البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أنا اللّص الذي عنه تبحثون

كاتب المقال فتحي الزغل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2252


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بعد إطلاق المتّهمين بسرقة أموال الشعب ...

قيل لنا أنّ عدلاً سيُخيّم على بلدنا بعد الثّورة ... ففرحنا.

ثمّ قيل لنا أنّ الواسطة لن تجد لها مكانا في بلدنا بعد الثورة... ففرحنا.

ثم قيل لنا أنّ المال لن يغيّر في الأحكام الصّادرة عن عدلنا... ففرحنا.

ثم قيل لنا أنّ أصحاب الثّروات الطّائلة متساوون مع الفقراء من هذا الشعب أمام عدلنا ... ففرحنا.

ثم قيل لنا أن لا تَدخّل في القضاء... فاستبشرنا.

ثم قيل لنا أن قضاتنا متمرّسين محنّكين، ضدّ الفساد متوحّدين... ففرحنا.

ثم قيل لنا أن لا علاقة و لا "قناة" بين عدلنا و مجرمينا سوى قناة القانون... فطربنا.

إلاّ أنّ تلك القضيّة الّتي تعرف الآن بقضيّة الفساد الكبير لم يظهر للمتابعين من بلدي ومن خارج بلدي، كلّ ما تقدّم، في ما حفّها من أحداث وفي مآلاتها الظاهرة لكلّ الناس. تلك القضيّة التي علّق عميد المتكلّمين في القضاء فيها بأننا سنذهل لو يكشف لنا ما وجدوه في منزل كبيرهم عندما داهموه فجأة. الحركة التي رأيناها منه ومن جهازه، رحمة منه علينا كل أفراد الشعب المغبون... والتي تملّكنا فيها عطفه علينا ورِفقُه بنا درجة صار الحسّاس منّا يجهش بالبكاء على حالنا وحاله. فقد قيل لنا فيها أنّ الأدلّة واضحة، وأنّ الجريمة مكتملة الأركان، وأن الشكّ لا يراود من يدرس في السنّة الأولى قضاء في أنها ستؤول بالمتّهم وبمن ساعدوه في جريمته في عقر دار السجن، ولسنوات طوال أيضا وليس لقليل منها. فهي قضيّة لا يختلف اثنين من مجانين وطني بأنّ صاحبها مفسد للذّوق، وللمال العام، وللشرف، وللأمانة، ولخزينة الدولة، ولمال الشعب، ولمال التلفزة الوطنية. كما ورد في الدّعوى القضائيّة.

إلّا أننا اليوم، ورغم تلك التصريحات، وما تسرّب من تحقيقات، وما وصل إلى الشعب من حيثيّات... قالوا أنها في طريقها إلى تبرئة ذاك المتّهم بعد إطلاق سراحه من الإيقاف التّحفظي. ومن ثمّ اتهام هؤلاء المجانين، و ذلك – وحسب الّلوائح الصّادرة عن عدلنا الميمون -لانعدام الضّرر ... أي انعدام الجريمة أصلا ...

نعم، وما أكتبُ لكم هو حقيقة ما حدث فعلا... فهل يفهم هؤلاء المجانين أكثر من القضاة الذين مرّوا بسنوات وسنوات وهم يدرسون، ويدرسون، ويدرسون كيف يقيمون العدل بأقلامهم وكيف ينجزون العدالة بأحكامهم؟

زد على ذلك، كيف نقارن ما ذهب إليه مجانين، وهم الذين لا يعلمون الحيثيّات ولا يعلمون الأركان؟ ولا يعلمون المستجدّات؟ ولا يعلمون حتى "الوساطات"؟... بل إنهم مجانين، لا يعلمون كيف تتحوّل تهمة مثلا في بعض الأحيان؟ إلى سبب اعتذار من الجاني نفسه بعد اقترافه جنايته؟... فعلا إنهم مجانين، لا يدركون معنى العدل الحقيقي ولا معنى العدالة الواقعي... فهم - ولأنهم مجانين - يتصوّرون ويعتقدون في أنّ إقامة العدل لا يكون إلا بزجّ السّارق في السجن، والفاسد في الزنزانة، و بالاقتصاص من الناهب بسلبه ما نهب... ولا يرون أن في إطلاق سراح السّارق رحمة لهم ولسهراتهم العائليّة، ولطفا بهم وبتربية أبنائهم.

فقد قيل لهم أن العدل شامخ في الوطن، وأنّ الحقّ عالٍ ولا يٌعلى عليه في المِحن؟ و أنّ الرّشوة لم يعد لها وجود في السّرّ وفي العلن. و أنّ خبراءنا – مثل قضاتنا – لا يمكن لهم أن يضعفوا أمام أكبر المبالغ و الهدايا الّتي يمكن أن يقدّمها لهم أيّ مفسد من الشّعب... أو حتّى غنيّ من غير الشّعب... فما كان منّا إلا أن سبَّحنَا الله كثيرًا. فالمؤمن الصّادق – ولو كان غير مجنون - ينطق بالتّسبيح إذا رأى شيئًا عجبًا. فكيف لا نعجب و قد تغيّرت الأقوال في القضيّة وفي عدلنا في يوم و ليلة، ونزعت منه الفساد الذي نخره منذ عقود سبقت... أليس هذا عجبا؟

لكنّ المثير للعجب أكثر، هو غياب السّارق و المسروق في لمح البصر... فيعجب المجانين إلى إطلاق سراح السّارق مثلا... وإنكار تصريح كان يملأ العناوين مثلا.. فماذا سيفعل قُضاتنا مستقبلا في القضايا المماثلة؟ هل سيركنون إلى الرّاحة؟ أم أنهم سيحقّقون في الجرائم الكبرى و يمحّصون و يتثبُّتون، ثم يُحيلونها إلى خبراء ميامين أيضا... ثمّ يُقررّون أن لا جريمة وقعت في حقّ الشّعب، شعب المجانين طبعا؟

ثمّ ألا يحقّ لهؤلاء المجانين ناقصي العقلِ أن يطرحوا أسئلة أخرى؟ ألا يجب أن يكون الشّعب هو الذي يساعد قُضاتَه؟ و يبحث معهم بنفسه عن السّارق و المسروق؟... وفي حالة ما إذا تبخَّرت الجريمة فجأة مثلا... ألا يكون من الوطنيّة و الحكمة أن يُغيّر الشّعب قاعدة الطّالب والمطلوب؟... فيقرُّ مثلا أنّه هو الّذي سرق...أو أنّه هو الذي هرَّب... أو أنَّه هو الذي دلَّس... أو أنّه هو الذي استعمل نفوذه في معاملاته مع المتنفّذين الثقات المساكين... و يكفينا بذلك الله شرّ القتال؟

وبهذه الطّريقة على الأقلّ، نكون قد انتزعنا اعترافًا من الشّعب بأنَه هو السّارق ... و الاعتراف سيّد الأدلّة. و نسهّل كثيرا على عدلنا الذي يقول هؤلاء المجانين أنّ الجرائم تتبخَّر في حضرته بعد تمحيصها... ثمّ وبعد ذاك الاعتراف نبني سجونًا كثيرة نُدخل فيها كل فردٍ من هذا الشّعب الذي لا يفهم في العدل و ينادي به ولا ينالُه إلّا في حالات سرقة علبة تونة من مغازة، أو في حالات سرقة رغيف، أو سرقة خبزة لجوعان، وذلك بعد أن يَكتب لنا إقرارًا بالخطّ العريض في صحيفة نعلّقها على صدره ...أنا اللّص الّذي عنه تبحثون.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، سامي الفهري، القضاء، الفساد، الفساد بتونس، الفساد المالي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-11-2019  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صفاء العراقي، سيد السباعي، رضا الدبّابي، رافع القارصي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الطرابلسي، طلال قسومي، حسن الطرابلسي، عبد الله زيدان، صالح النعامي ، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، وائل بنجدو، العادل السمعلي، د - مصطفى فهمي، عبد الغني مزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، د. طارق عبد الحليم، د- هاني ابوالفتوح، منجي باكير، نادية سعد، الناصر الرقيق، صفاء العربي، د - الضاوي خوالدية، رمضان حينوني، خالد الجاف ، عمار غيلوفي، محمود طرشوبي، د. صلاح عودة الله ، د- محمد رحال، خبَّاب بن مروان الحمد، مراد قميزة، حسن عثمان، سعود السبعاني، د - محمد بنيعيش، محمد شمام ، جاسم الرصيف، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلام الشماع، سلوى المغربي، إياد محمود حسين ، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، محمد العيادي، عبد العزيز كحيل، حاتم الصولي، أحمد الحباسي، سامح لطف الله، د - عادل رضا، تونسي، أحمد بوادي، سامر أبو رمان ، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، المولدي الفرجاني، أبو سمية، أ.د. مصطفى رجب، عمر غازي، ماهر عدنان قنديل، صلاح المختار، عبد الله الفقير، يحيي البوليني، علي الكاش، محمد أحمد عزوز، الهيثم زعفان، د - المنجي الكعبي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سفيان عبد الكافي، مجدى داود، المولدي اليوسفي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- جابر قميحة، محمود سلطان، صلاح الحريري، د - صالح المازقي، محمود فاروق سيد شعبان، علي عبد العال، أنس الشابي، ضحى عبد الرحمن، يزيد بن الحسين، فوزي مسعود ، طارق خفاجي، ياسين أحمد، حميدة الطيلوش، أشرف إبراهيم حجاج، رافد العزاوي، أحمد ملحم، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، كريم السليتي، مصطفى منيغ، فهمي شراب، كريم فارق، عزيز العرباوي، فتحي العابد، عواطف منصور، د. أحمد بشير، إسراء أبو رمان، رشيد السيد أحمد، بيلسان قيصر، صباح الموسوي ، د. عبد الآله المالكي، مصطفي زهران، محمد يحي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. خالد الطراولي ، إيمى الأشقر، فتحي الزغل، محمد علي العقربي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - شاكر الحوكي ، د- محمود علي عريقات، الهادي المثلوثي، سليمان أحمد أبو ستة، عراق المطيري،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز