دراسة مقارنة للحركة الجهادية والانقلاب بين مصر والشام والجزائر
د. طارق عبد الحليم المشاهدات: 5805
ما أشبه اليوم بالبارحة! ولا غرو أن يحكي الله سبحانه لنا في القرآن قصص وتجارب أممٍ بادت منذ آلاف السنين، لتكون لنا عبرة، ثم إذا بنا لا نتخذ عبرة مما يدور في عصرنا، ويحدُث تحت أنظارنا، مما نحيا أيامه بالفعل! قصرُ نظرٍ، وغيابُ عقلٍ، واستهتارٌ بالأحداث، وإهدارٌ للسنن، وطفولية في التفكير، سمها ما شئت، لكنها حقيقة صادمة عنيفة لا نملك إزاءها إلا الحسرة، والشكّ في موضع الانزلاق والتردّي في اتجاه حركتنا الإسلامية كلها، أهي تتجه إلى أمامٍ واعدٍ أم إلى خلفٍ متباعِد؟
(1)
مقدمة أردناها بعد أن لفت نظرنا ذلك التشابه العجيب بين أحداث ثورة الجزائر الإسلامية منذ بداية التسعينيات، وبين كلّ من ثورة مصر وانقلابها الدمويّ في 2011 وبعدها، وثورة الشام وحركتها الجهادية منذ 2011 كذلك. تشابه عجيب في الأحداث، يضع الثورة الجزائرية بإرهاصاتها منذ 1986، كرائدة لما أسموه "الربيع العربيّ" قبل ثورة تونس في 2010، وكتجربة حيّة تشهد على تخطيط العدو الصليبيّ الواعي، وعلى عفوية التصرفات الإسلامية إلى درجة تصل إلى حدّ الغفلة، بل الإجرام في حق الشعوب التي تعيش على أرض الإسلام.
فأنت تجد، في تجربة الجزائر الفريدة، التوجه الديموقراطي وسذاجته ثم سقوطه، وتجد ردة الفعل في النهضة الإسلامية الجهادية، ثم اختراقها، بل وعمالتها، ثم سقوطها. فكانت تلك الثورة، كتاباً مفتوحاً لمن تصدى للعمل السياسي في مصر، أو الجهادي في الشام، جعل الله أحداثها عبرة لكليهما، دون معتبرٍ. كتابٌ أبت قيادات الحركات الإسلامية أن تقرأ في صفحاته، فأعادت ما كان حذو النعل بالنعل، وأهدرت بذلك آلافا من الأرواح البريئة وأضاعت فرصاً فريدة في إقامة ديننا، واستعادة مجدنا وحضارتنا.
ولا أريد هنا تأريخا للحركات الثلاثة، فلست مؤرخا بالمعنى الإصطلاحي. إنما أريد أن أضع مِبضع التحليل على الجوامع المشتركة الهائلة بين تلك الحركات، في الجزائر، ثم بعدها في مصر وسوريا، لنرى مدى التشابه بينها، ومدى الانحدار الفكري والحركيّ لدى غالب قياداتها، والذي يصل، في رأينا إلى حدّ الخيانة لتلك الشُعوب.
وقد اعتمدت في هذا البحث المتواضع، على بعض المصادر العامة في تاريخ تلك الفترة، كما اعتمدت بشكل رئيس في تاريخها من المنظور الإسلاميّ على مصدرين، أولهما ما دوّن الأخ المجاهد أبو مصعب السوريّ[1] في الكتب القيّمة التي وضعها كشاهدٍ على كثيرٍ من أحداث التجربة الجزائرية، وبعض ما تناثر عنها في مواضع عدة. ثم على ما دوّنت شخصياً، في أكثر من خمسمائة وخمسين مقالاً، على مدى أعوامٍ ثلاث، في شبه يوميات أرّخت فيها أحداث التجربة المصرية تفصيلاً. ثم ثالثاً، على ما وصلت اليه من بحثٍ في الشأن السوريّ من واقع معايشة الأحداث اليومية، من بيانات تلك الحركة، قادتها وشرعييها، وأقوال مناصريها ومخالفيها على السواء، واتصالات ببعض قادتها على الأرض. ثم اعتمدت بعد ذلك على توفيق الله سبحانه في النظر والتحليل، وهو الذي لا يتأتى بدرسٍ أو علمٍ، إلا من أتى الأحداث ونظر فيها بقلبٍ سليم.
وقد أثار هذا الموضوع في الذهن، كلمة تلقيتها من أخٍ حبيب وتلميذٍ نجيب، عن مناصرتي للدولة الإسلامية في العراق والشام، هكذا رأيه، وأنها تسير على خطى الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر، والتي كفّرت الناس وأشاعت فكر الخوارج، مما يجعل الحذر من الدولة ومناهضتها واجباً يجب أن يكون واضحاً وطريقا يجب أن نسلكه، بالشدة عليهم في النصح والتوجيه، إن لم يكن التحذير والتبغيض.
أمّا عن ضرورة نصح الدولة، أونصح غيرها، فهو مما لا نعارض فيه، ولا يُعارض فيه مخلصٌ أمينٌ ومنصفٌ رصين، راجٍ للحق وساعٍ اليه. أمّا عن مناصرتي للدولة، فقد بيّنت من قبل أنها ليست على إطلاقها، وأنها تصدر من أمور عدة، هي نصرة مظلوم تمالأت عليه كلّ قوى الفجور والخصومة الدينية، ثم ما ثبت من قواعدها وما نطق به قادتها، وهو مُحكمٌ ظاهرٌ، ثم تعامل شانئيها مع عدو صهيو-صليبي عميل لقتالها وتشويه صورتها. أما عن بعض أخطائها، فلا والله لا ننصر خطاً ولا نعين باطلاً أبداً، ونسأل الله أن لا ينتهي أمرها إلى ما انتهي اليه أمر "الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر كما سنبيّن.
ثم أبيّن أصلاً آخر هنا، وهو أنْ ليس كلّ من رفع سلاحاً ضد عدو رافضيّ كان إسلامياً، وليس كلّ من رفع سلاحاً ضد علمانيّ أو رافضي كان سنياً مستقيماً. هذا من خادِعات الفهم ومنزلقات النظر. فإن من المجاهدين من انحرف بهم المنهج إلى تكفير أو غلو، ومنهم من انحرف إلى إفراطٍ وتسيّب وممالأة. ومن المحاربين للروافض من هم علمانيون مرتدون، فيجب التمييز والدقة في التوصيف حسب حال كلّ فرد وطائفة.
وقبل أن نشرع في صلب موضوعنا، أريد أن أنوّه بأنّ الحركة الجزائرية قد تقاطعت مع الأحداث المصرية في فترة الانتخابات الجزائرية، أي حقبة الديموقراطية اللعينة قبل مرحلة الجهاد. بينما تقاطعت الحركة الجزائرية مع أحداث الشام بعد الانقلاب العسكريّ في الجزائر وفي إبان الحركة الجهادية هناك، فهو تقاطع يردِف بعضه بعضاً، كأنما كانت الجزائر بوتقة لكافة تجارب الإسلاميين في عصرنا!
ثم نعود إلى بحثنا هذا عن التشابه بين أحداث الجزائر، ومثيلاتها في مصر والشام.
(2)
أحداث الجزائر
مقدمة
كانت أحداث الجزائر مثالاً لما رأينا بعد ذلك في الثورة المصرية، وفي جهاد الشام، ونلخص هذه الأحداث، فيما يخصّ ذلك التشابه، ولا نتعداه إلى تفاصيل لا علاقة لها به.
فقد مرت الجزائر منذ استقلالها عام 1963، بمراحل في الحكم، بدأت بهوارى بومدين، الذي هو أقرب ما يكون من الهالك عبد الناصر في قوميته وديكتاتوريته، ثم إلى الشاذلي بن جديد، والذي فيه كثيرٌ من الهالك السادات، من حيث انتماءه للغرب الفرنسيّ وتشجيع التيار الفرانكوفوني، كما انتمى السادات للغرب الصهيو-صليبيّ وشجع تيار التغريب الأمريكيّ وانتهى به الحال إلى عار كامب ديفيد. ثم كانت حركة بويعلي الجهادية التي قضى عليها بن جديد، وحركة الجهاد في الشام بقيادة مروان حديد والذي انتهت بإعدامه عام 1976. وهاتان الحركتان قد تزامنتا، فكراً وتطبيقاً، مع حركة الجهاد في مصر في السبعينيات، والتي سعى مبارك في القضاء عليها منذ أوائل الثمانينيات.
ثم كان الجهاد الأفغانيّ ضد السوفييت في الثمانينيات. وولّد هذا الجهاد بداية توجه جهادي بالجزائر في المرحلة الثانية منه، منذ عام 1986، حيث التحق كثير من أبناء الجزائر بالجهاد في أفغانستان، مع كثير من إخوانهم من بلاد عربية أخرى، كمصر وتونس والجزيرة العربية.
وقد عاشرت بنفسي جماعة محمد سرور في هذه المرحلة في لندن بين 1986-1989، ورأيت وسمعت منهم نقداً حاداً للحركة الجهادية، وخاصة بعد أن تركت لندن، وازدادت حدة نقد السروريين للجهاد، في أوائل التسعينيات، فيما كان ينقل عنهم أتباعهم في تورونتو -كندا، بمركز بدر وقتها.
الحركة الديموقراطية في الجزائر وجبهة الإنقاذ الإسلامية:
وقد تكونت هذه الجبهة على يد الشيخ عباس مدني، والشيخ على بلحاج، عام 1989 بعد أنْ لوّح الشاذلي بن جديد بتبنّى المسار الديموقراطيّ، واتخذت مسار الانتخابات منهجاً، رغم توجهها السلفيّ أصلاً والذي يكفر بالديموقراطية. وقد رفضت الإخوان بقيادة محفوظ النحناح الإنضمام إلى الجبهة، وفضّلت، كعادة الإخوان، أن تستقل بتيارها، رغم تشابه الهدف مع جبهة الإنقاذ الإسلامية، وصارت عدواً لدوداً لهذه الجبهة.
وقد سارت الجماهير وراء الجبهة، وكان أن اكتسحت الجبهة المرحلة الأولى من الانتخابات، مما أشعل الضوء الأحمر في أروقة النظم الصليبية وخاصة فرنسا، التي لها مصالح تاريخية في الجزائر. وكان أن مهدّت لسيطرة عسكرية على الحكم، بطريقين، أولهما العمالة والاختراق، والثاني ارتكاب البشاعات والصاقها بالحركة الجهادية، تماما كما يحدث في مصر وفي الشام.
وقد مهّدت القوى العسكرية للإنقلاب مدة ثلاثة سنوات، تركت فيها الحكم لجبهة الإنقاذ الإسلامية، ثم انقض العسكر على الحكم، واستوردوا محمد بوضياف، الجنرال الليبرالي السابق، ليقود الانقلاب العسكري والحكومة، بصفته وجهاً "ثورياً" مقبولاً لدي كثير من الغافلين الجزائريين، شبيها بما أرادت سلطات مصر للبرادعي في وقت من الأوقات، لولا تضارب المصالح، وشدة أنانية السيسي.
الحركات الجهادية:
وكان من جرّاء هذا أن نشطت حركة الجهاد، وتأسست "الجماعة الإسلامية المسلحة" بقيادة أبو عبد الله أحمد، وهو شابٌ فاضل حافظٌ للقرآن، ودانت لقيادته أكثرية مشايخ قيادات جبهة الإنقاذ. كما تكونّ ما يسمى “جيش الإنقاذ” المنبثق عن جبهة الإنقاذ، أو من أراد منها الدخول في دائرة الجهاد، والنأي عن التعامل مع الانقلاب، بقيادة مدني مرزاق.
وكان أن قمعت الحكومة كافة الأحزاب والحركات، علمانية وإسلامية، ثم تم إغتيال محمد بوضياف، وتولى بعده مجلس عسكري لمدة شهرٍ، ثم بعد ذلك تولى على كافي ثم اليامين زروال. وبدأت الحكومة بعد اغتيال بومضياف في ترتيب المرحلة التالية، والتي عزمت فيها على القضاء على حركات الجهاد عن طريقين، الاختراق والعمالة، ثم الضرب بوحشية والقتل والاعتقال لكلّ من هم من الإسلاميين، بل ومن عوام المدنيين.
وقد أبلت "الجماعة الإسلامية المسلحة" بقيادة أبو عبد الله أحمد بلاءً حسناً، لكنه قُتل رحمه الله عام 1994، وتولى من بعده أبو عبد الرحمن أمين[2]، الذي ظهرت في قيادته عقيدة الخوارج، فكفّر بالجملة، واستباح الحرمات، وشوّه سمعة الجهاد، بل تجرأ على قتل مشايخ من جبهة الإنقاذ، ممن بايعوا الجماعة سابقاً، ثم جاء من بعده خلفٌ أسوأ وأقرب للعمالة والخيانة، هو عنتر الزوابري، فاستمر على هذا المنهاج الأعوج الخبيث، حتى قُتل عام 2003.
وقد قامت الحكومة وقتها بكلّ أعمال العنف والتشريد، واستغلت انحراف الجماعة الإسلامية المسلحة ومنهجها التكفيريّ الضّال، وقتلها لأبرياء تحت زعم الكفر، فشاركت بقوة في عمليات القتل والنهب والاغتصاب، بل وقتل المصلين، ونسبتها إلى تلك الجماعة المنحرفة. حتى تشرذم الجهاد، وكرهه الناس وأدانوه، واستسلم بقية المجاهدين، إلا شِرذمة قليلة منهم، لمبادرة "الوئام الوطنيّ"، ودخلوا تحت عباءة النظام العلماني.
انتهت فترة الجهاد الجزائريّ بتراجع المجاهدين واندحارهم. ويرجع ذلك فيما رأينا إلى عدة عوامل، أهمها:
1. استسلام جبهة الإنقاذ الإسلاميّ لموضوع الانتخابات ودخولها في صراع من داخل الديموقراطية، ومحاولة هزيمتها داخلياً.
2. فشل النهج الديموقراطيّ وبيان حقيقة دعواه الباطلة، عقدياً وعملياً.
3. عدم فطنة مشايخ الجبهة، بعد الانتصار الساحق في الانتخابات إلى دور الجيش ومكائده، وتعاونه مع الفرنسيين، للقيام بالانقلاب العسكري الذي أتى ببوضياف.
4. خروج الإخوان عن صفّ المجاهدين، بقيادة محفوظ النحناح، كما هي عادتهم، والتزامهم بقيادة عباس مدني وعلى بلحاج، رغم معرضتها لهما من قبل!
5. انحراف منهج الجهاد، المتمثل في أكبر فصائله "الجماعة الإسلامية المسلحة"، بعد فترة الشيخ أبو عبد الله أحمد، ووقوعها في مزالق التكفير العشوائي والغلو الخارجيّ.
