معهد بورقيبة للغات الحية، طرد الأستاذة، رسائل الحكومة الخاطئة
أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3522
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عندما صرح السيد رئيس الحكومة فى بيانه أمام مجلس نواب الشعب عن عزمه على مكافحة الفساد أشفقت على الرجل و قلت في نفسي و كما قال الكثيرون غيري ‘ كان غيرك أشطر ‘، و لعله جاء اليوم الذي سنتكلم فيه بمنتهى الوضوح و الصراحة حول فضيحة ‘ معهد بورقيبة قايت للغات الحية ‘، و بالوضوح نفسه و من منطق أن الحكومة متضامنة فأنا أوجه الاتهام مباشرة لرئيس الحكومة و بنفس الدرجة إلى وزير التعليم العالي و أدعو مجلس نواب الشعب لتقديم عريضة مساءلة عاجلة حتى نفهم لماذا يتم التعتيم على ملف الفساد في معهد بورقيبة للغات الحية و هل أن رئيس الحكومة على علم بكامل أطوار الملف و هل أن الوزير الحالي لا يزال خالي الذهن أم أنه تعمد مغالطة رئيس الحكومة و عدم تقديم المعطيات الكافية حول هذه الجريمة النكراء المتواصلة، من هذا المنبر بالذات نريد إعلام الرأي العام المهتم بقضايا الفساد و كل من تحدثه نفسه الأمارة ‘ بالسوء’ أن يبلغ عن الفساد و الفاسدين أن لا يصدق الحكومة في جديتها في مكافحة الفساد أو في استصدار قانون لحماية المبلغين بل من واجبنا اليوم أن نقول بمنتهى الأسف أن رئيس الحكومة ووزيره و طاقم رئاسة الحكومة يتحملون في أعناقهم مسؤولية عدم حماية السيدة تيسير بن عبد الله الأستاذة بالمعهد المذكور من شر منظومة الفساد.
نؤكد لكل المتابعين و بمنتهى الوضوح أن رئاسة الحكومة قد قصرت بل ارتكبت جرما على غاية من الخطورة و التداعيات، فمن الواضح أن الأستاذة بن عبد الله هي من تحملت مسؤولية التبليغ عن منظومة فساد كاملة، و حين نعلم أن هذه السيدة بمعية شرفاء آخرين سنأتي عليهم تباعا في بقية مقالاتنا القادمة قد غامروا بمصيرهم المهني و بمصير عائلاتهم و سمعتهم و تحملوا من الأذى من منظومة أحست بالذعر فأخرجت سمومها و أظافرها و أسنانها لتقلب الحقيقة لتصبح المبلغة عن الفساد متهمة و مقصرة و مطرودة ندرك أن هذه السيدة قد وضعت يدها في عش الدبابير بحيث أصبح رأسها مطلوبا من منظومة قذرة أتاحت لنفسها من الفساد و الاستحواذ على المال العام ما تستحق معه الجلد في الميادين العامة فمن حقنا أن نتساءل لماذا اكتفت الحكومة ببعض العقوبات الإدارية الخجولة جدا من باب رفع العتب و لم تنتبه سواء لاستدعاء هذه السيدة لتكريمها في سياق تفعيل بيان الحكومة و ضرب المثل أو إعادة الاعتبار إليها و هي التي تعرضت إلى حملة تشويه ماكرة و إنهاك معنوي مقصود منه جبرها على تقديم ‘ استقالتها’ من متابعة هذا الملف أو و هذا الأهم العمل على إرجاعها للعمل بعد أن تم طردها تعسفيا و في سابقة يندى لها جبين هذه الحكومة .
لعل السيد رئيس الحكومة قد أعطى إشارة خاطئة و سقط في أول امتحان رسمي ليؤكد لعموم الشعب أن جملة تصريحاته حول مقاومة الفساد هي مجرد شعارات بائسة، فقد جاءت قضية هذه السيدة في حينها لتكشف نوايا رئيس الحكومة بل لتكشف أن السيد يوسف الشاهد يفتقد إلى الحس السياسي و حسن استغلال الفرص لتوجيه رسائل قوية سواء للمبلغين عن الفساد بأن الدولة تحميهم و تعيد إليهم حقوقهم المهضومة أو لمنظومة الفساد التي ظنت نفسها في منأى عن المحاسبة و مدت لسانها ضحكا لرئيس الحكومة ليعلم الجميع أن وقت الحساب قد حان، فمن العار على حكومة ما بعد الثورة أن تتجاهل عمدا و عن سوء نية واضحة أحد إرهاصات هذه الحرب التي فتحتها السيدة تيسير بن عبد الله و هي عملية طردها من عملها تعسفيا بل من العار أن الوزير قد تجاهل إعادة الحق لصاحبته و هي من أبجديات التعويض للمتضرر من عملية التبليغ، ليبقى السؤال، هل تعمد الوزير معاقبة هذه السيدة حتى تكون عبرة لمن يعتبر ، هل نجحت ضغوط منظومة الفساد حتى لا تخرج هذه السيدة من هذه المعركة المرعبة منتصرة، هل أن هناك أطرافا داخل الحكومة و من بينها هذا الوزير تعمل على إسقاط الحكومة من البداية بضرب أهم قرار مدون في وثيقة قرطاج متعلق بمحاربة الفساد، هل أن رئيس الحكومة لا يريد الدخول مبكرا في حرب غير محسوبة العواقب مع منظومة فاسدة في التعليم، هل أن حرب اللوبيات قد بدأت و هل ستذهب هذه السيدة في ‘ الساقين’ كما يقال .
بمنتهى الوضوح هذه معركة و معركة بلد و شعب، و السيد رئيس الحكومة يقف اليوم ضد إرادة الشعب و ضد مصلحة البلد و سيخسر هذه المعركة الفاشلة ضد الشعب، فالسيدة تيسير بن عبد الله و أصدقاءها الشرفاء يتحملون اليوم مسؤولية تاريخية كبرى لفضح منظومة الفساد و النجاحات التي تحققت في هذه المعركة ليست هينة بحيث تم التخلص من بعض الرؤوس و تمت إحالة ملفات هؤلاء على القضاء ليتحمل مسؤوليته التاريخية أيضا في إنزال العقوبات الرادعة، بمنتهى الوضوح أيضا، لقد فشلت الحكومة السابقة فشلا معلنا في مقاومة الفساد و افتقدت إلى الإرادة السياسية و كانت السيدة بن عبد الله من ضحايا هذه الأيادي المرتعشة، من حقنا اليوم أن نتهم رئيس الحكومة مباشرة بالنفاق و الخديعة لان بقاء هذه السيدة طريدة أوجاعها و آلامها و أسفها على حال البلد و متعرضة لعقوبة بالطرد من العمل لمجرد أنها بلغت عن الفساد هو جريمة مكتملة الأركان و القصد و التعمد، و الحكومة مطالبة اليوم بإعادة الحق إلى نصابه، فهي الرابحة على جميع المستويات من القيام بهذه الخطوة المتأخرة كثيرا لأنها ترسل رسائل واضحة لكل الأطراف و تخدم مشروع و حرب مكافحة الفساد، يبقى أن هذه المعركة الشعبية قد بدأت ضد منظومة الفساد و ضد الحكومة المتواطئة و ضد كل الذين يقفون مع الفساد، و إرادة الشعب لا تقهر .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: