أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3526
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أحيانا نجد في الحديقة أشياء لم نزرعها و في المناصب العليا أناسا لم ننتخبهم أو أننا انتخبناهم تحت الضغوط أو من باب رفع العتب و الإفلات من المشاكل، على كل حال هذا ما حصل معي عندما انتهكت حرمة صمتي الانتخابي طيلة أكثر من ستين سنة و توجهت إلى صناديق الاقتراع بدائرتي لأجد أصبعي ملطخا بدم ازرق لن يمحى من ذاكرتي المتعبة بعد سنوات من المعاناة الذهنية في العمل و في موجبات الكتابة السياسية اليومية في عدة صحف و مواقع، انتخبت حركة نداء تونس و كنت من المؤلفة قلوبهم حول زعيم الحزب الفتى الذي تم ‘ اختراعه ‘ من العدم ليكون منافسا جديا لحركة النهضة و ما تمثله من فكر تكفيري إرهابي منغلق، كانت غلطة العمر التي اضطررت بسببها إلى أن أعلن مقاطعتي لكل الانتخابات مهما كانت النتائج و مهما كانت شفافة و نزيهة و دخلت في خصام معلن مع كل شيء يرمز للون الأزرق،أعلنت العصيان المدني داخل نفسي و لم أعد أتحمل من يحدثني عن الرئيس المنتخب و عن الحزب الذي انتخبته و عن الحكومة المرتبكة التي أنجبها هذا الانتخاب الغبي، تحملت مسؤولية خطئ و سوء تقديري و أنا الذي كنت استفز البعض بالحديث عن ذكائي و حنكتي و تجربتي و تبين أنى لا أختلف عن المبدع الفنان المصري هاني رمزي في فيلم ‘ غبي منه فيه ‘ .
تحول حزب ‘ البجبوج ‘ من شركة مساهمة إلى شركة خاصة أو مزرعة خاصة لولد الباجى كما يحلو لبعض الظرفاء تسميته من باب السخرية و التسخيف و التصغير، تنافرت القلوب داخل هذا الحزب و تبين أن الجميع متلهفون إلى الوصول إلى المقاعد الأولى في حكم دولة أشرفت على الإفلاس أو هكذا تقول كل دوائر المال العالمية التي اكتشفت ما حل بالبلاد من خراب مقصود طيلة 3 سنوات من حكم حركة النهضة ، في حزب النداء الكل يتكلم و يصرخ و يحلل لكن لا احد يستمع ...يستمع للشعب طبعا، الشعب الذي يقال و العهدة على الراوي انه سيد السلطات مع انه يأخذ يوميا على قفاه من كل هؤلاء الطفيليات البشرية التي انتخبها بأصبعه الأزرق سيء الصيت، تحولت الثورة إلى سبب ارتزاق و نهب للمال العام و تلهف الجميع إلى اقتسام هذه الكعكة بعد أن تحولت تونس إلى ملك مشاع على ذمة قطاع الطرق من طحالب الإسلام السياسي القذر و عملاء المخابرات و السفارات الأجنبية الآتين من وراء البحار أو الذين خيروا البقاء هنا و الاختباء تحت الأرض زمن بن على حتى لا تطولهم يده الأمنية القوية، في حزب النداء البعض يأكل على مائدة حافظ الابن الغبي لمؤسس الحركة و لكنهم يصلون وراء الباجى طمعا و احتسابا حتى يأتي اليوم الموعود و ربما يصادفهم الحظ كما صادف الرئيس المؤقت السابق القطري محمد المرزوقي سيء الذكر .
منذ أن ربح النداء الانتخابات و شكل حكومته الأولى و الثانية لاحظ الجميع التعايش المثير بين طبقة من الحرامية درجة أولى و درجة ثانية و حتى الحرب التي أعلنها رئيس الحكومة الحالي ضد الفساد و السراق بحيث قال عبارته الشهيرة يا تونس يا الفساد تبين أنها حرب مفلسة من البداية و كرتوش بنى بنى لا تختلف كثيرا عن تلك الشماريخ التي تطلقها جماهير بعض الأندية في بداية المقابلة و في نهاية الأمر لم نخرج من حكومة الحرب إلا ببعض النتائج الهزيلة التي تؤكد أن الحرب ضد الفساد كانت مجرد شعار و حرب ضد طواحين الريح و حالة كذب على الذقون دبرها مستشارو الشاهد لربح الوقت و استجداء تعاطف شعبي خسره الرجل في جريمة عزل وزير التربية السابق ثم تلاه بسقطته بإعفاء وزير الصحة و أخيرا ارتكابه المحظور بإقالة وزير الداخلية الرجل الذي أراد الشاهد التضحية به ككبش فداء لأخطاء الحكومة و سوء إدارتها للشأن العام و كقربان تقرب من حركة النهضة علها تسنده و تتبنى طموحه و غروره السياسي بعد أن تخلى عنه حزبه و نزع عنه كل جنسية و انتماء خاصة و قد هاجم بصورة علنية الابن المدلل و الصبي المغرور الذي يقف على هذا الحزب وقفة الملهوف لوراثة والده في حكم البلاد و العباد ، يقال و العهدة على الراوي أن الدولة قد تحولت في عهد هذا الرئيس المسن إلى دار للمسنين و العجزة و القصد من المسنين و العجزة هم هؤلاء الوزراء التافهون الفاشلون الذين يتعاملون مع شؤون الدولة بمنطق الموظف لا بمنطق رجل الدولة و الفرق جلي و وبعيد بد السماء على الأرض .
طلب الجميع من الشاهد الاستقالة و الخروج الآمن من السلطة و لكن الجميع عالمين بان من جلس على كرسي الحكم يحتاج كالاستعمار إلى مفاوضات جلاء و تنازلات و ضمانات يقدمها الطامعون في خلافته، في النهاية سيخرج يوسف بقرار من السلطة العلية أو ما يسمى بمطبخ قرطاج الذي لا يختلف كثيرا عن الدولة العميقة التي يتحدث عنها البعض في تركيا أو في بعض الدول الغربية، سيكتب الخروج ليوسف من التاريخ و من القلوب و من دفاتر الثورة ليكتشف متأخرا أن الكذب على الأموات حرام فما باله بالكذب المقصود على الإحياء و أن الغش في الحكم مثل الملح الزائد في الطعام يؤدى بصاحبه إلى كثير من العلل لينتهي في صندوق الدفن غير مأسوف عليه، ربما تجاهل الرجل منذ وطئت قدمه قصر القصبة ذلك المثل الصائب القائل ‘ لو دامت لغيرك ما آلت إليك ‘ و ربما نفخ الرجل ريشه و نفثه غرورا و نرجسية لكن دروس التاريخ تقول ما طار طائر إلا على الأرض وقع، لقد تبين بالتجربة أن رئيس الحكومة لا يفقه أساليب الحكم الرشيد و انه لا يفرق بين تحليل القرار و تحليل الخيار ( الفقوس بلغتنا التونسية ) على رأى الكاتب الكبير المرحوم جلال عامر و ما الحكم إلا مسرحا كبيرا طالما استهلك و اسقط التافهين و الطامعين و الغشاشين و تلك العبر و الدروس نعيدها على مسامع رئيس الحكومة من باب ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين، نحن نتذكر طبعا المقولة الشهيرة للرئيس الراحل أنور السادات في مواجهته لما سمي بمراكز القوى حين أستهزئ منهم بقوله ‘ هؤلاء يجب محاكمتهم من اجل الغباء السياسي ‘ ... .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: