التآمر على أمن الدولة، التهمة الأكثر إضحاكا في تونس
أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 699
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تريد أن تتخلص من شخص يعارضك و أنت في الحكم ؟ لم تجد له ملفا حتى لو كان مفبركا يوديه في داهية ؟ لم يتكرّم عليك مستشاروك بحيلة أو بخدعة ؟ رفض المعارض كل الحلول الوسطى ؟ لم يعد عليك لوم اذهب إلى آخر الطب و هو الكي على رأى كبارنا و استغل أية فرصة مفتعلة و أقم عليه الحدّ بمعنى أحله على القضاء بتهمة تقطع الرقبة و هي التآمر على أمن الدولة . بسيطة ؟ في الحقيقة هذا لا يكفى و يجب تكليف بعض ألسنة السوء بأن لا يتركوا لذلك المعارض مجالا حتى ليتنفس ، خطة ما تخرّش الميّة على رأى إخوتنا في المشرق ؟ . المشكلة أن حبل الكذب قصير و حبل الاستبداد قصير و حبل قضاء التعليمات قصير . ليبقى السؤال لماذا لا يقوم الحاكم العربى بتقويم نفسه و اعتماد سياسة رد الحجة بالحجة و احتواء معارضة بحسن التدبير و شفافية التصرف ؟.
ربما هناك من يتساءل لماذا كل هذه الديباجة و من نقصد بهذا المقال و من هو الحاكم و من هو المعارض ؟ ليسترح المتسائلون فهذا مقال ستندار Standard )) يأتي على قياس الكل في عالمنا العربي حكاما و معارضين و هو نتاج ما يصل إليه المواطن العربي من قناعة بعد أن تحولت تهمة التآمر على أمن الدولة مثار سخرية الجميع لعدم تناسبها لا مع الأفعال المنسوبة للمعارض فقط بل لأنها تجعل من أمن الدولة شيئا رخيصا يمكن الاعتداء عليه لكل من هبّ و دبّ. أمن الدولة أيها السادة تؤمنه مؤسسات الدولة المدنية و العسكرية و تجعله عصيّا على الإدراك أو التعرض إليه بسهولة . أمن الدولة هو ميثاق الشرف الذي يجمعنا و يدفعنا دائما و أبدا للمحافظة عليه و التضحية من أجله بالغالي و النفيس فلماذا جعل منه حكام العرب مادة للاستهزاء و النكتة و التسلية ؟ الحاكم العربي الذي باع وطنه للدول الاستعمارية الغربية مقابل حماية نظامه و بعض البقشيش هو من يتآمر على أمن الدولة ، الحاكم العربي الذي ينهب ثروات بلده و يضعها في الخارج هو من يتآمر على أمن بلده ، الحاكم العربي الذي لا ينفذ برامج تنمية قادرة على تشغيل العاطلين هو من يتآمر على بلده .
منذ 2011 و الاتهامات بالتآمر على أمن الدولة تتهاطل لكن و رغم مرور السنوات في التحقيق و التثبت فلا شيء يرشح و لا إدانة تثبت و لا أحكام تصدر مما يؤكد أن هذه التهمة واهية و القصد منها هو التخلص من لسان معارض إلى حين . ما يجب قوله أن تهمة التآمر على أمن الدولة تهمة مركبة تستدعى غالبا وجود تحركات و اجتماعات و اتصالات و تخابر و أموال و أمكنة خفية للاجتماعات سابقة لساعة الإيقاف و التلبس و السؤال هل أن تواجد السيد عبير موسى بمكتب الضبط بالقصر الرئاسي و ربما إحداثها لشيء من الصخب يدخل تحت باب عناصر التهمة بالتآمر على أمن الدولة ؟ إذا كان الجواب بالنفي فهل يمكن الاستنتاج أن أجهزة الدولة قد كانت عالمة بوجود هذه العناصر المكونة للجريمة و لم تتدخل إلا حين جاءت هذه السيدة للقصر ؟ الظاهر من قائمة التهم الموجهة أنها وليدة اللحظة و تم استنباطها و اختلاقها على عجل لأسباب و أغراض سياسية و المؤكد أن قلم التحقيق قد يجد نفسه مضطرا في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار مرير لن يرضى طرفا من طرفي المعركة السياسية و هذا ما يمس باستقلالية القضاء مرة أخرى .
-----------
أحمد الحباسى
كاتب و ناشط سياسي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: