أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4268
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من العادات السيئة لدى أصحاب القلم في العالم العربي عادة الإسهال اللغوي المبالغ فيها و من عاداتنا السيئة أيضا أن نوغل في التبجيل ثم ننقلب فجأة لنوغل في الانتقاد، و يقال أن هذه الطباع السيئة هي سمة من سمات أبناء الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، لا يهم، و من الأمثلة المعبرة و الملفتة للنظر على عادات التوصيف المبالغ فيها هذه، وصف ما حدث في تونس ببداية ‘ الربيع العربي’ أو بثـورة ‘ الياسمين ‘ و ما حدث في تونس ليلة 7 نوفمبر 1987 من انقلاب على الشرعية الدستورية ‘ بالتحول المبارك ‘، تسمية عصابات الموت و القتل على الهوية في ليبيا ب’فجر ليبيا’ و هؤلاء القتلة في تونس ب’أنصار الشريعة ‘ و مثلهم في سوريا ب’جبهة النصرة ‘ إلى آخر التوصيفات و ‘ الاختراعات’ المثيرة للغثيان، فالربيع العربي قد تحول إلى خريف الدم و التحول المبارك قد انتهى في برك من الدماء و فجر ليبيا قد تحول إلى ظلام دموي دامس في حين تلوثت الشريعة بفعل أنصارها و هزمت العصابات الإرهابية في سوريا لتتحول إلى جبهة الهزيمة .
ما يحدث في ليبيا يفوق الخيال، فاللغة الوحيدة الطاغية هي لغة العنف و القتل، ميليشيات ‘فجر ليبيا’ ترتكب من الجرائم ضد الإنسانية ما يفوق المنطق و قدرة العقل على الاستيعاب، فالثورة، هذا إن سمينا ما حدث في ليبيا ثورة، قد تحولت إلى سبيل معلن للانتقام الوحشي من البشر و من الماضي و من الحاضر، انتقام دموي كعادة الإخوان و فتاوى تجيز كل هذا الإجرام باسم الدين كل ذلك للسيطرة على مقاليد الحكم و بسط اليد على الثروات الليبية الهائلة، و عندما تكون الغاية تبرر الوسيلة فمن المنطقي أن يكون الفكر الوحيد السائد لدى ميليشيات ‘فجر ‘ ليبيا هو نفس المنطق الذي استعمله الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن ‘ من ليس معي فهو ضدي ‘، و يبقى السؤال مع هذه الجماعات المتوحشة، من أين سيأتي الفجر للشعب الليبي و الدماء إلى الركب كما يقال و دخان المدافع و الراجمات يغطى الأفق، و هل بلغة الرصاص يتم الحوار و النقاش على مستقبل ليبيا، و من سيوقف حمام الدم و لماذا يصمت المجتمع الدولي إزاء هذه المجزرة .
لا يمكن أن تكون لهذه الميليشيات مشروع حضاري بالمعنى المتعارف، هذا ليس ممكنا على الإطلاق، الإخوان أصلا لا يملكون رؤية حضارية بسيطة متفق عليها حول أبسط الأشياء، الإخوان يؤمنون بالدم و القتل و البغضاء بين الناس حتى يتمكنوا من العقول، و ليبيا بالنسبة ل’فجر’ ليبيا هي مكان سكن مؤقت و ليس وطنا دائما يحافظون عليه و يورثوه للأجيال القادمة، و بمنطق الدين و الشريعة هؤلاء هم عصابات إجرامية تستحق القصاص، فلباسهم و ‘عفتهم’ المصطنعة و لغتهم المنمقة المنافقة هي أدوات للنصب و المخاتلة و استغفال العقول، فالأصل في الإخوان الذين ينتمون لهذه الميليشيات الإرهابية أنهم فاسدون و تجار مخدرات و مضرون بالدين، و يكفى أن نشاهد ‘ ذبائحهم ‘ على مواقع التواصل الاجتماعي و نطالع تقارير الصحافة العالمية و نستمع إلى ‘ لغتهم’ في التهديد و الوعيد لنفهم أننا في مملكة الظلام الدامس و في أتعس أيام الجاهلية و أيام الفتنة الكبرى، يكفى أن نشاهد كيفية تعذيبهم للأبرياء لنتوصل إلى قناعة راسخة بأن ‘فجر’ ليبيا ليس بقريب .
من عادة الثورات أنها تفرج عن مخزون الكبت عند الشعوب، و من عادة الثورات أنها تتيح حرية التعبير و ربما جرعات زائدة من حرية التعبير، لكن ‘الثورة’ الليبية أفرجت عن مخزون الإخوان من الكراهية العمياء و الحقد المبالغ فيه و هم يريدون ‘التعبير’ عن هذا الكبت بمزيد من القتل و الدم و الانتهاكات، هم ينتقمون من الكبت بالقتل، بزرع الكراهية، بانتهاك المقدسات و الحرمات، هذه غريزة الإخوان الباطنية عززها انتصار ما يسمى بالثورة الليبية فتحولت إلى سم زعاف قاتل ينهب أجساد الشعب الليبي الشقيق و يضع دول الجوار في مواقف انتظار محرجة و في تصور مظلم لمستقبل العلاقات بين ليبيا و بقية المجتمع الدولي، طبعا، اليد اللئيمة الأجنبية ليست غائبة عن ميليشيات ‘فجر’ ليبيا، يد خليجية متآمرة و يد صهيونية منتقمة و يد غربية تقتص لنفسها من الماضي الليبي و من الشهيد عمر المختار، و إذا سخر الشهيد من السجان الايطالي بمقولته التاريخية الشهيرة ‘ نحن لا نستسلم، نحن شعب ننتصر أو نموت ‘ قان ‘فجر ‘ ليبيا تقول لليبيين ‘ نحو ميليشيات نقتلكم و إن لم نقتلكم فسنقتلكم ‘ و تلك بداية الخراب في ليبيا .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: