أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 569
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا أدرى صراحة كيف أبدأ و لكن ، و على كل حال، فلنبدأ بالسؤال التالي : لماذا يحكموننا ؟ أي نعم لماذا يحكمنا الرئيس قيس سعيد و حكومته المتوارية على الأنظار ؟ ، أي نعم ، أشبعنا سيادة الرئيس خطبا و مواعظ و تهديدات و تلميحات و روايات ، هذا صحيح ، لكنه لم يشبع بطوننا حتى بالكمية الغذائية الدنيا المضمونة لكل مواطن ، السميغ الغذائي يعنى بلغة المحاسبين و خبراء التغذية . هذه هي الحقيقة و لا غيرها و هنا بيت القصيد لنتساءل لماذا يصر سيادة الرئيس على كونه يتأسّى بسيرة الخليفة عمر بن الخطاب و هو عاجز تماما عن تمكين المواطن مما يسدّ الرمق و من توفير السلع الحيوية في الأسواق مكتفيا باجترار نفس الاتهامات منتهيا إلى نفس النهايات البائسة في كل خطاب منزوع الدسم يتفضل به في الدقائق الأخيرة التي تسبق منتصف الليل. لماذا يضع الرئيس نفسه موضع المقارنة بين خليفة عادل و رئيس فاشل قليل العزم و ماذا يهم البطون الخاوية سوى كان الرئيس عمر بن الخطاب أو بابلو إسكوبار ؟. .
حوارات الرئيس حين استقباله لأشباه الوزراء الذين سلطهم على الشعب بدون فائدة أو منتوج أصبحت محل سخرية المتابعين و طريقة تعامله الجافة الكالحة مع هؤلاء الذين تركوا مناصبهم المرموقة و رواتبهم المجزية في كثير من بلدان العالم ليقبلوا بجلسات يتلقون فيه المواعظ بلا حساب باتت ممجوجة و كريهة و مع ذلك يصرّ صاحب المكان على نفس الخطاب و الطريقة متجاهلا للأسف المشاكل الحقيقية التي يعانى منها المواطن و أهمها دون ترتيب غلاء المعيشة ، البطالة ، الاحتكار ، انحدار مستوى التعليم ، سوء الخدمات الصحية ، انتشار المخدرات الخ . الشرعية ، هذه الكلمة يكررها الرئيس في الذهاب و الإياب حتى أصبحت من أكثر العبارات إثارة للنفور و هناك من يؤكد دون التباس أن الشرعية تتلخص في أن يأخذ الرئيس حاشيته و يرحل بعدما فقد ماء الوجه و تبيّن أنه فاشل و بلا حنكة أو خبرة و غير قادر حتى على إدارة " نصبة دلاع " فما بالك ببلد تتقاذفه المؤامرات خارجيا و داخليا بسبب موقعه و تاريخه و يتعرض إلى عملية تدمير و تقسيم تتضح معالمها كل يوم .
من الواضح أن السيد الرئيس يخشى مواجهة سهام الإعلام و يرفض النقد و لا يسمح بالخطاب المضاد بل لنقل بمنتهى الوضوح أن سيادته قد قضى وقتا طويلا جدا قبل اختياره لوزراء حكومته و كان المقياس المحبذ و المعتمد هو خجلهم و خوفهم و استعدادهم للصمت و عدم الرد على كلامه مهما كان خاطئا أو بعيدا عن الواقع أو مستفزا . من يتابع مواقف السيد الرئيس يدرك سريعا أنه شخص لا يؤمن بالديمقراطية و لا باستقلال القضاء و لا بحرية التعبير كما يدرك أن سيادته قد أجبر بفعل زخم مطالب الرأي العام على القبول بالجسم القضائي كجهة سيادية منفصلة رغم كونه لا يترك فرصة للتصويب على القضاة و رميهم بكل التهم جزافا و ربما من باب الترهيب . حين يتحدث كبار خبراء الاقتصاد في البلد عن كارثة اقتصادية قادمة و عن حالة إحباط شعبية غير مسبوقة و عن ارتفاع مجنون للأسعار و ندرة أو فقدان المواد التموينية و حين ينادى الجميع الرئيس إلى الاحتكام إلى لغة الحوار دون مجيب فالثابت أن قطار الدولة قد بات بلا ربان و أن الكارثة حاصلة لا محالة .
من يرجع إلى تاريخ كل الثورات في العالم فانه يجد أن الأسباب الأولى و الأساسية تتعلق بفقدان رغيف العيش . بطبيعة الحال حين تشاهد طوابير المواطنين أمام المخابز و تتحدث إليهم و تعلم كم الإحباط الذي يتعرضون إليه يوميا نتيجة فقدان هذه المادة الأساسية و فقدان وزنها الأصلي و ارتفاع سعرها و ما يصيبهم من دوار و خيبة بعد أن باتوا يعيشون طابور أزمات لا تنتهي فما تكاد تخبو أزمة إلا لتسلم الراية لازمة مفتعلة أخرى و إذا " رجع " الكهرباء أو الماء فلا بد أن تنتظر أزمة حينية أخرى تزيد في معاناة مواطن باتت أعصابه على حافة الانهيار . بالتوازي يظهر أنه لا الرئيس و لا حكومته مهتمان بكيفية توفير رغيف العيش و لا بمن يقفون في الطوابير و لا بمن يعيشون من استعمال هذه المادة مما يؤكد فقدان الرؤية و البرنامج و انعدام الاستشراف . من المبكيات أن كافة خطب الرئيس تتحدث على أنه لا مجال لعودة تونس إلى الوراء و الحال أن تونس ليست في المقاعد الأمامية حتى لا تنظر إلى الوراء و هي قد لامست قاع القاع و لكن على من تقرأ زبورك يا داوود؟.
-----------
أحمد الحباسى
كاتب و ناشط سياسي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: