من الهدي النبوي -2- يا عائشة إن من شر الناس من تركه الناس اتقاء فحشه!!!
د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9111
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كلمـــــات :
- " لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه " ( حديث شريف صححه الألباني ) ،
- " عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ما النجاة قال أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك " ( رواه الترمذي وصححه الألباني )
- " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت " ( متفق عليه ) ،
- " الكلمة اذا خرجت من القلب وقعت في القلب، واذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان " ( الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه ) ،
-------------------------------------------------------
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ،
وبعــــد
تروي لنا كتب السنة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده فقال بئس ابن العشيرة أو أخو العشيرة ثم أذن له فألان له القول فلما خرج قلت له يا رسول الله قلت له ما قلت ثم ألنت له القول فقال يا عائشة إن من شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فحشه " (1) ،
نحن أمام حديث شريف ، نطق به أشرف فم في الوجود ، فم وصفه الحق جل جلاله في كتابه الكريم قائلا : { وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى } ( النجم 3-4 ) ، أي بل هو في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد, وليس نطقه صادرًا عن هوى نفسه صلى الله عليه وسلم ، وهو من هو ، إنه الذي مدحه الله بما منحه فقال : { وإنك لعلى خلق عظيم } ( القلم : 4 ) ، والخلق العظيم هو ما اشتمل عليه القرآن من مكارم الأخلاق ومعاليها والتي كانت سجية له صلى الله عليه وسلم ، فقد كان امتثال القرآن والتحلي بأخلاقه ديدنه صلى الله عليه وسلم ، يأتمر بأمره، وينتهي عما ينهى عنه ، حتى أن السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه قالت : " كان خلقه القرآن " ،
وصدق من قال في حقه :
بلغ العلا بكـــــــــماله ** كشف الدجـــى بجماله
عظمت جميع خصاله ** صلوا عليـــــــــه وآله
وقال آخر عنه صلى الله عليه وسلم :
ما قال لا قط إلا في تشهده *** لولا التشهد كانت لاؤه نعم
وقال آخر :
ولد الهدى فالكائنات ضــياء *** وفم الزمان تبسم و ثـــــــــــناء
الروح و الملأ الملائك حوله *** للــــــدين و الدنيا به بشــــــراء
والوحي يقطر سلسلاً من سلسل *** و اللوح و القـلم البديع رواء
يوم يتيه على الزمان صباحه *** ومســــــاءه بمحمد وضــــــاء
بك بشر الله السماء فزيــــنت *** و تضوعت مسكاً بك الغبــراء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا *** منها و ما يتعشق الكبــــراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل *** يغرى بـــهن و يولع الكرماء
نحن إذا أمام موقف من مواقف العظمة لسيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم ، وكل مواقفه تنطق بالعظمة والسمو والرقي ، ما أحوج الناس عموما اليوم ، والمسلمين على وجه الخصوص أن يتعلموا من مواقفه ، وأن ينهلوا من مكارم أخلاقه ومعاليها ، وسمو قيمه ومراقيها ، في وقت عزت فيه الأخلاق ، واختلطت فيه القيم ،
ها هو معلم الناس الخير ، ها هو الرسول صلى الله عليه وسلم في جلسة عائلية مع زوجه أم المؤمنين عائشة (2) ، الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها ، جلسة يسودها الدفء والمودة ، ويخيم عليها الصفاء والنقاء ، وبينما هما على هذا الحال استأذن رجل في الدخول على رسول الله ، فلما علم الرسول شخصية ذلك الرجل وعرف من هو ، قال كلمة قبل أن يأذن له فيدخل سمعتها منه عائشة رضي الله عنها ، قال عن الرجل : بئس ابن العشيرة ، أو أخو العشيرة ، قال ( الطيبي ) يرحمه الله : العشيرة ( أي ) القبيلة ، أي بئس هذا الرجل من هذه العشيرة ، كما يقال يا أخا العرب لرجل منهم ، وقال الإمام ( النووي ) يرحمه الله : واسم هذا الرجل " عيينة بن حصن " ولم يكن أسلم حينئذ ، وإن كان قد أظهر الإسلام ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين حاله ليعرفه الناس ، ولا يغتر به من لم يعرف بحاله ، وكان منه في حياته صلى الله عليه وسلم وبعده ما دل على ضعف إيمانه ، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه بئس ابن العشيرة ، أو أخو العشيرة من أعلام النبوة ( أي من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ) لأنه ارتد بعده صلى الله عليه وسلم ، وجيء به أسيراً إلى الصديق (3) ،
ثم أذن له رسول الله بالدخول ....فدخل عليه ، فألان له القول ، وفي رواية : تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه ، أي أظهر له طلاقة الوجه وبشاشة البشرة وتبسم له ، قال ( النووي ) : وإنما ألان له القول تألفا له ولأمثاله على الإسلام ، وفيه مداراة من يتقى فحشه وجواز غيبة الفاسق ، وقال في شرح السنة : فيه دليل على أن ذكر الفاسق بما فيه ليعرف أمره فيتقى لا يكون من الغيبة ، ولعل الرجل كان مجاهراً بسوء أفعاله ، ولا غيبة لمجاهر، قال النووي : ومن الذين يجوز لهم الغيبة المجاهر بفسقه أو بدعته فيجوز ذكره بما يجهر به ولا يجوز بغيره (4) ، ولما قضى الرجل ما جاء من أجله خرج ، هنا قالت عائشة ( وكأنها تعجبت مما رأت وسمعت من رسول الله ) : يا رسول الله قلت له ما قلت ( أي قبل أن يدخل عليك ) ، ثم ألنت له القول ، ( وتطلقت في وجهه ) ، كأنها تسأله عن سر هذا الصنيع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هنا يعطينا الرسول صلى الله عليه وسلم درسا بليغا في مكارم الأخلاق ومعاليها ، وقاعدة في التعامل مع الناس فيقول : يا عائشة إن من شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فحشه " ،
* من القواعد الإسلامية الهامة في المعاملات الإنسانية :
إن هذا الحديث الشريف يرسخ قاعدة إسلامية أصيلة من قواعد المعاملات الإنسانية، وأساس متين من أسس العلاقات الاجتماعية في التصور الإسلامي، ما أحوجنا إليه اليوم ، تلك القاعدة تقول : أن الفحش في القول وبذاءة اللسان من الأمور الهدامة في مجال العلاقات والمعاملات الإنسانية ، وأن عفة اللسان ، واللين في القول من ألأسس الهامة لتدعيم تلك العلاقات والمعاملات ،
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن من شر الناس ) وفي رواية : إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة ( من تركه الناس ) أي ترك الناس التعرض له فيعرضون عنه ويتجنبون لقاءه والاحتكاك به ، ويلينون له القول ، ( أو ودعه ) أو للشك من بعض الرواة ( اتقاء فحشه ) وفي رواية اتقاء شره ، أي كيلا يؤذيهم بلسانه ( أي السليط ، وكلماته اللاذعة ) ، قال أهل العلم : وفيه رخصة المداراة لدفع الضرر،
هذا وقد جمع هذا الحديث الشريف كما قال الخطابي : " علماً وأدباً ، وليس قوله عليه السلام في أمته بالأمور التي يسهم بها ويضيفها إليهم من المكروه غيبة ، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض ، بل الواجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يبين ذلك ويفصح به ويعرف الناس أمورهم ، فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة ، ولكنه لما جبل عليه من الكرم ، وأعطيه من حسن الخلق أظهر له البشاشة ولم يجبه بالمكروه ، ولتقتدي به أمته في اتقاء شر من هذا سبيله ، وفي مداراته ليسلموا من شره وغائلته ، وقال القرطبي : فيه جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش ونحو ذلك مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة ، ثم قال تبعاً للقاضي حسين : والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة : بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معاً ، وهي مباحة وربما استحسنت ، والمداهنة : بذل الدين لصلاح الدنيا انتهى. وهذه فائدة جليلة ينبغي حفظها والمحافظة عليها ، فإن أكثر الناس عنها غافلون ، وبالفرق بينهما جاهلون (5) ،
* تأكيد الإسلام على اللين والرفق والعفة في معاملة الناس :
فعن ثابت عن أنس : " أن اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك ( والسام يعني الموت ) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : السام عليكم فقالت عائشة : السام عليكم يا إخوان القردة والخنازير ولعنة الله وغضبه ! فقال : يا عائشة مه ! فقالت : يا رسول الله أما سمعت ما قالوا ؟ قال : أو ما سمعت ما رددت عليهم ؟ يا عائشة ! لم يدخل الرفق في شئ إلا زانه ، ولم ينزع من شئ إلا شانه " . ( أخرجه الإمام أحمد ) (6) ، وفي رواية : " وإنما يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم علينا " ، والحديث يدلنا على إحدى صفات اليهود في تحريف الكلم عن مواضعه ، ولذلك نهانا الله تعالى عن التشبه بهم وسلوك سبيلهم ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }( البقرة : 104 ) ، قال الحافظ ابن كثير : (7) " نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم ، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص عليهم لعائن الله ، فإذا أرادوا أن يقولوا : اسمع لنا قالوا : راعنا ويورون بالرعونة كما قال تعالى : {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }( النساء : 46 ) ، وكذلك جاءت الأحاديث بالإخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون : ( السام عليكم ) والسام هو الموت ولهذا أمرنا أن نرد عليهم ب ( وعليكم ) وإنما يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم علينا والغرض أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا " ، وقال شيخ الإسلام عند هذه الآية ما مختصره : " قال قتادة وغيره : كانت اليهود تقوله استهزاء فكره الله للمؤمنين أن يقولوا مثل قولهم وقال أيضا : كانت اليهود تقول للنبي صلى الله عليه و سلم : راعنا سمعك يستهزئون بذلك وكانت في اليهود قبيحة . فهذا يبين أن هذه الكلمة نهي المسلمون عن قولها لأن اليهود كانوا يقولونها وإن كانت من اليهود قبيحة ومن المسلمين لم تكن قبيحة لما كان في مشابهتهم فيها من مشابهة الكفار ، وتطريقهم إلى بلوغ غرضهم (8) ،
* بيان خطورة فحش الكلام :
وفي هذا الحديث بيان خطورة فحش الكلام ، وأن من أكثر منه حتى تحاشاه الناس خوفاً من شر لسانه فهو بشر المنازل عند الله عز وجل ، ومن الذي يرضى لنفسه أن يكون بتلك المثابة والمنزلة ، " فشر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فحشه ، لا تراه إلا متلبساً بجريمة ، ولا تسمعه إلا ناطقاً بالأقوال الأثيمة ، فعينه غمازة ، ولسانه لماز ، ونفسه همازة ، مجالسته شر ، وصحبته ضر ، وفعله العدوان ، وحديثه البذاءة ، لا يذكر عظيماً إلا شتمه ، ولا يرى كريماً إلا سبه وتعرض له بالسوء ، ونال منه ، وسفه عليه " (9) ،
ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله جل جلاله ليبغض من هذه صفته ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ " ( رواه الترمذي (202) وصححه الألباني ) ،
- عن عبد الله هو ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس المؤمن بالطعان ، ولا باللعان ، ولا الفاحش ، ولا البذيء " (قال الألباني : صحيح ، أنظر : " السلسلة الصحيحة " 1 / 57 ) ،
إن من نتائج إطلاق العنان للسان أنه يعد من شرار الناس فيجتنبه الناس ويحذرونه اتقاء فحشه وإن ضحكوا له وجاملوه ، إتقاء فحشه وبذاءة لسانه ، هذه حقيقة نشاهدها في مجالسنا كثيراً ,
وحد الفحش ( أي تعريفه ) هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة ، وأكثر ذلك يجري في ألفاظ الوقاع ( الجماع ) وما يتعلق به ، فإن لأهل الفساد عبارات صريحة فاحشة يستعملونها فيه ، وأهل الصلاح يتحاشون عنها ، بل يدلون عليها بالرموز والكناية ، قال " ابن عباس " رضي الله عنهما : " إن الله حيي كريم ، يعفو ويكنو ، كنى باللمس عن الجماع " ، فالمسيس والمس والدخول كنايات عن الوقاع ، وليست بفاحشة ، وهناك عبارات فاحشة يستقبح ذكرها ، ويستعمل أكثرها في الشتم والتعيير ، وكل ما يستحيا منه فلا ينبغي أن يذكر ألفاظه الصريحة ، فإنه فحش ، والباعث على الفحش : إما قصد الإيذاء ، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق ، وأهل الخبث واللؤم ، ومن عادتهم السب ، روي أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أوصني ، فقال له : عليك بتقوى الله ، وإن امرؤ عيرك بشيء يعلمه فيك فلا تعيره بشيء تعلمه فيه ، يكن وباله عليه ، وأجره لك ، ولا تسبن أحدا " ، قال : فما سببت شيئا بعده " (10)
* مُدَارَاةِ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ
والمداراة بغير همز، وأصله الهمز( المدارأة ) لأنه من المدافعة ، والمراد به الدفع برفق ، وقديما قالوا : دارهم ما دمت في دارهم، وقالوا في حق الزوجة : " فدارها تعش بها " ،
وفي حديث جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مداراة الناس صدقة " ( ضعفه الألباني ) ،
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رأس العقل المداراة و أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة " ( قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 3069 في ضعيف الجامع ) ،
ويذكر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قوله : " إنا لنكشر في وجوه أقوام ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتلعنهم " ( قال الألباني : ضعيف ، أنظر : سلسلة الأحاديث الضعيفة ) ،
قال ابن بطال: المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس ولين الكلمة وترك الإغلاظ لهم في القول وذلك من أقوى أسباب الألفة (11) ،
إن ما سبق يبين لنا مدى خطورة الفحش على الإنسان والمجتمع والأمة على السواء حتى عده ابن حجر رحمه الله من الكبائر ، فلقد قال تحت عنوان : ( الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ : مُلَازَمَةُ الشَّرِّ وَالْفُحْشِ حَتَّى يَخْشَاهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ ) أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ ( أي البخاري ومسلم ) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ النَّاسُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ } . وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ : { الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ ، وَالْبَذَاءُ - أَيْ الْفُحْشُ - مِنْ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ } . وَأَحْمَدُ : { إنَّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ لَيْسَا مِنْ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إسْلَامًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا } (12) ،
يتبع إنشاء الله ،
************************
الهوامش والإحالات :
===========
(1) - الحديث أخرجه الترمذي في سننه ( ج4 ، ص : 359) ، وقال هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة " 1049 " ) ، وأخرجه كذلك البخاري في صحيحه (6032) ، وفي الأدب المفرد (ج2 ، ص : 689) ، ومسلم في صحيحه ( ج4 ، ص : 2002) ، وأبو داود في سننه ( ج 4 ، ص : 351) ،
(2) - هي السيدة عائشة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ، وابنة الصديق رضي الله عنه ، هي معلمة العلماء ، ومؤدبة الأدباء ، وبليغة الفصحاء ، ومحدثة الفقهاء ، إنها الحصان الرزان المبرأة من السماء ، إنها حبيبة سيد المرسلين ، والمبشرة بصحبته في جنة رب العالمين ، نشأت ونبتت في حقل الإسلام ، وسقيت بماء الوحي على يد أبيها أبي بكر وحبيبها محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد ابتليت بلاءً عظيماً أثبتت فيه قوة إيمانها ، وعظيم صبرها ، واستحقت أن يذكرها ربها في كتابه ، ولذلك فحبها دين ، وبغضها نفاق ، تكفيها شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بالفضل فقال " فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام " ( متفق عليه ) ، والحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "كمَل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ". ( رواه الشيخان )
(3) - محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري أبو العلا : " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " ، دار الكتب العلمية ، بيروت ( د.ت ) ، ج6 ، ص : 112 ،
(4) - " نفس المرجع السابق " : ج6 ، ص : 112 ،
(5) - محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري أبو العلا : " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " ، دار الكتب العلمية – بيروت ، ج6 ، ص ص : 113 ،
(6) - أحمد بن حنبل : " المسند " ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط وآخرون ، مؤسسة الرسالة ، ط2 ، 1420هـ ، 1999م ، ج 3 ، ص : 241 ،
(7) - أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 700 -774 هـ ) : " تفسير القرآن العظيم " ، تحقيق : سامي بن محمد سلامة ، دار طيبة للنشر والتوزيع ، ط2 ، 1420هـ / 2000م ، ج 1 ، ص : 148 ،
(8) - محمد ناصر الدين الألباني : " جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة" ، المكتبة الإسلامية - عمان – الأردن ، الطبعة : الأولى – 1413هـ ، ص 164 ،
(9) - محمد بن سالم البيحاني : " اللمع على اصلاح المجتمع " ، تحقيق : أبو عبد الرحمن يحيى ابن علي الحجوري ، دار العاصمة للنشر والتوزيع ، 1418هـ ، ص : 199 ،
(10) - محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي (المتوفى : 1332هـ) : " موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين " ، تحقيق : مأمون بن محيي الدين الجنان ، دار الكتب العلمية ، 1415 هـ - 1995 م ، ج1 ، ص : 191
(11) - ظن بعضهم أن " المداراة " هي " المداهنة " وهذا خطأ ، لأن المدارة مندوب إليها والمداهنة محرمة ، والفرق أن المداهنة من ( الدهان ) وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه ، وفسرها العلماء ( أي المداهنة ) بأنها : " معاشرة الفاسق ، وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه ، والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم ، وبالفاسق في النهي عن فعله ، وترك الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه ، والإنكار عليه بلطف القول والفعل ،
(12) - ابن حجر الهيتمي : " الزواجر عن اقتراف الكبائر " ، المكتبة التوفيقة ، 2003م ، ج2 ص 358
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: