أنقذونا من سعد الكتاتني ..!
مُشكلتنا مع البَرلمان المصريّ .. وأغلبيته!
د. طارق عبد الحليم المشاهدات: 5589
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا أدرى إن كان نصيب مصر وشعبها أن تعيش في ديكتاتوريات متتالية، سواء في سُدة الحكم، أو في أيّ سدة أخرى، لها طبيعة سيادية، تفرض نفسها على من حولها.
لا أريد أن أوغل في التحليل النفسيّ لشعوبنا العربية في هذا المقال، لكن، لا شك أن هناك جرثومة ديكتاتورية تكمن في نفوس الغالب الأعمّ من الناس، وتبدأ الحراك في عقولهم وتطبع تصرفاتهم ما أن يجلس أحدهم على كرسيّ مسؤول، فيتحول بقدرةِ قادرٍ إلى كرسيّ سائلٍ، يعلو على من حوله، كأنه يقدم لهم فضلاً من فضله، لا يؤدى لهم واجباً عليه.
وسعد الكتاتني خير مثال اليوم على ذلك.
لسبب ما يذكرني الرجل بفتحى سرور، قلباً وقالباً، شكلاً وموضوعاً. ولسببٍ ما لا استسيغه كما لم استسغ سلفه، قلباً وقالباً، شكلاً وموضوعاً.
أما قالباً وشكلاً، منذ أن وضع النواب هذا الرجل كرئيس للمجلس، تحوّل إلى ديكتاتورٍ متعالٍ، يحدث النواب كوليّ أمرهم، أو كأنه ناظر مدرسة المشاغبين، يلومُهم ويوجّهّهم، ويقوّم ما أعوجّ من حديثهم وتصرفاتهم. بنفس أسلوب الديكتاتورية المقيتة الذميمة، التي تركب كل "مسؤول". تجده يرفع صوته بالأمر والنهي، والتوجيه والإرشاد، منادياً النواب، بأسمائهم الأولى "يلّا يا على" "إتكلم يا عثمان" "فينك يا فتحى"! وكأنما هم يجلسون على قهوة الحيّ، يتندرون ويسمرون.
الرجل نسى أنه هو مجرد نائبٍ مثلهم، وأن منصبه ليس إلا منصباً إدارياً، لا أكثر ولا أقل. ألم يرَ كيف يُحدّث رئيس البرلمان أعضاءه، في برلمانات الديموقراطيات التي اتخذوها مثالا لهم؟ لا يمكن، بأي حالٍ من الأحوال، أن ينادى الرئيس أحد النواب باسمه الأول، بهذا الشكل المُزْرىّ، الذي يعكس قلة احترام، وإزدراءٍ وتعالٍ لا مبرر له، لا بفضل عِلم، ولا رُتبة. إنما هي جرثومة الديكتاتورية تنفش ريش هذا الرجل، فتجعله طاووساً مغروراً، بدلا من أن يكون متعاوناً متواضعاً.
يحسب هذا الرجل، أن الرئاسة تعنى التعالى والتكبر والزجر، وهي والله لا تعنى إلا التواضع والتعقل والصبر. أن يحكم الجلسة شئ وأن تخاطب النواب بهذا الأسلوب المُتعَجْرف شئ آخر.
ولكن، والحق يُقال، إن أكثر الخطأ في هذا يقع على عاتق النواب أنفسهم، إذ ينادون الرجل ب"سعادة الريس"، "ومعالى الريس" ومثل هذه الألقاب التي تعكس نفسياتٍ ضعيفة مريضة مستعبدة، تعوّدت الخضوع للتجبر والخنوع أمام السلطة، والتخلي عن الحق. كيف بالله عليكم نثقُ في نواب يتخلون هم حقهم، أن يأتوا للشعب بحقه؟
أما قلباً وموضوعاً، فالرجل قد اتضح في عدة مراتٍ أنّه :"يُمرّر" استجواباتٍ، و"يركن" طلبات، حسب ما يترائى له، مما يتمشى مع النهج الإخوانيّ في مصالحة الحكومة والمجلس العسكريّ، ما استطاع لذلك سبيلاً. وتراه يترك باب الحديث مفتوحا لمدة أطول لمن يسير على هذا الخطّ، وينفعل و"يبرطَم" محذراً لمن يتحدث ضد هذا النهج. وقد رأينا ذلك الخطّ عدة مرات متكررة، فيالصدام الذي حدث مع نوابٌ مستقلون. بل رأينا تلك العجيبة التي فعلها هذا الرجل في موضوع آذان ممدوح إسماعيل. غضب لغير الله، واحتقن وجهه، وأرغى وأزبد، وراح يقاطع الرجل في آذانه، لا لشئ إلا ليثبت أنّه "توافقيّ" ليس بإسلاميّ، وأن المجلس لا دين له، بل كلّ حسب دينه، فمن أراد الصلاة فليخرج متستراً متلصصاً، دون أن ينبه إخوانه إلى وقت الصلاة. ولست أقول بوجوب الآذان داخل القاعة ذاتها، لكن من الواجب أن يكون نظام الجلسات في مجلسٍ يدعى الإسلام، أن تكون مناسبة لأوقات الصلاة، فتقف أعماله وقتاً ليتيح للناس الصلاة، وليحفز من لا يصلى أن يصلى. لكن هذا الرجل، غضب غضباً شديداً، وراح يصيح أنه لم يأذن بالصلاة، رغم أنه قبل ذلك أصرّ على رفع كلمة "دولة الكفر" التي قالها أحد نواب السلفيين، من محاضر الجلسة! ألا يدل هذان العملان على إتجاه معينٍ في إدارة هذا المجلس؟ وأتركها لتقدير من عقل.
إن إتجاه الإخوان العام، الذي يسوده الإستسلام للسلطة القائمة، يتمثل في طاعتهم المطلقة لهذه النظم، ولا ننسى أنّ من كان معتقلاً منهم، أبر أن يخرج من محبسه، وبقي داخله، إلى أن أطلقته السلطات، كما فعل الكتاتني والشاطر. وقد أبرز الإخوان هذا الفعل على أنه بطولة ووطنية! إلا إن الناظر في حقيقته، يرى أنّ هؤلاء قد حبست نفوسهم قبل أن تحبس أجسادهم، وخشوا عواقب عصيان نظام مبارك، الذي كان هو النظام وقتها، رغم أن الشعب كله قد خرج عليه، إلا الإخوان، الذين راحوا يفاوضون عمر سليمان بعدها.
إن الإخوان، ومنهم سعد الكتاتني، لم يصلوا إلى كراسي البرلمان إلا بعد أن وقعوا صفقة مع العسكر، كما يعلم الشعب المصريّ كافة اليوم، إلا من أعماه التعصب، وألجَمَهُ التقليد. وفي سبيل الوفاء بهذه الصفقة، لن يدخر هؤلاء وسعاً أن يفعلوا كلَّ شئ، وأعنى بكلِ شئِ كلَّ شئ. ولو كان أن ينتخبوا علمانيا لرئاسة الجمهورية، أو أن يوقعوا على دستوراً يكفل للعسكر دولة داخل الدولة، بل فوقها، أو يكونوا مجرد صورة مجلس، بلا حقيقية صلاحياتٍ.
إن خيانة العسكر للشعب المصري، هي أمر لا جدال فيه، لكن المؤلم، أن يضع هؤلاء الذين صدّعونا برسائل البنا رحمه الله، ثم خرجوا عليها جملة وتفصيلاً، وصدعونا بالتضحيات والآلام التي عانوها في سبيل الوصول إلى حكم الإسلام، ثم تركوه للعلمانيين.
والأمر أن العلمانيين اليوم هم أقوى من يَقف في وجه العسكر، بكل شجاعة ووضوح، كعبد الحليم قنديل، وإبراهام عيسى، وعمرو حمزاوى، حتى أنّ الناس أصبحت تسمع لهم، وأصبحت أسهمهم في إرتفاع، وأسهم الإسلاميين في إنخفاض، بسبب هذا الموقف الذي لن يمحوه الله من سجلاته، ولن ينساه التاريخ من ذاكرته، ولن تغفره لهم الأجيال القادمة.
سعد الكتاتنيّ هو يد الإخوان العابثة داخل البرلمان، المتواطئة مع العسكر، الخائنة للمسلمين، مهما حاول إيهام العامة والبسطاء بغير ذلك، فهو نَصير أمريكا، ومُعين العَسكر، ومؤيد حكومة النظام، وخصيم المسلمين.
اللهم خلصنا من سعد الكتاتنيّ .. آمين.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: