أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3402
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
جماعة الاتحاد استقووا على هذه الدولة الهشة المرتبكة المرتعشة و خرج البعض منهم إلى الساحات العامة لبث سمومهم في هذا الجسد المنهك ، منهم من يطالب بالإطاحة بالوزراء هكذا علنا دون حمرة خجل و هو الذي كان يتبول على نفسه لما يرى صورة الرئيس السابق تزين الشارع، منهم من طالب بتغيير كامل طاقم الحكومة هكذا بدون حمرة خجل أيضا و منهم من يدعو إلى الانقلاب عليها جملة و تفصيلا كل هذا باسم ‘ احبك يا شعب ‘ التي أطلقها الزعيم الوطني الراحل فرحات حشاد ، بطبيعة الحال الأمين العام للاتحاد يريد التمعش من هذه الظروف السانحة لتحصين موقعه داخل المركزية النقابية بنهج محمد على و هو يتخيل أن هذه الدعوات المتكررة لإسقاط الحكومة و رميها بكل الشبهات الممكنة و غير الممكنة قد يدفع الشعب إلى اليأس و ربما لتكرار ما حدث منذ اشهر لما تسببت مثل هذه الدعوات المجنونة الصادرة عن محمد المرزوقي و الاتحاد و الجبهة الشعبية و غيرها من أزلام السفارات و دكاكين المخابرات الأجنبية في تونس إلى إحراق البلاد و إشعال نار الفتنة الجهوية، هذا الأمر ليس غريبا على الاتحاد و نحن نذكر كيف افتعل المرحوم الحبيب عاشور من باب النرجسية و الغرور أحداث الصدام الدموي الدامي بينه و بين الحكومة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة مما تسبب في سقوط المئات من الشهداء و الآلاف من الجرحى و ما نتج عن هذه الأحداث من ارتدادات اقتصادية و اجتماعية عانت منها الطبقة الفقيرة لسنوات .
ربما نحن نسمع كثيرا من الشعارات البائسة من فم الأمين العام للاتحاد و من بعض كهنته الذين تولوا أمر نقابة التعليم أو الصحة على سبيل الحصر و هذه الشعارات في ظاهرها خير للبلاد و لكن خفاياها لا يعلمها إلا الله و لعل المواطن اليوم قد تفطن إلى ما يدبره هذا الاتحاد بليل خاصة في مجال ضرب التعليم العمومي و الصحة العمومية لمزيد تعميق الهوة الاجتماعية و طحن الطبقات الفقيرة فبدل السعي إلى إيجاد حل جذري ملموس لمسالة الدروس الخصوصية التي ابتدعها بعض مرتزقة رجال التعليم لنهب جيب المواطن بلا فائدة و لا مبرر فقد أصرت نقابة التعليم على التصعيد بابتداع أسباب واهية أدرك الجميع اليوم أنها جاءت للتغطية و التعتيم على الخفايا الحقيقية لتحركات رجال التعليم الموتورة و التي لا تخدم لا مصالح رجال التعليم و لا مصالح مستقبل شبابنا و لا مصلحة البلاد ، فالسؤال اليوم لماذا الإصرار العجيب على ضرب مؤسسات الدولة و التقليل من هيبتها باحتلال الشارع في كل مناسبة للمطالبة بإسقاط الوزير مع سيل جارف من العبارات النابية المهينة للذوق العام ؟ هل لا يعتبر هذا العمل الشائن نوعا من شيطنة الوزير أو شيطنة الدولة و إذا كان الجواب بالإيجاب فلماذا يصرخ الأمين العام متهما الباقين من هذا الشعب بشيطنة الاتحاد إذن ؟ نحن إذن أمام خطاب مزدوج و كيل بمكيالين و حالة انفصام في شخصية الاتحاد و لعب ادوار مشبوهة يدرك المواطن اليوم أنها لا تخدم إلا هؤلاء اللئام الإرهابيين العائدين من سوريا الذين ينتظرون على الحدود للتسلل و القيام بالتفجيرات و القتل و الاغتصاب .
لقد سقط الاتحاد من عيون الشعب حين طالب بإسقاط الوزير ناجى جلول و من بعده الوزير حاتم بن سالم و لعل خروج الأولياء في أكثر من موقعة رافضة لهذا الأمر جملة و تفصيلا هو صفعة مدوية على خد الأمين العام و رئيس نقابة التعليم ، هذه الصفعة ما كانت لتحدث بمثل هذه القوة و الخشونة لو اتبع الاتحاد الطرق ‘ السلمية ‘ لنيل بعض مطالبه المنطقية دون اغتنام الفرصة لإظهار نفسه مظهر الخارج على القانون و قاطع الطريق الذي نعرف مقولته الشهيرة ‘ المال أو الموت ‘ (la bourse ou la vie)، اليوم يكررها الأمين العام في مسالة وثيقة قرطاج و سعيه المحموم لضرب الدولة و استقرارها بإسقاط كامل الحكومة بعد أن عجز عن إسقاط وزير التعليم ، لنفهم هذا علينا بالرجوع إلى أيام الفوضى الخلاقة التي نتجت عن قرار مرتزقة التعليم حجب الأعداد و ما تبع هذا القرار اللئيم و اللاوطنى من هرج و مرج دام أسابيع تعطلت فيه الدروس و ظن البعض أن الأمر ذاهب إلى سنة بيضاء حينها انتظر الأمين العام اللحظات الأخيرة حين قارب الوضع الاجتماعي على خروج الناس للشارع لمواجهة هذه المؤسسة المشبوهة و تيقن من كونه قد خسر معركة ضرب التعليم و محاولة إسقاط الوزير الثاني للتعليم فأعلن هذه ‘ الهدنة ‘ دون أن يغفل طبعا عن أن يسمعنا سيلا من عبارات التهديد و الوعيد لخصها نقيب التعليم بتلك العبارات الشائنة ‘ خسرنا المعركة لكن ..’ . اليوم نفهم أن الاتحاد لم يتأخر إلا ليقفز أكثر كما يقال و مطالبته بإسقاط كامل طاقم الحكومة يأتي في سياق استكمال متطلبات ‘ المعركة ‘ بل أم المعارك كما لفظ لسعد اليعقوبى و هي إسقاط الدولة برمتها على رؤوس الجميع .
لقد جاء في تقرير الراحل عبد الفتاح عمر ما يدين هياكل الاتحاد بسوء التصرف و نهب أموال منخرطيه و لعل تلك القنبلة كما رآها البعض في تلك الفترة قد كانت منتظرة بعد أن عانى هذا الاتحاد من هنات على مستوى التصرف السليم في أموال المنخرطين لكن و لأسباب تهم السلم الاجتماعية فقد تم إطلاق سراح الأمين العام السابق عبد السلام جراد في صفقة مشبوهة بين النظام و الاتحاد و بقى ملف الأموال المنهوبة و سوء التصرف قائما دون متابعة جدية من القضاء إلى اليوم و قد كان منتظرا من الأمين العام نورالدين الطبوبى الذي يغنى بشعار محاربة الفساد أن يبدأ بالتنظيف و الكنس أمام بيته حتى لا يواجه بتلك المقولة الشائعة ‘ من كان بيته من زجاج لا يرمى بيوت الآخرين بالحجر ‘، لقد كشف برنامج ‘ شالوم ‘ عن الوجه الحقيقى لبعض شخوص المجتمع التونسي الذين وضعهم الشعب أحيانا في مراتب القديسين فتبين إنهم من شياطين الإنس الفاجرين الخائنين و لعل انتفاضة الشعب ضد نقابة التعليم و بالذات ضد الخيارات المشبوهة للاتحاد قد كشف أيضا الوجه الحقيقى لكثير من قيادات الاتحاد التي ظنها الناس ظنا حسنا فتبين أنها السوس الذي ينخر الاقتصاد و السلم الاجتماعية بالذات، اليوم يجب على رئيس الدولة أن يتخذ الموقف الرصين الرامي لمصلحة البلاد دون الالتفات إلى دعوات الاتحاد المشبوهة و الشعب اليوم يدرك أن وقوفه غالى جانب الرئيس هو فرض عين و لا فرض كفاية .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: