فتحي الزغــــــل - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4441
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
فاز و كما هو معلوم "باراك أوباما" بولاية رئاسيّة ثانية في الانتخابات الرئاسيّة الأمريكية، الانتخابات الوحيدة التي يتابعها العالم بأسره بالنظر لما لهذه الدّولة من تأثير مباشر أو غير مباشر على بقيّة الدّول و التّجمّعات الإقليميّة سواء كانت من تلك السّائرة في فلكها، أو تلك التي تنافسها، أو تلك التي تضعُها في خانة الدّول المارقة.
و لا شكّ في أنّ العالم العربي و الإسلامي قد راقب صعود ذلك الرّجل الأسود النّاجح إلى أعلى قمّة في أهمّ دولة في العالم للمرّة الثّانية على التّوالي، كغيره من الأمم. إلاّ أنّ اهتمام العرب و المسلمين بمشاريع الرّئــيس الأمريكي و قناعاتــه و قراراته سببها الدّور و المحوري الذي تلعبه هذه الدّولة في القضايا الهامّة للأمّة، و على رأسها قضيّة اغتصاب كيان مدعوم منها، لأرض عربيّة إسلاميّة منذ بدايات القرن الماضي.يقصف جزءا عزيزا منها هذه الأيّام بالطّائرات و الدّبّابات.
إلاّ أنّ تلك القضايا قد ازدادت واحدة في الانتخابات الأخيرة، و أقصد تعامل الولايات المتّحدة مع الحركة الدّيمقراطية الوليدة في دول الرّبيع العربي. لا سيّما و أنّها لا تُفوّتُ فرصةً في تصريحات مسؤوليها المعلنة، إلاّ وادّعت أنّها واحة الدّيمقراطية و داعمة نشرها في العالم.
و لأنّ الرّجل خرق عادة في المجتمع الأمريكي بصعوده للرّئاسة رغم لونه الأسود الذي كان يُعدُّ سبب إقصاء بني جلدته من الأمريكيين من مقاهٍ و مؤسّسات عموميّةٍ أمريكيّةٍ لوقت قريب ليس ببعيد، و هو ما يشكّل عين المعجزة... و لأنّي لم أره غيّر الوجهة العامّة للسّياسة الأمريكيّة تجاه قضايا الحقّ و العدل في ولايته الأولى، رغم مراهنة العديد من قصيري النّظر عليه، لجهلهم بطبيعة و طريقة أخذ القرار في الولايات المتحدة الأمريكية. و تضخيمهم لفرص وجود قرارات انفعاليّة فرديّة "باراكيّة" مثلما كانت تُسيّرُ دولنا العربيّة و لا تزال جلّها كذلك... و لأنّي أدرك أنّ السّياسات الإستراتيجية طويلة المدى للولايات المتحدة الأمريكيّة لا ينفرد بصناعتها الرّؤساء بقدر ما هي نتيجة تفاعل و تشابك بين مؤسّسات و مراكز أخذ قرار و لوبيّات و قوى نفوذ و ماركز استشراف، و التي قد تكون حالت بين الرّجل و الحقّ في سياسة بلاده...
و لأني مقتنع بأنّ دول الرّبيع العربي لم تلق من الولايات المتّحدة الأمريكيّة في ولاية صاحبنا الأولى خطوات الدّعم المناسبة للحدث الذي قرّرت العبور عبره نحو الحريّة و الدّيمقراطية، ممّا وضع نقطة استفهام كبيرة أمام مدى تطابق خطاب الدولة و ممارستها... و لأنيّ مقتنعٌ بأنّ السّلام العالمي لا يتحقّق سوى بتطبيق ميزان الحقّ و العدل في العلاقات الدّولية ... و لأنيّ مقتنع بأنّ مفتاح السّلام في العالم العربي و العالم الإسلامي و آسيا و أوروبا و أمريكا موجود في فلسطين المغتصبة. و أنّ كلّ الحلول التي تتوالى في تلك القضية إنّما هي تسكين لأوجاع لا استئصال لورم، و أنّ الحلّ يكمن في إرجاع الحقّ لأصحابه و تعويضهم عن الظّلم و القهر الذي مورس عليهم... و لأنّي أعرف أنّ الرّئيس الأمريكي الذّي يمرّ لولاية ثانية يكون عادةً متحرّرا من بعض الضّغوطات التي تُمارس عليه من لوبيّات الظّلم و الغطرسة في تلك البلاد...
فإني أصوّب قلمي نحو رأس الرّئيس القديم الجديد للولايات المتحدة الأمريكية مطلقا حبرًا يكتب على ناصية يمينه بخطّ عريض تقرأه الملائكة... لا بارك الله فيك يا باراك بن حسين أوباما إذا لم تتخذ الحقّ و العدل ديدنا في ولايتك الثانية.
-------------
فتحي الزغــــــل
كاتب ومحلّل سياسي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: