البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

نقد محمد مرسى .. بين الإسلامية والعلمانية

كاتب المقال د. طارق عبد الحليم   
 المشاهدات: 5011



أمران يبرّران ويَحكمان ما نراه يجرى على السّاحة السياسية المصرية، من نقد لرئيس الجمهورية، محمد مرسى، يصل إلى السبّ والقذف والتَحريض على القتل والإهانة. أولهما، الثورة المضادة التي لا تزال تعمل جاهدة لإجهاض أيّ نوعٍ من التقدم في تحقيق مطالب الثورة، وثانيهما فقد الحسّ بالحرية وحدودها وضوابطها، وفهم طرقها ووسائلها.

أما الأمر الأول، فإنّ الفلول لا تزال تعمل عملها سراً وعلانية للإحتفاظ بدولة الفساد والعهر، من خلال دعوات التظاهر كما في وقفات المنصة المُمَولة من ساويرس وعصابة مبارك، وتظاهرة 24 أغسطس، وعلى رأسها رباعية الخيانة والرشوة، محمد أبو حامد، ومصطفى بكرى وأحمد الزند وتوفيق عكاشة. والأمر أنّ الثورة لم تنتصر بعد، ولم تحقق أهدافها بعد، سواءً العلمانية أو الإسلامية، إذ دولة الفساد والكفر لا تزال تُسيطر على كافة مَفاصل الدولة، بل وعلى دستورها المقترح، وإن كانت هناك محاولات لتحجيمها، إلا إنها أقوى من أن تسقط سَريعا، أو دون ضحايا. كما أن ما يسمونه باليسار، وهي المجموعة الملحدة التي يقودها رفعت السعيد لعنة الله عليه، والليبراليين اللادينيين، وهم اليوم كثرٌ في الإعلام الفاسد، هؤلاء هم من يعادى الإسلام علانية ومن ثم يعادى كلّ ما هو نظيف طاهرٌ عفيف اليد واللسان.

ثم إن دولة الجيش لا تزال قائمة كما هي، لم يتغير منها شئ. وإن سَقَطَ حُكم العسكر السياسيّ ، بتنحية أولئك الذين كانت لهم أطماع سياسية، لكن دولة العسكر أمرٌ آخر. فالجيش لا يزال دولة داخل الدولة، وميزانيته ومزاياه ومخصصاته المادية كما هي، بعيدة عن يدٍ الرئاسة، والدليل على ذلك ما أعلنَه الجيش من تبرّعه بمليار جنيه لتعمير سيناء! ووالله إن ذلك الإعلان فضيحة لا يتجاوزها نظام حكم إلا في مصر. إذ كيف للجيش أن يؤمن هذه الأموال من ميزانية يُفتَرض أنها في يد البرلمان، ويفترض أنها تسدّ حاجات الجيش العسكرية، ولا مَحل فيها للتبرعات!؟ إن دولة الجيش لم تسقط بعد، بل ولم تدخل تحت سيطرة الرئاسة بعد، إلا بقدر وجودها في الظلّ، وولاء رؤوسها لمحمد مرسى، طالما هو حافظٌ لشروط اللعبة، بأن يترك دولتهم قائمة، ويكتفي بالحكم.

والأمر الثاني، هو إنعدام الوعيّ بمعنى الحرية لدى جيل عاش كلّ عمره تحت ظل ديكتاتورية قمعية عسكرية. وأمرٌ طبيعيّ أن تكون هناك تجاوزات وتعديات، كالطفل الذي يبدأ أول خطواته، يتعثر فيها ويوقعُ بنفسه الأذى، حتى يحكمها ويمشى سوياً دون اضطراب.

لكنّ نقص هذا الوعي، لا يصل إلى الحدّ الذي نراه في التعامل مع محمد مرسى، والذي يتخَطى حدود كلّ حرية رأيناها حتى في الغرب، إذ لا يمكن لأحدٍ في الغرب "الديموقراطيّ" أن يهدد رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بالقتل أو بالسجن، وبالثبور وعظائم الأمور. هذا أمرٌ غير وارد على الإطلاق. ونحن نعيش في الغرب منذ ثلاثين سنة لم نرَ هذا الفجور في النقد والتعدى في المعارضة.

نحن نعارض محمد مرسى، بل ونقف على نقيض موقفه في أهم القضايا التي تعنى المسلم في بلادنا، وهي قضية حق التشريع، وموضع النظام الديموقراطيّ الغربيّ في المنظومة الإسلامية، والتصور الإسلاميّ. لكن هذه المعارضة لا تستخدم السبّ والقذف واللعن والتهديد بالقتل كوسائل لها. بل هي مُعارضة تنزع إلى البيان والإعلان، ثم حشد الهِمم وتجميع الناس على نظرٍ واحدٍ، ثم نرَ ما يكون من هؤلاء الإخوان، فإما الرجوع إلى شرع الله سبحانه، وإعلانه مُشرّعاً وحيداً ومطلقاً، وإما المفاصلة والثورة والخروج على السلطة التي تصبح بخروجها عن حكم الله "غير شرعية"، حين يحين حينها، إذ مفهوم السلطة الشرعية، في نظر المسلمين، ليست تلك التي اكتسبت حق وجودها من الشعب باسم الشعب، بل التي اكتسبت حق وجودها من إتّباعها شَرع الله وحكمها به في الشعب، والفارق بين المَوقفين هو الفارق بين الإسلام والكفر.

ولا يقولنّ أحد المغرورين إنّ عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد قَبِلَ تهديد من قال له "لقومناك بسيوفنا"، فإنه أولا أثرٌ فيه كلام، ثم إنه يفترض أنّ إعوجاجاً حدث في الحاكم، فهو يهدد بتقويمه "إن إعوج"، لا أنه يَسبه ويَلعنه بلا دليل وقبل أن يبدأ حكمه.

إن التحقير والسَّب والمُعارضة السافلة من بعض "الإعلاميين والإعلاميات، والفنانين والفنانات" من العلمانيين والعلمانيات، والكافرين والكافرات، إن هي إلا محاولة لتجريح الإسلام، لا الإخوان. فإن محمد مرسى، ويتبعه الإخوان، يمثل الإسلام وشَرعه، سواءً رضينا أو كَرهنا، والهجوم عليه هو في حقيقته هجوم على الإسلام، سواءً كان حقاً أو باطلاً. فما نريده من مرسى هو الإسلام الصافي، وما يريده هؤلاء من مرسى إسقاط الإسلام كلية.

وما نرى هذا الإجتراء إلا من ضَعف الرئاسة وهوان حَقّها عليها، وخوفها من الباطل واستضعافها بالحقّ وللحق. فمحمد مرسى هو المسؤول الأول عمّا يجرى له، إذ إن الحرية هي حرية الكلمة والتعبير، ثم البيان والتدليل، ثم نشر الدعوة وحرية القول فيها، ثم بعدها تأتي المفاصلة، إن أصَرّ الولاة على تحكيم الكفر وإخضاع البلاد لقوانين العباد. هذا هو الفرق بين المعرضة البنّاءة السويّة والمعارضة المغرضة الشريرة، بين النقد الذي يقصد إلى الإصلاح، والنقد الذي يقصد إلى التخريب.

ولعله لا يخرج علينا رويبضاتٌ يقولون "هاهو الشيخ طارق يدافع عن محمد مرسى، الكافر الزنديق...الخ الخ"، ونقول لهؤلاء، والله إن أمثال من يقول هذا ليس أهلاً للرد والمدافعة، ونحن لا ندافع عن محمد مرسى، بل نحن نكاد نكون على طرف نقيض منه في تصوراته العَقدية وكثير من تصرفاته الواقعية، إنما هو حسن التصرف، والإنطلاق في النقد والنقض على أسس صحيحة، وليس مَنْ أصاب الحق دون أن يقصده، كمن قصد الحق فأخطأه.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الثورة المصرية، محمد مرسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-08-2012   www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  دراسة مقارنة للحركة الجهادية والانقلاب بين مصر والشام والجزائر
  لماذا خسر المسلمون العالم؟
  6 أكتوبر .. وما بعده!
  دين السلمية .. وشروط النصر
  اللهم قد بَلَغَت القلوب الحناجر ..!
  أشعلوها حرباً ضد الكفر المصريّ.. أو موتوا بلا جدوى
  يا شباب مصر .. حان وقت العمليات الجهادية
  يا مسلمي مصر .. احذروا مكر حسان
  العقلية الإسلامية .. وما بعد المرحلة الحالية!
  الجمعة الفاصلة .. فليفرَح شُهداء الغد..
  "ومكروا ومكر الله.." في جمعة النصر
  ثورةُ إسلامٍ .. لا ثورة إخوان!
  بل الدم الدم والهدم الهدم ..
  جاء يوم الحرب والجهاد .. فحيهلا..
  الإنقلاب العسكريّ .. ذوقوا ما جنت أيديكم!
  حتى إذا جاؤوها .. فُتِحَتْ لهم أبوابُ أحزَابها!
  سبّ الرسول صلى الله علي وسلم .. كلّ إناءٍ بما فيه ينضح
  كلمة في التعدّد .. أملُ الرجال وألم النساء
  ظاهرة القَلق .. في الوّعيّ الإنسانيّ
  نقد محمد مرسى .. بين الإسلامية والعلمانية
  مراحل النّضج في الشَخصية العلمية الدعوية
  الإسلاميون .. وقرارات محمد مرسى
  قضيتنا .. ببساطة!
  وماذا عن حازم أبو اسماعيل؟
  من قلب المعركة .. في مواجهة الطاغوت
  بين الرّاية الإسلامية .. والرّاية العُمِّيّة
  أنقذونا من سعد الكتاتني ..! مُشكلتنا مع البَرلمان المصريّ .. وأغلبيته!
  البرلمان.. والبرلمانية المتخاذلة
  المُرشد والمُشير .. والسقوط في التحرير مجلس العسكر ومكتب الإرشاد .. يد واحدة
  الشرع أو الشيخ .. اختاروا يا شباب الأمة!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- جابر قميحة، علي عبد العال، عواطف منصور، د- هاني ابوالفتوح، عبد الله زيدان، خالد الجاف ، د - شاكر الحوكي ، أنس الشابي، محمد الطرابلسي، محمد شمام ، المولدي الفرجاني، كريم السليتي، سعود السبعاني، صالح النعامي ، د - المنجي الكعبي، العادل السمعلي، سيد السباعي، د - صالح المازقي، سلام الشماع، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد الحباسي، خبَّاب بن مروان الحمد، سليمان أحمد أبو ستة، سفيان عبد الكافي، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن الطرابلسي، ماهر عدنان قنديل، نادية سعد، صفاء العربي، الهادي المثلوثي، صفاء العراقي، يحيي البوليني، فتحي العابد، أحمد ملحم، د. طارق عبد الحليم، مراد قميزة، د. أحمد محمد سليمان، فهمي شراب، منجي باكير، المولدي اليوسفي، د. عبد الآله المالكي، حميدة الطيلوش، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الياسين، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، طلال قسومي، علي الكاش، عمر غازي، يزيد بن الحسين، جاسم الرصيف، إسراء أبو رمان، محمد علي العقربي، إيمى الأشقر، د - الضاوي خوالدية، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. خالد الطراولي ، فوزي مسعود ، د- محمود علي عريقات، عبد العزيز كحيل، عمار غيلوفي، د- محمد رحال، سامر أبو رمان ، د. أحمد بشير، صلاح المختار، ضحى عبد الرحمن، محمود طرشوبي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، د - محمد بنيعيش، صلاح الحريري، عبد الرزاق قيراط ، فتحـي قاره بيبـان، حاتم الصولي، رافد العزاوي، كريم فارق، الهيثم زعفان، طارق خفاجي، سامح لطف الله، مصطفى منيغ، صباح الموسوي ، د - مصطفى فهمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد العيادي، إياد محمود حسين ، عبد الغني مزوز، د. كاظم عبد الحسين عباس ، تونسي، ياسين أحمد، محمد أحمد عزوز، رافع القارصي، رحاب اسعد بيوض التميمي، رضا الدبّابي، رشيد السيد أحمد، عزيز العرباوي، أحمد بوادي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بن موسى الشريف ، حسن عثمان، مصطفي زهران، رمضان حينوني، سلوى المغربي، أ.د. مصطفى رجب، د. صلاح عودة الله ، عراق المطيري، مجدى داود، بيلسان قيصر، فتحي الزغل، محرر "بوابتي"، محمود سلطان، عبد الله الفقير، د - عادل رضا، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، وائل بنجدو، محمد عمر غرس الله، أبو سمية، أحمد النعيمي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة