أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4024
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كثيرون من هذا الشعب يعيشون على قائمة الانتظار الحكومية منذ عقود، قائمة انتظار يمكن أن تطول طالما تواصلت كل العوامل السلبية الاقتصادية التى نعيشها، سنوات و سنوات تضيع من اعمال الشباب العاطل و هو قابع فى الانتظار، هناك من يرحل الى العالم الاخر و هو لا يزال على قائمة الانتظار فيورث ‘رقمه ‘ لورثته بل الغريب أنه من لا يعيش فى قائمة الانتظار هو شيء يوازى الاعجاز و فى بلد صغير مثل بلدنا المحدود الامكانيات ثروة طبيعية و المسلوب الارادة سياسيا و الذى ابتلى بمعاناة مرعبة تتمثل فى وجوب التصدى لآفة الارهاب اصبحت قوائم الانتظار كثيرة و محيرة و محبطة و هى تزداد كل يوم و كأنها تنادى كل يوم ‘ هل من مزيد ‘، طبعا، لهذه الحالة اسباب و مسببات و ارتدادات و ارهاصات و لكن الحكومة تكتفى بتوصيف الحالة و احصاء الاعداد المتزايدة و اعداد المشاريع دون ان تمر الى مراحل التنفيذ المباشر و دون أن تستشعر أن مزيدا من البطيء سيعمق الحالات الاجتماعية و يثير الغليان الشعبى و يجعل الحالة الامنية و السلم الاجتماعية على كف عفريت .
الفقراء هم دوما من نجدهم على قائمة الانتظار لكن الحكومات المتعاقبة التى شخصت الداء لم تجد الدواء بل ان هناك من السياسات الظالمة التى نفذت على مر سنوات الاستقلال الى حد الان من عمقت الازمات الاقتصادية و الاجتماعية فى ما يسمى بجهات الظل بحيث يشعر الشعب اليوم بحالة من الانقسام نتيجة هذه التفرقة التى اعتمدتها السلطة التونسية تجاه مدن البلاد و جاءت الثورة لتكشف هذا الخلل المرعب و هذا التفاوت الخطير بين الجهات الذى غذى على مدى سنوات حكم بورقيبة و بن على حالات التطرف و الشعور بالغبن لدى فئات شعرت بالحرمان و لم تتكفل كل المخططات الفاشلة بدرء هذا الخطر، هل صحيح أن الثورة قد جاءت لتعيد الامل لقوائم الانتظار العاطلة عن الشغل و الفاقدة للأمل ؟ بالطبع هذا ما كان يؤمله البعض من باب الامل المفرط و التقييم الخاطئ للحدث لأنه تبين أن انتخاب حركة النهضة قد كان الخطأ القاتل الذى ارتكبته قوائم الانتظار و أن صعود الاخوان الذين كانوا لا يحلمون نفس حلم اعداد قوائم الانتظار لم يكن مطلوبا فى هذه الفترة التاريخية و قد تبين سوء التقدير بعد أن غرف الاخوان من خزائن الحكومة كل الودائع و الامانات بعلة التعويض لهم عن سنوات صراعهم الدموى مع النظام السابق .
لقد اختلست حركة النهضة و ادواتها مصطفى بن جعفر و محمد المرزوقى حلم قوائم الانتظار البسيط فى العيش بكرامة و الحصول على شغل و استعاضت عن هذا الحلم البسيط بتقديم مشروعها ‘ الاجنبى ‘ المتمثل فى توفير الدعم المالى و التكفيرى لإنشاء دولة الخلافة لإسكان كل شتات القتلة و الارهابيين المزروعين فى كل بلدان العالم بحيث تصبح تونس ارض الميعاد و الغنوشى صاحب وعد الغنوشى على وزن وعد بلفور المشئوم، لم يكن لحركة النهضة أى مشروع ايجابى لهذا الشعب البائس الذى عانى ظلم الحكام و بؤس الخطاب التكفيرى فى آن واحد، بل لم تكن الحركة التى رفضت المشاركة فى الثورة أصلا فى باب الاهتمام بمصير هذه الاغلبية الرافضة لحكم الاخوان على الطريقة الافغانية و لم يكن فى همها سوى الاستحواذ على اموال المجموعة الوطنية و اختلاس وثائق امن الدولة و ضرب المؤسسة الامنية و العسكرية و التغلغل فيها لوأدها من الداخل ايضا اضافة الى خلق الاجواء الملائمة لتمرير الجماعات الارهابية و من يلقن الباقين دروس الجهاد القذر بالاستعانة بشيوخ الظلام من الداخل و الخارج بحيث تحولت تونس فى اسابيع من حكم النهضة الى تونستان فى تشابه كثير مع افغانستان زمن حكم طالبان الشهير .
لعلها الثورة الوحيدة فى العالم التى تمت سرقتها من غير الذين قاموا بها و لعلها الثورة الوحيدة التى تم قبرها بمجرد صعود الاخوان الى الحكم، لذلك فالشعب اليوم يعيش حالة من الانتظار و الانتظار يعنى للبعض حالة من الانتحار البطيء بل هناك من يشعر اليوم بضياع عمره فى انتظار فرصة لن تأتى لتحقيق حلمه خاصة و قد أوكل الناخبون مهمة تحقيق هذه الاحلام البسيطة الى ثنائى مريض اسمه حركة النداء و حركة النهضة، فرئيس الحكومة الحالى ينطلق لتحقيق كل هذه الطموحات الكبيرة و تحقيق هذا الكم من الوعود الزائفة التى قطعتها حركة النهضة سنة 2011 و قطعها النداء سنة 2014 بصفر من الدينار و صفر من الرؤية و صفر مكعب من الخيال القادر على دفع الشعب الى الصبر و الحلم بغد أفضل، و حتى الشعار الذى نطق به فى خطاب القسم بمجلس نواب الشعب ‘ لنقف لتونس ‘ اصبح مجرد شعار باهت لا يلتفت اليه حتى مطلقه السيد يوسف الشاهد، على لسان الشعب اليوم كلمة و تعليق واحد ‘ الى متى سنبقى على قائمة الانتظار ؟ ‘، الى متى يا حكومة ‘ الوحدة الوطنية’ المتثاقلة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: