هل تعلم أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يقبله الله من العباد
د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4678
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه ، واتبع ملته إلى يوم الدين ،
أما بعد
* إن الدين عند الله الإسلام "
إنها حقيقة على كل مسلم أن يكون على وعي تام بها ، وعلى يقين كامل بثبوتها ثبوتا لا يعتريه شك ، قال تعالى : { إِنَّ اَلْدِّيْنَ عِنْدَ اَللهِ اَلإِسْلاْمَ }( آل عمران : 19 ) ، فالآية تقرر بوضوح كامل لا يحتمل اللبس أو التأويل أن الدين المرضي والمقبول عند الله ، والذي ارتضاه لخلقه جميعا ، ولا يقبل دينا غيره هو الإسلام أي الشرع المبعوث به الرسل جميعا المبني على التوحيد ، وهو الانقياد لله وحده بالطاعة والاستسلام له بالعبودية , واتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى خُتموا بمحمد صلى الله عليه وسلم , الذي لا يقبل الله مِن أحد بعد بعثته دينًا سوى الإسلام الذي أُرسل به (1) ،
ويزداد الأمر وضوحا وجلاءا في موضع آخر من القرآن الكريم إذ يقول الحق تبارك وتعالى: { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ اْلإِسْلاَمِ دِيْنًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ اْلخَاسِرِينَ }( آل عمران : 85 ) ، فكل من يطلب دينًا غير دين الإسلام ، فيتبعه ويدين به فلن يقبل منه ذلك ، وهو في الآخرة من الخاسرين الذين بخسوا أنفسهم حظوظها ،
إن على المسلمين اليوم أن يدركوا تلك الحقيقة ، وأن يوقنوا أن دينهم الإسلامي دين عظيم اختاره الله لهم ومَنَّ به عليهم ، فهو الدين الكامل في مبناه ، السامي في معناه ، فهو خلاصة أديان الأنبياء وخاتمتها من لدن آدم إلى سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو الدين الذي لا يقبل الله عز وجل من أحد غيره ، وقد جاءت الوصية الربانية باتباعه والتمسك به ، والحرص عليه حتى نلقى الله تعالى ونحن مسلمين ، وهو الصراط المستقيم الذي حثنا الله على اتباعه ، كما حذر الله تعالى من سلوك السبل المعوجَّة ، وهي سبل الضلال , التي تفرق ولا تجمع ، وتبعدعن سبيل الله المستقيم ، قال تعالى : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( الأنعام:153 ) ،
وقال تعالى : { أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه يرجعون }( آل عمران : 83 ) ،
ولنا أن نتأمل كيف أنه لا يوجد دين في الدنيا كلها جعل الإيمانَ بجميع الكتبِ السماوية ، والتصديقَ بجميع أنبياء الله ورسله ركنًا ركينا فيه ؟! بل قرَّر نبيّه أنه هو وأتباعه أولَى بالأنبياء السابقين ممّن يدَّعي تبعيتَهم ، حين قال رسولنا محمّد صلى الله عليه وسلم ليهودِ المدينة : " نحن أحقّ بموسى منكم " ( أخرجه البخاري في كتاب الصوم (2004) ، ومسلم في كتاب الصيام (1130) عن ابن عباس رضي الله عنهما ) ، ليبيّنَ أنّ الإسلام هو المحضن الوحيد والأخير لأتباع الرسالات السابقة ، وأنه الطريقُ الوحيد الموصِل إلى الله ، ولنا أن نعلم أنه على امتداد خمسةَ عشَر قرنًا من تاريخ الإسلام لم يسجّل التاريخُ دخولَ عالمٍ مسلم واحدٍ لليهودية أو النصرانية ، أو التحول لأي ديانة أخرى ، في حين سجّل التاريخ وبمدادٍ من نور مواكبَ من أحبارٍ ورهبان وغيرهم دانوا بشريعة الإسلام ، ووصلوا حبالهم بدينه الخاتم الذي ارتضاه الله للناس جميعًا ، فآتاهم الله أجرهم مرتين ،
هذا هو دين الله الحق ، هذا هو الإسلام ، ولاشك أنه لا حياة لأمة الإسلام إلا بالإسلام ، ولا صلاح لشأنها في المعاش والمعاد إلا به ، وبقاؤها مرهونٌ بالمحافظة عليه ، وتخلفها وتأخرها ، وفناؤها – إن حدث لا قدر الله تعالى - راجعٌ إلى التفريط فيه ، فهي تقوم بقيامه ، وتدوم بدوامه في قلوب أبنائها ، وتضمحل باضمحلاله من نفوسهم ، إنه شرعها ونظامها ، بل هو عزها ومجد ها وحياتها ، ولا عجب فكما قلنا ونكرر هو دينٌ كاملٌ في مبناه ، واف في معناه ، سام في مغزاهُ ، لا يقبل الله دينًا سواه ، ولا يرضى أن يعبد بغير مقتضاه ، لا ينجو المكلف بغير اتباعه ، لا ترى فيه عوجًا ولا أمتًا ، من آمن به اهتدى ، ومن خالفه ضل وغوى ،
وحسبنا أن ننقل هنا ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله في وصف شريعة الإسلام المطهرة إذ يقول : " حسب العقول الراجحة والآراء الفاضلة أن تدرك حسنها ، وتشهد بفضلها ، فما طرق العالم شريعة أكمل ولا أجل ولا أعظم منها ، فهي نفسها الشاهد والمشهود له ، والحجة والمحتج له ، والدعوى والبرهان ، أعظم نعمة أنعم الله بها على عباده ، وما أنعم عليهم بنعمة أجل من أن هداهم لها ، وجعلهم من أهلها ، ارتضاها لهم وارتضاهم لها " (2) ،
* رأس الأمر الإسلام :
جاء في الحديث الشريف : { رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله }(3) ، فالحديث يقرر بوضوح أن الإسلام هو رأس الأمر كله ، فهو الدين الحق ، إذ لا يقبل الله دينا سواه ، ولا يدخل أحد الجنة إلا بالإسلام ، ولا يثبت له الأمن من عذاب الله إلا بالإسلام ، ولا تصح صلاته ، وزكاته ، وصومه وحجه ، إلا بالإسلام ، ولن يصل إلى رضوان الله أحد إلا بالإسلام ، فهو النعمة الكبرى ، والمنة العظمى ، والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة ،
والإسلام بمعناه العام هو إسلام الوجه لله تعالى ، أي الاستسلام والخضوع والانقياد له جل جلاله ، وعبادته وحده بلا شريك ، والإخلاص العمل لله وحده ، والكفر بالآلهة والأنداد الباطلة التي تعبد من دون الله ، والبراءة من الشرك وأهله ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إخلاص العمل هو الدين لله ، الذي لا يقبل الله ديناً سواه ، وقال في موضع آخر: وهو خلاصة الدعوة النبوية ، وقطب القرآن الذي تدور عليه رحاه ، واستشهد بقول الله تبارك وتعالى : { تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } ( الزمر:1-3 ) ، ألا لله وحده العبودية التامة ، والأقوال والأعمال الخالصة لوجهه الكريم ،
الهوامش والاحالات :
===========
(1) - عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر " ، إعداد : مجموعة من العلماء ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، تفسير الآية ، المصدر : موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
http://www.qurancomplex.com
(2) - محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن قيم الجوزية : " مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة " ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ( ب .ت ) ،
(3) الحديث أخرجه الإمام الترمذي ، والإمام ابن ماجة ، والإمام أحمد ، من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ، وصحح الإمام الألباني في صحيح الجامع في ج2 ، ص : 913 ، رقم الحديث (5136) المكتب الإسلامي ) ،
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: