الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى لا نتوه في خضم تلك التطورات اليومية التي صارت تَعجّ بها الساحة السياسية المصرية، وجعلتها تبدو وكأنها حَلبة صراع قانونيّ سقيمٍ بارد، بين مَجلسٍ يُقال، ومجلس يَعود، وقرار يَصدُر وقرار يُرَدّ، ورئيس يُمَجّد ورئيس يُسَبّ! فإننا نعود مرة أخرى لبيان قضيتنا، التي نحيا ونموت من أجلها، بكل بساطة.
قضيتنا هي قضية دين، تقوم عليه دنيا. قضيتنا هي قضية أرض سَادها هذا الدين قروناً، ثم خانه أهلها فسَمحوا بضياعه والحيدة عنه، ففقدوا حريتهم وكرامتهم وثروتهم وهويتهم.
قضيتنا هي توحيد الله الذي تعبّدنا به، وألزمنا بنشره وبيانه، والسعي لإقامته، وكتب علينا الجهاد في سبيله، والموت دونه.
قضيتنا هي هذه الطُغمة البَائرة الكَافرة، التي تَستخفي بكُفرها وراء اسم العِلمانية تارة، والليبرالية تارة، وتستهين بدين الأمة علناً، فتنحيه بالتواطئ مع منافقى الأمة من المُتأخونين، والمُتأزهرين، ومع استسلام المُتسلّفين.
قضيتنا هي الذلة والمهانة وبذل الكرامة والرضى بالدون والعيش في الهون، الذي فَرضته علينا من تسمى أنفسها بالقوى الإسلامية، فرضت بأن تستَحمِرها تلك المحاكم المُرتشية الملعونة، ثم إذا هي تُعلن أنها تَرضى بحُكم القضاء وتحترمه! لا والله بل هذه المؤسسة الرئاسيّة إن هي إلا خَرْجُ العار والإنبطاح الإخواني المعهود.
قضيتنا هي تلك المنظومة الكفرية التي تبدأ من العسكر الغاصب، إلى القضاء العميل المرتشى، إلى الإعلام العلمانيّ الفاسق، إلى المجالس واللجان الملحدة القائمة على وضع دستور مصر، إلى موسسة الأزهر الكهنوتية الصوفية، التي يقوم عليها ملاحدة يؤمنون بوحدة الوجود، اسمها الأزهر، إلى الأحزاب التى رضيت بأن تعمل داخل هذه المنظومة تفادياً للصدام، جبناً وهلعاً، وكراهةً في الموت، وحباً في الدنيا. كفرٌ في نفاقٍ في ردةٍ، لا يعلم أولها من آخرها إلا الله سبحانه.
قضيتنا هي أننا نعيش في ظلّ هذا الفسوق العارم عن دين الله، الذي لا يضاهيه إلا فسوق إبليس، نرى بأعيننا التزييف والتحريف والإستبدال، والتأويل والزندقة، كلّ يوم، كل ساعة، نرى آيات الله يُستهان بها، وتنحى عن الحياة، ولا نستطيع أن نرفع بالحق رأساً، وإلا رمينا بالخروج، وبالتكفير، وبعدم الوطنية، وبمعاداة الديمقراطية، وبالتخلف، والطائفية، وكلّ بلاءٍ في الأرض، ليس لشئ إلا أن نقول ربُنا الله، هو الذى خلق وهو الذي أمر، لا أمر إلا أمره ولا طاعة إلا له.
قضيتنا هي تلك المؤسسة الكهنوتية التي أوكلوا اليها تفسير دين الله، يجلس على رأسها صوفيّ ملحد في دين الله، عميل مرتشٍ، كبير فقهاء السلطان، لا ذمة له ولا ضمير، يسانده مفتٍ أكفر منه ديناً وأسوأ أخلاقاً وأسلط لساناً، وأجرأ على دين الله من الصليبيين والصهاينة. يوكلون تفسير دين الله لهؤلاء البشر الناقصين، ليسمحوا للعلمانية والليبرالية والتحرر المطلق الفاسق أن يسود البلاد.
قضيتنا هي تلك السلطة الفاجرة التي هي القضاء، والمؤسسة الكفرية التي يسمونها المحكمة الدستورية، والتي هى بؤرة الكفر والفساد في مصر، وأداة العسكر في تخريب البلاد، وهي المؤسسة التي تكرس الكفر الدستوريّ وتتلاعب بالقوانين الوضعية في وقتٍ واحد. ولا حلّ إلا بإزاحتها من مكانها الي تتوارى فيه خلف ذلك البرود الزائف والحديث العفن عن هيبة القضاء، وكأن هيبة القضاء أعلى من هيبة كتاب الله، لعنة الله عليهم من مرتدين.
قضيتنا هي تلك الآلة الإعلامية الشركية المجرمة التي تعمل ليل نهار لتزييف الحقائق، وترويج الأكاذيب، جهاراً نهاراً، فتسحر عيون الناس وتقلب الحق باطلاً والباطل حقاً، وتعبث بعقول العامة، وتتركهم في حيرة من أمر دنياهم وأمر دينهم.
قضيتنا هي العبث الشرعيّ الذي وقعت فيه البلاد، فأصبحت مضحكة في السياسة، وقضت على كلّ أملٍ في التقدم الإقتصادي والعدل الإجتماعيّ، والرقيّ الأخلاقيّ، إذ إن كلّ هذا مرتبطٌ إرتباك السبب بالنتيجة من الحياة بالمنظومة الإلهية التي هي الكتاب والسنة. فلا يمكن تحقيق عدل حقيقيّ، أو مساواة، أو رقيّ خلقٍ، أو تقدم حضاريّ بعامة، دون هذه المنظومة المتكاملة، دون انتقاصٍ منها أو بتر في أحكامها.
قضيتنا هي ذلك الجَهل المُظلم الي طبّق أرجاء مصر، في كل مجالٍ، شرعيّ ووضعيّ، والذي تفاقم آلاف المرات في العقود الثلاثة السابقة، وفرّغ عقول الجمهور من القدرة على رؤية الحق وصحة التوجه اليه، وتركهم زائغين عن هدفهم الذي يعيشون تحت لوائه، لواء لا إله إلا الله، فإن جاعوا خرجوا، وإن حَنّوا إلى دينهم موّهوا عليهم بعبارات هي والعدم سواء، بل أقنعوهم أن كفر الديموقراطية هو الإيمان، وأن الرجوع للكتاب والسنة هو التخلف، فأكفروهم من حَيث لا يشعرون.
قضيتنا هي الدعوة إلى دين الله سبحانه الحق، والصبر عليها، وتحريرها من البدع والغلو، وحراستها من التفريط والإفراط، والسير بها بين الناس، دون كلل أو ملل، حتى يحكم الله بيننا وبين الباطل بالحق. فإن هؤلاء البشر المخدوعين هم أهلنا وأصحابنا، ونحن متعبدون بهذه الدعوة ما تردد في صدورنا نفسٌ.
هذه هي قضيتنا .. بكل بساطة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: