أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5327
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
البيان ‘ العاجل ‘ الأخير أو البيان ‘ المشترك ‘ الصادر عن نقابة الصحفيين و جمعية مديري الصحف و الرابطة التونسية لحقوق الإنسان و الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد جاء ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الذي وقع و ذيل بإمضائه هذا البيان اليتيم الفاقد للطعم المثير للاشتباه و الريبة يريد ضرب صحيفة ‘ الثورة نيوز ‘ باسم الدفاع عن المهنة و السعي لتطهير قطاع الصحافة من ‘ المتطفلين ‘، و لقد كان من المقبول أن نجد عذرا لنقابة الصحفيين و مديري الصحف حول محتوى البيان نظرا لعدم إلمامهم بالقانون و بالذات بقانون الصحافة و ما يسمى بالمنشور عدد 115 المنظم للمهنة الصحفية و الذي لم يخرج للنور إلا بعد أن نهشته النهضة و الترويكا زمن حكم الإخوان إلا أنه ليس مقبولا أن يصدر بيان بمثل هذا النص و بمثل هذه الحيثيات البائسة رغم أن من يرأس الرابطة هو العميد السابق عبد الستار بن موسى و من يرأس بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هو العميد السابق شوقي الطبيب.
طبعا ليس من مشمولات أحد سوى المعنيين بالأمر التعرض لما ينشر على صفحات هذه الصحيفة الأسبوعية و لسنا في وارد الدفاع عما يكتب أو نقده فهذا أيضا يهم المعنيين بالاتهام و لكن من المعيب أن يبصم العميد عبد الستار بن موسى و العميد شوقي الطبيب على مثل هذا البيان المشبوه البائس، أولا، لان القانون و القانون وحده و لا غيره كما يظن البعض هو الذي يفصل في كل نزاع يتعلق بالاتهامات الموجهة لبعض الأشخاص و الذوات المعنوية و المؤسسات العامة و الخاصة و في هذا الصدد يجهل الكثيرون أن مدير الصحيفة و رئيس تحريرها قد أصبح زبونا قارا لدى بعض المحاكم التونسية و هو أمر لا نعترض عليه لأنه من حق من تم اتهامه أو ثلبه أن يقاضى الصحيفة و أن يطالب بالتعويض المناسب، ثانيا، لان الصحيفة تكشف نزرا قليلا من جبل الفساد المستشري في تونس منذ بداية حكم بن على إلى تاريخ نهاية حكم الإخوان و سقوطهم المريع بسبب اعتصام الرحيل و هنا من المنطقي أن نتساءل ماذا يضر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أو النيابة العمومية أو مجلس نواب الشعب فتح تحقيق فيما تنشره الصحيفة و هل أن فضح الفساد لا يدخل في صلب المهام الأولية لهذه الهيئة .
نتساءل و نتساءل و نتساءل، هل أن العميد عبد الستار بن موسى لا يدرك أن فضح الفساد هو من أولويات و مهام و أهداف الإعلام النزيه و نتساءل هل من حق العميد أحد أضلاع جائزة نوبل للسلام اتهام الصحيفة بمثل هذه ‘الكمشة’ من الاتهامات الزائفة و هو الذي يشرف على منظمة لا علاقة لها إطلاقا بعالم الصحافة و بما يهم مجلة الصحافة و قوانين النشر، و نتساءل إذا كان للعميد صفة و مصلحة لنشر مثل هذه البيان البائس فلماذا صمتت حبال صوت الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان تجاه ما نشره موقع ‘ انكفادا ‘ نقلا عما يسمى بوثائق باناما بيبرس و هل تثبتت الرابطة المصونة من ‘ نزاهة’ و صحة الاتهامات و هل أن ما نشر بهذا الموقع نقلا عن موقع لم يتأكد صدقيته من مصادر صحيحة لا تنطبق عليه ‘ الاتهامات’ الفوضوية الواردة بالبيان الموصوف بشديد اللهجة من كل الذين اطلعوا على نصه من أهل الإعلام، ثم ماذا يهم السيد العميد مما يدعيه من عدم تنفيذ الأحكام الصادر ضد المسئول القانوني على الجريدة، فهل تحول السيد العميد دون أن ندرى إلى رئيس مصلحة قسم التنفيذ بالمحكمة أو إلى وكيل الجمهورية المسئول عن تنفيذ الأحكام الجزائية ؟ أم أن العميد قد تجاهل مهام الرابطة المضمنة بقانونها الأساسي و دخل في لعبة ‘ الشياطين’ التي تتعرض إليها الصحيفة من بعض خصومها و أعداءها من الإعلاميين و السياسيين الفاسدين و بعض القضاء الموجه و بعض رعاة المال الفاسد و زيارة السفارات .
لا ندرى ما علاقة العميد شوقي الطبيب بالسيرة الذاتية لرئيس تحرير الصحيفة، و لا ندرى فعلا هل أتم العميد حربه الضروس المعلنة على الفساد حتى يجد من الوقت متسعا للخوض في ‘ سيرة’ محرر الصحيفة، و ما علاقة العميد السابق بهذه الاتهامات الخطيرة و هذا السرد الأجوف لبعض الاتهامات الجزافية مع أنه كان حريا به الالتزام بواجب التحفظ و الموضوعية و الرصانة قبل إطلاقها من باب استحضار الأرواح الشريرة و الإيهام بجريمة و المس من سمعة الناس، فهل تجاهل العميد السابق أن تنفيذ الإنبات العدلية و الأحكام القضائية هي من مهام النيابة العمومية و لا سلطان عليها في هذا الشأن حسب مجلة الإجراءات الجزائية، و هل أنه من مهام لجنة مكافحة الفساد ‘ الفاضية الشغل’ البحث في هذا الأمر و إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تتحرك هذه ‘ النيابة العمومية ‘ عفوا اللجنة للتشهير و للمطالبة بتنفيذ كل الأحكام الصادرة ضد بعض المحامين مثلا و من أهمها الحكم الصادر ‘ غيابيا’ ضد محام بعشر سنوات من أجل خيانة المؤتمن و دون أن يتم ‘ الاهتداء’ إلى مكتبه و هو لا يزال يمارس المهنة و يدفع نصيبه السنوي من الاشتراك للعمادة، ألهذا الحد اختلت الموازين و الكيل لدى السيد العميد الذي وصفه القاضي أحمد صواب بفارس مكافحة الفساد دون أن يدرك للأسف أن زمن الفروسية قد ولى .
من العيب أن ‘ يصادق’ العميدان بن موسى و الطبيب على وصف الصحيفة ‘بصحافة المجارى’، فالصحيفة على ما نعلم هي منظومة متكونة من عدة أقلام و موظفين بحيث يسقط الوصف المبتذل المذكور على الصالح و الطالح دون مبرر أخلاقي على الأقل و بالذات من هؤلاء الذين يقفون للدفاع عن المهنة، و الغريب أن السيد العميد البغورى قد كان و لا يزال محل شبهات و اتهامات من صحيفة ‘ الضمير’ و غيرها من وسائل الإعلام بأنه جزء مهم من صحافة المجارى، و بعض الذين يقفون مع هذا الاتهام السخيف من أصحاب دور النشر نعلم أنهم كانوا جزءا من جماعة وكالة الاتصال الخارجي التي كشف الكتاب الأسود لأصحابه ‘الراحلين ‘ المنصف المرزوقي، عدنان منصر و عماد الدايمى بعضا من أسرارها و أسماء ‘عملاءها’ بالاسم و المبلغ و التاريخ، ثم ما علاقة رئيس الحكومة ب’صحافة المجارى’ و هل أن سعادته فاض شغل لهذا الحد و هو الذي يصارع الأحداث و ‘التقلبات الجوية السياسية ‘ ليبقى و يتمسك برأس السلطة في ظل لعبة ‘جناحي الطائرة ‘ الذي يقود تونس النهضة التي غيرت جلدها القديم و النداء الذي يستعيد نوابه المنشقون .
تقول المادة 11 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المتعلق بحرية الصحافة و الطباعة و النشر ويعتبر اعتداء على سرية المصادر جميع التحريات وأعمال البحث والتفتيش والتنصت على المراسلات أو على الاتصالات التي قد تتولاها السلطة العامة تجاه الصحفي للكشف عن مصادره أو تجاه جميع الأشخاص التي تربطهم به علاقة خاصة . لا يجوز تعريض الصحفي لأي ضغط من جانب أي سلطة كما لا يجوز مطالبة أي صحفي أو أي شخص يساهم في إعداد المادة الإعلامية بإفشاء مصادر معلوماته إلا بإذن من القاضي العدلي المختص وبشرط أن تكون تلك المعلومات متعلقة بجرائم تشكل خطرا جسيما على السلامة الجسدية للغير ....
يبين الفصل 13 أنه لا تجوز مساءلة أي صحفي على رأي أو أفكار أو معلومات ينشرها طبقا ألعراف وأخلاقيات المهنة كما لا تجوز مساءلته بسبب عمله إلا إذا ثبت إخلاله بالأحكام الواردة بهذا المرسوم .
يبين الفصل 14 أنه يعاقب كل من يخالف الفصول 11 و12 و13 من هذا المرسوم وكل من أهان صحفيا أو تعدى عليه بالقول أو الإشارة أو الفعل أو التهديد حال مباشرته لعمله بعقوبة الاعتداء على شبه موظف عمومي المقررة بالفصل 123 من المجلة الجزائية.
من خلال هذا الاختزال لمنطوق المرسومين 115 و 116 بحثنا على لفت الانتباه أن الصحيفة مسئولة قانونا و في إطار محدد، بحثنا أيضا على التوضيح بأن هذا البيان يعتبر قانونا شكلا من أشكال التهديد الوارد بالفصل 14 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 ، بحثنا أخيرا على نقل توضيح مهم يتعلق بأن تكاتف ‘الرباعي’ لإصدار هذا البيان البائس هو رضوخ لأمور مشبوهة و ضغوطات معينة، و في نهاية الأمر نتساءل عن السر الذي لم الشامي مع المغربي و لماذا يتم تهديد الصحيفة رغم كونها جزء مهم من ‘صحافة المجارى’ ‘ (حسب الرباعي الممضى لبيان النكسة ) التي قامت بفضح كبار الفاسدين و تصدت لمشروع الفوضى الخلاقة الذي دبرته حركة النهضة لنصب خيام دولة الخلافة، و حتى يفهم البعض فقد كانت الصحيفة جزءا مهما من الأسباب التي أدت إلى صعود حزب نداء تونس و سقوط الإخوان و بالتالي فان نداء الأربعة المتباكين على ‘نظافة الإعلام ‘ يجب أن يلقى في المجارى، يبقى هناك نداء لهؤلاء أن يتجنبوا مصارعة طواحين الهواء و أن يملكوا الجرأة الكافية للتصدي للفساد أو للفاسدين بعناوينه الواضحة و ترك الحروب الخاسرة حتى لا ينزلقوا في المجارى دون حذر .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: