قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
أ. د/ احمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 11849
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تمهيد :
لعل من المناسب أن نبدأ بتحديد وتعريف بعض مفاهيم المصطلحات التي تدور حول عملية " التقويم " وما يرتبط بها من عناصر وعمليات، وذلك لما للمفاهيم والمصطلحات من عظيم الأثر في الحكم علي الأمور وتقييمها ومعرفة دلالاتها ووظائفها وأسسها ومجالاتها، فكما هو معلوم فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره،
ولذلك نبدأ بتحديد مفهوم التقويم لغة واصطلاحا،
وبادئ ذي بدء نود الإشارة إلى أن من المعروف أن أي عمل أو نشاط يقوم به الإنسان في أي مجال من مجالات الحياة، يتطلب منه التوقف بين الحين والآخر في محطات معينة، بقصد التحقق من مدى سلامة هذا النشاط، ومدى التقدم الذي أحرزه الانسان في هذا العمل، ودرجة تحقق الأهداف التي يتوخاها، و تحديد نوع وطبيعة الصعوبات والمشكلات التي يمكن أن تكون قد أثرت في عائد ونتائج هذا النشاط أو العمل، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه ببساطة عملية " التقويم "،
فعملية التقويم إذا عملية قديمة قدم الإنسان نفسه، والحياة في حقيقتها ما هي إلا عملية تقـويميـة قائمـة عـلى الامتحـان والابتـلاء فأساسها العبودية لله ثمّ تقوّم الأعمال يوم القيامة،
فلا حياة بلا تقويم، وكان تقويم الانسان قديما لما يقوم به من نشاط او عمل تقويما ذاتيا او شخصيا، ويعتمد على ملاحظاته الخاصة، ويختلف من شخص لآخر ،
ورغم قدم التقويم إلا أنه مصطلح حديث العهد والإستخدام في ميادين العلوم الاجتماعية والإنسانية والسلوكية Social, Humanitarian and Behavioral Sciences، ومهن المساعدة الإنسانية humanitarian assistance Professions، وهو يعني بمعناه العام : تحديد مدى قيمة شئ معين أو حدث معين، أو تقدير قيمة الشئ، مما يعني أن التقويم وسيلة لإدراك نواحي القوة والجوانب الإيجابية في الشئ المقوم لتأكيدها والاستزادة منها وتدعيمها، والوقوف علي نواحي الضعف فيه لعلاجها أو تعديلها والحد منها،
ويعد مصطلح التقويم من المصطلحات الشائعة الاستخدام في العديد من التخصصات العلمية، وخصوصا في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وكذلك مهن المساعدة الإنسانية، ومجالات العمل الإنساني على تنوعها، حيث يستخدم في المجال التعليمي والتربوي فيما يعرف بـ " التقويم التربوي "، وفي التربية الرياضية ( البدنية )، وفي التربية الخاصة، وفي الخدمة الاجتماعية، وفي ميدان الإدارة، وفي الارشاد النفسي، والعلاج النفسي ......إلخ ، كما أن للفظة التقويم استعمالات أخرى عديدة ومتنوعة كالتقويم الزمني ( الهجري، الميلادي، القبطي )، وتقويم البلدان ... وغيرها من الاستخدامات،
ويعتبر من أهم عمليات التفكير ذات المستوى المرتفع، وهو يعني إعطاء الشئ أو الحدث قيمته، وبذا يمكن التعرف على نواحي القوة ونواحي الضعف والخلل وتداركها والتغلب عليها،
* تعريف التقويم لغة :
تجدر الإشارة بداية إلى أن هناك كلمتان ( لفظتان ) يستخدمهما الباحثون والكتاب تفيدان بيان قيمة الشيء هما : ( تقويم، وتقييم )، مع التنويه بأن الكلمة الأولى هي الصحيحة لغوياً ( في معاجم اللغة العربية ) ، وهي أعم ويراد بها معاني عدة منها :
- بيان قيمة الشيء، ومنه قومت السلعة تقويمًا،
- تصحيح وتعديل ما أعوج، يقال قوم الشئ تقويمًا سواه وعدله ومنه تصحيح الخطأ الواقع فيه، ومنه قول سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه عند توليته الخلافة : " إذا أحسنت فأعينوني وأن أسأت فقوموني" – الإمام البخاري : " (1)
ومنه قول أحد الصحابة لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " والله لو رأينا فيك إعوجاجًا لقومناك بسيوفنا " (2)
والتقويم لغة : مصدر قوم، تقول : قوّم السلعة : قدرها، وقومت المتاع : جعلت له قيمة معلومة (3)،
جاء في " المعجم الوسيط " التقويم مصدر مشتق من الفعل " قوم " الجذر (ق و م) ويعني قوم المعوج أي عدله وأزال عوجه،، وقوم السلعة سعرها وثمنها(4)،
وفي الحديث الشريف : " ...إن الله هو المقوّم المسعّر ...." (5)،
والتقويم لفظة مشتقة من الفعل ( قوّم )، فيقال : قوّم ( المعوج بمعنى عدّله وأزال اعوجاجه)، ( وقوم الشيء : بمعنى قدره ووزّنه وحكم على قيمته )، (واستقام إعتدل واستوى )،
وعلى ذلك يمكن لنا أن نقرر أن المعنى اللغوي للفظة التقويم : يدور حول أربعة معان ٍ هي :
1- التصحيح وإزالة الاعوجاج،
2- التحسين والتطوير،
3- إصدار الأحكام على الأشخاص والأشياء والموضوعات،
4- تحديد قيمة الشيء،
هذا ولقد وردت كلمة " التقويم " في القرآن الكريم بعدة ألفاظ اشتقاقا من الفعل " قوم " منها :
- التقويم، قال تعالى : {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }( التين : 4 )، أي أحسن تعديل لصورته، فهو في أبهى وأحسن صورة، وقيل : أعدل ما يكون (6)،
- منها لفظة " أقوم "، قال تعالى :{ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } (الإسراء : 9) وذكر الطبري أن (أقوم) تعني أصوب (7)،
- وأيضا قال تعالى : { ......ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ ......} ( البقرة : 282 )، أي : ذلكم أعدل في شرع الله وهديه،
- وقال تعالى : {.......وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ .....}( النساء : 46 )، أي : لكان ذلك خيرًا لهم عند الله وأعدل قولا،
- ومن معاني التقويم أيضا في استعمال القرآن الكريم يعني الاستقامة، قال تعالى : { الرجال قوّامون على النساء } ( النساء : 34) أي قائمون عليهن بالأمر والنهي والحفظ والرعاية والحماية والإشراف، وقال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط ....} ( النساء : 135 ) أي كونوا مجتهدين في إقامة العدل والاستقامة (8)،
- ومنها لفظة " قيم "، قال تعالى : {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }( الأنعام : 161)، أي : دينا مستقيما،
- وقال تعالى : {قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً }( الكهف : 2 )، أي : مستقيما لا اختلاف فيه ولا تناقض،
تعريف التقويم اصطلاحا :
لقد تعددت تعريفات التقويم طبقا لتعدد مجالات استخدامه، وتنوع التخصصات العلمية المهتمة بعملية التقويم، وبوجه عام يمكن لنا أن نورد عددا من التعريفات العامة للتقويم ثم نردف ذلك بذكر تعريف التقويم طبقا للتخصصات العلمية والمهنية المختلفة،
ويمكن القول أن من أكثر تعريفات التقويم بساطة أنه : " عملية تقدير أو وزن أو حكم على قيمة الأشياء "،
- التقويم بمعناه العام هو " عملية الوصف الدقيق للحصول على البيانات وتوفير المعلومات المفيدة للحكم على بدائل القرارات، وبمعنى آخر هو عملية تشخيصية وقائية وعلاجية ".
وعليه يمكن تحديد معنى التقويم ببساطة بأنه " تلك العملية التي يقوم بها الفرد أو الجماعة، أو هيئة أو منظمة ما، لمعرفة ما يتضمنه أي عمل من الأعمال ( سياسة أو خطة، برنامج، مشروع ....)، من نقاط القوة أوالضعف، ومن عوامل النجاح أو الفشل في تحقيق غاياته المنشودة منه، على أحسن وجه ممكن"
- تعريف " الكين " Elkin عام 1969م : " عملية التحقق بالتجربة أو الاختبار في مجالات قرار معين، موضع الاهتمام وانتقاء البيانات المناسبة، وجمع وتحليل هذه البيانات من أجل التوصل إلى معلومات تلخيصية تفيد صانعي القرارات في الاختيار بين البدائل (9)
- أما استفلييم ( 1974 م ) Stufflleam فيرى أن التقويم عملية رسم الخطوط العريضة والحصول على معلومات مفيدة تقدم للأطراف المعنية للاسترشاد بها في إصدار أحكام تتعلق ببدائل القرارات " (10)
وهكذا يتفق " استفلييم " مع تعريف " الكين " في أهمية المعلومات لعملية التقويم والاسترشاد بها في الحكم واتخاذ القرارات،
- كما عرفه " هاري وماكمنز " ( 1978م ) Harrey , MacManus بأنه عملية تقييم للأداء الفعلي للأفراد أو المؤسسات مقارنة بالأهداف والنواتج المرجوة التي يمكن قياسها،
ويتفق معهما ريكان ( 1980م ) Reckon، في أن التقويم عملية قياس النواتج المرغوبة لأفعال أو أنشطة معينة تهدف إلى إحداث تغييرات مرجوة في الأفراد أو المؤسسات (11)
ويتطلب التقويم بالمفهوم المشار اليه إصدار حكم أو قرار بشأن إنجاز أو تحصيل مخرج ما، ولا يقصد من وراء معرفة الواقع عملية التشخيص فحسب، وإنما يتجاوز ذلك إلى التوصيات والقرارات اللاحقة لتصحيح المسار أو تعديله ليسير في مسار تحقيق الأهداف المنشودة، ومن ثم البحث عن أفضل السبل والوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى تحسين النوع وتطويره، دونما خلل في عامل الكم.
وركز بعض الباحثين في تعريفاتهم على أهمية المحكات والمعايير عند عملية التقويم، ومن تلك التعريفات :
- عرف " بلوم " Bloom التقييم بأنه : " إصدار حكم لغرض ما على قيمة الأفكار والأعمال والحلول، وأنه يتضمن استخدام المحكات Criteria، والمستويات Standard والمعايير Norms لتقدير مدى كفاية الأشياء وقيمتها وفعاليتها،
- ويعرف ويلر Wheeler: " التقويم بانه إصدار القرارات بالرجوع إلى بعض المحكات،
- كما يعرفه جونسون ونيلسون ( 1979م ) Johnson and Nelson أن التقويم هو تلك العملية التي تعطي معنا لنتائج القياس، وذلك عن طريق الحكم على هذه النتائج باستخدام بعض المحكات أو المعايير
- ويعرف التقويم أيضا بأنه : " عملية منهجية، منظمة، مخططة، تتضمن إصدار الأحكام على السلوك أو الفكر (أو الوجدان) أو الواقع المقيس ( المراد تقويمه )، وذلك بعد موازنة المواصفات، والحقائق لذلك السلوك (أو الواقع) التي تم التوصل إليها عن طريق القياس مع معيار جرى تحديده بدقة ووضوح (12)
- وعرفه البعض بأنه : "عملية منظمة تتضمن جمع المعلومات والبيانات ذات العلاقة بالظاهرة المدروسة، وتحليلها لتحديد درجة تحقيق الأهداف، واتخاذ القرارات من أجل التصحيح والتصويب في ضوء الأحكام والمعايير التي تم تحديدها مسبقا " (13)
- وثمة من يرى : " هو تعديل وضعية أو موضوع ما ليحقق قيمة معتبرة " (14)،
- ويعرفه" سميدي، ورالف ديفس " tenbrink1974 بأنه :" عملية الحصول على المعلومات، وإصدار الأحكام التي تفيد في إصدار القرارات " (15)،
- كما تعرف عملية التقويم بأنها : "عملية شاملة للحكم على مدى فاعلية البرنامج التدريبي" (16)
- عملية منهجية مخططة – للحصول على معلومات ( أي بحث علمي ) – عن طريق القياس – للتوصل على إصدار أحكام – وفقا لمعايير محددة سلفا، وإتخاذ قرارات،
ومما سبق يتضح أن عملية التقويم تقوم على أساسين مهمين هما :
* جمع البيانات والمعلومات عن طريق القياس العلمي،
* إصدار أحكام، واتخاذ قرارات في ضوء هذه البيانات والمعلومات،
التقويم في محيط الخدمة الاجتماعية :
- إنطلاقا من أن الخدمة الاجتماعية كمهنة تتحدد منطقة عملها بالحركة بين قطبين هما الناس والبيئة ( الانسان في بيئة ) فالناس في حالة تفاعل دائم ومستمر مع البيئة التي يوجدون بها، ويتم ذلك التفاعل خلال قيام الناس بأدوارهم الاجتماعية، وممارستهم للعلاقات فيما بينهم، ذلك حتى يتم تبادل متوازن بين هذه العلاقات وبين متطلبات البيئة (17) يمكن تعريف التقويم في محيط الخدمة الاجتماعية بأنه العملية التي تهدف إلى تقدير وقياس التغييرات الذاتية (السلوكية ) بالنسبة لأنساق لعملاء ( وحدات العمل )، والتغييرات البيئية بالنسبة للمحيط والوسط الذي يعيشون فيه، والبحث عن ( رصد وتحديد ) العلاقة بين تلك التغييرات، والعوامل المؤثرة فيها (18)،
- ويستخدم صاحب قاموس الخدمة الاجتماعية لفظة التقييم كمرادف للتقويم فيقول إن التقييم هو " عملية اجتهادية لحساب القيمة المادية او تقدير لقيمة شئ، وفى الخدمة الاجتماعية هو : قياس او تقدير إلى اى مدى حقق التدخل او المشروع او البرنامج اغراضه واهدافه ؟ وما هى بالتحديد اسباب نجاح او فشل التدخل او البرنامج او المشروع ؟
- والاجابة على هذين السؤالين تستخدم لاعادة تحديد بدائل اساليب التدخل او بدائل البرنامج ؟ او اعادة تحديد الاهداف والاغراض نفسها، ويمثل التقييم اهمية فى برامج الخدمات الاجتماعية حيث يستخدم لاثبات احقية البرامج القائمة فى استمرار تمويلها،
والتقييم يختلف عن المتابعة، فالتقييم يهتم بتقدير البرنامج بعد استكماله لكى يتخذ البرنامج مساره الصحيح خلال عملية التطبيق، وكلا من المتابعة والتقييم يمكن تصورها موجهين لكلا من جهود البرنامج ونتائج البرنامج، فالمتابعة تتجه للتركيز على جهود البرنامج، والتقييم يركز على نتائج البرنامج .
وإن المقارنة هى اساس التقييم فلا يمكن ان يقيم بدون ان نقارن فيمكن مقارنة الموقف قبل التدخل والموقف بعد التدخل، او مقارنة البرنامج ببرنامج اخر او يتم مقارنته بما هو مخطط من توقعات (19)،
فالتقويم ينظر إليه على أنه وسيلة هامة وأساسية لا يمكن الاستغناء عنها فى مجالات الرعاية الاجتماعية على وجه العموم، وفى مجالات الخدمة الاجتماعية على وجه الخصوص، وذلك باعتباره عملية جوهرية تعتمد على القياس العلمى لتحديد ورصد النتائج التى امكن التوصل إليها من خلال تطبيق برنامج او مشروع او منهاج يتعلق باساليب التدخل المهنى فى إحدى مجالات الخدمة الاجتماعية، ويقدم لنا تصورا واضحا لكيفية التعامل فى المستقبل مع هذه المجالات بصورة اكثر نجاحا ومهنية (20).
تقويم البرامج والمشروعات : Evaluation of programs and projects
ذكرنا أن التقويم على أنه عملية قياس مدى منهجية وموضوعية ملاءمة البرامج والمشاريع الجارية والمنجزة، وأدائها ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها،
حيث يعد التقويم أداة إدارية لإرشاد صانعي القرارات، ومديري المشاريع عما إذا كان التخطيط والتنفيذ للمشروع تم وفق ما خطط له، وعادة ما تكون عملية التقويم محددة بزمن معين بحسب توقيت التقويم، ويجري التقويم عادة لتحقيق هدف معين، وللإجابة عن أسئلة محددة تزود صانعي القرار ومديري المشاريع بالمعلومات حول النظريات والفرضيات المستعملة في التنفيذ فيما إذا كانت فعالة أم لا، ولماذا؟ وذلك للتمكن من اتخاذ القرار الصحيح بشأن تعديل السياسات والإجراءات الجارية بالتنفيذ، والاستفادة منها مستقبلاً في تنفيذ مشاريع أخرى، ويهدف التقويم بصورة عامة إلى تحديد مدى ملاءمة المشروع بالنسبة إلى الأهداف الموضوعة، وفاعليته وكفاءة إنجازه ومدى تأثيره واستدامته (21)،
ماهية التقويم لبرامج العمل الاجتماعي :
تولي المجتمعات الحديثة اهمية كبرى لعملية " التقويم " في شتى مجالات الحياة، باعتبارها عملية ملازمة لبرامج العمل الاجتماعى، والتنموي، Social and developmental work programs والتى تهدف - في المقام الأول - إلى إحداث التغييرات المقصودة والمخططة، والتى من شأنها ان تنمى وتطور الانساق الاجتماعية والجماعات المحلية حتى تستطيع ان تصل إلى الحد الاقصى من توظيف امكانياتها المادية والبشرية، وهذا يقودها إلى عملية التقويم من حيث منهجيتها واستخداماتها العملية فى مجال العلوم الاجتماعية والتميز بينها وبين اى صور اخرى .
فالتقويم دراسة للتغيرات التى حدثت اثناء وبعد تطبيق برامج العمل الاجتماعى، وتحديد للجوانب المؤثرة فى البرنامج، وقد تكون فرص نجاح البرنامج اكبر لو ان التقييم قد ادرج منذ البداية ضمن التخطيط للبرنامج باعتباره خطوة اساسية من خطواته التنفيذية ويستخدم مفهوم التقويم كهدف فى حد ذاته او كعملية، فهو كهدف يحدد العائد او الفائدة الاجتماعية للبرنامج، اما كعملية انه يقيس الدرجة التى تعكس العائد المرغوب او الفائدة من البرنامج، وهذان الجانبان فى التقويم يمثلان المكونات المنهجية والتصورية للبحث التقويمى(22).
ولذلك يرى " ارمسترونج " Armh2 ان التقويم يهدف للاجابة على الاسئلة الآتية : كيف نقوم بالعمل؟ هل ننجز ما نحدده لعملنا ؟ كيف نستطيع تحسين ما نؤديه من عمل ؟
وقد عرف المجتمعون فى احد الاجتماعات الدولية لمنظمة اليونسكو منذ عدة سنوات التقويم بانه " تلك العملية التى تمكن المنفذين من وصف فاعلية برامجهم، والقيام بتعديلات مستمرة إذا اقتضى الامر لتحقيق الاهداف المحددة للبرامج بطريقة اكثر تأثيرا، وهذا يعنى ان عملية التقويم لا تكون فى نهاية البرنامج فقط، ولكنها عملية دورية لمتابعة المراحل المختلفة من البرنامج .
بل ان البعض اكد على ان التقويم هو اسلوب للبحث او منهج علمى فهو " أداة او منهج علمى يستهدف الكشف عن حقيقة التأثير الكلى او الجزئى لبرنامج من برامج التنمية الاجتماعية او الاقتصادية فى النطاقين القومى والمحلى على السواء، ووسيلته إلى تحقيق هذا الهدف هى الكشف عن حقيقة التغير الاجتماعى المادى التكنولوجى والمعنوى (23).
خلاصة حول التقويم في الخدمة الاجتماعية :
- التقويم عملية، Process ، والعملية هي مجموعة من الإجراءات والخطوات المنظمة والمتتابعة والمترابطة، والتي تسعى الى تحقيق هدف محدد، أو : هي مجموعة من الإجراءات يمكن أن تقضي إلى نتائج معينه. وتكون النتائج الناجحة في العادة ناتجاً لعملية تحت الضبط،
- للحصول على مجموعة من البيانات وتوفير المعلومات اللازمة والدقيقة، وتحليلها وفقا للاسلوب العلمي،
- من أجل الوصول إلى تقدير أو وزن أو حكم على قيمة الأشياء ، أي تتضمن تلك العملية إصدار الأحكام على السلوك أو الفكر (أو الوجدان) أو الواقع المقيس ( المراد تقويمه )،
- وذلك بعد إجراء عملية موازنة دقيقة للمواصفات، والحقائق لذلك السلوك (أو الواقع) والتي تم التوصل إليها عن طريق القياس، مع معيار أو مجموعة من المعايير التي جرى تحديدها بدقة ووضوح،
- تتضمن تحديد درجة ومدى تحقيق الأهداف المرجوة من النشاط او البرنامج او المشروع، واتخاذ القرارات اللازمة من اجل التصحيح والتصويب في ضوء تلك المعايير،
- فالتقويم عملية تشخيصية وعلاجية ووقائية،
وتستهدف عملية التقويم في محيط الخدمة الاجتماعية تقدير وقياس التغييرات الذاتية (السلوكية ) بالنسبة لأنساق لعملاء ( وحدات العمل )، والتغييرات البيئية بالنسبة للمحيط والوسط الذي يعيشون فيه، والعلاقة بين تلك التغييرات، والعوامل المؤثرة فيها .
****************
الهوامش والحواشي :
============
(1) – الامام البخاري : " صحيح البخاري " ج4، ص : 157،
(2) - علي محمد حسنين : " رقابة الأمة علي الحكام - دراسة مقارنة بين الشريعة ونظم الحكم الوضعية "، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، 1981 م، ص : 331،
(3) - أنظر :
- محمد بن مكرم بن على أبو الفضل جمال الدين ابن منظور ( ت : 711هـ ) : " لسان العرب "، دار صادر، بيروت، ط3، 1414 هـ، ج12، ص : 500، مادة " قوم "،
- أحمد بن محمد بن علي الفيومي المقرئ (المتوفى: نحو 770هـ ): " المصباح المنير في غريب الشرح الكبير "، المكتبة العلمية، بيروت، لبنان، 1987م، ص : 268 ، مادة " قوم "،
(4) - إبراهيم أنيس وآخرون : " المعجم الوسيط "، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ج 2، ط 4، ، 2004 م، ص : 768،
(5) – الإمام أحمد : المسند ( حديث رقم : 11809 ) عن أبي سعيد الخدري، وتمامه : " قال : غلى السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : لو قوّمت لنا سعرنا، قال : إن الله هو المقوّم أو المسعّر، إني لأرجو أن أفارقكم وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في مال ولا نفس "،
(6) - محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) : " جامع البيان في تأويل القرآن "، تحقيق : أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط1، 1420 هـ - 2000 م، تفسير الآية،
(7) - محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) : " جامع البيان في تأويل القرآن "، تحقيق : أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط1، 1420 هـ - 2000 م، تفسير الآية،
(8) - محمد علي الصابوني : " صفوة التفاسير "، دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع – القاهرة، ط1، 1417 هـ - 1997 م، تفسير الآية،
(9) - عبد الباقي عبد الغني بابكر، وآخرون : " دليل التقويم والاعتماد في التعليم العالي "، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الهيئة العليا للتقويم والاعتماد، الخرطوم، 2005 م، ص : 21،
(10) - عبد الباقي عبد الغني بابكر - ووليد خضر عباس الزند : " التقويم والاعتماد في التعليم العالي "، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الهيئة العليا للتقويم والاعتماد، الخرطوم، السودان، ط2، يوليو 2004 م، ص : 10،
(11) - عبد الباقي عبد الغني بابكر، ووليد خضر عباس الزند : " مرجع سبق ذكره "، ص : 10، (12) - محمد محمود الحيلة : " التصميم التعليمي نظرية وممارسة "، دار المسيرة، عمان، الأردن، 1999م، ص : 402،
(13)- www.myportail.com/actualites-news-web-2-0.php?id=5233
(14)- www.wata.cc/forums/archive/index.php/t-32987.html
(15) - مضر عبد الباقي سالم: " تقويم درس التربية الرياضية للمرحلة المتوسطة في العراق "، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية الرياضية، جامعة القادسية، العراق، 2000 م، ص : 84،
(16) - مصطفى محمود الإمام وآخرون : " التقويم والقياس"، دار الحكمة للطباعة والنشر، بغداد، العراق، 1990 م، ص : 60،.
(17) – أنظر :
- Harriett M. Bartlett; " The Common Base Of Social Work Practice ', N.Y.,NASW, 1970, PP: 101-104
(18)- www.qassimedu.gov.sa/edu/showthread.php
(19) أحمد شفيق السكرى : قاموس الخدمة الاجتماعية والخدمات الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 2000م، ص186 .
(20) محمد رفعت قاسم : تقويم مشروعات تنمية المجتمع المحلى – نماذج وحالات تطبيقية، الثقافة المصرية للطباعة والنشر والتوزيع , القاهرة , 1999م، ص 139،