6. استغلال الانحرافات العقدية لبعض المجاهدين بواسطة الحكومات العلمانية، لضرب الجهاد وتشويهه.
7. استغلال الإعلام الفاسد في إشاعة الفوضى وتشويه صورة المجاهدين من خلال تصرفات بعضهم.
(3)
أحداث مصر:
واكبت الحركة الجهادية في مصر، أختها في الجزائر، فنشأت الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، منذ منتصف السبعينيات، وعملت في أوائل الثمانينيات إلى أن زجّ بهم مبارك في السجون عقب اغتيال السادات، ثم في التسعينيات بعد قتلهم السائحين، حتى قضى عليهم النظام كلياً. ولم يكن نظام مبارك يحتاج إلى ظهيرٍ شعبيّ لذلك التصرف، فالحركة الجهادية لم تكن مدعومة شعبياً كما كانت مدعومة في عهد ثورة الجزائر بُعَيد الانتخابات. إنما لم تُحكِم هذه الحركة تصرفها في ذاك الوقت، ولذلك رأينا تراجعاتها المشينة المخلّة، التي دونوها تحت إشراف المخابرات، نتيجة حيرة قادتها، وضلالهم عن أصولهم التي قاموا عليها، فأسفرت عن انتكاستهم فيما بعد، وعلى رأسهم الساقط ناجح إبراهيم.
ومن الحق هنا أن نقرر أنّ الحركة الديموقراطية والحركة الجهادية قد تبادلتا المواقع في التجربتين الجزائرية والمصرية. فجاءت حركة الجهاد في مصر دون حاضنة شعبية، ثم أعقبتها، بعد أكثر من عشرين عاماً التجربة الديموقراطية على يد الإخوان، الذين نبذوا الحاضنة الشعبية[3] ابتداءً، ولم يستخدموا القوة الشعبية. بينما جاءت التجربة الديموقراطية في الجزائر أولاً، ثم أتبع فشلها الحركة الجهادية بحاضنة شعبية تمّ إفسادها بعد.
وتتقاطع محاور التجربة المصرية الحالية مع التجربة الجزائرية كأوضح ما تكون في الفترة التي سبقت تجربة الجهاد الجزائري في فترتها الثانية[4]، منذ أن اكتسحت جبهة الإنقاذ الإسلاميّ الانتخابات، كما فاز الإخوان في انتخابات 2012. ومن ثم، دبّر العسكر إزاحة الإخوان بشكلٍ تامٍ في عام واحد، بل وإزاحة كلّ ما ينتمى للإسلام شكلاً وموضوعاً. ومارسوا العنف المُفرط بلا حدود، قتلاً واعتقالاً، للنساء والشيوخ والأطفال. والعجيب أنّ السلطة راحت تنسب للإخوان أنهم هم من يمارسون العنف وهم في سجونهم، معتقلون أو مقتولون! والأعجب أن "الحاضنة الشعبية" المصرية صدّق غالبها هذا الهراء الخبيث!
ولو أننا وجدنا عذراً للشعب الجزائريّ، بل ولبعض المتابعين غير المدققين أو المغرضين، في تصديق الوحشية التي نُسبت للمجاهدين هناك، بعد إصدارات "الجماعة الإسلامية المسلحة" بقيادة أبو عبد الرحمن أمين وعنتر الزوابري وإقرارها بهذا المنهج الضال، منهج التكفير العام، وقتل المدنيين، بل واستباحة قتل النساء والأطفال من أهل المنتمين للنظام، لا مجرد تهديدهم، لما وجدنا أدنى عذر لشعب السيسي الضال المنحرف المشرك، إلا من تاب منهم وأناب.
وأتت الإخوان بما تعوّدت في منهجها، بالمؤامرات والدسائس والتنازلات والاتفاقات مع شياطين المجلس العسكريّ، مما أسميته وقتها في إحدى مقالاتي "كامب سليمان"، نسبة لعمر سليمان الذي خطط لتحييدهم والتفرقة بين القوة الجماهيرية الغاضبة آنذاك، ومنها المسلمين، وبين التنظيم الإخوانيّ البدعي الذي كان يسيل لعابه على تولى الحكم، بينما هو يسير إلى حتفه كما تسير الشاة مع ذابحها.
ثم جاءت نتيجة الانتخابات، ولم يرى الإخوان أبعد من سعف نعالهم، فظنوا أنهم مانعتهم ديموقراطيتهم من انقلابٍ عسكريّ يطيح بهم، تماما كما حدث في التجربة الجزائرية، فأعماهم منهجهم السقيم، الذي لا يعتبر سنن الله في المدافعة والمغالبة، ولا يرى حتى ما حدث على الأرض الجزائرية، لا من آلاف السنين ولا مئيها، بل منذ عشرين عاماً لا أكثر.
وكان انقلاب السيسي الدمويّ، الذي أراه طبّق سيناريو الانقلاب الجزائري، لا كما يظن البعض أنه يعيد إخراج أحداث الخمسينيات في مصر. فإن العنف الدموي، وقتل الأبرياء واعتقالهم، بل وفض اعتصام رابعة والنهضة هو إعادة إحياء الانقلاب العسكريّ الجزائريّ خاصة بعد مقتل بومضياف، وانحدار الجماعة الإسلامية المسلحة في وهدة التكفير.
فرح الإخوان بالنجاح في الانتخابات، وفرح سعد الكتانتي برئاسة البرلمان، وفرح بقيتهم بحفاوة طارئة من الإعلام، ومن المسؤولين. ووقع محمد مرسى في نفس الخيّة التي وقع فيها عباس مدني وعلى بلحاج، حيث ظنّا أن "الديموقراطية" حقيقة واقعة وأنها تحمى السلطة، بل طالب عباس مدني وقتها مناظرة الإنقلابيين على الهواء!! فكان أن اعتقلتهم القوة المسلحة بلا عناء على الإطلاق. بشرٌ يعيش في عالم آخر غير دنيانا هذه، رغم أنّ كتاب الله المقروء والمشهود أمام أعينهم يتحدث بالعبر في كلّ آن.
وما أرى إلا أن أحداث مصر قد أتيت مما يلي:
1. غفلة الإخوان عن سنن الله، وقصر نظرهم، وسذاجتهم السياسية التي تصل إلى حدّ البلاهة السياسية، وعدم الاعتبار بالتجارب المماثلة.
2. إضاعة الإخوان لفرصة الزخم الشعبيّ الغاضب، وإن لم يكن إسلامياً صرفاً، ولكن كان كثيرٌ منه لا يزال فيه ثقة بالإسلام والإخوان، فناوروا وتاجروا وخانوا عهد الله وانحرفوا عن سننه، فأصابهم ما أصابهم، وأصابنا معهم.
3. سدّ الآذان وغُلف القلوب عن سماع من نصحهم بالحذر وبتدارك التقصير، مثل كاتب هذه السطور، فقد دوّنت أكثر من ثلاثمائة مقال قبل الانقلاب أحذر فيها بوضوح وحدة، بل بشدة وبلا هوادة، نتيجة ما أسميته في بعضها "العهر السياسيّ"، وكما حذر الشيخ الفاضل الأخ د هاني السباعي في عشرات الخطب، والشيخ حازم أبو اسماعيل، رغم توجهه الديموقراطيّ القانونيّ، بل وبعض ما قال الشيخ وجدى غنيم أيضاً، وغيره، لكن بلا مجيب.
4. خيانة الجماعات الإسلامية الأخرى لسنن الله وتنكبها عن طريق الحق، بتبنيها المسار الديموقراطي الانتخابيّ، حتى أتاها اليقين السيسيّ!
5. الخيانة العظمى للإتجاه السلفي البرهامي الذي أسفر عن كفرٍ وردة صريحة لا عوج فيها!
6. ثم الطامة الكبرى، التي هي ميراث الإخوان، الذي أبوا أن يتركوا الساحة إلا بعد أن يزرعوا فيه بذرة فساد أخيرة، فيحصد همّه المسلمون من بعدهم، وهو داء السلمية اللعين، الذي أنتج استقراراً حقيقياً للإنقلاب، رغم ما يتصوره البعض "استمرار الثورة" غفلة وسذاجة، والمتمثل في وقفات وسلاسل بشرية وحملات طلابية في بعض قرى ومحافظات مصر، لا ينشأ عنها إلا قتل المزيد من الأبرياء، كما حدث في التجربة الجزائرية.
(4)
أحداث الشام:
وهي القضية الأكثر سخونة والأهم على الساحة الإسلامية اليوم بلا خلاف. فقد استقر الانقلاب في مصر، كما استقر من قبلها في الجزائر، أو كاد! لكن جهاد الشام، ومصدره جهاد العراق، لا يزالا في طور التفاعل المُثمر، الذي ندعو الله أن لا يخذل أهله كما حدث في التجربة الجزائرية.
وأمرُ جهاد الشام، قد بدأ من العراق أصلاً، بعد إقامة مجلس الشوري وإمارة الشيخ الزرقاوى، ثم بيعته، بيعة قتالٍ، للشيخ أسامة بن لادن، بعد تحويل التنظيم إلى دولة العراق. ثم استشاد الشيخ الزرقاوي رحمه الله، وبعدها مبايعة الشيخ أبو عمر البغدادي، من قِبَل العشائر والفصائل، وكانت له بيعة قتالٍ للشيخ أسامة بن لادن، على أن يكون متصرفاً في إمارته. ثم استشهاده وإجماع الفصائل والعشائر على بيعة الشيخ أبي بكر البغدادي، التي لم يثبت في بيعته للشيخ الظواهريّ أيّ شئٌ يُعتمد عليه، بل مجرد أسئلة وجهها الشيخ الظواهري له، وأجاب عنها بالفعل. ومن ثمّ فبيعة الشيخ البغداديّ للشيخ الظواهريّ محل خلاف وجدلٍ، إلا إن أخذنا ما صدر عن الشيخ الظواهريّ أخيراً، من قرارٍ برجوع الدولة للعراق قرينة على إمارته، لكن تبقى قرينة ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها في هذا الجوّ المشحون بالتساؤلات والتحاورات والتناقضات.
ومن الجدير بالذكر أن البيعة لا تنتقل بموت المُبَايَع إلى من يخلفه تلقائياً، هذا ليس من الشرع، بل وليس حتى من العُرف الوضعيّ، فإنه يقال عندهم "مات الملك، عاش الملك" تجديداً للبيعة له، فمن أراد قال، ومن نازع ترك.
وقد كانت الحركة الجهادية الوليدة في الشام محدودة القوة، بدأت في أوائل عام 2013 بأحرار الشام، وما كانت لتقدر وحدها على صدّ العدوّ الرافضيّ. وكان إعتماد الشيخ البغداديّ لخطة الجولاني "السوريّ"، سواءً كانت فكرة الجولاني أم فكرة الدولة فهو أمر ثانويّ لا تأثير له على النتيجة، وتمويله له بالمال والعتاد، وتوجيهه لها للشام، تحت اسم جبهة النصرة، هو دافعٌ ضخمٌ للجهاد وتقوية وتعزيز له، لا يشك في هذا منصفٌ.
ثم جاء أمر الجولانيّ ونقضه لبيعته للشيخ البغداديّ، ودعواه أنه عاد ببيعتِه للأصيل، لا للوكيل! وهذا من أغرب ما أتى به شرعيّوه. فإن أخذ البيعة ليس بالوكالة، وهو لم يبايع الشيخ البغداديّ وكيلاً عن الشيخ الظواهريّ! بل هي قفزة في منظومة البيعة ومعناها، سوّغها له شرعيّوه، يعلم الله مدى علمهم، إذ لا نقدح في تقواهم.
لكن على كلّ حال، فأمر البيعة برُمته ليس أصلاً من أصول التوحيد ولا يُفاصَل عليه مسلم أو يقاتل أو يُكفّر، إلا إذا بغى وعادى وحارب، خاصة إن تعاون مع مرتدين علمانيين في هذه الحرب، فيقاتل، إن اشتدّ الأمر، قتال البغي لا الكفر والردة.
وما لا أفهم في هذا الموضع، موقف الشيخ أبو قتاده الفلسطيني، هداه الله، من هذا الأمر برمته. فقد ناصر الشيخ أبو قتادة "الحركة الإسلامية المسلحة" في الجزائر أثناء وجوده بلندن، حتى بعدما عُرف من تحوّل اتجاهها للخروج والتكفير، وبرّر لكثير من فتاواها بل وقتلها شيوخ جبهة الإنقاذ، الذين بايعوا الحركة أصلاً، ثم تبرأ منهم أخيراً بعد فترة! فما باله اليوم يقف ضد الدولة ويرميها بالغلوّ، إن صحّ غلوّها، ولا يقف معها كما فعل مع أبو عبد الرحمن أمين بفترة حتى تبيّن له! ولا أرى ذلك إلا من مغلوط المعلومات الي تصل اليه من شباب الشام، ومع أسره.
ولا أدرى عن صحة قرار الشيخ الظواهري في نصيحة الدولة بترك الشام، ولكنى أرى أن هذا، وإن بدا جالباً لبعض الاستقرار في جبهة الشام، إلا إنه طامة كبرى على جهاد الشام في مآله، فإن الجيش الحر وجيش المجاهدين والجبهة الإسلامية العميلة، مدعومون بأموال السلولية وسلاحها، لن تترك النصرة لتجنى بعدها أبداً ثمار تفرّدها بالسلطة. هذا وهم يبيعونه لهم لشق الصف إلى أن يحين الحين. لا أدرى كيف نصح الشيخ الظواهري والشيخ أبو قتادة الفلطسيني بهذا. ولعل الأيام تكشف عن حقيقة هذا الأمر من بعد.
وقد لعبت قوى الصهيو-صليبية والسلولية دورها الخبيث مستغلة موقف الجولاني بلا شك، وألّبته، مع استعداد لديه أصلاً، على الدولة. وكان أن جاءت المبادرة المنسوبة للمحيسنى، فزادت الطين بلّة، وأوقعت القتال بين الإخوة، وأضعفت الجهاد، وتسببت في إهدار الدماء رغم إدعائها أنها جاءت لإحصانه، وهذا مثالٌ صارخٌ على قلة الفقه من شابٍ قليل العلم والخبرة، مدحه الناس لتنقله في أرض الجهاد، محتمياً في كثيرٍ من تنقلاته، خاصة تلك التي شهد فيها "جرائم الدولة" في حماية الجيش الحر!
وما أراه اليوم، يتقاطع في الشام مع التجربة الجزائرية، هو تلك الأحداث التي أعقبت ما أسموه "الربيع العربي"، وبداية صحوة الجهاد هناك، لا كما حدث في تقاطع الوضع المصريّ معها في الفترة الديموقراطية تحديداً.
جاء التغيّر في توجه "الحركة الإسلامية المسلحة" في الجزائر نتيجة تغير توجه قيادتها أفراداً وفكراً، لا نتيجة تغيّر أبناء كوادرها ومن بايعوها. فقد قتلوا من بايعهم، وأجلّهم الشيخ محمد السعيد والشيخ عبد الرزاق رجّام. بينما الدولة الإسلامية التي تُتّهم بالخروج، لم يتغير خطابها الرسمي الذي يُنكر تكفير الأبرياء أو قتلهم إلا من بغى وبدأ بقتال، أو حربها إخوانا لها بعد أن نقضوا البيعة وأفتى لهم علماء سلول بصحة قتالها وقتل مجاهديها[5]، فمن الخوارج هنا في حقيقة الأمر؟
الدولة وقادتها، إلا من غلا منهم كأفراد ليس كقيادة، فيما أري، يمثلون مرحلة الشيخ أبو عبد الله أحمد، في نقائها، وإن شابَ أفعال بعض منتسبيها خطأ في تقرير شرعيّ أو تصرفٍ أهوج، فهذا ما نحذّر منه أشد التحذير حتى لا تنزلق الدولة في وهاد الباطل الخارجيّ كما انحدرت "الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر، وهو ما يجب أنّ يكون نصب أعين قيادة الدولة ليلاً ونهاراً، وأن تضرب بيد من حديد على أمثال هؤلاء، وإلا فقدت كلّ نصير لها، وتسبّبت في تكرار السيناريو الجزائريّ، ومن ثم إدخال الشام في ستاءٍ باردٍ ثقيل.
الشيخ البغداديّ، وجماعة الدولة، إذن، يمثلان مرحلة الشيخ أبو عبد الله أحمد و"الحركة الإسلامية المسلحة" بالجزائر، لا مرحلة من بعده. وعلى من يقول بغير ذلك أن يعود إلى بياناتها الرسمية ، وتصرفاتها العملية. بل ونذكّر أنّ "الحركة الإسلامية المسلحة" في عهد انحرافها، رفضوا دخول "غير الجزائريين" لجماعتهم! فشتان شتان بين هذا وبين موقف الدولة اليوم من المهاجرين الذين تقتلهم الصحوات، ومعهم بعض الجبهات، التي تتعاون جزئياً مع جبهة النصرة وأحرار الشام! ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمن أشبه إذن بحركة الزوابرى؟ نبئنونا بعلمٍ إن كنتم صادقين.
من هذا نرى في جهاد الشام ما يلي:
أنّ جماعة الدولة الإسلامية تتقاطع مع التجربة الجزائرية في مرحلة الجهاد بعد الانتخابات، حيث تمثل تجربة "الحركة الإسلامية المسلحة" في عصرها الذهبيّ بقيادة أبو عبد الله أحمد.
أنّ الشاهد على ما ذكرنا هو المُقارنة المنصفة بين بيانات كلا التنظيمين، وبين بيانات "الحركة الإسلامية المسلحة" بعد انحرافها.
أنّ عملاء السلولية يريدون أن يشوّهوا صورة الدولة بمقارنتها بالمرحلة التكفيرية في "الحركة الإسلامية المسلحة". والفرق جد ّكبير، حتى الآن.
أنّ مشايخ السلولية والسرورية والأكاديميين الموالين للأنظمة يلعبون نفس الدور القذر في تشويه الحركة الجهادية في الشام كما فعلت السرورية والإخوانية البرلمانية والأكاديميين الموالين للأنظمة من قبل.
أن الدولة يجب عليها أن تحرص على نقاء صفوفها، وصفوف داعميها في الداخل والخارج، من الغلو والإفراط والتكفير البدعيّ. لذلك ما نرجوه وندعو له ونشدّد عليه، هو أن لا تصرِف الدولة نظرها، نظرياً أو عملياً عن التصرفات الخرقاء والأقوال الفجة التي يقول بها بعض منتميها، سواء على الأرض أو على صفحات التواصل الإجتماعيّ. بل يجب عليها أن تأخذ على أيديهم بمنتهى الشدة والحزم، منعا للوقوع في باطل التجربة الجزائرية في عهد التكفيريين. ثم أن تتعاهد الناس بالبيانات النتلاحقة، وإن صرفت بعض مصادرها في ذلك، فإنما أوتي الجهاد في الجزائر من قبل التشويه الإعلامي بلا شكّ.
أنّ على المخلصين في الجبهات الأخرى أن يحاولوا التزام الحيدة، وأن يوقفوا قتال الدولة فوراً، على أقل تقدير، فهو حرامٌ منكرٌ. والدولة لها حقّ الردّ على البغي إن بغى عليها أحد، كما أعلن الشيخ العدناني، بلا تزيّد ولا تطرف.
(5)
خلاصة البحث:
هذا والله أعلم، خلاصة ما انتهت اليه مقارنتي لأحوال مصر والشام مع الجزائر، التي تُعدّ تجربتها الأكثر ثراءً في الناحيتين الديموقراطية البرلمانية والجهادية.
وما تقدم يوضّح لنا لماذا لم يمر "الربيع العربي" هذا على أرض الجزائر. فقد مرّ قبلها منذ عشرين عاماً، ثم تلاه خريف جزائريّ، ثم دخلت الجزائر في شتاءٍ طويلٍ قارسٍ، لا يعلم إلا الله متى يرتفع عنها.
كما يوضّح لنا ما تقدم تلك السبل التي تواجه بها الصهيو-صليبية، انتفاضات الشعوب العربية، فالتخطيط واضح ومكرّر، كما نراه:
إن انتفض شعبٌ عربيّ، القمته طُعم الديموقراطية، فإن ابتلعها، ثنّت عليه بالانقلاب بكل وحشية وعنف، فالعودة إلى ما كان عليه (مصر).
فإن لم يأتي طعم الديموقراطية أكُله بالتمام، بعد الانقلاب، واتجه إلى الجهاد، أوقعت بين فصائله بالعمالة والاختراق، ثم دمرته تدميراً بكل وحشية وعنف (الجزائر).
فإن انتفض شعب، دون طُعْم الديموقراطية ولجأ إلى الجهاد مباشرة، سار المخطط في طريقين متوازيين، الايقاع بين فصائله بالعمالة والاختراق، ثم طعم الديموقراطية والايهام بأنها الحلّ، ثم الانقلاب عليها فيما بعد، ليعود الحال كما كان (الشام).
وقس على ذلك ليبيا واليمن، فلن تراهما بعيدا عن تلك المسارات.
مصر:
ففي مصر، علي المسلمين أن يتبعوا خطوات هذه الحركة الجزائرية، التي يسير السيسي على خطى انقلابها حذو القذة بالقذة، فيتحوّلوا إلى المرحلة الجهادية، مثل ما حدث في التجربة الجزائرية، دون وقوع في محذوراتها، ودون تكفير للعوام الجهلة من الناس. بل يظلوا على ثوابتهم من كفر العلمانية، وردة من والى كفار الصهيو-صليبية ولاء مناصرة ضد المسلمين، ومن أفتى بقتل المسلمين لتمسكهم بدين الحقّ، ومن عاون على هدم المساجد وقتل المصلين، والاعتداء على الملتحين وحرائرهم، فهؤلاء اقترفوا نواقض الإسلام، ثم خرجوا للقتال. فمن قاتلهم فقتلوه، مات شهيداً، ومن قاتلهم فقتل، فهو من أهل الكفر في الدنيا، وحسابه على الله.
وقد كان الأحرى بالمصريين أنً ينتبهوا لما دلّت عليه هذه التجربة الغنية من معانٍ، تهدر قيمة الديموقراطية وتبيّن عوارها، وظهور كفرها، ووضوح توهّمات أصحابها، إذ كفر بها مؤسسوها في الغرب، قبل أيّ أحد آخر، حين تعلق الأمر بالإسلام.
الشام
ويجب اليوم على أهل الشام، أن ينتبهوا للمُخططات التي يسعى اليها ماكين وآل سلول، يداً بيد، لإضعاف المقاومة السنية في الشام بإخراج الدولة منها أولا، ونحن نلاحظ أن ماكين في تصريحاته يصف الدولة بالتطرف، وهو الوصف الذي ساد مؤخراً عند كل معادٍ لها، فيالله، هل اتفق ماكين مع مجاهدي النصرة والجبهة الإسلامية والأحرار أخيراً على توصيف للتطرف؟ أم أسلم ماكين وتبنى المذهب السنيّ الوسط؟
وخطوة الماكينية السلولية التالية بعد إخراج الدولة، دحر من هم على المشروع الإسلاميّ ابتداءً، إن بقي منهم أحدٌ عليه، ثم بناء الدولة الألعوبة السلولية الجديدة، التي يشيد بها السرورية والإخوانية والجامية وأصحاب الأكاديميات من أرباب المصالح الدنيوية، وأذيال ولاة أمورهم من الموالين للصهيو-صليبية.
فالله الله في دولتكم، وجهادكم ودينكم وأهليكم. لا تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون.
أسأل الله التوفيق والسداد وأن يتقبل العمل خالصاً لوجهه تعالى.
* الأحد 23 فبراير 2014
23 ربيع ثانى 1435
--------------
[1] http://www.tawhed.ws/a?a=hqkfgsb2 .ويجب أن أنبه إلى أن اعتمادي على ما سرد أبو مصعب السوري هو في وقائع تاريخية، لا في تحليل أو آراءٍ شخصية البتة.
[2] وق وردت روايات عديدة عن علاقته بالمخابرات والعمالة لها، انظر علي سبيل المثال http://www.hanein.info/vb/showthread.php?t=351692
[3] وهي حاضنة شعبية منحلة فاسدة على كلّ حال، كما نبين في شعب السيسي، لكن لعل وقتها كان رصيد الإخوان منها يسمح باستغلالها، والله تعالى أعلم.
[4] والفترة الأولي كانت في السبعينيات على يد مصطفي بويعلى الذي قتل عام 1976 رحمه الله.
[5] وأرى أن هذه النقطة هي التي دعت عدد من الشباب الجزائري أن يقف ضد الدولة مشبها لها بالجماعة الإسلامية المسلحة في بلادهم، عقب تغيّر قياداتها، ولم يلمحوا هذا الفارق.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: