- من مأثورات الخليفة الخامس الراشد : عمر بن عبد العزيز رحمه الله
- قيمة الدعاء والتضرع إلى الله ،
- عيد الفطر المبارك ،
- حال المؤمن في العيد يستمطر رحمات الله تعالى ،
- سعة رحمة الله تعالى ،
- قواعد قرانية ،
- تعلم كيف تظهر الافتقار إلى الله في الدعاء وتتذلل إليه سبحانه ،
***********
الحمد لله رب العالمين الحي القيوم ، الباقي وغيره لا يبقى ولا يدوم ، رفع السماء بلا عمد نراها وزينها بالنجوم ، وامسك الأرض بجبال راسيات في الختوم ، وصور بقدرته هذهِ الأبدان والجسوم ، ثم أماتها ومحا الصور والرسوم ، ثم ينفخ في الصور فإذا الميت من الأجداث يحيى ويقوم ، ففريقٌ إلى دار النعيم ، وفريقٌ إلى نار السموم ..........
الحمد لله القوي المتين ، القاهر الظاهر الملك الحق المبين ، لا يخفى على سمعه خفُّي الأنين ، ولا يغرب عن بصره حركات الجنين ، ذل لكبريائه جبابرة السلاطين ، وقضى القضاء بحكمته وهو احكم الحاكمين ، احمده حمد الشاكرين ، وأساله معونة الصابرين ، واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له في الأولين والآخرين ، واشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على العالمين ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ،
أما بعد :
لقد كان سلفنا الصالح على صلة قوية بالله تعالى ، يأوون إلى ركن شديد ، يفرون منه إليه ، ويلجأوون إليه في كل حال ومقام ، يعلمون يقينا سعة رحمته جل جلاله ، وأن الأمر كله بيده وحده سبحانه ، فكانوا يكثرون من ذكره ، والتضرع إليه ، والاعتصام به ، واللجوء إليه في كل نازلة ، علموا أن الغفلة أعدى أعداء المؤمن فتحرروا منها ، وربطوا قلوبهم بالمدد الإلهي الذي لا ينفد ، عرفوا حقيقة الدنيا وأنها دار الغرور ، فلم يسمحوا لها أن تتملك قلوبهم ، وتتربع على سويدائها ، وأيقنوا بخطورة الأهواء فلم يتركوا لأنفسهم العنان في اتباعها ، وعرفوا الشيطان وعداوته لجنس الإنسان فخالفوه ولم يتبعوا خطواته واستعانوا عليه بالرحيم الرحمن ، وانتبهوا إلى أن النفس الإنسانية أمارة بالسوء إلا من رحم الله فأقبلوا على تزكيتها ، وكبح جماحها بتقوى الله تعالى ومراقبته وتقواه ، فإين نحن من ذلك كله ،
وعن واقع المسلمين اليوم يقول الشيخ " محمد حسونة " (1) : " نظرت آسفاً كسيفاً كما نظر مثلي إلى حال بعض المسلمين ، فوجدت منهم الساهين السادرين ، ومنهم الغافلين الغارقين ، ومنهم الخاطئين الخاطلين ، وقلّبت طرفي إلى جانب آخر، فهالني وكاد يصم آذاني : صرخاتُ حيارى شبهَ سكارى عن السبيل : أين السبيل ؟! رفعوا عقيرتهم قائلين : محال أن يكون هذا الدين؟!!! : جهل وتناقض!! قـذف وتكفـير!! تقتيل وتدمير !!
وفي الناحية الأخرى ، رأيت ناشطين ، عن ساعد الجد مشمرين ، غير أنهم – وآسفاه - عزين !!! بين السبل ساعين وبعضهم لجهلهم راكضين ، نهجها قاصدين ، وحول شرعها طائفين ، عنه يصدرون ، وعن شياطينها يتلقون ويتلقفون ، ونظرت فبصرت عاطلين عن الإدراك ، معطلين للصفات ذاتِ الكمالات ، يستجدون الناس تصديق أقوالِهم! يتوسلون رضا قبولِها! والناس عنهم ما بين معرض ومشفق ، وناصح ورافض ، بل وزاجر ، وهم والحالة هذه ما بين صارخ وناطح ، مساكين حيارى !!بين عز الطاعة خزايا !وعن الحق عمايا ! وعن شرف العبودية عرايا ، ولم تسكن رحمتي، وتهدأُ رياحُ رأفتي، وينقطع عنهم ديمُ لطفي؛ إذ هالني وزلزل جوانبَ جوارحي ما رأيتُ .. ويا سوأة ما رأيت : رأيت مخابيل المتعلمين ، مخانيث المتعالمين ، عبدةَ عقولهم ، عنها يصدرون ، ومنها دون غيرها يقبلون ، رأيتهم لوساوسها معظمين، ولشرعتها خاضعين! ولطرائقها الحائرة الجائرة سالكين مؤمنين، بل حامدين ، رأيتهم ساجدين لها من دون الله تعالى!!! قانتين لرجسها، مقدسين لنجسها، مسلمين لخبلها، موقنين بخبرها - لا بل بخطلها .
لو رأيتَهم وهي تهيم بهم في ظلمات الظلم والتيه ، بين أودية الردى ومهاوي الهوى وهم خلفها يلهثون ويزبدون ، لرحمتهم ، ولو سمعتهم .. وهم ينعقون بأعجميتها، ويطنتنون برطانتها ، وينتصرون لهمجيتها، لبغضتهم لجرأتهم .
وحمدت الله تعالى على الصيانة، والتمتع بسلوك سبيل المؤمنين الذي فيه سلامة العقول واستقامة الديانة ، وهم والحالة هذه معرضين عن الهدى والنور معارضين، وعن الحق الأبلج الأنور مجانبين، مخمورين في ظلمات معاقل هواهم، مترنحين منكبين في معشوق عقولهم، يتردون تارةً، ويترددون تارة أخرى ، .. فكم زرفت المقل عليهم رحمة ، واضطربت الأفئدة عليهم رأفة .." ،
- وليستيقظ النائم ، وينتبه الغافل ، ويعود الشارد ، نسوق هذا النموذج الفذ الذي يجسد لنا ما كان عليه سلفنا الصالح من صلة وثيقة بالله تعالى ، يستمطرون رحماته ، ويرجون كريم عطائه ، وعظيم فضله ،
فلقد دخل عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – المصلى يوم عيد الفطر فدعا ربه وابتهل اليه ، يستمطر رحماته في هذا اليوم المبارك فقال : اللهم اني اسألك أن تشملني برحمتك ، فإنك قلت وقولك الحق : { إن رحمة الله قريب من المحسنين } ، فإن لم أكن من المحسنين ، فأنا من الصائمين ، وأنت قلت وقولك الحق : { ..........والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما } فاللهم مغفرتك وأجرك الذي وعدت ، فإن لم أكن من الصائمين فأنا من المؤمنين ، وأنت قلت وقولك الحق : { وكان بالمؤمنين رحيما } ، فاللهم ارحمني ، فإن لم أكن من المؤمنين ، فأنا شيء ، وأنت قلت وقولك الحق : { ورحمتي وسعت كل شيء } ، فاللهم ارحمني ، وإن لم أكن من المؤمنين حقا فأنت القائل وقولك الحق : { وربك الغفور ذو الرحمة } ، فاللهم اغفر لي وارحمني ، فإن لم أكن مستحقا لشيء من ذلك فأنا صاحب مصيبة إذ حرمت رحمتك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وأنت القائل وقولك الحق : { وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }، فاللهم ارحمني برحمتك الواسعة يا اهلي ،
وهكذا عرف عمر رحمه الله قيمة الدعاء وفضله باعتباره سلاح المؤمن البتار ، وعرف آدابه ، وعرف جلال يوم عيد الفطر ، ولحظة دخول المصلى لأداء صلاة العيد ، فأظهر الخضوع والتذلل لله تعالى يسأله من فضله في تلك اللحظات المباركة ، ويعلمنا كيف ينبغي أن يكون الدعاء ، قائما على أسسه المتينة من المحبة لله تعالى ، والخوف من عقابه ، والرجاء في ثوابه وعطائه وفضله ،
- ولقد تضمن هذا الموقف العمري ثلة من القواعد والقوانين القرآنية السارية التي لا تتغير ولا تتخلف حول رحمة الله تعالى بعباده :
القانون الأول :
إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ :
وجاء هذا القانون في قول الله تعالى :
- {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }( الأعراف : 56 ) ، حيث تضمنت الآية : نهيا ، وأمرا ، وخبرا :
- أما النهي فعن الإفساد في الأرض بمختلف صور الإفساد وأنواعه ( العقدي ، والثقافي ، والفكري ، والإعلامي ، والاقتصادي والمالي ، والإداري والتنظيمي ، والبيئي ، والاجتماعي ، والسياسي ، والعسكري .......إلخ ) : وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ،
- (ولا تفسدوا في الأرض) بالشرك والمعاصي والمخالفات والآثام ، وقيل : بأيِّ نوع من أنواع الفساد ،
- (بعد إصلاحها) ببعث الرسل - عليهم السلام – وإنزال الكتب ، وعُمْرانها بطاعة الله ، واتباع منهجه ،
- وأما الأمر فبالدعاء والتضرع لله تعالى في كل وقت وعلى أي حال فالدعاء هو العبادة : {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً }:
مفهوم الاحسان – الجزاء من جنس العمل -
- (وادعوه ) أي وادعوه – سبحانه وتعالى - مخلصين له الدعاء ،
- (خوفا) من عقابه ، أي حال كونكم خائفين من عقابه وعذابه ،
- (وطمعا) في رحمته ورجاء ثوابه سبحانه ،
- وأما الخبر فهو عن قرب رحمة الله تعالى من عباده المحسنين : {إن رحمة الله قريب من المحسنين} أي المطيعين ،
وجاء في تفسير الجلالين : " وتذكير " قريب " المخبر به عن رحمة الله ، لإضافتها إلى الله "،
- قال ابن القيم رحمه الله (2) : " ولما كان قوله تعالى : {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً} مشتملا على جميع مقامات الإيمان والإحسان وهي الحب والخوف والرجاء ، عقبها بقوله : {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} أي إنما ينال من دعاه خوفا وطمعا فهو المحسن والرحمة قريب منه لأن مدار الإحسان على هذه الأصول الثلاثة ، الحب والخوف والرجاء ،
- قال " ابن القيم " (3) : فصل : وأما الإخبار عن الرحمة وهي مؤنثة بالتاء بقوله (قريب) وهو مذكر ففيه اثنا عشر مسلكا ، رجح منها ما يلي : "أن هذا من باب الاستغناء بأحد المذكورين عن الأخر لكونه تبعا له ومعنى من معانيه فإذا ذكر أغنى عن ذكره لأنه يفهم منه ومنه في أحد الوجوه قوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} فاستغنى عن خبر الأعناق بالخبر عن أصحابها ومنه في أحد الوجوه قوله تعال ى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} المعنى والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك فاستغنى بإعادة الضمير إلى الله إذ إرضاؤه هو إرضاء رسوله فلم يحتج أن يقول يرضوهما فعلى هذا يكون الأصل في الآية: إن الله قريب من المحسنين، وإن رحمة الله قريبة من المحسنين فاستغنى بخبر المحذوف عن خبر الموجود وسوغ ذلك ظهور المعنى وهذا المسلك مسلك حسن إذا كسي تعبيرا أحسن من هذا وهو مسلك لطيف المنزع دقيق على الأفهام وهو من أسرار القرآن والذي ينبغي أن يعبر عنه به أن الرحمة صفة من صفات الرب تبارك وتعالى والصفة قائمة بالموصوف لا تفارقه لأن الصفة لا تفارق موصوفها فإذا كانت قريبة من المحسنين فالموصوف تبارك وتعالى أولى بالقرب منه بل قرب رحمته تبع لقربه هو تبارك وتعالى من المحسنين.
الله تعالى قريب من أهل الإحسان بإثابته ومن أهل سؤاله بأجابته وذكرنا شواهد ذلك وأن الإحسان يقتضي قرب الرب من عبده كما أن العبد قرب من ربه بالإحسان وأن من تقرب منه شبرا تقرب الله منه ذراعا ومن تقرب منه ذراعا تقرب منه باعا فالرب تبارك وتعالى قريب من المحسنين ورحمته قريبة منهم وقربة يستلزم قرب رحمته ففي حذف التاء ههنا تنبيه على هذه الفائدة العظيمة الجليلة وأن الله تعالى قريب من المحسنين وذلك يستلزم القربين قربة وقرب رحمته ولو قال إن رحمة الله قريبة من المحسنين لم يدل على قربه تعالى منهم لأن قربة تعالى أخص من قرب رحمته والأعم لا يستلزم الأخص بخلاف قربة فإنه لما كان أخص استلزم الأعم وهو قرب رحمته فلا تستهن بهذا المسلك فإن له شأنا وهو متضمن لسر بديع من أسرار الكتاب
أن الإخبار عن قرب الله تعالى من المحسنين كاف عن الإخبار عن قرب رحمته منهم
وهو المختار وهو من أليق ما قيل فيها وإن شئت قلت قربة تبارك وتعالى من المحسنين وقرب رحمته منهم متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر فإذا كانت رحمته قريبة منهم فهو أيضا قريب منهم وإذا كان المعنيان متلازمين صح إرادة كل واحد منهما فكان في بيان قربه سبحانه من المحسنين من التحريض على الإحسان واستدعائه
من النفوس وترغيبها فيه غاية حظ وأشرفه وأجله على الإطلاق وهو أفضل إعطاء أعطيه العبد وهو قربة تبارك وتعالى من عبده الذي هو غاية الأماني ونهاية الآمال وقرة العيون وحياة القلوب وسعادة العبد كلها فكان في العدول عن قريب إلى قريب من استدعاء الإحسان وترغيب النفوس فيه ما لا يتخلف بعده إلا من غلبت عليه شقاوته ولا قوة إلا بالله تعالى.
سعة رحمة الله تعالى بعباده :
رحمته وسعت كل شيء :
- قال تَعَالَى : {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }( الأعراف : 156 ) ، أي أن : رحمة الله عمَّت كل شيء في الدنيا ، فسيكتبها في الآخرة لمن ذكر ( تفسير الجلالين ) ، وقيل : ورحمتي وسعت خلقي كلَّهم, فسأكتبها للذين يخافون الله, ويخشون عقابه, فيؤدون فرائضه, ويجتنبون معاصيه, والذين هم بدلائل التوحيد وبراهينه يصدقون ( التفسير الميسر ) ،
ولقد أورد العلامة " ابن القيم " - رحمه الله – هذه الحكاية قال : " وَهَذَا مَوْضِعُ الْحِكَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ بَعْضِ الْعَارِفِينَ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ شُرُودٌ وَإِبَاقٌ مِنْ سَيِّدِهِ، فَرَأَى فِي بَعْضِ السِّكَكِ بَابًا قَدْ فُتِحَ، وَخَرَجَ مِنْهُ صَبِيٌّ يَسْتَغِيثُ وَيَبْكِي، وَأُمُّهُ خَلْفَهُ تَطْرُدُهُ، حَتَّى خَرَجَ، فَأَغْلَقَتِ الْبَابَ فِي وَجْهِهِ وَدَخَلَتْ، فَذَهَبَ الصَّبِيُّ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ وَقَفَ مُفَكِّرًا، فَلَمْ يَجِدْ لَهُ مَأْوًى غَيْرَ الْبَيْتِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْهُ، وَلَا مَنْ يُئْوِيهِ غَيْرَ وَالِدَتِهِ، فَرَجَعَ مَكْسُورَ الْقَلْبِ حَزِينًا، فَوَجَدَ الْبَابَ مُرَتَّجًا، فَتَوَسَّدَهُ وَوَضَعَ خَدَّهُ عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ وَنَامَ، فَخَرَجَتْ أُمُّهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَمْ تَمْلِكْ أَنْ رَمَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، وَالْتَزَمَتْهُ تُقَبِّلُهُ وَتَبْكِي، وَتَقُولُ: يَا وَلَدِي، أَيْنَ تَذْهَبُ عَنِّي؟ وَمَنْ يُئْوِيكَ سِوَايَ؟ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ: لَا تُخَالِفْنِي، وَلَا تَحْمِلْنِي بِمَعْصِيَتِكَ لِي عَلَى خِلَافِ مَا جُبِلْتُ عَلَيْهِ مِنَ الرَّحْمَةِ بِكَ، وَالشَّفَقَةِ عَلَيْكَ، وَإِرَادَتِي الْخَيْرَ لَكَ؟ ثُمَّ أَخَذَتْهُ وَدَخَلَتْ. (9) ،
حول القرب في القرآن والسنة :
- قال العلامة " ابن القيم " (10) : " وأما القرب المذكور فى القرآن والسُّنَّة فقرب خاص من عابديه وسائليه وداعيه ، وهو من ثمرة التعبد باسمه الباطن قال تعالى : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ} ( البقرة : 186 ) ، فهذا قربه من داعيه ، وقال تعالى : {إِنّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مّنَ الْمُحْسِنِينَ} ( الأعراف : 56 ) ، فوجد الخبر وهو قريب عن لفظ الرحمة وهى مؤنثة ( إيذاناً ) بقربه تعالى من المحسنين ، فكأنه قال : إِن الله برحمته قريب من المحسنين ، وفى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ "، و" أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ "، فهذا قرب خاص غير قرب الإِحاطة وقرب البطون. وفى الصحيح من حديث أَبى موسى أَنهم كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر، فارتفعت أصواتهم بالتكبير فقال: "أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ [فإنكم] لا تَدْعُونَ أَصمَّ وَلا غاَئِباً، إِنَّ الَّذِى تَدْعُونَهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، أَقْرَبُ إِلَى أَحدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ"، فهذا قربه من داعيه وذاكره، يعنى فأى حاجة بكم إِلى رفع الأَصوات وهو لقربه يسمعها وإِن خفضت، كما يسمعها إِذا رفعت، فإِنه سميع قريب. وهذا القرب هو من لوازم المحبة فكلما كان الحب أَعظم كان القرب أَكثر، وقد استولت محبة المحبوب على قلب محبه بحيث يفنى بها عن غيرها، ويغلب محبوبه على قلبه حتى [كأنه يراه ويشاهده] ، إن لم يكن عنده معرفه صحيحة بالله وما يجب له ويستحيل عليه وإِلا طرق باب الحلول إن لم يلجه ، وسببه ضعف تمييزه وقوة سلطان المحبة ، واستيلاءُ المحبوب على قلبه بحيث يغيب عن ملاحظة سواه، وفى مثل هذه الحال يقول: سبحانى، أَو: ما فى الجبة إِلا الله. ونحو هذا من الشطحات التى نهايتها أَن يغفر له ويعذر لسكره وعدم تمييزه فى تلك الحال. فالتعبد بهذا الاسم هو التعبد بخالص المحبة وصفو الوداد، وأَن يكون الإله أَقرب إِليه من كل شيء وأَقرب إِليه من نفسه، مع كونه ظاهراً ليس فوقه شيء، ومن كيف ذهنه وغلظ طبعه عن فهم هذا فليضرب عنه صفحاً إلى ما هو أَولى به، فقد قيل :
إِذا لَمْ تَسْتَطعْ شَيئاً فَدَعْه ... وجاوزه إِلى ما تستطيع
فمن لم يكن له ذوق من قرب المحبة، ومعرفة بقرب المحبوب من محبة غاية القرب ، وإِن كان بينهما غاية المسافة - ولا سيما إِذا كانت المحبة من الطرفين ، وهى محبة بريئة من العلل والشوائب والأَعراض القادحة فيها - فإِن المحب كثيراً ما يستولى محبوبه على قلبه وذكره ويفنى عن غيره ويرق قلبه وتتجرد نفسه ، فيشاهد محبوبه كالحاضر معه القريب إِليه وبينهما من البعد ما بينهما ، وفى هذه الحال يكون فى قلبه وجوده العلمى ، وفى لسانه وجوده اللفظى ، فيستولى هذا الشهود عليه ويغيب به ، فيظن أَن فى عينه وجوده الخارجى للغلبة حكم القلب والروح، كما قيل :
خيالك فى عينى وذكرك فى فمى ... ومثواك فى قلبى فأَين تغيب
هذا ويكون ذلك المحبوب بعينه بينه وبين عدوه من البعد وما بينهما وإِن قربت الأَبدان وتلاصقت الديار. والمقصود أَن المثال العلمى غير الحقيقة الخارجية وإِن كان مطابقاً لها لكن المثال العلمى محله القلب والحقيقة الخارجية محلها الخارج فمعرفة هذه الأَسماءِ الأَربعة وهى: الأَول، والآخر، والظاهر، والباطن هى أَركان العلم والمعرفة، فحقيق بالعبد أَن يبلغ فى معرفتها إِلى حيث ينتهى به قواه وفهمه.
واعلم أَن لك أَنت أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً ، بل كل شيء فله أَول وآخر وظاهر وباطن، حتى الخطرة واللحظة والنفس وأَدنى من ذلك وأكثر. فأَولية الله عَزَّ وجَلَّ سابقة على أَولية كل ما سواه، وآخريته ثابتة بعد آخرية كل ما سواه فأَوليته سبقه لكل شيء، وآخريته بقاؤه بعد كل شيء، وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء، ومعنى الظهور يقتضى العلو، وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه. وبطونه سبحانه إِحاطته بكل شيء [بحيث يكون أقرب إليه من نفسه وهذا قرب غير قرب المحب] من حبيبه، هذا لون وهذا لون. فمدار هذه الأَسماءِ الأَربعة [على الإحاطة وهى إحاطتان زمانيه ومكانيه فأحاطت] أَوليته وآخريته بالقبل والبعد، فكل سابق انتهى إِلى أَوليته وكل آخر انتهى إِلى آخريته فأَحاطت أَوليته وآخريته بالأَوائل والأَواخر، وأَحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن، فما من ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إِلا والله [دونه] [وما من أول إلا والله قبله وما من آخر إلا والله بعده] فالأَول قدمه، والآخر دوامه وبقاؤه والظاهر علوه وعظمته، والباطن قربه ودنوه. فسبق كل شيء بأَوليته وبقى بعد كل شيء بآخريته، وعلا على كل شيء بظهوره، ودنا من كل شيء ببطونه [فلا توارى منه سماء سماء ولا أرض أرضا] ، ولا يحجب عنه ظاهر باطن بل الباطن له ظاهر، والغيب عنده شهادة، والبعيد منه قريب، والسر عنده علانية، فهذه الأَسماءُ الأَربعة تشتمل على أَركان التوحيد، فهو الأَول فى آخريته والآخر فى أَوليته، والظاهر فى بطونه والباطن فى ظهوره، لم يزل أَولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
والتعبد بهذه الأَسماءِ رتبتان : الرتبة الأولى أَن تشهد الأَولية منه تعالى فى كل شيء والآخرية بعد كل شيء والعلو والفوقية فوق كل شيء والقرب والدنو دون كل شيء، فالمخلوق يحجبه مثله عما هو دونه فيصير الحاجب بينه وبين المحجوب، والرب جل جلاله ليس دونه شيء أَقرب إِلى الخلق منه
القانون الثاني :
وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً :
- وجاء هذا القانون في قول الله تعالى : {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } ( الأحزاب : 35 ) ،
والمعنى : إن المنقادين لأوامر الله والمنقادات ، والمصَدِّقين والمصدِّقات والمطيعين لله ورسوله والمطيعات ، والصادقين في أقوالهم والصادقات ، والصابرين عن الشهوات وعلى الطاعات وعلى المكاره والصابرات ، والخائفين من الله والخائفات ، والمتصدقين بالفرض والنَّفْل والمتصدقات ، والصائمين في الفرض والنَّفْل والصائمات ، والحافظين فروجهم عن الزنى ومقدماته ، وعن كشف العورات والحافظات ، والذاكرين الله كثيرًا بقلوبهم وألسنتهم والذاكرات ، أعدَّ الله لهؤلاء مغفرة لذنوبهم وثوابًا عظيمًا ، وهو الجنة.( التفسير الميسر ) ، وقيل مغفرة للمعاصي ، وأجرا عظيما على الطاعات ، قال الشعراوي : والصوم أخذ حُكْماً فريداً من بين أحكام التكاليف كلها، والحق سبحانه جعل لكل تكليف من التكاليف (كادر خاص) في الجزاء إلا الصوم، فليس له (كادر) محدد، لذلك قال عنه الحق سبحانه: «إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به» يعني: قرار عالٍ فوق الجميع، فلماذا أخذ الصوم هذه المنزلة؟ قالوا: لأن الصوم هو العبادة الوحيدة التي لم يعبد بها بشرٌ بشراً أبداً، فمن الممكن مثلاً في شهادة أنْ لا إله إلا الله أنْ يأتي مَنْ يمدح آخر، فيقول له: ليس في الكون إلا أنت، أنت النافع وأنت الضار، وهناك من قال عن نفسه: أنا الزعيم الأوحيد، كذلك في الصلاة نرى مَنْ يخضع ويسجد لغير الله كما نخضع ونسجد نحن في الصلاة، وكذلك في الزكاة نتقرب إلى العظيم أو الكبير بالهدايا له أو لمن حوله.
لكن، هل قال بشر لبشر: أنا أصوم شهراً، أو يوماً تقرُّباً إليك؟ لا. . لأن الصيام للغير المماثل تذنيب للمصوم له لا للصائم؛ لأنه سيُضطرّ لأنْ يظل طوال اليوم يراقبك، أكلتَ أم لم تأكل؟
ولأن الصوم هو العبادة الوحيدة التي لم يتقرب بها بشر لبشر قال الله عنها في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به «يعني: جزاؤه خارج المقرر كما قلنا.
ومن عظمة تكليف الصوم أيضاً أن الله تعالى أحلَّ لنا أشياء، وحرَّم علينا أشياء أخرى تحريماً أبدياً، فالذي تحمَّل التكليف أَلِفَ الحلال ولم يألف ما حُرِّم عليه، ورسختْ هذه العقيدة في نفسه، حتى أن الحرام لا يخطر بباله أبداً، فلم يأْتِ على باله مرة مثلاً أنْ يشرب الخمر، أو يأكل الميتة، فهذه مسألة منتهية بالنسبة له، فأراد الله تعالى أنْ يديم لذَّة التكليف على البشر، ففرضَ الصومَ الذي يُحرِّم عليك اليوم ما كان مُحلَّلاً لك بالأمس ومألوفاً حتى صار عادة إذن: هناك فَرْق بين دوام العادة ولذة العبادة، وتأمل مثلاً يوم الفطر، والفطر عادة لك في غير هذا اليوم، وأنت حر تفطر أو لا تفطر، فإذا ما جاء يوم عيد الفطر أخرجك ربك من العادة إلى
العبادة، وجعله تكليفاً أنْ تفطر قبل الخروج للصلاة.
ثم يقول تعالى: {والحافظين فُرُوجَهُمْ والحافظات ... } [الأحزاب: 35] جاءتْ مسألة حِفْظ الفروج بعد ذكر الصيام؛ لأن الصيام امتناعٌ عن شهوتَيْ البطن والفرج، شهوة البطن جعلها الله تعالى لحفظ الحياة بالطعام والشراب، وشهوة الفرج جعلها الله تعالى لحفظ النوع بالنكاح والتناسل.
قُلْنا: إن الله تعالى أرضى السيدة أسماء رَضِيَ اللَّهُ عَنْها الممثِّلة لجنس النساء، فذكر أنواع التكاليف مرة للمذكَّر، ومرة للمؤنث، لكنه راعي في ذلك سَتْر المرأة، وهنا أيضاً يُراعي هذه المسألة، فيقول: {والحافظين فُرُوجَهُمْ والحافظات ... } [الأحزاب: 35] حينما تكلم عن المذكَّر قال {والحافظين فُرُوجَهُمْ ... } [الأحزاب: 35] ولم يقُلْ: والحافظات فروجهن؛ لأن أمر النساء ينبغي أنْ يُسْتر وأنْ يُصَان.
ثم يقول سبحانه {والذاكرين الله كَثِيراً والذاكرات ... } [الأحزاب: 35] ويعود إلى مسألة السَّتْر مرة أخرى في قوله: {أَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب: 35] فقال (لهم) على سبيل التغليب، وسَتْر المرأة في الرجل، وهذه مسألة مقصودة يُراد بها شرف للمرأة، وصيانة لها، لا إهمالها كما يدَّعي البعض، ومن هذه الصيانة ما نقوله نحن عن المرأة: معي أهلي أو الأولاد أو الجماعة، ونقصد بذلك سَتْرها وصيانتها لا إهمالها، أو التقليل من شأنها. فكأن الحق سبحانه حينما أرضى السيدة أسماء نيابةً عن المرأة المسلمة، فذكر ما ذكر من جمع المؤنث الذي يقابل جمع المذكر، أراد أنْ يبني حول المرأة سياجاً من الستر في كل شيء حتى في التكاليف.
ونلحظ على سياق الآية هنا أيضاً أنه قدَّم المغفرة على الأجر؛ لأن القاعدة كما قُلْنا: إن دَرْء المفسدة مُقدَّم على جَلْب المصلحة، والحق سبحانه يُعد لعباده الأجر على الحسنة التي فعلوها، مع أنه سبحانه لا ينتفع منها بشيء إنما يعود نَفْعها على المكلَّف نفسه، 'فهو يستفيد بالطاعة وينال عليها الأجر في الآخرة.
أما الحق سبحانه فغنيٌّ عنَّا، وعن طاعتنا، واقرأ الحديث القدسي: «يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في مُلْكي شيئاً، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً» .
إذن: نحن المستفيدون من التكاليف، ففيها صلاحُنَا في الدنيا، ثم نأخذ عليها الأجر يوم القيامة. لذلك نجد الكثير من الرسل يقولون لأقوامهم: {وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ... } [الشعراء: 109] كأنه يقول: الذي أؤديه لكم من تبليغ دعوة الله في عرف الاقتصاد والتبادل يقتضي أنْ آخذَ عليه أجراً؛ لأنني أؤدي لكم خدمة، لكن ماذا سآخذ منكم أيها العرايا وأجري عالٍ لا يقدر عليه المكلَّف {إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله ... } [يونس: 72] فهو وحده القادر على أنْ يجازيني بما أستحق.
ووَصْف الأجر بأنه عظيم يدلُّ على كِبَر في الحجم، ونَفَاسة في الصفات، وامتداد في الزمن، وهذه هي عناصر العظمة في الشيء، وأيُّ أجر عظيم من أجر الله لعباده في الآخرة؟ (12) ،
القانون الثالث :
وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً :
وجاء هذا القانون في قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً }( الأحزاب : 43 ) ، أي في الدنيا والآخرة ، قال الشعراوي : يبيّن لنا الحق سبحانه العلَّة في صلاة الله وصلاة الملائكة على المؤمنين، فيقول {لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور ... } [الأحزاب: 43] فكأن منهج الله بافعل ولا تفعل هو أول صلاة الله علينا؛ لأنه الوسيلة التي تُخرجنا من الظلمات إلى النور، وجاء هنا بالشيء الحسِّيِّ لنقيس عليه المعنوي، فأنت في النور ترى طريقك وتهتدي إلى غايتك بلا معاطب، أمَّا في الظلام فتتخبط خُطَاك وتضلّ الطريق في الظلام، تسير على غير هُدى، وعلى غير بصيرة، فتحطم الأضعف منك، ويُحطِّمك الأقوى منك ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُوجِّهنا حين ننام بالليل أنْ نطفيء المصابيح فيقول: " ، واطفئوا المصابيح إذا رقدتم» وقد أثبت العلم أن للأنوار المضاءة أثناء النوم تأثيراً ضاراً على صحة الإنسان، وأنه لا يرتاح في الضوء الراحة التامة لما يصيبه أثناء النوم من إشعاع الضوء، كما حذرونا أيضاً من التعرُّض لأضواء التليفزيون مثلاً ، إذن : للنور مهمة، وللظلمة مهمة - هذا في الحسِّيات ، كذلك منهج الله بافعل ولا تفعل هو النور المعنوي الذي يقيك العطب، ويمنحك الإشراقات التي تهتدي بها في دروب الحياة، لذلك قال تعالى بعدها: {وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً} [الأحزاب: 43] ، لكن إنْ كان سبحانه رحيماً بالمؤمنين، فما بال الكافرين؟ قالوا: هو سبحانه بالكافرين رحمن، فالله تعالى رحمن الدنيا ورحيم الآخرة؛ لأن رحمن الدنيا يعني أن خيره يعُمُّ الجميع المؤمن والكافر، والطائع والعاصي، أما في الآخرة فتتجلَّى صفة الرحيم؛ لأن رحمته في الآخرة تخصُّ المؤمنين دون غيرهم. العبادة، وجعله تكليفاً أنْ تفطر قبل الخروج للصلاة. (13) ،
القانون الرابع :
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ :
وجاء في قوله تعالى : {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } ( الأعراف : 156 ) ، قال الشعراوي : واقرأ قوله تبارك وتعالى عندما أخذت الرجفة موسى وقومه وطلب موسى من الله سبحانه وتعالى الرحمة. قال تعالى: {واكتب لَنَا فِي هذه الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ قَالَ عذابي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزكاة والذين هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التوراة والإنجيل يَأْمُرُهُم بالمعروف وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المنكر وَيُحِلُّ لَهُمُ الطيبات وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبآئث وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ والأغلال التي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فالذين آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ واتبعوا النور الذي أُنزِلَ مَعَهُ أولئك هُمُ المفلحون} ( الأعراف : 156 – 157 ) ، وقال : وما المقصود بالرحمة هنا؟ أهي الرحمة في الدنيا أو الرحمة في الآخرة؟ إنها الرحمة في الدنيا التي تشمل الطائع والعاصي، والمؤمن والكافر، ولكنها خالصة ، في اليوم الآخر - كما قلنا - للمؤمنين.
وقوله سبحانه: {فَسَأَكْتُبُهَا} يدل على أن هذا سيكون في الآخرة. أي أن رحمة الله وسعت كل شيء في الدنيا ولكنها رحمة تنتهي بالنسبة للكافرين في إطار الدنيا، ولكن بالنسبة للمؤمنين فهي رحمة مستمرة قد كتبها الله أزلاً وتعطي للمؤمنين فضلاً ومنًّة وعطاء منه - سبحانه - { ... فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزكاة والذين هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 156]
وعندما سمع بعض اليهود ذلك قالوا: نحن متقون، فقيل لهم: في أي منهج أنتم متقون أفي منهج موسى؟ لو كنتم متقين في منهج موسى - كما تزعمون - لآمنتم بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأن من تعاليم موسى أن تؤمنوا برسول الله محمد - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - ولذلك جاء قوله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) ، فهذه تسع صفات لسيدنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهي أن الله أوحى إليه كتابًا مختصاً به وهو القرآن، وأنه صاحب المعجزات، أنه بلّغ ونبأ بأفضل وأتم العقائد والعبادات والأخلاق - وهو - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - الأمي الذي لم يمارس القراءة والكتابة ولم يجلس إلى معلم، فهو - عليه السلام - باقٍ على الحالة التي ولد عليها، وقد ذكره ربّه - جل وعلا - باسمه وصفاته ونعوته عند اليهود والنصارى في التوارة والإِنجيل وقد كتمها الكافرون منهم أو أساءوا تأويلها، كما وصفه ربه بأنه يأمرهم بالمعروف ويكلفهم بفعل ما تدعوا إليه الطبائع المستقيمة والفطر السليمة؛ لأن في ذلك النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، وأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يزجرهم وينهاهم عن كل منكر مستهجن تستقبحه الجبلة القويمة، والخلقة السوية، ويحل لهم ما حرم عليهم من الطيبات التي منعوا منها وحظرها الله عليهم جزاء طغيانهم وضلالهم، ويحرم عليهم كل ضار وخبيث: كأكل الميتة والمال الحرام من الربا والرشوة والغش، ويخفف عنهم ما شق عليهم وثقل من التكاليف التي كانت في شريعة موسى - عليه السلام - كقطع الأعضاء الخاطئة وتحريم الغنائم عليهم ووجوب إحراقها، وكذلك يخفف الله ويحط عنهم المواثيق الشديدة التي فرضت عليهم عقابا لهم على فسوقهم وظلمهم.
يقول - جل شأنه -: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ الله كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الربا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ الناس بالباطل وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [النساء: 160 - 161] (14) ،
القانون الخامس :
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ :
وجاء ذلك في قوله تعالى : {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } ( الكهف : 58 ) ، أي : وربك الغفور لذنوب عباده إذا تابوا ، ذو الرحمة بهم ، لو يعاقب هؤلاء المعرضين عن آياته بما كسبوا من الذنوب والآثام لعجَّل لهم العذاب ، ولكنه تعالى حليم لا يعجل بالعقوبة ، بل لهم موعد يجازون فيه بأعمالهم ، لا مندوحة لهم عنه ولا محيد ( التفسير الميسر ) ، قال الشعراوي : فمن رحمة الله بالكفار أنه لم يعاجلهم بعذاب يستأصلهم، بل أمهلهم وتركهم؛ لأن لهم موعداً لن يهربوا منه، ولن يُفلِتوا، ولن يكون لهم مَلْجأ يحميهم منه، ولا شكَّ أن في إمهالهم في الدنيا حكمة لله بالغة، ولعل الله يُخرِج من ظهور هؤلاء مَنْ يؤمن به، ومَنْ يحمل راية الدين ويدافع عنه، وقد حدث هذا كثيراً في تاريخ الإسلام، فمِنْ ظَهْر أبي جهل جاء عكرمة، وأمهل الله خالد بن الوليد، فكان أعظمَ قائد في الإسلام ، ومن رحمته تعالى بنا ألاَّ يحاسبنا عَمَّا علم منّا، بل يعلمنا حين ندعوه أن نقول: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً} [غافر: 7] فسبقتْ رحمته تعالى سيئاتنا وذنوبنا، وسبقت عذابه ونقمته، وفي موضع آخر يقول عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] .
القانون السادس :
الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون :
وجاء ذلك في قوله تعالى : { وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }( البقرة : 155 – 156 ) ، أي : (وبشر الصابرين) على البلاء بالجنة ( الجلالين ) ، وقيل : وبشِّر - أيها النبي - الصابرين على هذا وأمثاله بما يفرحهم ويَسُرُّهم من حسن العاقبة في الدنيا والآخرة ( التفسير الميسر ) ، فمن صفة هؤلاء الصابرين أنهم إذا أصابهم شيء يكرهونه قالوا : إنَّا عبيد مملوكون لله ، مدبَّرون بأمره وتصريفه ، يفعل بنا ما يشاء ، وإنا إليه راجعون بالموت ، ثم بالبعث للحساب والجزاء ( التفسير الميسر ) ، وفي الجلالين : " وهم (الذين إذا أصابتهم مصيبة) بلاء (قالوا إنا لله) ملكا وعبيدا يفعل بنا ما يشاء (وإنا إليه راجعون) في الآخرة فيجازينا ، وفي الحديث "من استرجع عند المصيبة آجره الله فيها وأخلف الله عليه خيرا" وفيه أن مصباح النبي صلى الله عليه وسلم طفئ فاسترجع فقالت عائشة: إنما هذا مصباح فقال : "كل ما أساء المؤمن فهو مصيبة" رواه أبو داود في مراسيله " ، فما جزاء من كان هذا حاله مع البلاء والمصائب : في الجلالين : (أولئك عليهم صلوات) مغفرة (من ربهم ورحمة) نعمة (وأولئك هم المهتدون) إلى الصواب ، وفي التفسير الميسر : أولئك الصابرون لهم ثناء من ربهم ورحمة عظيمة منه سبحانه, وأولئك هم المهتدون إلى الرشاد ،
قال الإمام الشعراوي (15) : وهناك قصة عن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها؛ حين مات أبو سلمة زوجها وكان ملء السمع والبصر وجزعت عليه أم سلمة، فقيل لها قولي: ما علمنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، قالت: وما علمكم؟ قالوا: «إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها» فقالت ما قيل لها، فإذا بها بعد انقضاء عدتها يذهب إليها النبي خاطبا، فقيل لها: أوجد خير من أبي سلمة أم لم يوجد؟ قالت: ما كنت لأتسامى أي أتوقع مثل هذا الموقف " ، فإذن، كل مصيبة يتعرض لها الإنسان يجب أن يقول عندها:» إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها " ، وماذا يكون حال الذين يقولون هذا الدعاء؟ . ها هو ذا الحق سبحانه وتعالى يقول: {أولئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ... } فلننظر إلى غاية الغايات التي يدربنا الله عليها لنحمل الدعوة، ولنحمي منهج الحق، ولنهدم دولة المبطلين، هذه غاية؛ لكنها ليست الغاية النهائية، فالغاية النهائية أننا نفعل ذلك لنأخذ رحمات الله وبركاته في الآخرة ، إذن ، فالغاية النهائية في كل إيمان وفي كل عمل هي ابتغاء مرضاة الله ورحمته.
وكما قال المرحوم الشيخ سيد قطب رحمة الله عليه: إياك أن يشغلك عن صلوات الله وتحياته وبركاته شيء ولو انتصار العقيدة نفسه. كأن انتصار العقيدة وسيلة لتنال بها الصلوات والرحمة من ربك، فكل شيء ما عدا ذلك وسيلة تسلم إلى غاية، وغاية المؤمن أن يكون من الذين يشملهم قول الله : {أولئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هُمُ المهتدون} ( البقرة : 157 ) ، ونحن نعرف أن الصلاة في اللغة هي الدعاء، للناس صلاة، وللملائكة صلاة، ولله صلاة، فهو القائل: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} ( الأحزاب : 43 ) ،
وكلنا نعيش برحمات الله، حتى الكافر يعيش على الأرض برحمة الله، ويأخذ أسباب حياته برحمة الله، والنعم والخيرات التي يعيش عليها تأتيه بسبب رحمة الله، والمؤمن يأخذ نعم الدنيا برحمة الله ويزيد الله له بالبركة والاطمئنان، والاطمئنان نعمة كبرى، فمن يعش في هذه الحياة وهو مطمئن إلى غاية أفضل من هذه الحياة، فهذا لون عظيم من الاطمئنان ، فالصلاة من الله عطاء الرحمة والبركة ، والصلاة من الملائكة استغفار، والصلاة من المؤمنين دعاء ، والدعاء حين تدعوه لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالخير وبالرحمة وبالبركة وهو دعاء لك، لماذا؟ لأن كل منزلة ينالها رسول الله عائدة لأمته وللعالم أجمع ، فمن الذي يشفع عند الله في يوم الحشر ليعجل الله بالفصل بين الخلائق؟ . إنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. إذن فكل خير يناله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هو خير لأمته، فإذا دعوت له فكأنك تدعو لنفسك إنك عندما تصلي عليه مرة يصلي الله عليك عشراً ، أليس في ذلك خير لك؟ {أولئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هُمُ المهتدون} ( البقرة : 157 ) ، والمهتدون هم الذين التزموا الطريق الموصل للغاية، والغاية هي صلوات من ربهم ورحمة، وأنت الآن متمتع بنعم الله بأسباب الله، وعند الله في الآخرة سوف تتمتع بإذن الله بنعم الله وبلقاء الله.
***************
الهوامش والحواشي :
=============
(1) - فضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة : " ردوا اعتبار النصوص .. انفروا " ، في: 22/5/1427هـ - 18/6/2006م ، المصدر :
http://hssona.com/eg/play.php?catsmktba=1
(2) - محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية ( ت : 751هـ) : " بدائع الفوائد " ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، ( د . ت ) ، ج2 ص 15 ،
(3) - محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية ( ت : 751هـ) : " بدائع الفوائد " ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، ( د . ت ) ، ج2 ص ص :17 – 33
(4) – الأقماع جمع قمع – كضلع - وهو الإناء الذي يترك في رؤوس الظرف؛ لتملأ بالمائعات من الأشربة والأدهان. شبه أسماع الذي يستمعون القول ولا يعونه ولا يحفظونه، ولا يعملون ، كالأقماع التي لا تعي شيئاً مما يفرغ فيها، فكأنه يمر عليها مجازاً، كما يمر الشراب على الأقماع اجتيازاً ، أنظر :
- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله ( ت : 256هـ) : " صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري " ، حقق أحاديثه وعلق عليه : محمد ناصر الدين الألباني ، دار الصديق للنشر والتوزيع ، الطبعة: الرابعة، 1418 هـ - 1997 م ، ص 151
(5) - أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ) : " صحيح الجامع الصغير وزياداته " ، المكتب الإسلامي ، ج1 ، ص :661
(6) - محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله ( ت : 256هـ) : " صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري " ، حقق أحاديثه وعلق عليه : محمد ناصر الدين الألباني ، دار الصديق للنشر والتوزيع ، الطبعة: الرابعة، 1418 هـ - 1997 م ، ص : 62
(7) - محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله ( ت : 256هـ) : " صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري " ، حقق أحاديثه وعلق عليه : محمد ناصر الدين الألباني ، دار الصديق للنشر والتوزيع ، الطبعة: الرابعة، 1418 هـ - 1997 م ، ص 149
(8) - محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله ( ت : 256هـ) : " صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري " ، حقق أحاديثه وعلق عليه : محمد ناصر الدين الألباني ، دار الصديق للنشر والتوزيع ، الطبعة: الرابعة، 1418 هـ - 1997 م ، ص 149
(9) - محمد بن أبي بكرابن قيم الجوزية : " مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين " ، تحقيق : محمد حامد الفقي ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط2 ، 1393 هـ - 1973م ، ج1 ، ص : 239 ،
(10) - محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية ( ت : 751هـ) : " طريق الهجرتين وباب السعادتين " ، دار السلفية ، القاهرة ، مصر ، الطبعة الثانية : 1394هـ ، ص ص : 21-24
(11) - محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية ( ت : 751هـ) : " مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة " ، اختصره : محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان البعلي شمس الدين، ابن الموصلي ( ت : 774هـ) ، تحقيق : سيد إبراهيم ، دار الحديث ، القاهرة – مصر ، 1422هـ - 2001م ، ص ص : 482- 484
(12) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي " ، مطابع أخبار اليوم ، القاهرة ، ج 1 ، تفسير سورة البقرة ، تفسير الآيات ، ج19 ، ص ص : 12033 – 12036 ،
(13) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي " ، مطابع أخبار اليوم ، القاهرة ، ج 1 ، تفسير سورة البقرة ، تفسير الآيات ، ج19 ، ص ص : 12033 – 12034 ،
(14) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي " ، مطابع أخبار اليوم ، القاهرة ، ج 1 ، تفسير سورة البقرة ، تفسير الآيات ، ج7 ، ص ص : 4380 – 4382 ،
(15) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي " ، مطابع أخبار اليوم ، القاهرة ، ج 1 ، تفسير سورة البقرة ، تفسير الآيات ، ج2 ، ص : 656 – 658 ،
**********************
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: