البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لماذا يكره المجتمع العالمثالثي الحوار والنقاش؟

كاتب المقال عبد العزيز كحيل - الجزائر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 128


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هذا سبب ونتيجة للنزعة الشمولية الفوقية الإقصائية التي تميّز مجتمعات العالم الثالث، ومنها المجتمعات العربية، ويبدو أنها نزعة ما زال عمرها طويلا جدا لأن النخب بحد ذاتها انصهرت فيها وتأقلمت معها وتبنتها إلى حد بعيد باستثناء أقلية تسبح ضد التيار وتغرد خارج السرب.

إن الإنسان – خاصة إن كان مثقفا وصحاب قضي، حاملا لهموم أمته – ليُصاب بأنواع من الخيبات وهو يتابع أحوال المجتمعات المتقدمة وهي تطرح جميع القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية للنقاش، الجرائد تفتح أعمدتها لجميع الآراء، الفضائيات تستقبل أصحاب الآراء المختلفة إلى حد التضاد، الإذاعات تفعل نفس الشيء على مدار الساعة، قادة الرأي والسياسيون من جميع الاتجاهات يتدخلون ويُسألون ويُحرَجون ولا يتحرجون...هكذا هي حياتهم: كل شيء يطاله النقاش والأخذ والرد، الحوار يصاحب كل المبادرات السياسية وغيرها، فلا تأخذ طريقها إلى التجسيد إلا بعد الخضوع للتحليل والغربلة والأخذ والرد، فيتكوّن رأي عام يشمل الأغلبية يمرر القوانين والقرارت الكبرى فتصبح ملكا له، يدافع عنها بكل اطمئنان وإيمان وقوة فينشأ عن ذلك استقرار المؤسسات وقراراتها، وبالتالي استقرار المجتمع وتفرغه لقضايا النمو والرقي.

فما الحال في مجتمعاتنا؟ اللغة الرسمية الأولى فيها هي لغة الخشب، وثابتها الأكبر تغييب الحوار لصالح قرارات الحاكم والنخبة الحاكمة وتجييش وسائل الإعلام والاتصال لتغييب الرأي الآخر لأن القرار الفوقي هو بالضرورة الأسلم والأعلم والأحكم، أما الأصوات المخالفة فهي بالضرورة أصوات نشاز (ولو كان أصحابها هم أغلبية المجتمع) تعمل ضد مصلحة الوطن بل ولصالح أجندة خارجية.

هذه مأساة العالم الثالث الأولى، إنها أم المصائب وأم المشكلات...وخذوا هذه الأمثلة:

- الأمازيغية: قضية مصيرية كهذه تمس ثوابت الأمة تُفرض بقرار رئاسي ، لم تناقش لا شعبيا ولا حتى في البرلمان، لذلك بقيت وستبقى محل تجاذب يسيء إلى اللحمة الوطنية، ولو طرحت للنقاش لتقاربت الرؤى وتوارت الانفعالات إلى حد كبير.

- البرلمان: في العالم الثالث تجده يحمل اسم "السلطة التشريعية" لكنه في الواقع مجرد غرفة تسجيل، يتلخص دور أعضائه في مباركة مشاريع الحكومة، أو لعن الظلام من طرف "المعارضة"...أما النقاش العميق والكلام بالحجة والأرقام فهو منعدم تقريبا.

- كارثة الجامعة: من المتفق عليه في العالم كله أن الجامعة هي صانعة النخبة لأن الطلبة هم من سيكونون قادة ومنظرين ومسيرين على مستوى المجتمع في كل مجالاته، لكنها تخلت عن هذه المهمة تماما لصالح الاهتمام بالمأكل والمأوى، وخلت قاعة الدرس من مسايرة الأحداث فضلا عن دفعها والتأثير فيها، فتولت الإدارة تسيير شؤون المجتمع تسييرا فوقيا لا مكان فيه للفكر والتجديد والإحكام، لأن الإدارة تعمل بالقرارت وليس بالتفكير والحوار ومبدأ التدافع المجتمعي الذي يُبرز الأحسن والأكفأ سواء على مستوى الخيارات أو الأشخاص.

- البيت: هو في الحقيقة منبت الداء ومروّج الاستبداد وعدو الحوار والنقاش، لا يعلو فيه في الغالب إلا صوت واحد – إما صوت الزوج أو الزوجة – يخرّج أبناء درجوا على الأوامر الفوقية وقانون المتغلب، فأنى لهم ان يؤمنوا بالحوار مع الأصدقاء أو البائعين أو المخالفين؟ خاصة وأن المدرسة لا تتبع إلا منهج التلقين ولا تترك مكانا لتبادل الآراء وبنائها على الإقناع، مهما كانت المادة وكان التخصص العلمي.

إن الغرب لم يتفوق علينا بالتقدم المادي فحسب بل بدأ بإنشاء أجواء الحياة الأسرية والاجتماعية والسياسية والثقافية على أسس سليمة، فأحسن تسيير الاختلافات بين جميع المكونات، ونجح في إرساء قواعد التعايش السلمي بين النخب والشرائح المختلفة، بينما ما زلنا مع الصوت الأوحد والرأي الأوحد والفهم الأوحد، وكل ما سواه فهو مشاغبة أو مؤمرة أو عمل تخريبي يهدد الدولة ومؤسساتها ووحدتها الوطنية.

ولا حلّ لنا إلا تغيير طريقة تأسيس الأسرة وتوجيه المدرسة وتسيير الدولة في كل المجالات على أساس جديد هو الثقة بالآراء والنقاش والحوار، ولو كان هذا تقليدا للغرب لكان محمودا لكنه في الحقيقة منهج إسلامي تعلمناه من القرآن والسنة، فالله تعالى – وهو رب العالمين الذي لا يسأل عما يفعل – يحاور الملائكة ويحاور الشيطان ذاته، والرسول صلى الله عليه وسلم بنى المجتمع الأول على التفاعل بين أفراده بناء على النقاش والإقناع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الفكر، النقاش، التأمل،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-02-2024  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. أحمد محمد سليمان، مصطفي زهران، أنس الشابي، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحي العابد، سفيان عبد الكافي، المولدي الفرجاني، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - المنجي الكعبي، سلوى المغربي، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، طلال قسومي، محمد العيادي، عبد الغني مزوز، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بنيعيش، عبد الرزاق قيراط ، د - شاكر الحوكي ، مصطفى منيغ، محمد يحي، سعود السبعاني، أبو سمية، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سيد السباعي، أشرف إبراهيم حجاج، عمار غيلوفي، منجي باكير، عراق المطيري، فوزي مسعود ، د - الضاوي خوالدية، حميدة الطيلوش، حسن الطرابلسي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، د - عادل رضا، ماهر عدنان قنديل، إسراء أبو رمان، د - مصطفى فهمي، كريم السليتي، خالد الجاف ، أحمد بوادي، أحمد النعيمي، د - محمد بن موسى الشريف ، د- جابر قميحة، العادل السمعلي، ياسين أحمد، حسن عثمان، الهيثم زعفان، محمد عمر غرس الله، د. عبد الآله المالكي، صفاء العراقي، خبَّاب بن مروان الحمد، محرر "بوابتي"، صباح الموسوي ، د - صالح المازقي، د. خالد الطراولي ، إيمى الأشقر، صلاح الحريري، كريم فارق، أحمد الحباسي، رشيد السيد أحمد، يزيد بن الحسين، فهمي شراب، سامر أبو رمان ، رافع القارصي، محمد أحمد عزوز، عواطف منصور، د- محمود علي عريقات، محمود سلطان، محمد الطرابلسي، سليمان أحمد أبو ستة، رافد العزاوي، سلام الشماع، محمود فاروق سيد شعبان، عمر غازي، د- محمد رحال، نادية سعد، يحيي البوليني، حاتم الصولي، سامح لطف الله، عبد الله زيدان، رضا الدبّابي، جاسم الرصيف، د. أحمد بشير، مجدى داود، صلاح المختار، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صالح النعامي ، أ.د. مصطفى رجب، د. طارق عبد الحليم، فتحـي قاره بيبـان، محمد الياسين، الناصر الرقيق، فتحي الزغل، صفاء العربي، علي عبد العال، الهادي المثلوثي، تونسي، ضحى عبد الرحمن، عزيز العرباوي، أحمد ملحم، حسني إبراهيم عبد العظيم، مراد قميزة، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود طرشوبي، إياد محمود حسين ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د.محمد فتحي عبد العال، علي الكاش، رمضان حينوني، وائل بنجدو،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة