أوائل القرن العشرين إلى ظهور مجالس الهيئات الاجتماعية التي تولت مسئوليات التخطيط والتنسيق بين الهيئات الاجتماعية العاملة في مختلف ميادين الرعاية الاجتماعية (وليس فقط في مجال الإحسان)، وقد شاركها في هذه المهمة (خصوصا أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى) صناديق التمويل المشترك التي كانت تقوم بتنظيم حملة سنوية مشتركة لمجمع المال اللازم لتمويل خدمات الرعاية الاجتماعية في المجتمع المحلي وتوزيع حصيلة الحملة على الجمعيات الأعضاء، وغالبا ما كان ذلك يتم بالتعاون مع مجالس الهيئات الاجتماعية.
ولقد أدى ظهور تلك الأجهزة وممارسة الأخصائيين الاجتماعيين من خلالها إلى النظر إلى تنظيم المجتمع أساسا على أنه "تنسيق" للخدمات الاجتماعية أو على أنه عملية "تخطيط" لمواجهة المشكلات الاجتماعية في المجتمع المحلي، وقد اكتسبت تلك الوظائف تنظيم المجتمع احتراما كبيرا وتميزا في داخل مهنة الخدمة الاجتماعية أدى إلى الاعتراف بتنظيم المجتمع كطريقة مهنية ثالثة في 1974م، (1)
الحرب العالمية الثانية وظهور مفهوم تنمية المجتمع :
ولكن الحرب العالمية الثانية أتت بتطور جديد أدى إلى دعم تنظيم المجتمع كطريقة مهنية، فبعد نهاية الحرب، بدأ العديد من الدول التي كانت خاضعة للاستعمار في الحصول على الاستقلال، وظهر مفهوم تنمية المجتمع (2) The concept of community development كبديل ديمقراطي للوصول إلى التقدم دون ثورة اشتراكية في تلك الدول، حيث تتم التنمية من خلال الجهود الذاتية ومشاركة المواطنين في دراسة وحل مشكلاتهم بأنفسهم (مع توفير قدر محدود من المساعدة الخارجية)، وقد وجد رجال تنظيم المجتمع أنهم أولى من غيرهم لتولى مسئوليات العمل المهني "لتنمية المجتمع" وأدركوا أن مشاركتهم في تلك الجهود (التي تتفق مع تراث حركة المحلات الاجتماعية) تؤدى إلى رفع قيمة ممارستهم المهنية باعتبارها مساهمة في تحقيق أهداف التنمية على المستوى القومي من خلال العمل على المستويات المحلية، ثم أظهرت الستينات أن هناك ظروفا تمر على المجتمعات يتحجر فيها النظام الاجتماعي ويفقد فيها قدرته على الاستجابة المرنة لحاجات قطاعات عريضة من السكان ويغطى مساوئه بالتخفي وراء شعارات جوفاء تؤدى إلى فقدان الاتصال بين من يملكون القوة وبين من لم يملكونها، ومن هنا ظهرت في الولايات المتحدة منظمات للعمل الاجتماعي حاول من خلالها الزنوج والفقراء الضغط على متخذي القرارات للمطالبة بحقوقهم بما يؤدى إلى تغيير التشريعات والقوانين والسياسات والممارسات المؤسسية التي أحسوا أنها مضادة لمصالحهم، ولم يجد رجال تنظيم المجتمع مناصا عن الاشتراك في جهود العمل الاجتماعي من خلال تنظيم صفوف هذه الفئات المحرومة للدفاع عن حقوقها ولو أدى الأمر إلى استخدام الصراع والضغط لا مجرد الإقناع.
وتجدر الإشارة إلى أن كل تطور من هذه التطورات ساهم بقدر في صياغة وتشكيل ممارسة تنظيم المجتمع على المستوى الدولي، وأدى هذا إلى إثراء نظرية تنظيم المجتمع Community Organization Theory بشكل كبير، مما جعل الكثيرين يتكلمون اليوم عن نماذج ثلاثة لتنظيم المجتمع (2) : نموذج التخطيط الاجتماعي Social Planning Model – نموذج تنمية المجتمع المحلي الصغير Community Development Model – نموذج العمل الاجتماعي Social Action Theory .
أما نموذج التخطيط الاجتماعي :
فهو يركز على القيام بعملية فنية لحل المشكلات المجتمعية، وعلى ذلك يكون جوهر العملية الفنية هو إحداث تغيرات مقصودة ومخططة ويستند على فكرة التغير فى المجتمعات الصناعية المعقدة ويتطلب وجود خبراء متخصصين في التخطيط ومن أمثلة المنظمات التى مارست هذا النموذج مجالس الهيئات الاجتماعية ومشروعات الصحة العقلية ومن أهم الكتابات المهنية التي تمثل هذا النموذج، كتابات : " روبرت موريس "، و " جيمس ويلسون :،
وأما نموذج التنمية المحلية
فهو يستند على فكرة ان تحقيق التغير فى المجتمع المحلى يتم عن طريق مشاركة جبهة عريضة من سكان المجتمع فى تحديد الاهداف، ويتمثل فى مشروعات تنمية المجتمع، حيث يقوم على التعاون الطوعى والجهود الذاتية، ويستهدف تحقيق اهداف تربوية وتعليمية، ومن امثلته مشروعات تعليم الكبار، والكتابات المهنية التى تبلور هذا النموذج هى كتابات : " روس " ، و " بيدل وبيدل "، و " مارشال كلينارد "،
وعن نموذج العمل الاجتماعي
فهو النموذج الذي يكون اكثر ملاءمة في الممارسة عندما توجد فئه مستضعفه ومهمشة ومهضومة الحقوق، ويتطلب الأمر تنظيمها لكي تطالب المجتمع الكبير بموارد مناسبة لاشباع احتياجاتها، ويستهدف النموذج إحداث تغيرات مجتمعية جذرية في النظم الاجتماعية، وفي المنظمات الاجتماعية، ويتطلب هنا إعادة توزيع للموارد والقوة، أو إحداث تغيرات في سياسات المنظمات الرسمية، ومثال المنظمات التي تمارس هذا النموذج منظمات الحقوق المدنية، ومنظمات الدفاع عن الزنوج، وأهم الكتابات المهنية التي تمثل هذا النموذج هي كتابات : " سول إلينسكى "،
******************
الهوامش والاحالات
==============
(1) – ابراهيم عبد الرحمن رجب : " تنظيم المجتمع – اسس نظرية وتطبيقات عملية "، دار عالم الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة، 1986م، ص :320،
(2) - ففي منتصف الخمسينات ظهر مفهوم "تنمية المجتمع" بمساعدة من الولايات المتحدة وبعض المنظمات الدولية، وانتشرت برامجه حتى بلغ عدد البلدان التي أخذت به فيما بين 1953 و1959 سبع وعشرون بلداً، وظهر أيضاً مفهوم "الإحياء الريفي" علي يد معاهد فرنسية وبمساعدة من الحكومة الفرنسية، وانتشرت برامجه في البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية، وصدر حول تنمية المجتمع والإحياء الريفي مجموعة من الكتابات التي لم تلق انتباهاً كافياً.
واعتمد البرنامجان علي وجود وزارة أو جهاز إداري موازي للوزارات والأجهزة الحكومية التقليدية، وانصب اهتمامهما علي العمل الميداني، واعتمدا علي وجود أدوار متخصصة في التغيير تعمل علي مستوي القرية في تحديد المشكلات وتعبئة جهود السكان لحلها، وأكدا علي مبدأ مساعدة الذات، ولكنهما تجاهلا عدم التجانس في المجتمعات الريفية، فافترضت برامج تنمية المجتمع أن الحاجات المحلية مشتركة ويرغب الجميع في إشباعها، وافترضت برامج الأحياء الريفي أن التعاون ليس إلا مسألة توصيل المعرفة الفنية والموارد إلي الفلاحين، وتجاهلا بنية التدرج الاجتماعي المحلي التي أدت إلي أن تحصل جماعات صغيرة علي معظم مزايا المشروع، وتعتبر المشاركة مبدأ أساسي من مبادئ تنمية المجتمع، فالتنمية الحقيقية الناجحة لا تتم بدون مشاركة، كما أن المشاركة تعتبر أفضل وسيلة لتدعيم وتنمية الشخصية الديمقراطية على مستوى الفرد والجماعة والمجتمع، وهى في نفس الوقت من أبسط حقوق المواطن، وهى حق أساسي يجب أن يتمتع به كل مواطن يعيش في مجتمعه، فمن حقه أن يختار حكامه وأن يختار نوابه الذين يقومون بالرقابة على الحكام وتوجيههم لما فيه مصلحة الشعب ، كما أنه من خلال المشاركة يمكن أن يقوم الفرد بدور في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمجتمعه، بقصد تحقيق أهداف التنمية الشاملة على أن تتاح الفرصة لكل مواطن لكي يسهم في وضع هذه الأهداف وتحديدها والتعرف على أفضل الوسائل والأساليب لتحقيقها، وعلى أن يكون اشتراك المواطنين في تلك الجهود بناء على رغبة منهم في القيام بهذا الدور دون ضغط أو إجبار من جانب السلطات وفى هذه الحالة يمكن القول بأن هذه المشاركة تترجم شعور المواطنين بالمسئولية الاجتماعية تجاه مجتمعهم والمشكلات المشتركة التي تواجههم والرغبة في تحويل الأهداف التي يريدون بلوغها إلى واقع ملموس.
أنظر :
السيد عبد المطلب أحمد غانم : " التخطيط ومشاركة المواطن أو التخطيط التشاركي "، المصدر :
www.pidegypt.org/.../ParticipatoryPlanningAdvocacy%20Dr.El%20Saye...
(3) – أول من وضع هذا التصور هو " جاك روثمان " حيث ظهرت نظريتة في تنظيم المجتمع سنة 1968م، وهى تؤكد على تعدد أشكال ممارسة طريقة تنظيم المجتمع، في المجتمع المعاصر، إلى الدرجة التي يؤكد فيها في بداية نظريته على أنه من الافضل التحدث عن طرق تنظيم المجتمع Community Organization Methods وليس طريقة تنطيم المجتمع Community Organization Method، وتتضمن تلك النظرية أن هناك ثلاثة نماذج أساسية لممارسة طريقة تنظيم المجتمع هي : تنمية المجتمع المحلي * التخطيط الاجتماعي * العمل الاجتماعي، وأن هذه النماذج مثالية أي لا يجب النظر إليها على أنها منفصلة وهي متداخلة فى الواقع العملي، وأن هذه النماذج ليست كل النماذج، وليست بديلة عن بعضها البعض حيث يمكن المزج بينها كما يمكن إستخدامها مع بعضها البعض، كما أن كل نموذج يرتبط بكل متغيرات الممارسة بحيث إذا كان النموذج هو التخطيط الاجتماعي كانت هناك نوعية محددة لكل متغيرات الممارسة مثل الأهداف والاستراتيجيات والأدوار
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: