المُرشد والمُشير .. والسقوط في التحرير
مجلس العسكر ومكتب الإرشاد .. يد واحدة
د. طارق عبد الحليم المشاهدات: 6181
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
المرشد والمشير، "محمد بديع طنطاوى" هما وجهان لعملة واحدة .. كلاهما متعطش للسلطة، وكلاهُما ديكتاتور في مذهبه، وكلاهما منحرفٌ في دينه، بين كفر وبدعة مغلظة، وكلاهما يسيطر على مؤسسة، غالبها ممن لا يستمع إلا إلى قول من يرأسه، من باب "من إعترض انطرد"، وكلا المؤسستين عسكرية في طبيعتها، تدار بأسلوب العسكرية العَنجهية، التي تملى ولا تسمع، وتفرض ولا تحاورن وكأنما هما من جنسٍ آخر غير جنس البشر، وهما من غير جِنس البَشر فعلاً.
لقد اجتمع في الرجلين كل ما هو مقززٌ ومهين، للرجولة وللإسلام وللوطنية. تشعر بهذا بمُجرد أن تنظُر إلى وجه أحدهما، وأحدهمت يغنى عن الآخر. كلاهما يؤيد أن يستعبد الشعب لتحقيق أغراضه، وتقوية مؤسسته. صَالح الشعب ليس له محلٌ في حساباتهما، بل صالح المؤسسة التي يرأسها.
مرشدُ الجيش، محمد طنطاوى يعيش في ظل الآلة العسكرية المصرية، التي لم يعد لها قدرة في الحرب الحقيقية، بل اقتصر دورها على أن تكون حرساً جمهورياً أقسى وأعتى، ليصبح عدد الموانع التي تقف بين الشَعب وبين تحقيق أهدافه طبقة رابعة، بعد الشرطة، ثم الأمن المركزيّ، ثم الحرس الجمهوري، ثم الجيش. والطَنطاوى رجلٌ لا دين له إلا ماله ومتاعه، رغم أنه بلغ من الكبر عتيا، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من الموت، ثم بعدها إلى مصير أمثاله من المجرمين الكافرين بشرع الله.
ومشير الإخوان، محمد بديع، يعيش في ظل جَماعة تنأى بنفسها عن الشعب، وتعتبر أن الإنتماء اليها دينٌ في حدّ ذاته، وان أعضاءها، وإن كانوا من الخونة المنحلين، أولى بغيرهم بالنصرة والدعم، ولا ؤهم يُعقد على أساس الجماعة لا على أساس الإسلام. خَدعوا الشعب طويلاً، بما ظنه الناس ديناً، رغم تحذير الكثير من ألاعيبهم وخيبتهم وإنحراف عقيدتهم الموغلة في الإرجاء والصوفية والأشعرية وما شئت من بدع. وبديع رجلٌ لا ولاء له، على بدعته، إلا للوصول إلى الحكم. وما كانت خلافات جماعته مع مبارك على تطبيق الشريعة في يومٍ من الأيام، إنما كانت على عدد مراسي البرلمان التي يُسمح لهم بشغلها. الشريعة هي أمرٌ يتلاعب به عؤلاء الليبراليون المتأسلمون، ليزحفوا بها على عقول الناس ومشاعرهم، ثم إذا بهم ينكثون بوعودهم، ويتبنون تكتيكاتٍ تتباطؤ بإسترداد الشعب حقه، وتتواطؤ مع قتلته. فالمماثلة بين الرجلين جِدّ مذهلة في الجملة والتفصيل، في هذه الآونة على أقل تقدير.
والعجب أن هناك من يقول عنا نسبتا للإخوان "فنسب إليهم الإعراض عن الحكم بالشريعة وأن الحكم بالشريعة مسألة شخصية لكل إنسان ، وكأن الدكتور نسى الى ماذا تدعوا هذه الجماعة من ثمانين عاما ، وجعل الدكتور سقطات الألسنة أو الكلمات العامة (المحتمله للمعانى الكثيرة) التى يجمعها أدعياء السلفية والجامية للأخوان منهجا له يبنى عليه حكما خطيرا بالتبديع للجماعة" كما قال أحد من منتسبيهم في موقع اسمه "صوت الأمة".
أولاً، فإن بدعَة الإخوان بدعة عقدية أساساً، تتمثل في الإرجاء العقديّ المبنيّ على أن التصديق هو الإيمان، بل وتجاوزوا إلى أنّ الحاكم بغير ما أنزل الله مُسلم عاصٍ، وأن التشريع بغير ما أنزل الله معصية، وهذا كلُّه مدون في كتابهم الشهير "دعاة لا قضاة"، ثم تجاوزوا إلى أن هذه الأحكام إلزام خلقيّ لا دخل لولي الأمر فيه!، كما ذكر عريانهم. فأمر البدعة لا علاقة له بالأحداث الأخيرة مباشرة، إلا قدر ما زادوا به الطين بلة.
أما عما يقول صاحب هذا الإعتراض، من أننى أتتبع "سقطات الألسنة أو الكلمات العامة (المحتمله للمعانى الكثيرة)"، فهذا والله هراء ما بعده هراء، وتعصب لهذه الجماعة البدعية على غير أساس من شرع الله ورسوله، إلا الهوى المريض. حين يُصدر أحد كبار مسؤولي الجماعة تصريحاً، كمشيرهم، أو نائبه أو رئيس حزبهم، في كلماتٍ واضحاتٍ بيناتٍ، كأنهم لن ينتخبوا رئيساً ذى مرجعية إسلامية، أو أنّه لا فرق بين العقيدة الإسلامية والقبطية (والتي حاول مرسى إيصاحها فزادها بلة!)، وأنّ الشريعة إلزام أخلاقي لا يفرضه حاكمٌ كما قال عريانهم، فإننى أتعامل معها على أنها تصريحاتٌ صادرةٌ من عقلاء مسؤولون عما يقولون، لا من أغرارٍ صغارٍ، يحتاجون أنّ يفسر لهم أتباعهم ما يقولون، ويبنوا عنهم ما يقصدون! وإن كان الأمر كما يفسر لهم أتباعهم، فلماذا لم يخرجوا على الناس ببيان الحقّ فيه؟ هذا والله هو عين التعصب والهوى والجهل، وهؤلاء الثلاثة هم حالقى الدين، وموجدى البدعة.
اللقاء الذي رأيناه في الآونة الأخيرة بين مصالح الإخوان، كموسسة لها طموحاتها البعيدة عن الشعب، والتي لا تقترب من الشعب إلا قدر ما يحقق لها هذه المصالح، وبين الجيش وقياداته، كمؤسسة قائمة على الحكم منذ ستين عاماً، ومسيطرة على 40% من مقدرات الأمة، وصاحبة السطوة العسكرية التي تتحكم بقوة السلاح، والتي من صالحها أن تطوى تحت جناحها القوى الشعبية، بأي وسيلة كانت، هذا اللقاء في المصالح أصبح من الوضوح بحيث لا ينكره إلا منتسب لهم، أغرقه التعصب في ظلمات العمى والغيّ.
الشعب يريد القبض على "محمد بديع طنطاوى" المرشد المشير!!
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: