أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4452
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أتذكر أننى كنت فى العاشرة من عمرى حين كان البعض من قادتنا فى المغرب العربى يتحدثون عن القواسم المشتركة و الحدود المشتركة و عن ضرورة الاتحاد فيما سمى باتحاد المغرب العربى، كتب الكثير و سال حبر كثير و خطب الكثيرون فى المنابر و حلم البعض بغد زاهر ينتقل فيه المواطن المغاربى من بلد الى أخرى بدون حواجز و لا معيقات، منذ يومين استمعت الى ما يسمى بأمين العام لاتحاد المغرب العربى التونسى السيد الطيب البكوش وزير الخارجية التونسى الاسبق فى عهد حكومة الحبيب الصيد ، وجدت أن الخطاب البائس لا يزال هو نفس خطاب ما يزيد عن خمسين سنة تلت و أن الافكار لا تزال هى نفس الافكار، لا شيء تغير على واقع الارض و لا شيء تغير فى أفكار القيادات السياسية المتعاقبة، صحيح أن هناك ارادة لدى البعض و لكن من الواضح أن عقبة الجمهورية العربية الصحراوية هى من عطلت و تعطلت مسار الوحدة المغاربية يضاف اليها كثير من الخطب و الرسائل الخاطئة بين الجزائر و المغرب، بالنهاية لا المغرب يبحث عن حل و لا الجزائر تريد اسقاط هذه الورقة من كنش مطالبها تجاه شقيقتها و جارتها المغرب، بالنتيجة القطار متعطل و لا حل فى الافق القريب.
على ‘ الضفة الأخرى كان هناك حديث فى الخليج عن ضرورة توحيد العملة الخليجية و أن هذه العملة ستصدر سنة 2000 و أن هذه ‘ الوحدة النقدية’ ستعزز الاقتصاد الخليجى، الواضح أن الاختلاف لم يعد على هذا الهدف فقط بل تعداه الى كيفية التعامل و المشاركة فى الازمات الاقليمية بحيث أن الصراع على النفوذ فى المنطقة بين قطر و السعودية لم يعد سرا للمتابعين و هذا الصراع الذى تغذيه الطموحات و النرجسية الداخلية و بعض الاجندات الصهيونية المسمومة هو من ينعكس على بقية دول الجوار و بالذات الشقيقة مصر التى تعانى اليوم من ارتدادات ارهاصات هذا الخلاف بين قطر و السعودية خاصة و أن كل طرف من هؤلاء يقف مع شق معين من الشعب المصرى، فى الحقيقة لا قطر و لا السعودية مهتمتان بما ينفع الدول العربية و بالذات مصر و سوريا و العراق و اليمن بل العكس هو الصحيح لان قيام السعودية بضرب اليمن تحت ذريعة مساندة الشرعية الرئاسية ليس إلا شعارا تختفى وراءه الاجندة الصهيونية لتفتيت المنطقة و ضرب العمق الاستراتيجى العربى فى كل عناوينه بما فيها العنوان العسكرى بعد ان تم استهداف العمق الثقافى بواسطة منظومة التخريب الاعلامى الصهيونى و على رأسها طبعا قناة ‘ الجزيرة’ و قنوات امبراطورية الصهيونى ميردوخ، أما ضرب سوريا و العراق فيأتى فى سياق تنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة الامريكى فى حين ان ضرب مصر هو حلم صهيونى قديم تنفذه السعودية و قطر بشراهة غير مسبوقة .
لا يزال ‘ الجدار الفولاذى ‘ بين غزة و مصر قائما و لا يزال القائمون على حماس يغذون الصراع الدموى بين النظام المصرى و أعداءه من الاخوان متجاهلين أن المتضرر الاول من اذكاء هذا الخلاف و تواصله هى القضية الفلسطينية و الشعب الفلسطينى المحاصر بل لنقل بمنتهى الصراحة ان حماس من مصلحتها بقاء الحصار و من مصلحتها بقاء العداوة بينها و بين النظام المصرى و من مصلحتها أن تكون لها علاقات مع قطر و مع اسرائيل لان هذه الخلافات المستمرة تخدم مصالح بعض المهربين و المنتفعين و النافذين فى هذا الفصيل المتآمر على القضية الفلسطينية ، لقد قيل دائما أن القضية الفلسطينية هى لب الصراع العربى الصهيونى لكن هذه الشعارات لم تعد تنطلى على احد بعد ان تحولت نفس هذه الشعارات البائسة الى أحلام غير قابلة للتحقيق و مجرد اثار و أطلال نتيجة تعمق الخلافات بين الفصائل الفلسطينية نفسها و بينها و بين كل الانظمة العربية المتخاذلة بلا استثناء ، بالمقابل شكلت خيانة خالد مشعل و حماس بصورة عامة لسوريا فى عز ازمتها و تكالب بعض الدول المتآمرة عليها ضربة موجعة لما يسمى بالتنسيق بين المقاومة و بين حضن المقاومة السورى و هذا الاختلاف تستغله كثير من الدول العربية للإجهاز على ما تبقى من الطموحات الفلسطينية الخافتة التى أضعفتها السلطة الفلسطينية بتقديم ذلك الكم الهائل من التنازلات الموجعة لإسرائيل على حساب الثوابت المدون بالشرعية الدولية .
من الممكن أن عهد تبادل التهم بين القيادات العربية فى اجتماعات القمم العربية قد انتهى الى غير رجعة بعد أن رحلت كثير من القيادات العربية التى كانت تتلهى بتلك المناكفات البيزنطية الهابطة لكن من الثابت ان الصراعات العربية قد أصبحت علنية و دموية و أكثر عنفا بعدما تحولت سوريا و العراق و اليمن لمساحات نزال عربية تحت مسميات مختلفة و هذا الامر تستفيد منه الصهيونية بل هو ينفذ كما تشير اليه كثير من التسريبات و التحقيقات الجادة بطلب من القيادة الصهيونية التى تتمدد داخل الجسم العربى و اخر ما كشف هو وجود تحالف قوى بين النظام السعودى و اسرائيل لضرب سوريا، هذا التحالف المسموم الذى خرج الى العلن فى أقبح صورة بتواجد ممثل القيادة السعودية فى مراسم تشييع جثمان الرئيس الاسرائيلى السابق المجرم شمعون بيريز منذ اسابيع يؤكد للمتابعين أن مسألة العداوة بين العرب و اسرائيل قد أصبحت مجرد وجهة نظر بالنسبة للبعض و أن حلم استعادة لفلسطين قد أصبح صعب المنال بل أن ما يحدث فى سوريا و العراق و اليمن و ليبيا سيؤدى فى نهاية الامر الى موت كل الاحلام السابقة و صعود ما يسمى بالحلم الواقعى المرتبط أكثر بمصالح الدول أكثر منه بمصالح القضايا العربية التقليدية .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: