الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا شباب الإسلام، لم يعد هناك كثير وقت للحيرة والتردد، بل حان وقت العمل والحَركة. لم يعد ما يقال هو المعتبر، بل ما يُفعل هو المؤثر.
هناك ثلاثة معسكرات، ترسم كلها صورة للشرع، يريدكم أصحابها أن تعوّلوا عليها وتأخذوا بها.
• معسكرٌ يقوده مشايخ السلفية التقليديين، وهم قد تخلفوا عن الإنتفاضة السابقة، بحجة أنّها خروج على وليّ الأمر (الذي يعتبر كافراً حسب ما كانوا يقولون نظرياً، لرفضه تحكيم شرع الله)، ثم إذا هم يباركون العمل السياسيّ، ويسارعون فيه، ويغيرون جلدهم ولسانهم، فيلبسون غير الملبس ويتحدثون غير الحديث، رغم أنّ النظام قد ظهر أنه لم يسقط، كما أحببنا له أن يسقط، ورغم أن العسكر قد قالوا صرحوا بأن دولة العلمانية باقية، لا سبيل إلى تبديلها، إذ لن يسمحوا بهذا! لكن هؤلاء جاؤا بكل المتناقضات، في أقوالهم وأفعالهم، وظهر أن إتباعهم للسُّنة لم يتجاوز الهدي الظاهر، فزعموا أنهم لا يزالون متمسكين بأن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر، ثم إنّ العسكر، الذين يدعون للحكم بغير ما أنزل الله، مسلمون موحدون، بل وإنهم بصفتهم الحكام، قد وجبت طاعتهم ... بل ويحلّ لهم قتل مخالفيهم (المنافق أحمد فريد)، وأنه لا بد أن نتعاون مع أمن الدولة للقضاء على المعارضة (المنافق محمد حسان)، وسبحان مثبّت العقول ومقلّب القلوب.
• ومعسكرٌ يقوده الإخوان من أصحاب البرلمان، فهؤلاء قد تخلفوا كذلك عن الإنتفاضة، وخرجوا اليها بعد أنْ تيقن لهم أنها ستؤدى إلى تغيير في بهض الموازين، وإنما خرج بعض شبابهم مبكراً لنصرة المتظاهرين قبل أن تسمح الجماعة بهذا رسمياً. ثم، إن هؤلاء يرون أن الحاكم بغير ما أنزل الله عاصٍ، وهو ما كان عليه مبارك، طاغية عاصٍ، لكن يمكن التعامل معه والحركة من خلال تنظيماته، إذ هو وأولياؤه لا يزالون مسلمين. وهو الحكم الذي استصحبوه في العسكر. وركزوا على حصد مقاعد البرلمان، وهم يعرفون تماما أن العسكر مُتربصٌ بهذه العملية السياسية، قد وضع لها حدّا لا تتخطاه، بل وأقام مجلساً موازياً يشرع له ما يراه ملائما لأعراضه في الإستيلاء على السلطة حقيقة، بتشريع قوانين تضعه فوق الدولة والدستور والبرلمان. وقد صرح أولياء هذا المعسكر بأن الشرع بالنسبة لهم ثانويّ في التطبيق، وأنهم راضون بوسائل العلمانية، مشاركون في وسائلها، ليتم رفع الفقر والجهل والمرض عن الشعب (وكأن أحكام الشرع لا تفعل ذلك)، وأن أحكام الشرع توجيهية للفرد، لا إلزامية للجماعة. بهذا، وبأشد منه نفاقاً وتلوّناً في دين الله، صرح قادة هذا المعسكر، حتى بلغ بهم الضلال ببعضهم إلى التسوية بين عقيدة المسلمين وعقيدة القبط من أصحاب التثليث! هذا دينهم وهذه عقيدتهم، عليها سيقابلون ربهم، وسبحان لله العظيم.
• ومعسكر ثالث، ظل أولياؤه يدعون في العقود الستة الأخيرة، إلى أن لا حكم إلا لله، قولاً وعملاً، تصريحاً وتلميحاً، فرداً وجماعة. وهؤلاء قد شاركوا في الإنتفاضة منذ اللحظة الأولى، واستمروا على تحذيراتهم من خيانة العسكر، وحيلهم، واعتبروا مبارك وعصابته مارقين من دين الله صادّين عن سبيله، وكذلك مجلس عسكره من بعده، وأن النظام لم يسقط، بل لم تتبدل فيه شعرة، وأن الشَرعية المَدنية لا يمكن أن تتوازى مع حُكم العَسكر بشكلٍ من الأشكال. كما رأوا أنّ لا مقايضة على دولة لا إله إلا الله، فهي المراد واليها المسعى، لنيل رضا الله، ونصره، وبركاته في السماء والأرض، وأن التغيير الوحيد على الساحة المصرية كان تغييراً في الشكل لا في الموضوع، وذلك بتعديل نسب المشاركات البرلمانية، لا غير. وقد عرف أبناء هذا المعسكر ما يريده العسطر بأبناء هذه الأمة، ووقفوا ضد ممارساته الغاشمة في قتل وسحل الناس في الشوارع، وشاركوا في كافة التظاهرات والإحتجاجات التي مرت بها مصر في الشهور الماضية، كاشفين خداع العسكر، وتلون السلفيين ونفاق الإخوان.
ويظهر لكلِّ ذي عقل وضميرٍ وبصيرة ودين، أن المعسكرين الأوّلين، هما ظلٌّ تابعٌ لما يسمح به العسكر، يرضون بالفتات الظاهر الذي يلقونه اليهم، طالما أنّ مشايخهم وقادتهم لا تمس مصالحهم، أيا كانت هذه المصالح، ولكن المبدأ العام هو أنهما تابعين لهؤلاء المشايخ والقادة، لا لشرع الله وحكمه ومنهجه. هذا قَدْرٌ لا يمكن الشّك فيه، إلا لمن فقد بوصلة الإيمان كلية، وفقد معها القدرة على النظر الدقيق وتمحيص المواقف، وهو عقابٌ من الله سبحانه لمن رضى بالدنية في دينه، وانحرفت بوصلة إيمانه.
إن لكل معسكر مشايخه وقادته، يدعون إلى منهجهم ورؤيتهم، وإنّ الإختيار ليس صعباً، وليس تعجيزياً، بل هو واضحٌ صريحٌ، لا غبش فيه، كما كان دائما، إما المشايخ والقادة ممن ثبت إنحراف بوصلتهم، وإما المشايخ والقادة ممن لم يبدلوا ولم يغيروا، بل ثبتوا وصَمدوا ووافق قولهم عملهم، ووافق منهجهم منهج السُّنة المطهرة طاهراً وباطناً.
فتخيروا يا شباب الإسلام، بين شرع الله وبين مشايخ الفتنة وقادة الذلة، فوالله لم يعد هناك وقت للتردد، ولإن تجاوز الأمر 25 يناير، فعلى الثورة الرحمة، ولأهلها الصبر والسلوان.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: