أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3714
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
شاهدت مند أيام صديقنا الصافى سعيد يتحدث فى إحدى القنوات الخاصة و قبله شاهدت النائبة سامية عبو و بينهما شاهدت النائب أحمد الصديق، كان موضوع الحوار عاديا و عاديا جدا لكن المتدخلين كانوا يردون بعنف و بغلظة و ينفخون فى وجه المشاهد نفخة تجعلك تحسن بأنك تواجه لفحات سشوار موجه الى وجهك يكاد يحرقه، لم أتفاجأ و لم أندهش طبعا فقد تعودنا بهذا العنف و بات الامر عاديا،بعد الثورة صار الامر عاديا و الكل يختفى وراء شجرة الثورة ليفعل ما يريد و يتهم من يريد و يستعمل البذاءة الجدلية ضد من يريد بلا ضوابط و لا خشية من المحاسبة، فى الحقيقة حال البذاءة ندما تصاعد منذ الثورة و هذا ليس غريبا عن مجتمع عاش الفقر فى كل شيء حتى الفقر فى أسلوب التعايش مع الاخر لكن من الواضح ان هذه الثورة قد عمقت المأساة و زادت من منسوب الهبوط الاخلاقى بشكل مريع .
خذ مثلا السيدة سامية عبو، النائبة بمجلس نواب الشعب، لا تجد لدى هذه السيدة سوى حثالة القول و هوج الخطاب و بذاءة اللسان حتى أنك تشك فى من تخاطب هل من أمامك نائبة أم صعلوك خريج سجون، لا تملك هذه السيدة من الاستاذية فى المحاماة سوى الشهادة التى يشك البعض بأنها ‘ مضروبة’ و لا تملك هذه السيدة من وجاهة النواب سوى ما تقبضه من مرتب منتفخ كل اخر شهر و لا تملك من لباقة التعامل و الادب سوى ما رخص من القول وزاد فى وزن الرداءة اللفظية، طبعا هذه عينة هابطة و سيئة من نواب هذا الشعب المنتخبين و عليه تحمل ما انتخب و الصبر على ما به تم الابتلاء، العجيب أن فى هذه البلاد العجيبة من تستهويه البذاءة و قلة الاحترام و هابط القول ليصف هذه السيدة بأنها لؤلؤة الثورة المجيدة و لم يبق لديه إلا المطالبة بتمثال لنائبة العقوق اللفظى .
النائب أحمد الصديق مثال آخر للرداءة و البرود اللفظى لان الرجل يتجاهل و يتناسى انه يخاطب بشرا مثله يحتاجون للفهم عن طريق الابتسامة و اللغة البيداغوجية البسيطة المبسطة العفوية، لكن سيادة النائب المحترم لا يكتفى بعبارات متعجلة تكاد تصطدم بين فكيه من فرط تجاوز سرعة الصوت بل يختم ذلك الماراتون الجدلى بربع ابتسامة يحار الجميع فى فك طلاسمها لأنها لا تشبه الضحك و لا تقارب الابتسامة بل يمكن اعتبارها بمثابة الفاصل و نعود فى بعض البرامج، المهم ان سيادة النائب يعتمد أسلوب القطار اليابانى السريع الذى لا يتوقف الا فى المحطة الاخيرة محاولا سباق الوقت حتى يكون مثالا لاحترام المواعيد أو ما يسمى بالمثال اليابانى ، لكن هل ذهب فى ظن السيد النائب أن من حق المواطن ان يفهم و ان يعارض و ان يتفاعل و ان ‘ ضيق النفس ‘ الذى يبديه سيادته يمنع كل هذا الامر بحيث يتحول الموقف الى حالة من تلقى الدرس تتبعه حالة من الصمت كأن هذا المتلقى قد تلقى لكمة مفاجئة فترنح و كان يجب عليه ان يتمالك قواه ليبدى ما لديه من اعتراض على هذا السيل الجارف من القول .
صديقنا صافى مختلف عن هؤلاء القوم لأنه يعتبر نفسه علامة فى كل شيء و أن محاوره لا يملك عشر ما يختزنه فى صدره من خبرات و علوم، هذه النرجسية الزائدة تجعله يخرج عن المعقول فى خطابه و طرح أفكاره لأنه يريد من المتلقى أن يكون مجرد وعاء يصب فيه هذا الكم من المعلومات المختلطة بدون فرز و لا ترتيب تماما كما يحدث مع طفل الانابيب أو اللقاح الاصطناعى ضد العقم ، الغريب أنه كما يرتفع سقف المطالب تدريجيا فى المظاهرات المشبوهة يرتفع سقف الخناق و الشتم و الصياح فى هذه المنتديات الاعلامية التى يحضرها لسان السيد صافى سعيد، طبعا لا ينتهى الحوار نهايته السعيدة بل يتطور الخلاف الى مرحلة القذف العلنى و رفع الايدى بغلظة و ربما ببعض الكدمات و الغرز اللفظية التى تحتاج من المنشط رفقا بالسامعين و المشاهدين الى وضع علامة ‘ بيب ‘ متواصلة عند كل خروج عن الاداب العامة، يقال أن لغتنا جميلة لكن البعض حولوها الى قذائف متفجرة و قوالب جاهزة من البذاءة و رغم وجود قانون يجرم البذاءة و السب و الشتم فان سيادة النيابة لا تتحرك كأن مسألة خدش الحياء العام قد أصبحت مسألة وجهة نظر .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: